ثقافة وادب

حين وأدت أمريكا تجربة غواتيمالا الديمقراطية في مهدها الأول بـ 10 أيام.. تفاصيل عملية PBSUCCESS

تعتبر عملية PBSUCCESS واحدةً من أنجح العمليات الاستخباراتية التي قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية، لا لدرء خطر عدو يُهدد أمنَها القومي، بل لوأد تجربة ديمقراطية في مهدها الأول، فكان انقلاب غواتيمالا 1954.

في العام 1944، أطاحت انتفاضة شعبية انطلقت في غواتيمالا
بالديكتاتور الحاكم حينها جورج يوبيكو، وحينها تم انتخاب خوان خوسيه أريفالو كأول
رئيس بعد انتخابات ديمقراطية تشهدها غواتيمالا، قدم خوسيه نموذجاً نزيهاً في
الحكم، عن طريق تحويل البلاد إلى مسرح ديمقراطي.

 كانت الولايات المتحدة الأمريكية تتحفَّظ على إصلاحات خوسيه،
وبعد انتخاب الجنرال جاكوبو أربنز رئيساً لغواتيمالا في عام 1950، لمواصلة عملية
الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية، التي أشارت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية
إلى ازدرائها في مذكراتها، ونما التحفظ بعد انتخاب أربنز إذ كانت ترى أن صعود
الشيوعية قد يؤثر على مصالحها وخطواتها التي تتخذها إبان السنوات الأولى من الحرب
الباردة.

على الجانب الآخر، كان الرئيس المنتخب في غواتيمالا، الجنرال
جاكوبو أربينز، يحاول رسم خطوط الدولة الجديدة، الواقف فيها الفقراء إلى جانب
الأغنياء أمام الحقوق والقانون.

في العام 1952، وبعد عامين من توليه منصب الرئاسة، أصدر أربينز
مرسوماً وزَّع فيه كل الأراضي الزراعية في الدولة على الفلاحين، ولأن كثيراً من
تلك الأراضي كانت مملوكة لشركة الفواكه المتحدة، والتي كان مُلاكها على علاقة
وطيدة بحكومة آيزنهاور في أمريكا، دعمت الحكومة فكرة الانقلاب.

دبَّرت الاستخبارات الأمريكية خطةً طارئة للاطاحة بأربينز، معتبرة
أن تساهله مع الشيوعيين يجعل منه بطلاً بينهم، وأحد أهم حلفائهم، فقرَّرت الخلاصَ
منه، وفي حملة ضغط لإقناع الولايات المتحدة بالإطاحة بالحكومة الغواتيمالية قرّر
الرئيس الأمريكي هاري ترومان بتفويض عملية PBFORTUNE للإطاحة بأربينز في عام 1952، وعلى الرغم من إحباط العملية بسرعة
فإنها كانت مقدمة لـPBSUCCESS.

(1/1)

كان اسم Operation PBSUCCESS هو الاسم الرمزي
للحركة الاستخباراتية التي أفضت إلى الانقلاب على الرئيس المنتخب في غواتيمالا،
وكانت العملية واحدةً من أنجح العمليات الاستخباراتية التي قامت بها أمريكا حينها،
إذ فشلت كل محاولات المقاومة من قبل الموالين لأربينز في غواتيمالا.

وفي 18 يونيو/حزيران من العام 1954، دخلت قوة عسكرية تتكون من 480
جندياً، أغلبهم من الجنود المرتزقة، بقيادة ضابط منفي من الجيش الغواتيمالي اسمه
العقيد كارلوس كاستيلو.

ومع الترتيب لتحركات عسكرية بدأت الاستخبارات تضع مذكرة بأسماء
الموالين لأربينز، حتى يتم تحييدهم، سواء بالقتل أو الاعتقال.

وعملت الآلة الإعلامية على إحباط كل من كان لديه أمل في فشل
الانقلاب والتمسك بالرمق الأخير من الديمقراطية، إذ بثَّت القنوات الموالية
للانقلاب بيانات تؤكد نجاح السيطرة على غواتيمالا، حتى قبل سقوط النظام.

ازداد القصف الجوي للمدينة، مدعوماً بالحصار البحري، ورغم أن أداء
القوات المحاصرة كان ضعيفاً، وأنَّها هُزمت في أغلب هجماتها، إلا أنَّ الحرب
النفسية لعبت دوراً كبيراً جداً في تعزيز قوة القوات الأمريكية على أراضي
غواتيمالا.

رفض الجيش في غواتيمالا الحربَ في نهاية المطاف، فحاول أربينز
تسليح المدنيين لتأهيلهم للمقاومة، قبل أن يُعلن استقالته الرسمية، في الـ27 من
يونيو/حزيران، بعدما تقطعت به السبل لحشد أنصاره للقتال.

وبعد 10 أيام فقط من الانقلاب، أصبح كاستيلو أرماس رئيساً لغواتيمالا،
وحكم البلاد بالحديد والنار، وقضى على الخطوة التي كانت تخطوها البلاد تجاه
الديمقراطية.

كلف PBSUCCESS خزانة الدولة 2.7
مليون دولار، سواء على صعيد التسلح العسكري أو الدعاية السلبية التي حشدها، وعلى
الرغم من أن أربينز وكبار مساعديه تمكنوا من الفرار من البلاد، إلا أنه تم اعتقال
مئات الغواتيماليين وقتلهم، والتنكيل بكل من ندَّد بالانقلاب، أو حاول الترحم على
رفات الديمقراطية.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى