تقارير وملفات إضافية

هل يحقق أنور إبراهيم “المعجزة” إذا تولى رئاسة الوزراء؟ الاقتصاد في أزمة والوضع السياسي في حالة سيولة

يحاول السياسي الماليزي أنور إبراهيم تشكيل الحكومة بعد حصوله على موافقة عدد من الأحزاب في البرلمان مما يعد تطوراً مهماً في حياة الرجل الذي يبلغ من العمر 73 عاماً، في نفس الوقت تقف الكثير من العقوبات أمامه مما يعني في حال نجاحه تحقيق “المعجزة”.

أنور الذي انتظر عقوداً من الزمن لتولي السلطة في ماليزيا. يبدو أن اقترب من تحقيق هدفه الذي حرم منه لفترات إما عبر الاعتقال أو التهميش، ومن ثم فإن الآن بحاجةٍ إلى معرفة المزيد من الأمور حتى تنجح خطته في ظل وجود برلمان منقسم، بحسب تقرير لصحيفة New Straits Times الماليزية.

بينما تعاني ماليزيا طويلاً من سياسات ائتلافية، فقد أشرفت الكتلة الحاكمة السابقة بقيادة المنظمة الوطنية الماليزية المتحدة على حكومةٍ مستقرة، وإن كانت مهيمنةً، بسياساتٍ هدفت إلى إفادة الفئة العرقية والدينية المهيمنة في البلاد. وبشَّرَ سقوط الحكومة في 2018، بقيادة أنور ورئيس الوزراء السابق مهاتير محمد، بـ”ماليزيا جديدة” مُتعدِّدة الأعراق وخالية من الفساد. 

غير أن الائتلاف الجديد سرعان ما أصبح مُحاطاً بالاختلافات السياسية، وكلُّ ذلك بينما كان يتعامل مع مؤامراتٍ مستمرة حين كان مهاتير، البالغ من العمر 95 عاماً، يسلِّم السلطة لأنور. وبلغت الأحداث ذروتها مع استقالة مهاتير في فبراير/شباط، ما أدَّى إلى جولةٍ من المساومات المُعقَّدة التي دفعت محيي الدين ياسين إلى رئاسة الوزراء بدعمٍ من أعضاءٍ سابقين بالمنظمة الوطنية الماليزية المتحدة. 

وهذا الأسبوع، قال أنور إنه يتمتَّع بأغلبيةٍ “مُقنِعة” لإقالة محيي الدين، وتعهَّدَ بإثبات هذه الأغلبية في اجتماعٍ مع الملك لم يُحدَّد موعده بعد. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان ذلك سيؤدِّي إلى تغييرٍ آخر في القيادة أم إلى انتخاباتٍ جديدة. 

قال يوهان سارافاناموتو، الزميل الأول المساعد بكلية الدراسات الدولية بسنغافورة، والذي يبحث في السياسة الماليزية: “إنها الفترة الأكثر سيولةً على الإطلاق في السياسة الماليزية؛ إذ أصبحت تحالفات الحزب متزعزعة للغاية”. 

وأضاف: “الأمر بالنسبة له يتعلَّق بأن يكون في السلطة. وليس من الواضح تماماً بالنسبة لي ما إذا كانت فكرة سياسة الإصلاح برمتها هي الاتجاه الذي يتعيَّن اتِّخاذه. فلا مكان للمثالية هنا”. 

بالنسبة لأنور، فإن القليل من البراغماتية يمكن غفرانها. كان يُنظَر إليه في التسعينيات باعتباره خليفة مهاتير، قبل أن تحدث خلافات بينهما على إثرها قضى ست سنوات في السجن، ثم سجن بعدها قبل أن يحصل على عفو ملكي بعد انتخابات 2018. 

وباعتباره زعيماً لحزب العدالة الشعبية الماليزي، وهو حزبٌ رئيسي في حكومة تحالف الأمل، انتظر أنور بصبرٍ أن يفي مهاتير بتعهُّده وتعيينه رئيساً للوزراء في نهاية المطاف، فيما ظلَّ مهاتير يماطل، ثم انهارت الحكومة بعد ذلك. 

وفي يوم الأربعاء 23 سبتمبر/أيلول، قال أنور إنه مستعد للإحلال محل محيي الدين، الذي لم يتمكَّن من قيادة سوى عددٍ قليلٍ من النوَّاب منذ توليه منصبه في مارس/آذار. وبينما أدان رئيس الوزراء الضغط من أجل السلطة، قال أحمد زاهد حميدي، زعيم المنظمة الوطنية المتحدة، إن أعضاء الحزب الأكبر في الحكومة صاروا يدعمون أنور. 

ظاهرياً، قد يبدو من الغريب أن يرتبط أنور بالمنظمة الوطنية المتحدة، بالنظر إلى أنه دعا في السابق إلى إنهاء سياسات العمل التي دافع عنها ذلك الحزب. وانتقد الحزب كذلك على الفساد المُتعلِّق برئيس الوزراء السابق نجيب رزاق، الذي أدين بالفساد الشهر الماضي، أغسطس/آب، وحُكِمَ عليه بالسجن لمدة 12 عاماً، في أول محاكمةٍ بقضية فضيحة شركة 1MDB تصل إلى حكم. 

لكن أنور أظهَرَ علاماتٍ على موقفه المرن في السنوات الأخيرة، وأوضح في بيانه، الأربعاء الماضي، أن غالبية النوَّاب المؤيِّدين له من “الملايو والمسلمين”. ووَعَدَ بـ”تمثيلٍ عادل” لكلِّ الأعراق، دون أن يذكر الهنود والصينيين الذين يشغلون مناصب رئيسية في حزبه وائتلافه. 

وقال في بيانه: “نحن ملتزمون بمبادئ الدستور التي تعترف بموقف الإسلام وسيادة حكم الملايو، والتي تؤيِّد مكانة الملايو كلغةٍ رسمية، والمكانة الخاصة بالملايو والبوميبوترا، وتقدِّم ضماناتٍ للدفاع عن حقوق جميع الأجناس”. 

وقال غريغ لوبيز، المحاضر بالمركز التعليمي التنفيذي بجامعة مردوخ الأسترالية، إن أنور دَفَعَ “ثمناً باهظاً”. وأضاف: “إنه يريد هذه الفرصة ليُبيِّن بالفعل أن بإمكانه أن يقوم بعملٍ جيِّد. وبالنظر إلى أنه نجا طيلة هذه العقود من الضربات من اليمين واليسار والوسط، فلديه المهارات اللازمة لمناورة ماليزيا، أو على الأقل لن يلحق أيَّ ضررٍ أكثر من أيِّ رئيس وزراءٍ آخر”. 

إذا وصل أنور في النهاية إلى السلطة، فسوف يرث اقتصاداً عانى أسوأ أداءٍ في الربع الثاني منذ الأزمة المالية في التسعينيات. دَفَعَ محيي الدين مُحفِّزاتٍ مالية كبرى لإنعاش الاقتصاد، الذي يعاني مثل اقتصاداتٍ أخرى عبر العالم من قيودٍ غير مسبوقة على الحركة وإغلاق الأعمال. 

وقد تُصعِّب مستويات الديون المرتفعة على أنور القيام بأيِّ شيءٍ مرتفع الطموح. ووفقاً لشوا هاك بِن، الاقتصادي الكبير بمؤسَّسة Maybank Kim Eng Research في سنغافورة، فإن الاضطراب السياسي يضيف مستوى آخر من حالة عدم اليقين التي يمكن أن تعرقِل الاستثمار وتعطِّل مشاريع البنية التحتية طويلة الأجل. 

شدَّد بيان أنور يوم الأربعاء على الحاجة من أجل حكومةٍ مستقرة كي تعبر ماليزيا الجائحة. وركَّز بشكلٍ كبير على قضايا المعيشة اليومية، بدلاً من الدعوات النخبوية للإصلاح. 

في هذه المرحلة بالنسبة لأنور، فإن أيَّ مثاليةٍ لا تعني الكثير إن لم يكن هو في وضعٍ يسمح له بتغيير مسار الأمور. 

وقال أوانغ أزمان أوانغ باوي، الأستاذ بجامعة ماليزيا الذي يُعلِّق كثيراً على السياسة في بلاده: “إذا كان أنور رئيساً للوزراء، لكان ذلك تتويجاً لرحلة امتدَّت لأكثر من عقدين”. وأضاف: “كان ذلك ليجعله أيضاً أول رئيس وزراء من حزبٍ مُتعدِّد الأعراق والأديان لأول مرةٍ في تاريخ ماليزيا”. 

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى