تقارير وملفات إضافية

مسقط «المحايدة» بعد قابوس.. هل تبقى على خطى سلطانها الراحل أم أنها ستغير سياساتها؟

على
غرار انتقال سلس وهادئ للسلطة، توقع خبراء سياسيون أن تسير سلطنة عُمان بثبات على
خطى السلطان الراحل قابوس بن سعيد في سياستها الخارجية.

وفجر
السبت 11 يناير/كانون الثاني 2020، نعى ديوان البلاط السلطاني في عُمان السلطان
قابوس، الذي وافته المنية مساء الجمعة، بعد نحو 50 عاماً قضاها سلطاناً.

وفي
أول خطاب للسلطان الجديد، الذي تمت تسميته وفق وصية السلطان الراحل أعلن هيثم بن
طارق السير على الثوابت الخارجية لسلفه، لاسيما المساهمة في حل الخلافات ودعم
مسيرة التعاون الخليجي.

واتفق
ثلاثة خبراء في أحاديث منفصلة مع الأناضول، على اعتبار بن طارق، امتداداً لسلفه
الراحل قابوس، الذي صنع دولة «حيادية» كانت بمثابة «صندوق
بريد» لفرقاء المنطقة لنحو 5 عقود مضت.

وتوقع
أحدهم أن يتحول مجلس التعاون الخليجي لكيانين، كيان تقوده عمان ويضم قطر والكويت،
والآخر تقوده السعودية ويضم الإمارات والبحرين، إذا ما استمرت نفس السياسات
الراهنة.

فيما
سيظل الدور العماني قائماً في تقريب وجهات النظر والتهدئة بين إيران والولايات
المتحدة، بعد توترات تصاعدت بشدة في الأشهر الأخيرة، وصلت للتلويح بشن حروب في
المنطقة، بحسب ثاني الخبراء.

فيما
ذهب ثالثهم إلى أن تكون سلطنة عُمان أول دولة خليجية تفتتح سفارة إسرائيلية على
أرضها، ضمن مسار الهرولة الخليجية نحو التطبيع.

وفي
كلمته التي أدلى بها خلال أداء القسم، رسم بن طارق سياسته الخارجية على خطى سلفه،
القائمة على التعايش السلمي وحُسن الجوار، وعدم التدخل في شؤون الدول واحترام
سيادتها.

خليجياً
وعربياً أكد مواصلة بلاده دعم دول المنطقة والتعاون مع قادتها في النأي عن
الصراعات والخلافات.

وجدد
التزامه باحترام المواثيق الدولية والعمل على تحقيق السلام والأمن الدوليين، وبناء
العلاقات مع جميع دول العالم.

وفق
مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية (غير
حكومي/ مقرّه القاهرة)، فإن مسقط بعد قابوس «تركيبة صعب أن تُصنع أو أن
تترك».

وقال
غباشي إن السلطان هيثم «امتداد جيد للسلطان قابوس، الذي صنع دولة حيادية أقرب
لسويسرا منها إلى أية دولة غربية أخرى».

وأكد
أنه من «الصعب تغيير سياسة 50 عاماً (فترة تولي قابوس)، في ظل اعتبار مسقط
صندوق بريد للولايات المتحدة والعالم الغربي وإيران، بجانب ارتباطها بعلاقات حسنة
جداً مع طهران، وفي نفس الوقت عضواً بمجلس التعاون الخليجي وعنصراً مهماً من
عناصره».

واستبعد
غباشي أن تشهد مسقط «انعطافات دراماتيكية في سياستها مع الحاكم الجديد».

وأضاف
أن «التغير الدراماتيكي يعني الخروج من نطاق الحياد الكبير الذي استطاعت مسقط
أن تنفرد به في ظل التيه العربي، والابتعاد عن المحاور التي تتشكل أو تشكلت داخل
منظومة العالم العربي».

أما
عن الأزمة الخليجية ودور السلطان هيثم في المصالحة، فأشار غباشي إلى أن «هناك
توافقاً على ترك أمر الوساطة للكويت، رغم أن سلطنة عُمان أقرب إلى الموقف الكويتي
القطري منه إلى الموقف البحريني السعودي الإماراتي بشكل كبير».

وأشار
إلى أن دور السلطنة أكبر من الوساطة الخليجية، حيث تقوم بدور وسيط بين الولايات
المتحدة وإيران.

ويشهد
مجلس التعاون الخليجي أزمة غير مسبوقة، هي الأسوأ منذ تأسيسه عام 1981، حين قطعت
السعودية والإمارات والبحرين بجانب مصر العلاقات مع قطر في يونيو/حزيران 2017.

ثم
فرض الرباعي على الدوحة «إجراءات عقابية»، بزعم دعمها للإرهاب، وهو ما
تنفيه الدوحة، وتتهم الدول الأربع بمحاولة فرض السيطرة على قرارها السيادي.

متفقاً
قليلاً مع الطرح السابق، قال محلل الشؤون الدولية والاستراتيجية أنس القصاص، إن
«مجلس التعاون من المتوقع أن يتحول لكيانين: كيان تقوده عمان ويضم قطر
والكويت، والآخر تقوده السعودية ويضم الإمارات والبحرين، إذا ما استمرت في نفس
السياسات».

وعن
السياسة العمانية في تسوية الأزمة والمصالحة، أشار إلى أن «دور السلطنة كما
هو.. جاء سلطان ذهب آخر، لن يختلف الدور المرسوم لها».

وفي
هذا الصدد، قال محمد حامد، الباحث في القانون الدولي والعلاقات الدولية، إن
«المصالحة الخليجية لا تزال معطلة وقد يكون للسلطان الجديد دور في إعادة
الزخم للملف»، مؤكداً أن «كل الأمور واردة في هذا الأمر».

ويرى
محلل الشؤون الدولية والاستراتيجية أنس القصاص أنه لن تكون هناك مغامرات بتغير
السياسة الخارجية لسلطنة عُمان، التي ستبقى على ما هي عليه، وفق الدور المرسوم لها
منذ سنوات.

وأوضح
القصاص أن سياسة مسقط لم تكن قائمة على المناورة الفردية التي تنتهي بانتهاء
الحاكم، بل كانت سياسة مُجمع عليها داخل العائلة الحاكمة.

ودلل
أن قابوس لم يكن يتحرك بصورة فردية خلال مرضه في السنوات الأخيرة، ولم يحدث أي تغيير
وقتها في سياسة السلطنة.

والدور
العماني، وفق القصاص، لا تقوم به مسقط على اعتبار أنه من «باب مصالحة
المتخاصمين، بل يرتبط بتنشيط اقتصادها أو ممارسات ضغوط على دولة لحساب أخرى».

وأشار
في هذا الصدد إلى أن عُمان لديها مشكلات اقتصادية مع تهاوي أسعار النفط وإغلاق
حقول نفط لها، لافتاً إلى أنها تحاول تمويل عجز الموازنة من باب الوساطة في
المنطقة وفتح ملفات تنعشها اقتصادياً.

ولفت
إلى «قيام السلطنة بدور المحلل في بيع النفط الإيراني (لتفادي العقوبات
الأمريكية المفروضة على طهران)، بموافقة أمريكية ضمنية».

وأوضح
أن مسقط كان «لها دور في الأعوام الماضية في إدخال الأسلحة الإيرانية إلى
اليمن بعلم الغرب دون أن يكون ذلك مغامرة خارج السياق، والهدف تحجيم السعودية، أو
إجراء صفقات شراء سلاح بشكل مبالغ فيه».

ولم
يتسن الحصول على تعقيب من إيران أو مسقط بشأن الحديث عن إدخال الأسلحة إلى اليمن.

وأشار
إلى أنه كان واضحاً للعيان أن هناك مشكلة كبيرة تحت الرماد بين البلدين منذ زمن،
موضحاً: «حين طرحت السعودية فكرة عملة خليجية موحدة (عام 2009) أفشلت مسقط
تلك المبادرة».

وأسفرت
سياسة عمان، وفق القصاص، عن معاقبة وتحجيم السلطان الراحل داخل مجلس التعاون، فيما
قبلت بلاده بأن تعمل بشكل أحادي.

وذهب
الباحث محمد حامد إلى أن «سلطنة عُمان قد تكون أول دولة خليجية تفتح سفارة
إسرائيلية على أراضيها، ما يؤشر إلى توطيد العلاقات التي كانت أكثر مؤشراتها دلالة
زيارة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الرسمية لمسقط عام 2018».

فيما
قال القصاص، بالنسبة لمسار العلاقات العمانية مع إسرائيل إن «دولة عمان دولة
وساطة وبالتالي لا تقاطع أحداً ويهمّها أن تبقى صورتها على أنها منصة.. ولن تكون
تكون منصة للعلم الإسرائيلي لكن على الأقل ستكون هناك علاقات مع الجانب
الإسرائيلي».

وفيما
يخصّ العلاقات مع إسرائيل أشار غباشي إلى أنها «متميزة وهناك قناعة إقليمية
وعربية على الوضع الذي صنعته مسقط لنفسها، لذلك ممكن القول إنها سويسرا على مستوى
العالم وسلطنة عمان على مستوى المنطقة، وهي تركيبة صعب جداً أن تُصنع وصعب جداً أن
تترك».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى