ثقافة وادب

«متحف البراءة» معرض للذكريات وقصص الحب المنسية، أين يقع وعلى ماذا يحتوي؟

إذا كنت قد قرأت رواية «متحف البراءة» للكاتب التركي أورهان باموك، يجب أن تكون زيارة المتحف الخاص بها ضمن قائمة أولوياتك عندما تزور إسطنبول، أما إن لم تكن قد قرأتها بعد فسيثير المتحف فضولك بلا شك لمعرفة قصة الحب التي دارت بين فسون وكمال وعلاقتها بتلك القطع الصغيرة الحميمية التي يحتويها المتحف.

عندما تقرأ رواية جيدة، تبدأ بنسج صور أبطالها ومسرح أحداثها بمخيلتك بشغف شديد، فيحتفظ كل قارئ في العالم بنسخته الخاصة من الرواية كما تصورها في مخيلته.

إلا أن قراء رواية «متحف البراءة» يحتفظون بشكل فريد بتفاصيل مشتركة، فأغلبهم يعرف شكل أقراط فسون المفضلة التي اعتادت وضعها في أذنيها، وكثير منهم تخيلها بنفس الفستان الصيفي المليء بالزهور الوردية، وذلك لأن كاتب الرواية – وبخطوة لم يسبقه إليها أحد – قام بفتح متحف في إسطنبول يضم أبرز مقتنيات أبطال روايته وأطلق على المتحف نفس اسم الرواية «متحف البراءة».

تحكي الرواية عن قصة حب مستحيلة تجمع بين كمال ابن الطبقة الأرستقراطية، وفسون الفتاة الفقيرة التي تربطها به صلة قرابة بعيدة.  

حيث يقع كمال في حب فسون ويتيّمان ببعضهما، إلا أن الفروق الطبقية تحولُ دون تمكّنهما من الزواج، إذ يتزوج كمال من فتاة تناسب عائلته طبقياً، بينما تتزوج فسون التي حلمت طول حياتها بأن تكون ممثلة مثل غريس كيلي من مخرج أفلام سينمائية.

لا تنقطع علاقة الحبيبين بعد أن يختار كل منهما شريكاً آخر، ويواظب كمال على زيارة فسون وعائلتها، وفي كل مرة يزورهم يأخذ خلسةً شيئاً من أثر فسون، فتارةً يأخذ مملحة طعام أمسكتها فسون بيدها، وتارة يأخذ واحداً من أقراطها المفضلة وتارة يلتقط أعقاب سجائرها ويضعها في جيبه.

تنتهي الرواية نهاية تراجيدية، إذ تُطلّق فسون من زوجها وتقرر العودة لكمال، وقبل أن يعقد الحبيبان قرانهما بفترة بسيطة تموت فسون في حادث سيارة بعد أن تصطدم بشجرة الدلب، على غرار الطريقة التي ماتت بها الممثلة غريس كيلي.

بعد موت فسون يشتري كمال منزلها ويحوله إلى مُتحف يضع فيه جميع أشيائها الصغيرة التي تذكّره بها، فستانها الصيفي وملاقط شعرها وأعقاب سجائرها والصور التي تجمعهما.

بعد إصدار روايته «متحف البراءة» في عام 2008 اشترى باموك منزلاً صغيراً في شارع «جكورجوما» وقرر أن يحوله إلى متحف مماثل لذاك المتحف الذي جمع فيه كمال أشياء حبيبته، ليستطيع قراء الرواية رؤية جميع التفاصيل التي وردت فيها بأعينهم.  

وبدأ باموك عملية البحث بعناية عن قطع منزلية قديمة شبيهة بتلك التي وصفها في الرواية، واستطاع بعد فترة وبمساعدة أهله وأصدقائه جمع كمية من القطع كفيلة بافتتاح المتحف.

وسواء قرأت الرواية أم لا ستأخذك الدهشة والرهبة فور دخولك المتحف لما يحويه من أغراض قديمة تكاد تشعر أن أرواح أصحابها لا تزال تسكن بداخل كل منها.

يحتوي المتحف على أكثر من ألف قطعة من الفناجين والملاعق والأباريق والأقلام والصور والأحذية والأكواب.

وفيما تبدو هذه الأشياء ظاهرياً مجرد خردوات، إلا أنها من منظور آخر قطع ثمينة تحمل ذكريات أصحابها الذين رحلوا وتحفظها من النسيان.

 يقع متحف البراءة في القسم الأوروبي من اسطنبول، وتحديداً في منطقة «بيوغلو»، إذ تستطيع الذهاب إلى المتحف سيراً على الأقدام من منطقة تقسيم الأكثر شهرة في إسطنبول.

تستطيع التجول في المتحف برفقة دليل صوتي شارح باللغتين التركية والإنجليزية، يروي لك تاريخ وتفاصيل المكان.

ومن الجدير بالذكر أن الزوار يستطيعون شراء بعض المقتنيات من المتحف للاحتفاظ بها للذكرى، كما يستطيعون التبرع بأشياء قديمة لها ذكرى معينة، فالمتحف في النهاية ما هو إلا متحف للذكريات، وهذا تحديداً ما يجعله مميزاً.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى