تقارير وملفات إضافية

هل يستخدم الكاظمي علاقته مع محمد بن سلمان لإنهاء هيمنة إيران على العراق، أم يكتفي بدور الوسيط؟

هل يقود العراق وساطة بين السعودية وإيران أم تكون زيارة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي المرتقبة للرياض بداية للابتعاد عن طهران؟ أصبح هذا هو التساؤل الرئيسي الذي تثيره التحركات الدبلوماسية التي تحيط بالكاظمي.

فقد أعلن أن الكاظمي سيزور الرياض ثم طهران وأخيراً واشنطن، في جولة على العواصم الأهم في السياسة العراقية، مع ملاحظة أنه أعطى الأولوية للرياض، قبل أن تعلن السعودية تأجيل الزيارة بسبب ظروف الملك عبدالله الصحية.

ونقلت قناة “الإخبارية” السعودية في تغريدة عبر حسابها الرسمي في “تويتر”، أن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله، قال إن “المملكة تقدّر اختيار رئيس الوزراء العراقي زيارتها كأول دولة بعد توليه منصبه”.

وأضاف وزير الخارجية: “رغبة في توفير سبل النجاح لزيارة رئيس الوزراء العراقي للمملكة وبالتنسيق مع الأشقاء في العراق، تم تأجيل الزيارة إلى ما بعد خروج الملك سلمان من المستشفى”.

ولم يكن اللافت في هذه الزيارة فقط الحفاوة البالغة من قبل الإعلام السعودي بها، بل التصريحات والتحركات الإيرانية المتربطة بها.

فقد أبدى المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عباس موسوي، استعداد بلاده للتفاوض مع المملكة العربية السعودية، مشيراً إلى إمكانية حل الخلافات بالحوار.

جاء ذلك في تصريح أدلى به لوكالة إرنا الإيرانية، الإثنين، قيم فيه الزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى السعودية والعلاقات بين طهران والرياض.

وأكد موسوي أن بلاده مستعدة دائماً للتعاون والتفاوض مع دول المنطقة، مبيناً أن الحوار هو السبيل الوحيد لإزالة الخلافات وسوء التفاهم.

وتابع قائلاً: “لقد حاولنا مرات عديدة وأعلنَا سياستنا المبدئية والثابتة بشأن السعودية، والكرة الآن في ملعبهم، وبالتالي فإن الأمر يتعلق بحكومة ومسؤولي الرياض ليقرروا موقفهم ورؤيتهم تجاه مقترحات طهران للتعاون والحوار الإقليمي”.

وذكرت وسائل إعلام إيرانية، أن الكاظمي الذي سيزور الرياض اليوم الإثنين ويتجه غداً إلى طهران، قد يلعب دور الوساطة بين إيران والسعودية.

كما استبق وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف رحلة الكاظمي بزيارة سريعة إلى بغداد.

والمفارقة أن هذه الزيارة قوبلت بانتقادات من قبل أنصار إيران في العراق، بل رافقها إطلاق صاروخين في المنطقة الخضراء.

ونقل موقع قناة الحرة الأمريكية عن الصحفي العراقي مصطفى نصير إن “مدونين مؤيدين لإيران هاجموا ظريف واعتبروه ممثلاً لحكومة الإصلاحيين”، مشيراً إلى أن الصاروخين اللذين أطلقا خلال زيارة قد يشكلان “رسالة للإصلاحيين من قبل الطرف المتشدد المتمثل في الحرس الثوري الإيراني”.

ويضيف أن “عصبة الثائرين” نشرت على موقعها آية قرآنية تتحدث عن الانتقام، قبل ساعات من استهداف المنطقة الخضراء، وهذا يعني أن نية القصف مبيتة وأن الرسالة تقول إنهم موجودون سواء بوجود الوزير الإيراني أم لا”.

وحرص ظريف على زيارة موقع مقتل القيادي في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني قرب مطار بغداد، لكن بعض مؤيدي إيران ألمحوا إلى أنه “يزيف حزنه” لأنه “يقف مع الكاظمي”.

ويقول الصحفي العراقي أحمد حسين إن “زيارة ظريف لموقع الحادث قد تكون لإضافة المزيد من الضغوط  على حكومة الكاظمي لتصبح أكثر انصياعاً للمطالب الإيرانية”.

وعقب اللقاء بظريف، نشر مكتب رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي أجندة زيارته إلى السعودية، والتي قال إنها ستشمل مواضيع اقتصادية.

ويتمتع رئيس الوزراء العراقي بعلاقة خاصة مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ويشير مراقبون إلى أن بن سلمان هو من أكبر داعمي الكاظمي في المنطقة.

وزيارة الكاظمي تأتي بناء على دعوة رسمية من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية نقلت أمس الأحد أن مصادر رسمية عراقية توقعت “نتائج كبيرة” من زيارة الكاظمي، التي يرافقه فيها وفد رفيع المستوى من الوزراء والمسؤولين.

ونقلت الصحيفة السعودية عن السفير العراقي لدى السعودية قحطان الجنابي قوله إن الزيارة ستركز “على تطوير العلاقات العراقية السعودية وتعزيزها في جميع المجالات، إلى جانب تطوير علاقة العراق بمحيطه العربي وجيرانه”.

رغم عداء الدوائر الموالية لإيران في العراق للكاظمي، ولكن يبدو أن علاقة الرجل بالأمريكيين والسعوديين تجعله يمثل طوق نجاة لإيران المرهقة من الحصار والتي زادتها التفجيرات الغامضة إرهاقاً.

ورحب وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف بدور العراق في منطقة الخليج  وبناء علاقات ثنائية في إطار عدم التدخل بالشؤون الداخلية.

ظريف قال، في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره العراقي فؤاد حسين في العاصمة بغداد اليوم الأحد، إن “العلاقات الإيرانية العراقية عمدت بدماء شباب البلدين في الحرب ضد داعش”، مؤكداً أن العراق القوي سيكون له علاقات بناءة مع دول الجوار وبما يحقق السلام في المنطقة.

من جانبه، أكد وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، في المؤتمر الصحفي، أن العراق يعمل على إبعاد المنطقة والعراق عن التوترات الدولية وحماية السيادة العراقية.

وقال حسين إن “قوة العراق تعني قوة المنطقة ونريد علاقات متوازنة مع جميع دول الجوار وفق المصلحة الوطنية العراقية وعدم التدخل بالشؤون الداخلية”.

كما أوضح وزير الخارجية العراقي أنه “تم خلال اللقاء دراسة برنامج زيارة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى طهران خلال الأيام المقبلة”.

وتقول صحيفة الشرق الأوسط السعودية إن جولة الكاظمي الإقليمية والدولية التي ستكون بوابتها الأولى المملكة العربية السعودية تحظى باهتمام رسمي وشعبي عراقي، لجهة ما قد تسفر عنه من تحقيق مصالح العراق على المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية.

ويعتقد مراقبون، أن زيارة الرياض ستكون استكمالاً لجهود سابقة قام بها نائب رئيس الوزراء ووزير المالية عبد الأمير علاوي خلال زيارته إلى الرياض موفداً عن رئيس الوزراء في 23 مايو/أيار الماضي.

وكان علاوي كشف عقب زيارته إلى المملكة عن “توجه بثلاثة محاور” لتطوير العلاقات مع السعودية، يتعلق بـ”الدعم الفوري النقدي للموازنة، والثاني تحفيز الشركات والمؤسسات السعودية الأهلية، خصوصاً في مجالات الطاقة والزراعة، وحثها على الدخول إلى الأسواق العراقية من خلال الاستثمارات، أما المحور الثالث فهو تفعيل الجانب التجاري”.

وجاءت جلسات النقاش التي عقدت الخميس، بين ممثلين عن حكومتي العراق والولايات المتحدة ومجلس التعاون لدول الخليج العربية لمناقشة موضوع مشروع الربط الكهربائي بين العراق ودول الخليج العربي، لتعطي زخماً مضاعفاً للأهمية الاستثنائية لزيارة الكاظمي إلى الرياض.

وينظر خبراء محليون في الجانب الاقتصادي إلى مشروع الربط الشبكي بين العراق ودول الخليج بوصفه بوابة الدخول لحل معضلة العراق في مجال الطاقة الكهربائية، فضلاً عن مساهمته في خفض إنفاق البلاد في هذا المجال بالنظر لارتفاع سعر وحدات الطاقة التي يشتريها العراق من إيران.

ومن شأن هذا المشروع تقليل الاعتماد العراقي على إيران بشكل كبير وبالتالي تقليل نفوذ طهران، الأمر الذي يجعل من زيارة الكاظمي بداية لمحاولة تطبيق هدفه بعيد الأمد في الانفكاك من الهيمنة الإيرانية، فهل تكون الوساطة المقترحة من قبل العراق بين إيران والسعودية مجرد حصان طروادة يستخدمه الكاظمي لتمرير مشروعه للتقارب مع السعودية، والابتعاد عن إيران، أم أن الوساطة نابعة من رؤية الكاظمي من أن العراق لا يستطيع الابتعاد عن السعودية ولا إيران وأن مصلحته في تخفيف العداء بين البلدين.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى