تقارير وملفات إضافية

وعد الجزائريين بـ«عهد جديد» كلياً.. ما الظروف التي ساعدت تبون على الفوز بالرئاسة، وما التحديات التي تنتظره؟

ظهر الرئيس الجزائري المنتخب عبدالمجيد تبون لأول مرة بعد اقتراع 12 ديسمبر/كانون الأول 2019، في مؤتمر صحفي عقد مساء الجمعة 13 ديسمبر/كانون الأول 2019، بهيئة الواثق في نفسه، والقادر على حل الكثير من المشاكل التي نغّصت حياة الجزائريين منذ سنوات طوال. تحدَّث تبون عن كثير من الملفات، معتبراً انتخابه على رأس الجمهورية الجزائرية بمثابة الخطوة الأولى نحو عهد الجزائر الجديد، بعيداً عن التهويل والتخوين، مشدداً على الحوار والتعاون والتشاور في إنجاح كل النقاط التي احتواها برنامجه.

أكد تبون أن هناك أولويات يجب العمل عليها لدخول «العهد الجديد» للجزائر، وعلى رأس تلك الأولويات التعديل الدستوري، الذي سيمرر باستفتاء شعبي في القريب العاجل.

وقال تبون في هذا الشأن: «وجدنا ثغرات قانونية كبيرة في الدستور الجزائري، وأموراً لا تتماشى مع حل بعض الأزمات والمواقف، لذا قررنا استدعاء أساتذة ومختصين في القانون الدستوري لإعادة صياغة الكثير من البنود والقوانين».

ومن الأولويات التي تعهّد تبون بمراجعتها سريعاً ما تعلق بالتغيير الحكومي، واعتبر ذلك من الأمور الصعبة للغاية، بالنظر إلى قطيعة الشعب مع الوجوه القديمة، ووعد بتنصيب وزراء شباب بين 25 و26 سنة من العمر، وهي سابقة في الجزائر كما قال.

وبالحديث عن وجه الحكومة، أكد أن من أولوياته كرئيس تغيير قانون الانتخابات في الوقت القريب، وهو ما يسمح بإعادة إجراء الانتخابات التشريعية والمحلية، لتجديد المجالس المنتخبة عبر الولايات والبلديات.

وفي الوقت الذي كان يعقد فيه تبون مؤتمره الصحفي، خرجت مسيرات كبيرة شهدتها الجزائر العاصمة وعدد من الولايات، رفضاً لنتائج الانتخابات والرئيس الجديد.

وأكد تبون في حديثه حول ذلك «أنه مستعد لفتح حوار مباشر مع الحراك، والاستماع إلى المطالب، لنفهم بعضنا البعض عن قرب، وتوضيح الكثير من النقاط التي يجهلها الحراك الشعبي السلمي».

مشيراً إلى أنه «على اطلاع دائم على الحراك منذ 22 فبراير/شباط 2019، وسيجلس قريباً مع ممثلي الحراك للوصول إلى توافقات تُبدد الضباب وتشرح الكثير من النقاط الغامضة».

حول ذلك، يقول أستاذ العلوم السياسية مراد سراي لـ «عربي بوست»، إن برنامج تبون وأسلوبه الذي استطاع من خلاله إقناع بعض الشباب في مناطق مختلفة، أوصله لمقعد الرئاسة، حتى في ظل المقاطعة الكبيرة.

وبحسب سراي، فإن «عبدالمجيد تبون تقلد العديد من المناصب في السلطة على مدار 30 عاماً، قبل بلوغه كرسي قصر المورادية، التي مكنته من معرفة الكثير من الخبايا التي ساعدته اليوم».

سراي اعتبر أن ما تطرق إليه تبون في أول ظهور صحفي له بعد فوزه بالرئاسة «منطقي وواقعي واقرب لما يطالب به المواطنون في حراكهم»، مشيراً إلى أن أهم ما دعا إليه تبون «هو فتح باب الحوار مع الحراك».

فيما يتعلق بالمعتلقين من رجال الأعمال والسياسيين المحسوبين على النظام، قال تبون إنه لن يصفح عن المسجونين من «العصابة» المتورطين في ملفات الفساد من السياسيين. وفي السياق نفسه، أشار تبون إلى وجود خطة مدروسة لاسترجاع الأموال المنهوبة من قبل النظام السابق، لكنه «لا يمكن الكشف عنها، باعتبار أن العصابة ما زالت تنشط وقد تباغته بخطة مضادة»، حسب تعبيره.

وحول ذلك، وصف الكاتب والإعلامي عبدالسميع مطاوي كلام الرئيس تبون «بالحماسي والمستعجل»، وقال في تصريح لـ «عربي بوست»: «إن كل ما قاله تبون نابع من رجل حقق حلمه لبلوغ كرسي الرئاسة بالوعود».

ولم يلبس مطاوي «عباءة المستحيل» لما قاله تبون، لكنه أقر بصعوبة المهمة، قائلاً إن «الدولة العميقة الممتدة لعقود لا تزال نشطه، وتستطيع إفشال أي خطة إصلاحية متوقعة».

مردفاً: «مهمة إقناع الشارع التي تنتظر تبون صعبة للغاية، كذلك مهمة الإصلاح الاقتصادي المثقل بالأزمات، ما تفضل به الرئيس تبون يتطلب وقتاً طويلاً ولا يستطيع فعله في وقت قصير كما يعد، والعجلة في مثل هذه التصريحات قد تورطه كرئيس أمام شعبه، أكثر مما تساعده».

صوَّر الجزائريون عبدالمجيد تبون بعد إقالته من رئاسة الحكومة عام 2017، بمثابة «البطل» بعد فتحه لملفات المال الفاسد، ومواجهته القصيرة لرجال الأعمال المتهمين بإفساد الاقتصاد الوطني، معتبرين ذلك السبب في تنحيته من رئاسة الحكومة، بعد 3 أشهر فقط على توليها.

يقول المحلل السياسي سمير قلالتة: «إن تصويت الشباب لتبون على اعتبار أنه الأقدر على القضاء على مشكلة السكن، وكذلك إيجاد حلول لأزمة القروض البنكية للمشاريع الاستثمارية، بعدما وعد بتسوية مشاكلهم من خلال تصريحه أنه مرشح الطبقات الهشة، هيأ له ظروف النجاح في الانتخابات».

وأضاف: «الكثير من الجزائريين اعتبروا أن تبون ظلمته العصابة وأزاحته من الحكومة عام 2017، حين كشف عن تبديد الأموال لحكومة سلال ووزيره بوشوارب، كما أرادت تشويهه من خلال محاكمة ابنه في قضية تبييض الأموال»، حسب تعبيره.

من الظروف الأخرى التي ساعدت تبون في الوصول إلى سدة الحكم في نظر المحلل السياسي، عبدالحليم العيدودي، تجنبه الترشح باسم أي حزب، كون أن الشباب «كفرت» بالأحزاب التي غلبت عليها ألوان الفساد خلال العقود الماضية».

يرى محللون أن الرئيس الجديد للجزائر تسلم مقاليد الحكم في ظروف لا يحسد عليها، خاصة من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية، بسبب الأزمات التي تعرّضت لها البلاد لسنوات طويلة.

وبحسب المحلل السياسي قلالتة فإن «أول رهان وأصعبه هو إعادة اللحمة بين أبناء الشعب الجزائري، وتجسير الهوة بين مكونات المجتمع التي تشكلت إبان عهد الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة».

مضيفاً أن «هناك تحديات عملية لن تكون سهلة، وعلى رأسها تعديل الدستور وتشكيل حكومة كفاءات وحل كل المجالس المنتخبة واستمرار محاربة رموز العصابة وفلول النظام السابق».

مشيراً كذلك إلى أن الرهان الكبير الذي ينتظر تبون هو استرجاع دور الجزائر في لمّ شمل الدول المغاربية، والتعامل مع الأزمات المحيطة في المنطقة، كالحرب  بمالي جنوباً، والحرب بليبيا شرقاً، والحدود المغلقة مع المغرب، وقضية الصحراء الغربية».

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى