آخر الأخبار

52 أمريكياً شعروا أنَّهم صاروا في طي النسيان.. قصة رهائن إيران الذين تذكرهم ترامب بعد 40 عاماََ

أعاد الرئيس
الأمريكي دونالد ترامب إحياء ذكرى سيئة عاشها أكثر من 50 أمريكياً قبل 40 عاماً من
الآن، عندما كتب ترامب في تغريدة على موقع تويتر قال فيها إنَّ الولايات المتحدة
حدَّدت 52 موقعاً إيرانياً أهدافاً محتملة، في إشارة تذكير بالـ52 أمريكياً الذين
احتجزتهم إيران قبل سنوات عديدة.

كان ديفيد
رويدر، عقيد متقاعد من القوات الجوية الأمريكية، يمكث في منزله الأسبوع الماضي
بولاية كارولاينا الشمالية عندما شاهد لأول مرة الأنباء على شاشة التلفاز تقول:
متظاهرون يهاجمون سفارة أمريكية في الشرق الأوسط.

قال رويدر،
البالغ من العمر حالياً 80 عاماً، لصحيفة The New York Times الأمريكية: «يا
إلهي، يتكرر السيناريو مرة أخرى. هناك حرائق.. إنَّهم يهاجمون السفارة.. لقد سبق
رؤية هذا المشهد من قبل».

كان رويدر ضمن
أكثر من 50 أمريكياً احتجزتهم إيران رهائن داخل سفارة الولايات المتحدة في طهران
عام 1979، في أزمة تسببت في قطع العلاقات وبدء 40 عاماً من الأعمال العدائية
المتبادلة بين واشنطن وطهران.

جاء الهجوم
الأخير على السفارة الأمريكية في بغداد قبل أيام من شن الولايات المتحدة غارة جوية
بطائرة بدون طيار استهدفت القائد العسكري الإيراني الكبير، قاسم سليماني، مما أدى
إلى تصاعد التوترات سريعاً في المنطقة. أشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في وقتٍ
لاحق إلى أزمة الرهائن الأمريكية في تحذير لإيران بعدم الرد على مقتل
سليماني.

أعاد تهديد
ترامب أزمة رهائن إيران إلى دائرة الضوء، في الوقت الذي شعر فيه البعض بأنَّ
محنتهم نسيها الشعب الأمريكي إلى حد كبير. وقد تُوفّي حوالي 18 شخصاً من إجمالي 53
أمريكياً كانوا محتجزين في طهران، من ضمنهم دبلوماسي أُطلق سراحه مبكراً، في حين
ابتعد الـ 35 المتبقين عن الخدمة والأضواء بقدر ما في وسعهم. ومع ذلك، ظلَّت
ذكريات فترة احتجازهم، التي استمرت 444 يوماً، عالقة في خلفية أذهانهم، تأتي لهم
في أحلامهم، وتؤرق حياتهم كلَّما ظهرت إيران في نشرات الأخبار.

عبَّر العديد
من هؤلاء الرهائن السابقين، في مقابلات أجريت معهم، عن دهشتهم إزاء الإشارة إلى
حادثتهم مُجدَّداً ويشعرون بالقلق من إقحامهم في معركة سياسية مشحونة بالتوترات
وتحمل في طياتها بوادر العنف.

قال ألان
غولاسينسكي، ضابط أمن سابق في السفارة الأمريكية بطهران وقت أزمة الرهائن والذي
يبلغ من العمر الآن 69 عاماً: «أشعر بالانزعاج إلى حد ما لأنَّ ما يجري بشكلٍ
أو بآخر يُفترض أن يكون تكريماً لنا. لكنني لا أريد ذلك».

وقال تشاك سكوت، العقيد المتقاعد من الجيش الأمريكي وقائد فريق القوات الخاصة وقت أزمة الرهائن: «لقد واصلنا جميعاً حياتنا، ويتضاءل عدد الباقين منَّا على قيد الحياة تدريجياً كل ستة أشهر تقريباً». وأضاف سكوت، البالغ من العمر حالياً 88 عاماً: «لم نعد جزءاً من هذا الصراع على الإطلاق».

في مقابلة مع
قناة MSNBC
الإخبارية الأمريكية، قال جون ليمبرت، أحد الرهائن الأمريكيين السابقين:
«سيدي الرئيس، إذا كنت تستمع إليَّ، رجاءً لا تزعج نفسك من أجلي، لأنني لا
أريد أن يكون لي صلة بذلك».

اضطُر هؤلاء
الرهائن الأمريكيون -الذين تعرضوا للتعذيب البدني والنفسي، بما في ذلك الحبس
الانفرادي وأساليب الإعدام الصوري- للكفاح من أجل الحصول على تعويضات مالية بسبب
اتفاقية إطلاق سراحهم التي تمنع السعي للمطالبة بتعويضات عن فترة احتجازهم داخل
السفارة الأمريكية في طهران.

في عام 2015، أقرَّ
الكونغرس صرف تعويضات مالية
تقدر بنحو 4.4 مليون دولار لكل رهينة، أي 10 آلاف
دولار عن كل يوم احتجاز، وكذلك صرف تعويضات للزوجات والأبناء. ومع ذلك، لم يُصرف
سوى جزء صغير من هذه الأموال. وتفاقم الوضع بعد أن تقدَّمت
عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر/أيلول بطلب للحصول على تعويضات
أيضاً.

أشار بعض
الرهائن السابقين إلى أنَّهم أرادوا من الإدارة الأمريكية الاهتمام بحقهم في صرف
التعويضات بدلاً من إقحامهم في الصراع مع إيران. وفي هذا الصدد، قال سكوت:
«لماذا لا تمضي الحكومة الأمريكية قدماً وتدفع لنا الأموال التي وعدتنا
بها؟».

لا يزال
المحامي توماس لانكفورد، الذي يُمثل العديد من الرهائن الأمريكيين السابقين
وأسرهم، يناضل من أجل الحصول على مبالغ إضافية لموكّليه. واستشهد بسنوات من
المعاناة عاشها هؤلاء الرهائن بعد إطلاق سراحهم، تضمنت نوبات قلق واضطرابات في
النوم وأفكاراً انتحارية.

قال لانكفورد:
«تُوفّي أحد الرهائن السابقين في العامين الماضيين. وأخبرتني زوجته أنَّه كان
يبكي كل ليلة، ويئن أثناء نومه وفجأة يستيقظ ويجلس مستقيماً كما لو كان لا يزال
قيد الاحتجاز».

كما أضاف
لانكفورد: «ثمة شخص آخر كان يتعيَّن عليه العودة لتلقي مساعدة مؤسسية في كل
مرة تصبح فيها إيران جزءاً من الأنباء المتداولة بصورة كبيرة». وتابع:
«هم لا يزالون ضحايا، من جميع النواحي».

في السياق
ذاته، أكَّد غولاسينسكي، الذي تحدّث عن
تجربته
خلال فترة احتجازه داخل سفارة بلاده في طهران معصوب العينين ومُكبّل
اليدين ويتعرّض لأساليب الإعدام الصوري، أنَّه يشاهد عن كثب آخر التطورات لكنَّه
لم يرغب في ربط الأحداث الأخيرة بأزمة 1979.

قال
غولاسينسكي: «ما حدث في الأسبوع الماضي ليس له صلة بنا. لا يمكن طرح الأمر
كما لو كنا جميعاً ننتظر كل هذا الوقت حتى يُقتل شخص ما من أجلنا. هذا لم يحدث من
أجلنا».

من جانبه، أوضح
العقيد رويدر أنَّه كان يتابع الأنباء الأخيرة على مدار الساعة تقريباً، لافتاً
إلى أنَّ تغريدة الرئيس ترامب التي أشارت إليهم كانت على الأقل دليلاً بأنَّ
مسؤولي الولايات المتحدة لم ينسوا محنتهم تماماً.

قال رويدر:
«كان الأمر مُشجّعاً ومفاجئاً إلى حد ما أن يعترف شخص ما في الحكومة بأنه ما
زال يتذكَّر ما حدث لنا». وأضاف: «يبدو أنَّ هناك إجماعاً على أنَّ هذا الجنرال
الإيراني
كان رجلاً سيئاً». ومع ذلك، أعرب رويدر عن قلقه بشأن المواطنين
الإيرانيين الذين قد يعانون جراء هذا الصراع، قائلاً: «هؤلاء الناس مُعرّضون
للخطر».

كما قال أيضاً:
«لقد مررت بهذه التجربة. أنا أعلم تأثير الصراع على العائلات والبلاد. لا
أعتقد أنَّ هذا ما نريد حدوثه مُجدَّداً».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى