تقارير وملفات إضافية

الغنوشي يصل لرئاسة البرلمان بالتحالف مع متهمين بالفساد.. فهل يقدم حزبه مزيداً من التنازلات لتشكيل الحكومة التونسية؟

لم يكن فوز راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة التونسية برئاسة البرلمان مفاجأةً، ولكن المفاجأة كانت في عدد الأصوات التي نالها، وانتمائها السياسي، الذي شكل صدمة للكثيرين في تونس، وأثارت تساؤلات حول احتمال تحالف النهضة مع حزب قلب تونس، المسجون رئيسه نبيل القروي، على ذمة قضايا فساد.

فقد فاز مرشح النهضة راشد الغنوشي برئاسة البرلمان التونسي بأغلبية 123 صوتاً، بعدما حصل على تصويت نواب حزب قلب تونس لصالح الغنوشي.

وما عزَّز هذا الجدل والتساؤلات هو تصويت نواب حركة النهضة لصالح مرشح حزب قلب تونس للفوز بمنصب نائب رئيس البرلمان سميرة الشواشي، التي فازت بهذه الخطة بأغلبية 109 أصوات.

وتوزع الأصوات التي نالها الغنوشي بين 52 صوتاً من حركة النهضة، و38 صوتاً من حزب قلب تونس، و21 صوتاً لائتلاف الكرامة (إسلامي محافظ)، و16 صوتاً لكتلة الإصلاح (مستقلون ومشروع تونس ونداء تونس والبديل وآفاق تونس).

وفي تعليقه على اتفاق حركة النهضة وحزب قلب تونس للتصويت لمرشحيهما لرئاسة البرلمان ولنائب رئيس البرلمان، قال رئيس حركة الشعب ذات التوجه الناصري، زهير المغزاوي، لـ «عربي بوست»، إن التحالف بين الحزبين أصبح ظاهراً وجلياً، معتبراً أن حركة النهضة حسمت أمرَها بشأن تشكيل الحكومة مع حزب قلب تونس.

وأضاف: «النهضة حسمت أمرَها وأثبتت أنها حركة لا مبدأ لها، حسب تعبيره، حيث ضربت بوعودها لقواعدها وناخبيها وللشعب التونسي عرض الحائط.

وقال: «كنا على يقين منذ بداية المفاوضات أن النهضة غير جادة في المباحثات معنا، رغم أن قياداتها وعدتنا بأن الحركة لن تتحالف مع قلب تونس».

وتابع المغزاوي: «حركة النهضة لا ترغب في شركاء جديين؛ بل ترغب في شركاء على المقاس، يمكن مقايضتهم وفرض تسويات عليهم، على غرار قلب تونس الذي تلاحق قيادييه، وخاصة رئيسه نبيل القروي، قضايا وتهم بالفساد وتبييض الأموال».

وأردف قائلاً: «نحن حزب مبدئي، ولا نتعامل إلا مع أحزاب لديها الحد الأدنى من المبدئية، ولن نقبل الجلوس مرة أخرى مع حركة النهضة، بعد ما حدث بمجلس النواب».

وفي سياق متصل، قال محمد الحامدي، القيادي في حزب التيار الديمقراطي (تحالف يسار وسط وقومي)، إنه ليس من الواضح إلى الآن هل تحالف النهضة وحزب قلب تونس سيشمل تشكيل الحكومة، أم هو تحالف ظرفي خاص بالبرلمان.

وأضاف قائلاً لـ «عربي بوست» إن التيار الديمقراطي مازال منفتحاً على المفاوضات لتشكيل الحكومة، إذا كان لدى حركة النهضة استعداد جدي للتفاوض حول برنامج عمل مشترك، والموافقة على الشروط التي وضعها الحزب للمشاركة في الحكومة.

وأضاف الحامدي: «سنجلس مع شركائنا في حركة الشعب لتقييم ما حصل في الجلسة الافتتاحية للبرلمان الجديد، وتنسيق موقف مشترك من المفاوضات حول تشكيل الحكومة».

وفي ردِّه على الاتهامات الموجَّهة لحركة النهضة بخيانة ناخبيها وقواعدها، بالتحالف مع قلب تونس، أكد القيادي في الحركة، الحبيب خضر «أن حركة النهضة لم تتحالف مع حزب قلب تونس مثلما يدّعي البعض، بل بحثت عن توافقات مع كتل برلمانية أخرى للتصويت لمرشحنا لرئاسة البرلمان، بعدما تأكدنا من ترشيح التيار الديمقراطي لعضو الحزب غازي الشواشي، كمنافس للغنوشي على هذا المنصب، وبعد أن أكدت حركة الشعب صراحة أنها لن تصوّت لصالح الغنوشي».

وأضاف خضر أن توافق حركة النهضة مع حزب قلب تونس هو توافق مؤقت، لا يتعدى الجلسة الافتتاحية للبرلمان، وخاص بمنصبي رئيس مجلس النواب ونائبه، نافياً أن يكون هناك تحالف مع هذا الحزب لتشكيل الحكومة.

وقال: «مازلنا منفتحين على المشاورات والمفاوضات مع شركائنا لتشكيل الحكومة، إذا كانت هناك رغبة حقيقية من طرفهم في الجلوس إلى طاولة الحوار.

وأكد خضر أن مجلس شورى الحركة يعقد اليوم اجتماعاً مخصصاً للنظر في الاسم الذي ستعينه حركة النهضة لتشكيل الحكومة المقبلة.

القيادي في حركة النهضة الحبيب خضر، أكد أن النهضة باعتبارها الحزب الفائز في الانتخابات التشريعية تعمدت الفصل بين المسارين الحكومي والبرلماني في المفاوضات، حتى تترك لشركائها الفرصة للمشاركة في تشكيل الحكومة، بعد عدم التوافق على دعم مرشح حركة النهضة لمنصب رئيس البرلمان.

إلا أن رئيس حركة الشعب زهير المغزاوي، اعتبر أنه لا يمكن الفصل بين المسارين، وأن حركة الشعب اتخذت موقفها من المشاركة في الحكومة بعد ما حصل من توافق بين النهضة وحزب قلب تونس في الجلسة الافتتاحية للبرلمان.

ولكن التيار الديمقراطي يتَّخذ موقفاً مغايراً، إذ يقول  الحامدي إن التيار ينتظر جدية أكبر من حركة النهضة في التعامل مع شركائها في المفاوضات حول تشكيل الحكومة، خصوصا بعد تأكيد مسؤوليها أن التوافق مع قلب تونس لن يتجاوز الجلسة الافتتاحية للبرلمان.

وحول التحالفات المنتظرة لتشكيل الحكومة، يشير المحلل السياسي علي القاسمي إلى أن دعم قلب تونس لراشد الغنوشي لترؤس البرلمان، يعطي مؤشراً على تغيّر مرتقب في تركيبة المشهد السياسي، الذي كان يرتكز أساساً على تحالف بين النهضة والتيار وحركة الشعب، بالإضافة إلى ائتلاف الكرامة.

وقال: «يبدو أن الطريق المسدود الذي سلكته مفاوضات التقارب بين مختلف عناصره قد دفعت النهضة، وخاصة في الأيام الأخيرة، لفتح باب التفاوض مع قلب تونس، والذي يبدو أنه أعطى نتيجة مباشرة، وفي زمن قياسي».

وتابع: «بذلك يجد التونسيون أنفسَهم أمام ملامح جديدة للمشهد السياسي بين النهضة وقلب تونس، وبنسبة أقل ائتلاف الكرامة، الذي أبدى ملاحظاته على حكومة يشارك فيها قلب تونس .

ورأى أن مثل هذا التحالف المحتمل إن تم بالفعل فسوف يوفر غطاء سياسياً مريحاً للحكومة التي ستشكلها النهضة، بقدرة تصويت تصل إلى 123 نائباً (من بين أعضاء البرلمان البالغ عددهم 217)، وهو ما سيمكن الحكومة من تمرير قوانينها، وتوفير حزام سياسي أمام المعارضة التي ستكون قوية، خصوصاً في ظل الحديث عن تشكيل كتلة موحَّدة بين التيار وحركة الشعب».

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى