ثقافة وادب

أسوأها حدث في مدينة عربية.. 7 حرائق غيّرت مسار التاريخ

أدت بعض الحرائق على مدار التاريخ إلى تغييراتٍ جذريةٍ في أنماط السكَّان والبنية التحتية ومسار الأحداث في العالم، حتى إن إحداها خُلدت في كتب التاريخ.

من حريق مكتبة الإسكندرية إلى حرائق شيكاغو ونيويورك ولندن، إليكم أكبر 7 حرائق كان لها تأثير كبير على العالم، وفق ما ذكره موقع History الأمريكي.  

كانت مكتبة الإسكندرية جزءاً من المتحف القديم بمدينة الإسكندرية في مصر، وكانت تتضمَّن ثروةً لا تُقدَّر بثمن، حيث معارف العالم القديم المُخزَّنة في نصف مليون مخطوطة من بلاد آشور واليونان وبلاد فارس ومصر والهند.

وقد سافر علماءٌ من جميع أنحاء العالم إلى هناك من أجل الدراسة والعمل، بمن فيهم إقليدس وبطليموس.

وكانت المكتبة قد شُيِّدَت في ظلِّ حكم بطليموس الأول سوتير، أحد جنرالات الإسكندر الأكبر ومؤسِّس مصر البطلمية عام 283 قبل الميلاد. 

كان تدمير المكتبة حدثاً هائلاً حتى أنه خُلِّدَ في مسرحياتٍ من شكسبير عندما كتب: “اغزُ الجميع كما تريد، أيها القيصر القوي.. لكن لا حق لك ولا لأيِّ همجيٍّ آخر في تدمير حتى فكرة بشرية واحدة”، إلى توم ستوبارد “العدو أحرق مكتبة الإسكندرية العظمى دون أن يتكبَّد شيئاً على ما فات”. 

أُثير الكثير من الجدل حول الحريق الذي دمَّر المكتبة، إذ يزعم المؤرِّخ اليوناني بلوتارخ أن يوليوس قيصر بدأ الحريق عندما أشعل النار في سفينته في الميناء أثناء محاولته السيطرة على المدينة عام 48 قبل الميلاد.

لكن معظم العلماء يعتقدون أن فرعاً من المكتبة قد نجا في معبد سرابيوم، ودُمِّرَ عام 391 ميلادياً على يد ثيوفيلوس، أسقف الإسكندرية، وأتباعه المسيحيين، الذين قاموا لاحقاً ببناء كنيسة في الموقع نفسه.

وبغضّ النظر عمَّن يقع عليه اللوم، فقد فُقِدَت إلى الأبد مخطوطاتٌ لا تُقدَّر بثمنٍ تحتوي على معارفٍ قديمة في التاريخ. 

لم تكن حرائق الغابات في كاليفورنيا التي شهدناها في العام الجاري 2020 هي أول الحرائق التي تحدث في فترة انتشار الأوبئة، إذ اندلع حريق لندن العظيم عبر أرجاء المدينة خلال فترة انتشار الطاعون الأسود، ودمَّر ما يفوق 13 ألف منزل، مُخلفاً قرابة 100 ألف شخص مشرَّد.

ودمَّر الحريق الذي استمر من يوم 2 حتى 6 سبتمبر/أيلول الجزء الأكبر من المدينة التي تعود إلى القرون الوسطى، وألحق أضراراً بالمباني الشهيرة مثل كاتدرائية القديس بولس.

استغرق إعادة بناء لندن مدةً تجاوزت 30 عاماً، ولكن لا يزال بالإمكان رؤية تخطيط المدينة الذي صممه المهندس المعماري كريستوفر رن واضحاً في المباني الحجرية في المدينة والشوارع الأوسع، التي حلَّت محل الأزقة الضيقة والهياكل الخشبية التي خلَّفها الحريق 

نشرب حريق عام 1835 العظيم في خضم فترة انتشار وباء الكوليرا في مدينة نيويورك.

ففي ليلة 16 ديسمبر/أيلول شديدة البرودة، اشتعلت النيران في مستودعٍ في وسط المدينة ونشرت الرياح القوية ألسنة اللهب، ما أدى إلى تدمير ما يزيد على 25% من مباني المدينة، والسبب أنّ إمدادات المدينة لم تكن كافية إضافة لتجمد الماء الموجود بسبب البرد. 

استمر اندلاع حريق شيكاغو من يوم 8 حتى يوم 10 أكتوبر/تشرين الأول عام 1871، مُخلفاً 300 قتيل وما يزيد على 90 ألف مشرد، وتدمير ثلث المدينة.

 ورغم أن الحريق كان أكبر كارثة في الولايات المتحدة في القرن 19، كان لإعادة البناء أهمية كبرى التي ساعدت شيكاغو أن تصبح واحدة من أهم المدن الأمريكية من ناحية عدد السكان والاهمية الاقتصادية.

أسفر حريق مصنع تراينجل شومرويست الذي نشب في 25 مارس/آذار عام 1911 عن مقتل 146 موظفاً في شركة Triangle Waist الذين كانوا عالقين في مبنى آش في قرية غرينتش بمدينة نيويورك الأمريكية.

وحسبما ذكرت شاهدة العيان فرانسيس بيركنز “كل من قفز لقي حتفه، لقد كان مشهداً مروعاً”. كان معظم الضحايا من الشابات والمهاجرين الذين قدم الكثير منهم إلى الولايات المتحدة على أمل الحصول على حياةٍ أفضل. 

وحَّد الحريق العمالة المنظمة، وتسبَّبت حالة الغضب الناجمة عن الحادث في الضغط على الحكومة الوطنية لاتخاذ تدابير حماية العمال، ما أدى إلى فرض قوانين مستحدثة للسلامة في كل أماكن العمل.

وكانت فرانسيس غاضبةً للغاية لدرجة أنها كرّست حياتها للدفاع عن حقوق العمال. وواصلت المساعدة في إنشاء لجنة تحقيق في حادثة حريق المصنع، إلى أن أصبحت في نهاية المطاف وزيرة العمل في حكومة فرانكلين روزفلت إبان فترة تدشين برامج الصفقة الجديدة أو ما يعرف بـ “New Deal”، التي غيَّرت  شكل العمل في أمريكا. 

أُشعلت النيران عمداً في مبنى الرايخستاغ، مقر البرلمان الألماني، في 27 فبراير/شباط عام 1933.

وحينها ألقى أدولف هتلر، السياسي الصاعد آنذاك، والذي كان عُيِّن للتو مستشاراً للرايخ قبل شهر، باللوم على الشيوعيين في إشعال الحريق.

يقول بنجامين هيت، الأستاذ ومؤلف كتاب “حرق الرايخستاغ Burning the Reichstag”: “كان حريق الرايخستاغ أمراً بالغ الأهمية في توطيد هتلر لسلطته.

إذ قدَّم حجة لوضع قانون الطوارئ -المعروف بشكلٍ غير رسمي باسم مرسوم حريق الرايخستاغ- الذي مزَّق دستور جمهورية فايمار، وألغى حرية التعبير والتجمع وخصوصية تبادل رسائل البريد، وشرَّع اعتقال الأفراد بدون تهمة”. 

لعل الأمر الأقل انتشاراً لكنه مهم للغاية، هو أنَّ المرسوم سمح لحكومة الرايخ التابعة لهتلر بالاستيلاء على حكومة أي من الولايات الفيدرالية الألمانية التي لم تكن “تحافظ على النظام”.

وكانت بعض حكومات الولايات واقعة في أيدي الخصوم المعارضين للنازيين، لذلك كان الحصول على تلك السلطة أمر شديد الأهمية، حسبما يقول هيت. حتى يومنا هذا، لا تزال هوية منفذي الحريق محل خلافٍ.

بُنيت أول مصفاة نفط تابعة لرجل الأعمال جون دافيسون روكفلر على طول مجرى يصبّ في نهر كاياهوغا بأوهايو الأمريكية.

وبينما كانت المصفاة تصب البنزين في النهر تسببت باحتراق النهر 9 مراتٍ في الفترة ما بين عامي 1868 و1952.

كان الحريق الذي اندلع في 22 يونيو/حزيران عام 1969 صغيراً نسبياً مقارنةً بالحرائق السابقة، ولكن مع وجود اختلاف جوهري واحد: “لقد تلوثت العديد من الأنهار تلوثاً شديداً خلال فترة الستينيات، لكن النيران اشتعلت في نهر كاياهوغا حين بدأت وسائل الإعلام الوطنية في تغطية ما يخص البيئة باعتبارها قضية خطيرة، وكما كان هناك اعتراف عام وطني متزايد بالحاجة المُلحة لحماية البيئة”، حسبما يقول جون إتش هارتيغ، مستشار علوم وسياسات البحيرات العظمى، الرابطة الدولية لأبحاث البحيرات العظمى. 

يقول هارتيغ: “أصبح حريق كاياهوغا وغيره من الكوارث البيئية مثل حادثة انسكاب النفط في مقاطعة سانتا باربارا عام 1969 رمزاً لحالة اللامبالاة في قطاع الصناعة، وضعف التنظيم الحكومي.

احتاج التحرك نحو حماية البيئة إلى نقطة حشد، وبات حريق نهر كاياهوغا هو الحدث الرئيسي”.

وصفت مجلة تايم الأمريكية نهر كاياهوغا في نفس القضية بالهبوط على سطح القمر، لتصل بعدها القصة إلى ثمانية ملايين قارئ. 

ساعد رد الفعل العام على حريق نهر كاياهوغا الذي وقع عام 1969 في إنشاء وكالة حماية البيئة الأمريكية، ووضع التشريعات البيئية المهمة مثل قانون السياسة البيئية الوطنية عام 1970، وقانون المياه النظيفة عام 1972، واتفاقية جودة مياه البحيرات الكبرى عام 1972 بين الولايات المتحدة وكندا، إلى جانب قانون الأنواع المهددة بالانقراض عام 1973. 

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى