ثقافة وادب

تحت ضغط المنافسين وتقلُّب ولاء الحزب: أوجه الشبه بين استقالة نيكسون وعزل ترامب

قد لا يعيد التاريخ نفسه
حرفياً، ولكنه بالتأكيد يعاود الظهور بسيناريوهات مشابهة، وهذا ما يحصل بالضبط مع
الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، الذي سيخضع لمحاكمات عزل تشبه إلى حد بعيد، ما حصل
مع الرئيس السابق ريتشارد نيكسون، الذي دفعه تمسُّكه بالسلطة إلى ارتكاب مخالفات
أفقدته منصبه وجعلت نهايته فضيحة سياسية بكل المقاييس.

في الثامن من أغسطس/آب عام
1974، ألقى نيكسون خطاباً رسمياً مُنفرداً على الشعب الأمريكي لإعلان استقالته،
بحسب ما نشره موقع History Extra البريطاني.

وما يزال الرئيس الأمريكي
الوحيدَ الذي فعل ذلك حتى الآن، وقد فعل ذلك تحت تهديد العزل.

وفي الـ24 من سبتمبر/أيلول
عام 2019، أعلنت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، أن عدداً من اللجان ستفتح
تحقيقاً فيما إذا كان يتعين عزل الرئيس ترامب. 

وانصبَّ تركيزهم الرئيسي على
محادثة الرئيس الهاتفية مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في الـ25 من
يوليو/تموز، والتي طالب ترامب خلالها زيلينسكي بالتحقيق فيما إذا كان نائب الرئيس
الأمريكي السابق جو بايدن -الذي يُعتقد أنه سيكون منافس ترامب الديمقراطي في انتخابات
2020- قد ضغط من أجل إقالة النائب العام الأوكراني الذي دقَّق في الأنشطة التجارية
لنجله هانتر بايدن. 

وأُجرِيَت المحادثة الهاتفية
بعد أن علّقت الولايات المتحدة تسليم مساعدةٍ عسكرية إلى أوكرانيا بقيمة 391 مليون
دولار أمريكي، واعتبر البعض ذلك إشارةً ضمنية إلى احتمالية رفع التعليق عن
التمويل، في حال قدّم زيلينسكي «خدمةً» لترامب.

وكُشِفَت تلك المحادثة
الهاتفية حين تقدَّم ضابطٌ استخباراتي بشكوى رسمية ضد الرئيس؛ لانتهاكه صلاحيات
منصبه. 

وأبلغ ذلك «المُبلِّغ عن
الجرائم» السلطات المُختصة، لكن التقرير لم يُمرَّر تلقائياً إلى لجان رقابة
الكونغرس المختصة من جانب القائم بأعمال مدير الاستخبارات الوطنية، بموجب ما
يقتضيه القانون الأمريكي.

فأيّ مُحاولةٍ لممارسة أي
نوعٍ من النفوذ، بغرض الحصول على «معلومات قذرة» عن عائلة بايدن، يُمكن
اعتبارها إساءة استخدامٍ للسلطة.

كانت هذه هي إحدى التُّهم قبل
45 عاماً، في البند الثاني من بنود العزل الثلاثة التي قُدِّمَت ضد ريتشارد نيكسون
عام 1974. 

كانت التهمة الأولى هي عرقلة
العدالة، بناءً على جهوده لإعاقة تحقيق ووترغيت الشهير الآن، والتهمة الثالثة هي
إهانة الكونغرس، بسبب رفضه المُتكرّر تسليم الوثائق التي طلبتها المحكمة. 

ونظراً إلى الشخصية المُغالية
التي اتّسمت بها التبادلات الأخيرة بين ترامب وناقديه في الكونغرس، من المحتمل أن
يطرح مجلس النواب ثلاثة بنود اتهامٍ شبيهة ضده؛ إذ إنّ هناك كثيراً من أوجه الشبه
بين القضيتين.

ومن الواضح أنّ تأخير تقرير
«المُبلّغ عن الجرائم»، ونقل سجلات المحادثة الهاتفية والوثائق المُتصلة
إلى خادمٍ مُختلف برموز وصولٍ أخرى في الأيام التي أعقبت الشكوى، يبدو أشبه
بمُحاولةٍ مُدبّرة لعرقلة العدالة. 

ولا شكّ في أنّ تلك الأفعال
هي التي دفعت جمعية مُؤرّخي العلاقات الخارجية الأمريكية إلى السعي لاستخراج أمرٍ
قضائي، بسبب قلقها من أنّ إدارة ترامب لا يمكن الوثوق بها لتحتفظ بسجلاتٍ دقيقة.

ومن المُخالف للقانون أن
تُطالِب كياناً أجنبياً بالتدخُّل في الانتخابات الأمريكية، أو أن يقبل أيّ
مُرشّحٍ رئاسي مساهمات «قيّمة» من أي نوع من كيانٍ أجنبي. 

وبضغط ترامب على أوكرانيا
للتحقيق مع نجل بايدن؛ يُمكن القول إن الرئيس سعى لاستخراج إسهام ذي
«قيمة»؛ من أجل حملة إعادة انتخابه. 

ودعا ترامب الصين علناً إلى
التحقيق مع هانتر بايدن، وأشار ضمنياً إلى أن سياسته الجمركية قد تتغير، في حال
فعلت الصين ذلك، وهو ما قد يبدو كأنه دعوةٌ إلى انتهاك القانون. 

كما وصف ناقديه في الكونغرس
بـ «الخونة»، والمُبلِّغ عن الجرائم بـ «الجاسوس» الذي يجب
كشف هويته وإعدامه إن لزم الأمر. 

وقاوم ترامب مطالب الكونغرس
بإجراء مقابلاتٍ مع مسؤولين مثل وزير الخارجية مايك بومبيو. ويُمكن تفسير كل ما
سبق، بأنه إهانةٌ للكونغرس.

وفي شهادتها أمام لجنة
الاستخبارات بمجلس النواب، كشفت السفيرة الأمريكية السابقة لدى أوكرانيا، ماري
يوفانوفيتش، أن مُحامي الرئيس ترامب الشخصي، رودي جولياني، هو من كان وراء الجهود
المبذولة لإجبار السلطات الأوكرانية على إجراء تحقيقٍ علني في فساد شركة Burisma، شركة الطاقة المرتبطة
بهانتر بايدن.

وفي الوقت ذاته، كشفت أنها
اشتبكت مع جولياني بعد أن دعم طلب تأشيرةٍ لفيكتور شوكين، الذي كان ممنوعاً من
دخول الولايات المتحدة، بسبب «أنشطة فسادٍ معلومة». 

وكان شوكين هو المُدّعي العام
المُثير للجدل بأوكرانيا، والذي دفعت سلوكياته في منصبه إدارة أوباما إلى تعليق
تسليم ضمانات قرضٍ بمليار دولار أمريكي حتى إقالته من منصبه. 

وأكد جولياني وآخرون دور نائب
الرئيس، جو بايدن، في إقالة شوكين.

وساعد كلٌّ من ليف بارناس
وإيغور فرومان في جهود جولياني للتحايل على السفيرة ماري، والعثور على
«معلومات قذرة» عن عائلة بايدن. 

وفي التاسع من أكتوبر/تشرين
الأول، أُلقِيَ القبض على بارناس وفرومان في مطار دوليس الدولي بفرجينيا، قُرب
واشنطن العاصمة، ووُجِّهَت إليهما تُهَمُ التآمر للمشاركة في تزوير الانتخابات عن
طريق تحويل أموالٍ من كيانات أجنبية إلى مُرشَّحين فيدراليين. 

وقالت فيونا هيل، مستشارة
ترامب لشؤون روسيا وأوروبا والمديرة الأولى للشؤون الأوروبية والروسية في مجلس
الأمن القومي، أمام لجنة مجلس النواب، إنّ مستشار الأمن القومي السابق، جون
بولتون، نصح المسؤولين بالابتعاد عن جولياني، وشبَّهه بـ «القنبلة الموقوتة
التي ستنفجر في وجه الجميع بأي لحظة».

وأكد دبلوماسيون آخرون أن
البيت الأبيض استخدم تعليق مساعداتٍ أقرّها الكونغرس؛ من أجل حثّ أوكرانيا على
التحقيق مع عائلة بايدن. 

وبإصدار شهادات جلسة مجلس
النواب، وتحديد موعد جلسات الاستماع العلنية؛ يصير الأمر مُشابهاً لجلسات الاستماع
المتلفزة الخاصة بنيكسون، حين زادت عدم ثقة الرأي العام بالرئيس.

تكون إجراءات العزل عمليةً
مُطوّلةً عادةً، وتتكشّف تفاصيلها على عدة مراحل. 

فأولاً، تُحقِّق اللجان المُختلفة
وتُصدر تقاريرها التي تُوصي ببنود العزل.

ثانياً، يُصوّت مجلس النواب على تلك
البنود -التي يُعزَل الرئيس في حال تمريرها.

وأخيراً، يعقد مجلس الشيوخ مُحاكمةً؛
لتقرير ما إذا كان يجب إقالة الرئيس من منصبه. 

وكما تبيّن في إجراءات
«ووترغيت»، فإنّ جمع الأدلة يستغرق بعض الوقت. 

وتُقدّم كل لجنة تحقيقٍ
توصياتها التي يُصوِّت عليها مجلس النواب، وحينها فقط يتمكّن مجلس الشيوخ من إجراء
مُحاكمة العزل. 

وفي الوقت ذاته، تُواصل عقارب
الساعة عدّها التنازلي حتى الانتخابات الأمريكية في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2020.

ولم يسبق أن أسفرت إجراءات
عزلٍ ناجحة عن إقالة الرئيس من منصبه. وربما يشعر ترامب وأنصاره بالارتياح إلى
حقيقة أنّ آخر إجراءات عزل، تخُصّ بيل كلينتون عام 1998، انتهت بالتبرئة، كما حدث
مع أول إجراءات عزلٍ لأندرو جونسون عام 1868. 

إذ تحتاج إجراءات العزل أكثر
من مُجرَّد أغلبية، وتتطلّب دعم ثُلثي أعضاء مجلس الشيوخ لحُكم الإدانة، ويُساوي
هذا الآن 67 من أصل 100 عضو. 

وحالياً، يستحوذ الجمهوريون
على 53 مقعداً في مجلس الشيوخ، وهو ما يعني أنّ ترامب محميٌّ للغاية بوحدة الحزب،
كما كان الحال مع كلينتون عام 1998.

ولكن هل يسير ترامب على خُطى
نيكسون، التي بلغت ذروتها باستقالته بدلاً من عزله؟ إذ تبدأ أوجه التشابه بين
الحالتين بالتدخّل الانتخابي.

ففي ليلتي الـ16 والـ17 من
يونيو/حزيران عام 1972، أُلقِيَ القبض على خمسة رجالٍ داخل المقر الرئيسي للجنة
الوطنية الديمقراطية بمُجمّع مكاتب ووترغيت في واشنطن العاصمة. 

وربط المُحقّقون بين اللصوص
وحملة إعادة انتخاب نيكسون، من خلال لجنة إعادة انتخاب الرئيس، وهي منظمة تُعرف
شعبياً باسم «المُستغِلّة Creep»، وهو اللقب الذي اختير بعناية، ليتلاءم مع الأنشطة السرية
التي شاركت فيها.

إذ كان الرجال قد اقتحموا
المُجمّع لتصوير بعض الوثائق وزراعة أجهزة تنصُّت؛ من أجل تزويد فريق نيكسون
بمعلوماتٍ عن خطط اللجنة الديمقراطية، إذ كانت حينها آليات العثور على معلومات
سلبية عن خصمٍ انتخابي تُعتبر ممارسةً سياسية طبيعية عام 1972. 

واليوم، بدلاً من التنصّت، قد
تتضمّن تلك الآليات اختراق الحواسيب. ولكن لم يكُن هناك دليلٌ على أنّ نيكسون طلب
مساعدةً أجنبية، كما يُشاع في حالة ترامب.

ويعود الفضل جزئياً إلى فيلم All the
President’s Men من عام 1976، في أنّه
صُوِّر تحقيق صحيفة Washington Post، الذي أسهم في استقالة نيكسون، على أنه تقريرٌ مُهم أفاد الأمة
والحكومة. 

ولكن حين توجّه الأمريكيون
إلى صناديق الاقتراع في نوفمبر/تشرين الثاني عام 1972، كانت «ووترغيت»
قد هيمنت على بعض عناوين الصحف الإخبارية. 

ورغم ذلك، فإن حجة الإدارة
القائلة إنَّ تلك الأخبار كانت هجمات حزبية بواسطة وسائل إعلامٍ مُتحيّزةٍ إلى
الليبرالية لاقت قبولاً عريضاً.

ووجه الاختلاف الوحيد بين
القضيتين هو أنّ فوز نيكسون الكاسح عام 1972 لم تقابله انتصاراتٌ للجمهوريين في
الكونغرس. 

إذ سيطر الديمقراطيون على
مجلسي الشيوخ والنُوّاب عام 1973، لذا كان بمقدورهم أن يفتحوا التحقيقات. 

واليوم، تُوجد أغلبية مُحافظة
في المحكمة العليا، وأغلبيةٌ مُحافظة بمجلس الشيوخ كما أوضحنا سابقاً، وهو ما قد
يحمي ترامب.

كما حُلّ رباط نيكسون سريعاً، لأنّ بعض مستشاريه المُقرّبين، مثل مستشار البيت الأبيض جون دين، كانوا على استعدادٍ لكشف تورُّطه بالأمر؛ أملاً في التساهل معهم خلال التحقيقات في أفعالهم الشخصية. 

وبالحكم على الأحداث خلال
التحقيقات التي ترأسها المُحقِّق الخاص روبرت مولر حول التدخل الروسي المزعوم في
انتخابات الرئاسة عام 2016؛ ربما يكتشف ترامب أيضاً أنّ بعض العاملين لديه قد
يُقرّرون المساعدة في تحقيق العزل الحالي.

وزادت فضيحةٌ مُنفصلة، أدّت
إلى استقالة سبيرو تي أغنيو، نائب نيكسون، في أكتوبر/تشرين الأول عام 1973، من
احتمالية عزل نيكسون. 

ورأى كثيرون أن أغنيو لم يكُن
مُناسباً للرئاسة، لذا فإنّ استقالته جعلت إقالة نيكسون تبدو أكثر قابلية، خاصةً
حين تأكَّد الرأي المُعتدل -الجمهوري والديمقراطي المُحافظ- باختيار زعيم الأقلية
في مجلس النواب، جيرالد فورد، نائباً للرئيس. 

واقترح بعض المُعلّقين
الأمريكيين أن الساسة الذين يُفكِّرون في عزل ترامب قد يتراجعون عن قرارهم؛ خشية
أن يخلفه نائب الرئيس مايك بنس.

ولكن الآراء اجتمعت على أن
الإعلان عن الأخبار ليس هو ما أسقط نيكسون، بل كان اكتشاف محاولاته المُمنهجة
للتغطية على تورّط إدارته وإعاقة التحقيق مع المُتورّطين ومُحاكمتهم. 

إذ أعاق سير العدالة، رغم
أدائه اليمين قبل تسلُّم منصبه. واستغرقت فضيحة ووترغيت وقتاً طويلاً لتكتسب
زخماً، ولم تبدُ واضحةً على الساحة حتى حين حقّق نيكسون انتصاره الكاسح على
الديمقراطي جورج ماكغفرن، في نوفمبر/تشرين الثاني عام 1972.

وفي نهاية المطاف، دقَّ
نيكسون المسمار الأخير في نعش رئاسته حين سجّل المحادثات داخل البيت الأبيض. 

وبعد أن صار وجود تلك
التسجيلات معروفاً للجميع؛ طالب كلٌّ من المُحقّق الخاص المُعيّن للتحقيق ولجنة
تحقيق مجلس الشيوخ بنشر تلك التسجيلات. 

ورفض نيكسون، مستشهداً
بتقاليد الامتياز التنفيذي ومصالح الأمن القومي.

ومن الملحوظ أنه بحلول صيف
عام 1973، كانت جلسات استماع «ووترغيت» المُتلفزة على نطاقٍ واسع قد
قوَّضت ثقة الرأي العام. 

وحاول نيكسون إرضاء المطالبات
بنشر التسجيلات، عن طريق نشر مجموعةٍ مُختارةٍ منها، لكن تلك الوثائق القليلة
شوَّهت سمعته أيضاً، وكشفت عن رجلٍ ناقم مهووس بالقتال ضد «أعدائه»،
علاوةً على وجود ثغراتٍ مُثيرةٍ للشكوك في تلك التسجيلات. 

وحين حصل الكونغرس على
التسجيلات كاملةً بموجب قرار المحكمة العليا الذي حدَّ من الامتياز التنفيذي؛
نُشِر تسجيل «الدليل القاطع» المزعوم في الـ23 من يونيو/حزيران عام
1973، وهو تسجيلٌ تضمّن نيكسون ومساعده البارز إتش آر هالدمان وهما يُناقشان
استغلال وكالة الاستخبارات المركزية؛ لتدمير التحقيق، بحجة أسباب الأمن القومي
الزائفة.

وربما تعلّم فريق ترامب،
باختياره نشر نص محادثة الرئيس مع زيلينسكي، من خطأ ترامب حين رفض الإفصاح عن تلك
المعلومات. لكنّهم لم ينشروا سوى نسخة غير مُوثّقة من نص المحادثة. 

كما اتضح أيضاً أنّ الرئيس
أمر شخصيات بارزة أخرى بالتشاور مع زعماءٍ أجانب حول خصومه المحليين، وأن تلك
الشخصيات ليست مُحصّنةً من المحاكمة مثل الرئيس. 

وأدان بعض الجمهوريين تلك
الأفعال من جانب فريق ترامب، وتقترح بعض استطلاعات الرأي الآن أن غالبية
الأمريكيين يُفضّلون العزل. 

وهنا تتجلّى أوجه الشبه مع
نيكسون: فحين أكّدت التسجيلات تورّطه المباشر في التستُّر على الجريمة؛ أدرك عديد
من القادة الجمهوريين أنّه كذب عليهم، إلى جانب تراجع معدلات شعبيته، وهو ما أسهم
في تشكيل ائتلافٍ هشٍّ من الحزبين سيوافق على بنود العزل، أو يضمن على الأقل تمرير
أحدها في مجلس الشيوخ. 

وبذلك، أخبر أعضاء بارزون في
الحزب نيكسون بأنّ عليه الرحيل.

وها قد بدأت التحقيقات في
أفعال ترامب، وبدأت أدلةٌ إضافية بالظهور. 

إذ أدلى المقدم ألكساندر
فيندمان بشهادته، بعد أن استمع إلى محادثة ترامب الهاتفية مع زيلينسكي بصفته
خبيراً في الشؤون الأوكرانية بمجلس الأمن القومي، قائلاً إنّ الوثيقة المنشورة
بواسطة البيت الأبيض لا تُوفّر نصاً حرفياً بمحتوى المحادثة. 

وقال إنّ ترامب أشار صراحةً
إلى نائب الرئيس السابق بايدن، وأنّ زيلينسكي أشار صراحةً إلى شركة Burisma. 

وهذا يُقدّم أدلةً على أن
الرئيسين كانا يُدركان أنّها محادثة مُساومة، طُرِحَ خلالها شيءٌ مقابل شيءٍ آخر
على الطاولة، كما يُشير ذلك إلى أنّ الوثيقة المنشورة في حدّ ذاتها كانت مُحاولةً
للتستُّر رغم شفافيتها الظاهرة.

وأكثر أوجه الشبه وضوحاً
سيتجلّى في حال فقد مؤيدو ترامب والمستقلون الثقة به، كما حدث مع مؤيدي نيكسون في
صيف عام 1974، وحينها أدرك نيكسون أنّ اللعبة قد انتهت. 

لذا راقِبوا النواب
الجمهوريين في مجلس الشيوخ خلال الأسابيع المُقبلة. 

إذ أشار البعض إلى عدم رضاه
عن سحب ترامب المُثير للجدل للقوات الأمريكية من شمال سوريا، في حين أعرب آخرون عن
مخاوفهم سراً بشأن الهزائم الجمهورية الأخيرة في الانتخابات المحلية داخل ولاياتٍ
مثل كنتاكي، وما تنطوي عليه من تقلُّبٍ في المزاج العام ضد المسؤولين
الجمهوريين. 

وتميل القضيتان إلى تقويض
الولاء للرئيس.

ولكن بحسب افتراض مارك توين،
«التاريخ لا يُعيد نفسه، ولكنّه يتشابه في القوافي عادةً». 

وليس هناك كثير من أوجه الشبه
في الوقت الحالي. ولكن هذه القصة لا تتكشّف في أعقاب انتصار، كما حدث مع نيكسون،
بل في الفترة التي تسبق انتخابات جديدة. 

وترامب رئيس مختلف في عصرٍ
مختلف، مع حزبٍ جمهوريٍّ مُختلف؛ لذا من المُحتمل للغاية أن تنتهي هذه القصة
نهايةً مُختلفة. 

سننتظر أمام محكمة التاريخ،
لنرى متى وكيف ستنتهي القصة..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى