منوعات

باحثون يواجهون أزمة نفسية في قتل مئات فئران التجارب لعدم الحاجة إليها لانشغالهم بالبحث عن علاج لكورونا

كشف تقرير نشرته صحيفة الغارديان البريطانية أن الإغلاق الذي طال العالم بسبب تفشِّي فيروس كورونا ألقى بظلاله على عالم الأبحاث الطبية، خاصة تلك التي كانت تُجري التجارب على الفئران، من أجل اكتشاف جدوى أدوية معينة.

التقرير أشار إلى أن اهتمام المؤسسات البحثية بإجراء التجارب للوصول إلى علاج لفيروس كورونا تسبب في وجود وفرة كبيرة من  فئران التجارب، ما دفع تلك المؤسسات إلى الطلب من طلابها البدء في التخلص من هذه الفئران عن طريق القتل الرحيم، ما تسبب في أزمة نفسية لهؤلاء الباحثين.

تأثيرات سلبية لقتل الفئران: ورغم أن طلبة الدراسات العليا ودراسات ما بعد الدكتوراه يلجأون إلى تنفيذ القتل الرحيم بحق حيوان واحد على الأقل، لكن سايرا غارسيا، باحثة في السنة الثانية بمرحلة الدكتوراه في كلية ألبرت أينشتاين للطب، قالت إن “الأمر لا يصبح أسهل أبداً”، وفق تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.  

التقرير قال إنه اعتباراً من مارس/آذار 2020، اضطرت المؤسسات في جميع أنحاء البلاد فجأة إلى إيقاف معظم الأبحاث غير المتعلقة بـ”كوفيد-19″، التي اعتُبِرَت غير ضرورية، وإغلاق عدد من المختبرات. ومع استعداد الباحثين ومديري المختبرات وفنيي رعاية الحيوان للعمل من المنزل، تضاءلت الموارد الداعمة لمستعمرات فئران التجارب. 

نتيجة لذلك، تلقى مديرو المختبرات في مختلف الكليات والجامعات وكليات الطب أوامر من رؤسائهم بتخفيض أعداد الفئران بسرعة. وقال لي إريك هاتشينسون، مدير الموارد الحيوانية للأبحاث في جامعة جونز هوبكنز، من مختبره الذي أعيد افتتاحه مؤخراً: “أسفر هذا القرار عن ارتفاع معدل القتل الرحيم في أسبوع واحد. كنا نعلم أن الأمر سيكون مدمراً جسدياً وعاطفياً”. 

عمليات القتل الرحيم: وعادةً ما يتولى فنيو رعاية الحيوانات، وهم أطباء بيطريون مدربون ومسؤولون عن صيانة الحيوانات، تنفيذ عمليات القتل الرحيم. ومع ذلك، في وقت مبكر من الجائحة، كان فنيو رعاية الحيوان يسارعون للاستعداد للإغلاق، وتركوا مديري المختبرات يتحملون عبء إعدام مستعمراتهم من فئران التجارب. وهذا يعني أنَّ شخصاً واحداً فقط في العديد من المختبرات أصبح المسؤول عن القتل الرحيم لمئات الفئران، وغالباً في جلسة واحدة.

وعن لحظات الذعر الأخيرة لهؤلاء الحيوانات، قال مدير مختبر، فضَّل عدم الكشف عن اسمه: “في بعض الأحيان، يتقافزون ويحاولون الخروج من القفص. أنا حقاً لا أحب فعل ذلك؛ لذلك تنفيذ هذه العملية أكثر 150 مرة أثرت فيَّ بلا شك”.

أسباب أخرى لقتل الحيوانات: من جانبها، أرسلت تريسي غلوكمان، المدير المساعد للطب المقارن في جامعة أوريغون للصحة والعلوم، ورقة شاركت في تأليفها حول “إعياء الشفقة”، التي نُشِرَت لأول مرة في مجلة Laboratory Animal Science Professional. وفي الآونة الأخيرة، اقترن هذا التشخيص بمجتمع الباحثين الذين تشمل تجاربهم الحيوانات. تقول الورقة: “قد نشهد أو نتسبب بانتظام في إمراض الحيوانات السليمة، ونلاحظ الاعتلالات والوفيات في الحيوانات التي نعتني بها، وفي بعض الأحيان، يقتلون الحيوانات لأسباب أخرى غير تخفيف الألم أو الضيق”.

في حين يتجلى “إعياء الشفقة” من خلال أعراض مشابهة لاضطراب ما بعد الصدمة. وبالنظر إلى المعدل غير المسبوق من إعدام الفئران الذي يقتضيه إغلاق المعامل، كان الأجدر بالجامعات والأفراد أنَّ يكونوا على دراية تامة بالاحتياجات العاطفية لموظفيهم.

وحتى بالنسبة لمنسقي الحيوانات مثل هتشنسون، الذين يسهلون رعاية الآلاف من الحيوانات بدلاً من دراسة مستعمرة واحدة؛ مما يمنحهم درجة من الانفصال العاطفي عن حيوانات التجارب، كانت هذه النوبة المفاجئة من القتل الرحيم صعبة. إذ قال هاتشنسون: “أتممنا العديد من نوبات العمل هناك”، مشيراً إلى مرافق رعاية الحيوانات، وأضاف: “كان لذلك تأثير سلبي، لكن حاولنا بكل ما في وسعنا أن نلتزم الحذر لضمان عدم استنزاف العاملين”.

شلل سير الأبحاث: إضافة إلى ذلك، تسببت عمليات الإعدام الجماعية بحق حيوانات التجارب إلى شل سير الأبحاث المهمة غير المرتبطة بكوفيد-19. حيث قال باحث آخر يعمل مختبره حالياً بقدرة 20%: “أرى الكثير من الأمراض المعدية المهمة، مثل الالتهاب الرئوي الجرثومي والسل الذي لا نعالجه أو نواجه خطراً كبيراً في مقاومة الأجسام المضادة”. 

ويعني فقدان 75% من مستعمرات فئران التجارب لديهم أنَّ المختبر يجري الآن تجارب باستخدام مزارع الخلايا في أثناء فترة الانتظار لحين إعادة تشكيل مستعمرات أخرى. وقد يؤدي هذا إلى تأخير مدته 6 أشهر إلى سنة لتطوير علاجات حاسمة.

بدورها، أخبرت كارين باليس، التي تعتمد على الحيوانات في أبحاثها وتجاربها عن التوحد والفصام، مجلة The Chronicle of Higher Education (وقائع التعليم العالي)، أنه نتيجة لإغلاق المختبرات وإعدام الحيوانات، يمكن أن تعاني الأبحاث الطبية الحيوية الأمريكية من الجمود لمدة عامين.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى