ثقافة وادب

يحارب باتمان منذ 80 عاماً، وحازت 4 أفلام له على أوسكار.. تعرَّف على تاريخ شخصية الجوكر

بل الحديث عن تاريخ شخصية الجوكر، يمكننا أن نقول بأريحية إن هذه الشخصية واحدة من أكثر الشخصيات الخيالية شعبية، وشهرة في يومنا هذا، في حين قد لا يرى البعض أن الشخصيات الخيالية الشريرة مثل الجوكر يجب ألا تحظى بمثل هذه الشهرة.

وبرغم أنه لا يملك قوى خارقة، فإنه بطريقة ما، أوجد لنفسه مكاناً على قمة شخصيات الأشرار في عالم السينما والقصص المصورة من قبلها كعدو لدود لشخصية خيالية أخرى؛ هي شخصية باتمان  الشهيرة.

ظهرت شخصية الجوكر أول مرة على صفحات قصص باتمان المصورة التي تصدرها دي سي كوميكس DC Comics والتي سبقت منافستها الشهيرة مارفل كوميكس؛ وتحديداً في عام 1939 على يد كلاً من بوب كين وبيل فينجر وجيري روبنسون في أحد إصدارات سلسلة باتمان المصورة.

وبحسب الرسام والمؤلف جيري روبنسون، فإنه استلهم الشخصية من أحد الأفلام الصامتة باسم “الرجل الذي يضحك” The Man Who Laugh والتي مثّل بطولتها الممثل كونراد فيديت عام 1928، وظهر خلالها بماكياج شاحب ووجه شرير ضاحك.

وظهر الجوكر على صفحات القصص لصاً عابثاً ذا ميول انتحارية من أشرار مدينة جوثام الخيالية، الذين يحاربهم باتمان في كل قصة من السلسلة، وكان ظهوره وقتها غير لافت للأنظار، إذ اقتصرت قراءة القصص المصورة آنذاك على الأطفال والمراهقين فقط.

ولكن صناع البطل نفسه (باتمان) لاحظوا أن الشخصية تحمل كثيراً من الإمكانات التي من الممكن استغلالها؛ فعاد الجوكر للظهور في عدة قصص أخرى ما بين 1940 و1950.

رسم صناع قصص باتمان الجوكر بوجه نحيل شاحب، ووجه ضاحك مخيف، وأصباغ تشبه أصباغ مهرجي السيرك؛ شرير عبقري يخطط ببراعة وذكاء للإيقاع بالبطل الشهير؛ بطل له فلسفة غير اعتيادية في ممارسة الشر؛ فهو يمارس الشر من أجل إثبات وجهة نظره أولاً.

جاءت أولى القصص التي تحكي سيرة الجوكر بمطلع الخمسينيات، في سلسلة فرعية لقصص باتمان بعنوان (قصص المحقق باتمان المصورة) Batman detective comics، وتحديداً العدد رقم 168، والتي سردت قصة الجوكر الذي كان يُعرف قبلاً باسم القبعة الحمراء أو Red hood والذي تحوَّل إلى مسخ شاحب مشوَّه، نتيجة سقوطه في إحدى حاويات المواد الكيميائية إثر مطاردة باتمان له.

وهو ما فسر للقراء أن شحوب وجهه ليس مجرد ماكياج أو قناع، وهنا لعبت الدراما القاتمة دوراً مهماً في ازدياد شعبية هذا الشرير المعقد.

بعدها تطورت أبعاد الشخصية، وتطور عداؤها لبطل السلسلة بالمثل، وتكرار ظهور الجوكر جعل منه عدواً (لدوداً) لباتمان بجوار شخصيات أخرى اشتهرت في هذا العالم مثل بنجوين وريدلر وكاتوومان، وحتى إن شركة دي سي استغلت شهرة الشخصية لنشر سلسلة منفصلة باسمه، صدرت منها 9 أعداد باسمه، ولم تستمر كثيراً، وعادت الشخصية إلى عالم جوثام الذي يحميه الوطواط.

احتل الجوكر سلاسل قصص باتمان بكل إصداراتها، في العصر الفضي للكوميكس -الخمسينيات والستينيات- ثم من بعدها العصر البرونزي للكوميكس -السبعينيات والثمانينيات- وظهر لأول مرة في رواية مصورة Graphic Novel عام 1988 بعنوان المزحة القاتلة The Killing Joke، وهي الرواية التي أظهرت الجانب السادي المرعب في شخصية الجوكر، إذ يختطف ابنة محقق جوثام الأشهر بعد أن يصيبها بالشلل، ويعتدي عليها جنسياً؛ لإذلال والدها وإخضاع باتمان.

بعدها ظهر في رواية مصورة أخرى شهيرة هي: الرجل الذي يضحك The Man Who Laughs، والتي شهدت خطة الجوكر الشهيرة لقتل رموز السلطة في المدينة، وترويع سكانها من خلال أحد السموم القاتلة التي تترك الأشخاص ميتين ووجوههم متقلصة بضحكة مرعبة تشبه ضحكته.

بعدها صدرت رواية Joker المصورة عام 2008، من تأليف ورسم الرسام ذي الطابع القوطي الداكن Brian Azzarello، والتي حصدت تقييمات إيجابية كثيرة، بحسب موقع Goodreads .

ظهرت شخصية الجوكر أول مرة على الشاشة الصغيرة، من خلال المسلسل ذائع الصيت آنذاك في أمريكا Batman TV series الذي عُرض بين عامي 1966 و1968، وقام بدور باتمان فيه الممثل الراحل آدم ويست، في حين جسّد الجوكر الممثلُ المسرحي سيزار روميرو.

وعلى الرغم من تجسيد روميرو كوميدي الطابع للشخصية؛ فإنها لاقت نجاحاً كبيراً بين الشباب والكبار أيضاً وقتها.

بعد ذلك ظلت الشخصية حبيسة الكتب المصورة فترة كبيرة؛ حتى عام 1989 عندما قرر المخرج تيم بيرتون أن يسند الدور إلى المثل الشهير جاك نيكلسون، الذي لعب الدور ببراعة أشاد بها الجمهور والنقاد على حد سواء f[hkf، وكان هذا في فيلم Batman. ولكن برغم أن أداءه استحق التقدير. فإن هذا الفيلم حصل على جائزة الأوسكار لأحسن إخراج فني، وهكذا ارتبط اسم الجوكر بالأوسكار لأول مرة بجوار اقتراب الدور الذي لعبه نيكلسون من أصول شخصة الجوكر في الكوميكس.

ثاني ظهور سينمائي للشخصية جاء بعد 18 عاماً تقريباً، من خلال الدور الأكثر شهرة بالنسبة للجيل الحالي من المشاهدين الشباب، وهو دور الجوكر في فيلم The Dark  Knight الذي كان ثاني أجزاء ثلاثية المخرج كريستوفر نولان لشخصية باتمان والتي بدأت  عام 2005 بفيلم Batman Begins.

ولعل أكثر ما تسبب في شهرة هذا الدور تحديداً هو أداء الممثل الراحل هيث ليدجر للشخصية ببراعة شديدة، وسوداوية لم يعهدها عشاق الشخصية من قبل.

بعدما لقي ليدجر مصرعه منتحراً فور انتهاء تصوير الفيلم؛ وهو الأمر الذي جعل الجميع يربط بين الأداء النفسي الشرير والتقمص البارع لكل هذه السوداوية وانتحار مُجسّدها، الذي حصل على أوسكار أفضل ممثل مساعد بعد وفاته، وهو الحدث الذي كان الأكثر حزناً في هوليوود آنذاك.

عادت الشخصية مرة أخرى في دورها التقليدي كمجرم عتيد في فيلم Suicide Squad عام 2016 والذي أخرجه ديفيد إير اقتباساً عن سلسلة قصص مصورة من عالم دي سي بالاسم نفسه، ولكن من دون عده اللدود باتمان، الذي ظهر مدة دقائق معدودة، لم يواجه خلالها عدوه التقليدي الجوكر.

رغم التقييمات المتوسطة -والسلبية أحياناً- لهذا الفيلم، فإن البعض قد رأى تجسيداً جيداً، واختلف البعض الآخر فرأوا أن الشخصية ظهرت مشوهة ولم تقترب قط من تلك السابقة لها التي جسّدها هيث ليدجر، ولكن تكاد صدفة غريبة تجمع الأوسكار بشخصية الجوكر؛ فالفيلم متوسط التقييمات حصد أوسكار أفضل ماكياج وتصفيف شعر لعام 2017.

ومؤخراً في 2019، أعاد الممثل البارع خواكين فينيكس الشخصية مرة أخرى إلى الشاشة الفضية في فيلم مخصص بالكامل لها وأصولها التي ربما لم يكن يعلم عنها كثيرون أي شيء.

المهرج البائس الذي يعاني عدة مشاكل نفسية وعقلية يصطدم بالمجتمع في أكثر صوره ظلماً وقسوة؛ وهو ما يولد للعالم شخصية شريرة مضطربة لا تعرف الرحمة، وأدى دوراً بارعاً يكاد ينافس براعة الراحل ليدجر، وهو ما استحق عنه أوسكار أفضل ممثل لدور رئيسي، كما قدم الفيلم قصة جديدة نوعاً ما لأصول الشخصية بعرض مأساة لم تتناولها القصص المصورة من قبل.

ولعل ارتباط الشخصية سينمائياً بجائزة الأوسكار قد يكون من قبيل الصدفة، إلا أن الأغلبية من عشاق أفلام الخيال والمغامرة والقصص المصورة اتفقوا جميعاً على أن شخصية الجوكر شخصية فريدة، ومركَّبة ولن تتكرر مرة أخرى بهذه الأبعاد.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى