لايف ستايل

هل يمكن أن يقتل فيروس كورونا 50 مليون إنسان في أنحاء العالم؟ إليك ما يجيب به العلم

«إذا لم يتوقف انتشار فيروس كورونا المُستجد، فقد يصيب 60% من سكان العالم، ويقتل 1 من كل 100 مصاب، أي ما يقارب 50 مليون إنسان». 

هذا ما قاله غابرييل ليونغ، رئيس قسم الصحة العامة بجامعة هونغ كونغ، لصحيفة the Guardian البريطانية، يوم الإثنين 11 فبراير/شباط. فهل هو على حق؟ هل يمكن أن يقتل فيروس كورونا 50 مليون إنسان في أنحاء العالم؟ الجواب المختصر هو أنه لا أحد يعلم؛ لأنه هناك الكثير لا نعرفه بعد عن فيروس كورونا المستجد حتى الآن.

أولاً، يأتي السؤال الأهم: هل يمكننا إيقاف انتشاره على مستوى العالم؟ حتى الآن، هناك أكثر من 40 ألف حالة إصابة بالفيروس في الصين، وأبلغت 24 دولة أخرى عن وجود 300 حالة إصابة تقريباً، مما يخبرنا أن ينتشر فيروس كورونا المستجّد بسهولة أكبر، مقارنةً بغيره من أنواع فيروسات كورونا الأخرى التي انتقلت من الحيوانات إلى البشر سابقاً.

فالنوع المستجد يتطلب وقف انتشاره تحديد وعزل المصابين. وهو ما قد يكون صعباً؛ لأن بعض الأشخاص قد يكونون مصابين حتى وإن كانوا يعانون من أعراض خفيفة فحسب. وعلى الرغم من أن متوسط الوقت الذي يستغرقه المصابون حتى ظهور الأعراض هو 3 أيام تقريباً، فقد يستغرق في بعض الأحيان 24 يوماً، وهي مدة أطول من فترة الحجر الصحي الموصى بها حالياً، والتي تصل إلى أسبوعين فقط.

وبحسب موقع مجلة New Scientist، فإن الصين تتخذ إجراءات صارمة لاحتواء الفيروس، لكن لا يتضح ما إذا كانت هذه الإجراءات مفيدة أم لا. فقد شهدت أعداد الحالات الجديدة المُبلّغ عنها يومياً انخفاضاً، لكن قد يكون السبب وراء هذا هو الضغط الذي تعاني منه المستشفيات. ويبدو أن الصين الآن لا تحسب حالات إصابة رسمية لمَن تُثبت التحاليل إصابتهم بالفيروس، لكن لا تظهر عليهم أي أعراض.

بخلاف هذا، هناك احتمال كبير إلى حدٍّ ما بوجود حالات إصابة لم تُكتشف حتى الآن في البلدان الغنية. وما يبعث على القلق هو أن الفيروس ينتشر بالفعل على نطاق واسع في بلدان تفتقر إلى الموارد اللازمة للكشف عنه.

حذَّر رئيس منظمة الصحة العالمية من أن الحالات التي تُكتشف ربما لا تكون سوى جزء صغير فقط من الحقيقة. وإذا كان الأمر كذلك، ففرص منع انتشار وباء عالمي مثل كورونا منخفضة.

وهذا يقودنا إلى السؤال التالي: كم سيكون عدد المصابين إذا أصبح الفيروس عالمياً؟ تشير تقديرات نشرت ضمن بحث نُشر عام 2013 إلى أن 24% من سكان العالم أصيبوا بفيروس إنفلونزا الخنازير “H1N1” آنذاك في عام 2009، على الرغم من أن كبار السن يملكون مناعة مسبقة ضده؛ لأنهم تعرضوا لفيروسات مماثلة على مدى حياتهم.

وحتى الآن، لا يملك أي شخص مناعة مسبقة ضد فيروس كورونا المُستجد. ويبدو أن كل مصاب ينقل العدوى في المتوسط إلى ما بين شخصين إلى أربعة آخرين، مقارنةً بمعدل انتقال الإنفلونزا البالغ 1.5 لكل مصاب؛ لذا فإن تقدير ليونغ الذي ذكره في الغارديان لإصابة 60% من سكان العالم يبدو معقولاً، لكن لا يمكن القطع بذلك بحسب موقع مجلة New Scientist.

قال ديفيد هيمان، من كلية لندن لعلم الصحة وطب المناطق الحارة الذي قاد الاستجابة الدولية لوباء «سارس»  في 2003: “لا يمكنك الحكم على ما يجري في ضوء معدل العدوى الذي بين أيدينا”.

كما يُعد معدل الإصابة بالفيروس عاملاً رئيسياً أيضاً، فعادة ما تكون التقديرات المبكرة لمعدل الوفيات الناجمة عن الأمراض الجديدة أعلى بكثير من الرقم الحقيقي، وعادة ما يُكتشف هي الحالات الخطرة فقط. فعلى سبيل المثال، يُعتقد الآن أن إنفلونزا 2009 قتلت شخصاً واحداً فقط من بين كل 5 آلاف شخص، أي أقل بكثير مما كان يُخشى في البداية.

استندت التقارير الأولية التي حددت معدل الوفيات عند نسبة 2% من فيروس كورونا 2019 إلى تقسيم عدد الوفيات على عدد الحالات المؤكدة، لكن هذا لا يأخذ في الاعتبار الفترة التي تمر منذ الإصابة وظهور الأعراض، حتى الشفاء أو الوفاة، أو حقيقة أن الأطباء لا يختبرون سوى الذين وصل الفيروس بهم إلى مرحلة الالتهاب الرئوي، وهي أخطر مراحل الإصابة بالفيروس.

وبناءً على التقديرات لعدد الحالات الطفيفة يقول نيل فيرجسون من جامعة إمبيريال كوليدج في لندن إن 1% من المصابين بالفيروس يتوفون -وهي النسبة نفسها المستخدمة لحساب تقديرات الوفيات التي بلغت 50 مليون حالة- ولكن ربما يكون هذا مبالغاً فيه أيضاً، ببساطة لأن العلاجات التي تُطور حالياً يمكن أن تقلل معدل الوفيات بنسبة كبيرة.

لكن تقدير ليونغ المُخيف يُغفل في الواقع سبباً آخر محتملاً للوفيات التي يسببها فيروس كورونا: الوفيات الناتجة عن انقطاع خدمات الرعاية الصحية العادية بسبب تفشي المرض.

قالت ديفي سريدهار من جامعة إدنبرة: “القلق ليس من أعداد المصابين بفيروس كورونا نفسه فحسب، بل في احتمالية أن خدمات الرعاية الصحية قد لا تعمل بكفاءة. حينها قد ترى كافة أنواع التأثيرات غير المباشرة”.

وستكون هذه التأثيرات أكثر خطورة في البلدان الفقيرة التي تعاني أنظمتها الصحية بالفعل من عدم كفاءة. فعلى سبيل المثال، بدأ الأطفال يموتون من الحصبة عندما توقف التطعيم أثناء آخر موجة تفشٍّ لفيروس الإيبولا في إفريقيا. وأكملت سريدهار: “تسمي اليونيسف هؤلاء بالوفيات غير المحسوبة”. مع ذلك، فقد تعاني حتى الدول الغنية، برغم وجود خطط لمكافحة الأوبئة.

كما تجدر الإشارة إلى ما قاله بول هانتر من جامعة إيست أنجليا أن فيروس كورونا سينتهي به المطاف مودياً بحياة عدد أقل من إنفلونزا 2009. وقال: “لا أتوقع أننا سنشهد هذا العدد من الوفيات مع هذا الفيروس، لكن قد أكون مخطئاً. وإذا كان أسوأ كثيراً من فيروس H1N1، فسيصعب التعامل معه للغاية”.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى