آخر الأخبارتراند

المصائب لا تأتي روسيا فرادي “الجزء الأول” تملك كنوز الأرض وشعبها يعاني الفاقة!!

تملك كنوز الأرض وشعبها يعاني الفاقة!!

بقلم الناقد والمحلل السياسى

شوقى محمود

فيينا – النمسا

عضو مؤسس فى منظمة “إعلاميون حول العالم”

الخميس 13 فبراير 2020

كان من المفترض أن تكون روسيا الأغني في العالم، والدولة الأولي اقتصادياً وسياسياً وعلمياً ورياضياً، وأن ترتبط العملات الدولية بالروبل كمعيار لسعر الصرف، وأن يحظي المواطن الروسي برعاية صحية واجتماعية فائقة …. ولكن الواقع مختلف تماماً عما كان متوقعاً!!

كنوز الأرض في روسيا

تمتلك روسيا إمكانيات هائلة للتطوروالنهضة، لا تناظرها أي دولة أخري، من ذلك:
1: موقع فريد، حيث تتشاطر روسيا حدود برية وبحرية مع 16 دولة، عبر قارتي آسيا وأوروبا، فمن فنلندا شمالاً، إلي الصين وكوريا الشمالية واليابان جنوباً، ومن وسيا البيضاء وأوكرانيا وبولندا غرباً، إلي أقصي الشرق مع ولاية ألاسكا الأمريكية عبر مضيق بيرينج.
2: بحسب سرجي دونسكوي وزير الموارد الطبيعية والبيئة الروسي بلغ احتياطي الغاز 48,8 بليون متر مكعب، أي بنسبة 24.4% من احتياطي الغاز العالمي. بينما جاءت روسيا في المركز الثامن عالمياً في انتاج النفط، باحتياطي 17.8 مليار طن (129.9 مليار برميل).
3: وإستخراج الفحم تحتل روسيا المركز السادس عالميا بإنتاج سنوي 354.8 طن.
4: وإنتاج الحديد تأتي روسيا في المركز الخامس عالمياً بـ 70 مليون طن سنوياً.
5: أما استخراج الذهب عام 2017 فقد بلغ 306,9 طن، والفضة 1044,3 طن … بحسب تقرير وزارة المالية الصادرفي 13 فبراير 2018.
6: يحيط بروسيا 12 بحراً أهمها: بحر البلطيق غرباً، وبحر اليابان شرقاً، والبحر الأسود جنوباً، بالإضافة إلي بحر قزوين … كما أن 3 من هذه البحار متصلة بالمحيط الأطلسي، و3 أخري متصلة بالمحيط الهادي، بالإضافة إلي 6 بحار متصلة بالمحيط المتجمد شمالاً.
7: يجري في روسيا 25 نهراً، أهمها نهر “لينا Lena” ويبلغ طوله 4400 كم…
ونهر “فولجا Volga” ويعد أطول نهر في أوروبا ويبلغ طوله 3690 كم، ومساحته 1350.000كم².
وتمثل هذه الأنهار وروافدها مصدراً غنياً لتوليد الطاقة الكهربائية.
8: لديها 22 بحيرة أكبرها بحيرة “بايكال Baikal” ومساحتها 31722 كم² وعمقها 1637م، مما يجعل روسيا إحدي الدول القليلة التي تحتوي علي أكبر مخزون عالمي للمياه الصالحة للشرب بنحو 5 ألاف كم³.
9: الثروة السمكية تحتل المركز العاشر عالمياً بـ 4,1 مليون طن بحسب موقع قناة “روسيا اليوم”.
10: أراضي روسيا عبارة عن مساحات هائلة من السهول والغابات والتضاريس المتنوعة، وتحتوي علي الغابات الصنوبرية والغابات المختلطة والمراعي وشبه الصحراوية، والتي تعكس تغيرات مناخية، مما يساعد علي تنوع المحاصيل الزراعية ووفرة إنتاج الأخشاب…
11: بحسب الفيدرالية الروسية تبلغ الأراضي الصالحة للزراعة 13.3% من إجمالي مساحة روسيا، في حين تقدر مساحة الغابات بـ 8.148.895 مليون كم² لتأتي في المركز الثاني بعد البرازيل وقبل كندا، كما جاء بمجلة “نشئت Nature” العلمية.
12: يوجد في روسيا 40 محمية طبيعية بحسب اليونسكو.

مشاكل مزمنة!!

الثروات الضخمة التي تمتلكها روسيا أصبحت كأن لم تكن بسبب عدة عوامل هي:

1) نقص حاد في عدد السكان!!
• تبلغ مساحة الصين حوالي 9,5 مليون كم² بتعداد سكاني بلغ 1,373 مليار نسمة، أي بنسبة 147,2 شخص/كم²، أما الهند فمساحتها 3,2 مليون كم² بعدد سكان 1,321 مليار نسمة، وكثافة سكانية 446.3 شخص/كم².,, وتبلغ مساحة الولايات المتحدة 9,8 مليون كم²، وعدد السكان 320 مليون نسمة، أي بنسبة 34,2 شخص/كم².
• مقارنة مع تلك الدول، تبلغ مساحة روسيا 17,09 مليون كم² بما يعادل ثلث مساحة الأرض المأهولة في العالم، أو 8/1 المساحة الإجمالية للأرض!
• مع هذه المساحة الشاسعة تمثل الكثافة السكانية 8,3 شخص/كم² فقط، وهذا يعني أن معظم أراضي روسيا خالية تماماً من البش، مما يمثل خطورة بالغة علي الأمن القومي للبلاد!!

• وبحسب إحصاء 23 يناير 2019 بلغ عدد سكان روسيا 146 مليونا و794 ألف نسمة، أي بانخفاض حوالي 86 ألف نسمة عن سنة 2018.
• السبب في إحجام غالبية الروس عن الإنجاب هو عدم القدرة علي الموازنة بين الدخل المحدود وأعباء المعيشة المرتفعة!!

في روسيا دخل ملايين الأسر لا يغطي احتياجاتهم!!

2) الفقر يعم ملايين الروس!!

– في حديثه أمام الجمعية الفيدرالية في 20 فبراير 2019 أقر الرئيس فلاديمير بوتين بإن 19 مليون روسي يعيشون تحت خط الفقر!!
(حددت الحكومة حد الفقر بمبلغ 9691 روبل روسي، مايعادل 147 دولار شهرياً)

– ورد في تقريرالوكالة الحكومية “روستات Rosstat” للإحصاءات الرسمية االصادر في 31 مارس 2019 أن عدد الروس الذين تجاوزوا حد الفقر ذاك العام تجاوز 20.9 مليون شخص أي ما يوازي 14.3% من تعداد السكان!!
لكن هناك عشرات الملايين من الروس يعانون الفقرأيضاً، مع أن دخلهم الشهري يزيد عن 9691 روبل (حد الفقر)…. فقد جاء في تقرير “روستات” السابق التاليي:
– 80% من الروس لا تغطي مداخلهم المصروفات الشهرية!!
– 66% من العائلات الروسية لا تستطيع شراء حذاء لكل فرد من العائلة سنوياً!!
– 49% لا يستطيعون قضاء عطلة سنوية لمدة أسبوع واحد.
– 10% لا يمكنهم شراء اللحم أو السمك 3 مرات أسبوعياً.
– 12% يستخدمون مرحاضا مشتركا أو خارج السكن!!
– 11% لا يستطيعون شراء الأدوية الضرورية !!
– 11% لا يستطيعون شراء ملابس جديدة سنوياً!!

الفقر في أحد ضواحي العاصمة موسكو

3) روسيا رائدة الفساد!!

في الوقت الذي احتلت فيه الدانمرك المركز الأول في مكافحة الفساد لعام 2019، كان ترتيب روسيا رقم 137 من بين 180 دولة حول العالم، بحسب منظمة الشفافية الدولية Transparency International، وفي تقرير منظمة فريدوم هاوس Freedom House الصادر عام 2019 احتلت روسيا المرتبة 134 في مؤشر الديمقراطية وحقوق الإنسان!!

4) الاستبداد السياسي!!

في مقال للناشط الروسي “أليكسي كوفاليف Alexey Kovalev” بصحيفة “الجارديان” البريطانية في 24 مارس 2017 اتهم بوتين وحاشيته بـ “سرقة أموال الشعب الروسي”، وأطلق على “حزب روسيا الموحدة” الذي الموالي لبوتين بـ “حزب المحتالين واللصوص”!!
ومن مظاهرهذا الاستبداد مايلي:

– وضع العراقيل أمام المعارضين السياسيين لمنعهم من خوض الانتخابات (رئاسية أو برلمانية أو انتخابات حكام الأقاليم)!!
– تزوير نتائج كافة الانتخابات لضمان فوز بوتين وأنصاره!!
– بحلول عام 2006 كانت وسائل الإعلام الكبرى تحت سيطرة بوتين!!
– التصفية الجسدية لرموز المعارضة والحقوقيين!!
– ملاحقة المعارضين الذين فروا خارج البلاد!!
– لم يسلم من بطش بوتين أولئك الذين ساعدوه للوصول إلي سدنة الحكم، ففي الفترة التي أعقبت انهيار الاتحاد السوفيتي، كان هناك 8 أشخاص “الثمانية الكبار” يحكمون روسيا من خلال استحواذهم على 50% من اقتصاد البلاد (منهم اليهود الستة: بوريس بيريزوفسكي، وميخائيل خودركوفسكي، وفلاديمير جوزينسكي، وألكسندر سمولينسكي، وميخائيل فريدمان، وفاليري مالكين) بالإضافة إلي المصرفي الشهير سيرجي إيميليان، وكذلك فالانتين يوماتشيف (زوج تاتيانا دياشينكو إبنة يلتسين)… هؤلاء الثمانية كان لهم الدور الأبرزمن تمكين فلاديمير بوتين كرئيس للوزراء منذ 9 أغسطس 1999، وبعد 3 شهور أصبح رئيساً لروسيا بعد استقالة -أو إقالة- بوريس يلتسن، علي أن يتعهد بوتين بعدم مقابل عدم ملاحقة الرئيس السابق أو أي منهم في قضايا الفساد.. ولكن بوتين انقلب علي أصدقائه وتخلص منهم واحد تلو الأخر، سواء بالاغتيال أو الزج في السجون بتلفيق القضايا!!

ضابط المخابرات المغمور فلاديمير بوتين

بوتين رئيساً مدي الحياة!!

خاض بوتين 4 دورات انتخابية رئاسية كان ينافس فيها نفسه، فقد فاز بانتخابات: 26 مارس 2000، و14 مارس 2004، و4 مارس 2012، و18 مارس 2018).
أما انتخابات 2 مارس 2008 فقد كان المرشح للرئاسة دميتري ميدفيديف رئيس الحكومة ليقوم بدور المحلل (التيس المستعار) لبوتين، لأن الدستور الروسي يحظر إعادة انتخاب رئيس الدولة إلا لدورة واحدة فقط!!
وبعد لعبة الكراسي الموسيقية، أصبح ميدفيديف رئيساً للدولة، وبوتين رئيساً للحكومة!!

سيطرة بوتن على الإعلام

ولكن فلاديميربوتين سأم هذه اللعبة المكشوفة، فأعلن عن نيته تغيير الدستور من أجل تحويل النظام السياسي إلي برلماني -الذي يجعل منصب الرئيس شرفياً أو محدود الصلاحيات، أما السلطة التنفيذية فتكون من اختصاص رئيس الحكومة!!
ومن أجل ذلك أقال حكومة ميدفيديف في 15 يناير الماضي!!
وهذا التغيير يفسح المجال أمام بوتين للبقاء في السلطة مدي الحياة، من خلال ترأسه “حزب روسيا الموحدة” الذي تأسس عام 2001 …. وعن طريق تزوير الانتخابات – التي يتقنها بوتين- يسيطر حزبه دائماً علي البرلمان -مجلس الدوما- وعلي انتخابات حكام الأقاليم، وبالتالي يظل بوتين رئيساً للحكومة مدي الحياة!!

5) انهيار اقتصادي شامل!!

ألمانيا واليابان يمثلان أكبر قوة صناعية بعد الولايات المتحدة، رغم أنهما يفتقدان إلي الركائز الرئيسية للصناعة، وهما الطاقة والمواد الخام!!
في حين تملك روسيا جميع وسائل التقدم الصناعي والزراعي، إلا أن اقتصادها يعاني من انهيار مزمن!! ويتمثل هذا الانهيار في التالي:

* الديون الخارجية تماثل الاحتياطي الأجنبي!!

أعلن الرئيس بوتين في 20 فبراير 2019 بخطابه عن حالة الأمة أمام الجمعية الاتحادية متفاخراً: “الاحتياطيات الروسية أصبحت تغطي الديون السيادية والتجارية الدولية للمرة الأولى في التاريخ”… دون أن يوضح قيمة هذا الاحتياطي أو قيمة الديون المستحقة علي روسيا!!
وسبق أن نقل موقع قناة “روسيا اليوم” في 19 يوليو 2018 عن محافظة البنك المركزي إلفيرا نبيولينا أن ديون روسيا الخارجية بلغت 485 مليار دولار!!

* الاحتياطي النقدي الأجنبي الروسي مقارنة بدول أخري

في 12 سبتمبر 2019 أعلن البنك المركزي، أن احتياطي روسيا من النقد الأجنبي بلغ 532.7 مليار دولار.. وكانت حصة الدولار الأميركي من هذا الاحتياطي 43.1%، واليورو 40.1%، والجنيه الإسترليني 10.7%، والدولار الكندي 3.9%، والدولار الأسترالي 1.2%، والين الياباني 1.0%.
في حين بلغ احتياطي الصين من النقد الأجنبي 3,005 تريليون دولار، واليابان 1,262 تريليون دولار، وسويسرا 649,1 مليار دولار!!

* السمعة السيئة للقمح الروسي!!

في عام 2008 بلغ إنتاج روسيا من القمح 23 مليون طن، تستورد مصر منها 8 ملايين طن سنوياً، وفي عام 2009 تفجرت بالقاهرة “فضيحة” القمح الروسي الذي يحتوي علي نسبة عالية من المواد المسرطنة، وأيضاً حشرات وبذور وحشائش سامة!!
وبعد تدخل بوتين سمحت الحكومة المصرية بتمرير صفقة القمح المسرطن، والاستمرار في استيراد القمح الروسي!!
ولم ينسي بوتين قرار حكومة الرئيس محمد مرسي -رحمه الله- بتشجيع زراعة القمح المحلي ووقف استيراده من الخارج، فخسر القمح ضربة قاصمة للقمح الروسي!! فخسرت روسيا أهم مستورد للقمح!!

* تغطية عجز الميزانية بالخصخصة والقروض!!

أقرت الحكومة الروسية في 18 سبتمبر 2017، مشروع الميزانية للسنوات الثلاث (2018 – 2020) مع مستوى عجز لعام 2018 بلغ 1,332 تريليون روبل (نحو 23 مليار دولار)!!

وأعلن وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف التوسع في خطط خصخصة المنشآت وومصانع القطاع العام، لتغطية عجز الميزانية لعام 2018، تماماً كما حدث عام 2017 حيث اضطرت الحكومة الروسية إلي بيع أصول شركات استراتيجية، للحصول على حوالي تريليون روبل!!

ويشكل الاقتراض الداخلي، عبر طرح سندات مالية ، أحد مصادر تمويل الميزانية!! ولهذا اقترضت الحكومة 868 مليار روبل من السوق الداخلية عام 2018، ونحو 870 مليار عام 2019. وسيصل المبلغ في نهاية شهر يونيه القادم 1.34 تريليون روبل!!

ولا تستطيع الحكومة الروسية الاقتراض من مصادر خارجية بسبب العقوبات الغربية على خلفية الأزمة الأوكرانية!!
ويرجع السبب في عجز الميزانية إلي الانخفاض الشديد في أسعار النفط والغاز (أهم مصدرين للدخل) فقد تدنت أسعار النفط إلي 26 دولار للبرميل في شهر فبراير 2016، ثم ارتفعت حتي بلغت حوالي 60 دولار للبرميل!!
وكان سعر برميل النفط تخطي حاجز 120 دولار في منتصف عام 2014.

* روسيا تستورد كل شئ وتصدر مواد الطاقة والخامات

لا تملك روسيا سلع تنافسية مصنعة لمنافسة السلع الأجنبية، ولهذا يمثل النفط والغاز، بجانب المواد الخام والتعدين أهم صادراتها!!

أما عن واردات روسيا من الخارج فتشمل كل شئ تقريباً، من الطائرات المدنية والسيارات والآلات والأجهزة الإلكترونية والمواد الكيميائية والطبية، ومروراً بالخضروات والفواكه واللحوم والأسماك ومنتجات الألبان!!

وأهم شركاء روسيا التجاريين هم الاتحاد الأوروبي وتركيا والصين والولايات المتحدة واستراليا وكندا والنرويج، ويمثل الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأول لروسيا، في حين تمثل روسيا الشريك التجاري الثالث للاتحاد الأوروبي بعد أميركا والصين!!

ويستورد الاتحاد الأوروبي من روسيا 84% من إنتاجها من النفط، و76% من الغاز!!
ولكن في حال قرر الأوروبيون الاستيراد من برص والجزائر وإسرائيل وقطر وإيران، كبديل عن نفط وغاز روسيا، ستكون ضربة قاصمة للاقتصاد الروسي!!

هذا غيض من فيض، وللحديث بقية…..
———————————–

المقال التالي بإذن الله:

روسيا.. المصائب لا تأتي فرادي ج2
– ثنائية “الأوليجارشية والسيلفيكية”
– الفساد في روسيا تحت حماية السلطة
– بوتين والمستنقع السوري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى