ثقافة وادب

من مجازر حول الكعبة وقتل الحجاج إلى كورونا.. 40 مرة أغلق الحرم المكي ومنعت الصلاة فيه

كم مرة أغلق الحرم المكي ومنعت فيه الصلاة؟ بعد أن أعلنت وزارة الحج والعمرة السعودية إيقاف إصدار تأشيرات العمرة، وتعليق دخول المملكة لمن حصل على تأشيرة العمرة، كإجراء وقائي لمنع وصول فيروس “كورونا” بدأت تساؤلات حول موسم الحج، الذي من المفترض أن ينطلق في يوليو/تموز المقبل، وسط تخوفات من تفشي الفيروس عالمياً.

ويوماً بعد يوم تتصاعد وتيرة الأحداث في ملف “فيروس
كورونا” على مستوى العالم، وبعد إغلاق الكعبة بدأ رواد مواقع التواصل
الاجتماعي ينشرون صور الحرم بعدما تم إخلاؤه من المعتمرين. 

لكنها لم تكن المرة الأولى التي يتم فيها إيقاف الحج في السعودية،
إذ توقف سابقاً وعلى مدار التاريخ نحو 40 مرة، لأسباب سياسية وأخرى تتعلق بالأوبئة
والأمراض.

في هذا التقرير نستعرض لكم أهم الأحداث التي تسببت في إغلاق الحرم
المكي وتوقف الصلاة فيه:

يعتبر هجوم أبرهة الحبشي على مكة، أثناء ما يُعرف بعام الفيل، وهو نفس العام الذي ولد فيه الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، والذي يقدر بأنه قد حدث ما بين 586-570م؛ هو أول المناسبات التي أغلق فيها الحرم.

وقد حاول الحبشي وجيشه المزود بالفيلة الضخمة تدمير الكعبة، ليجبر
العرب وقريش على الذهاب إلى “القليس” التي بناها، وتعني كلمة
“القليس” بالحميرية التي كانت سائدة في اليمن آنذاك “المعبد أو
الكنيسة”، ولكن العناية الإلهية حفظت الكعبة من الدمار.

تذكر سجلات التاريخ الإسلامي، أنه في السنة الخامسة قبل البعثة تساقط
بنيان الكعبة بسبب الأمطار والسيول، فقررت قريش هدم الكعبة وإعداة بنائها مرة
أخرى، وحينها وقعت حادثة شهيرة، وهي اختلافهم فيما بينهم على مَن يضع الحجر
الأسود، فوضعه النبي صلى الله عليه وسلم.

في عام 73هـ، 693م، هاجم الحَجاج بن يوسف الثقفي مدينة مكة، وبعد
حصاره لها ضربها بالمنجنيق بتزكية من الخليفة عبدالملك بن مروان، بهدف القضاء على
عبدالله بن الزبير -الذي احتمى في الكعبة- والذي تمرّد على الخليفة في مكة، وأعلن
نفسه خليفة على المسلمين لمدة تسع سنوات.

وفي إثر هذه الهجمة دُمرت أجزاء من الكعبة المشرفة، وحينها توقفت
الصلاة عند بيت الله الحرام وأداء مناسك العمرة.

وبعد أن انتصر بن مروان، أمر أن يُهدم ما تبقى منها بعد أن هدمها
الحجاج، ليعاد بناؤها على الشكل الذي كانت عليه قبل تعديلات ابن الزبير عليها، وأيضًا
يقول الكثير من المؤرخين إن الصلاة في البيت الحرام توقفت قليلًا في تلك الفترة.

كان عام 317هـ، 930م، هو أحد أكثر السنوات المأساوية في تاريخ
المسلمين، حيث هجم جيش القرامطة بقيادة أبو طاهر القرمطي ملك البحرين بشكل مفاجئ،
على أكبر قافلة للمعتمرين في ذلك الوقت، كانت تضم آلافاً من الرجال والنساء
والبضائع.

وقد ذبح القرامطة وقتها حوالي 2200 رجل و500 امرأة، وأخذوا الآخرين
أسرى، فضلاً عن الغنائم التي غنموها في ظل وقوف الدولة العباسية عاجزة عن مواجهتهم
أو إيقافهم، وهنا أرسل الجنابي رسالة إلى الخليفة العباسي المقتدر بالله، يشترط
عليه أن تتنازل الخلافة العباسية للقرامطة عن البصرة والأهواز، في مقابل كفّ
أيديهم عن الرعايا المسلمين السُّنة، وعن طرقهم ودمائهم وأموالهم.

استمر هجوم القرامطة على أطراف مكة، والحجاج القادمين من العراق
والشام وغيرهما، وهو الأمر الذي أثّر سلباً في أعداد الحجاج، التي راحت تقل عاماً
بعد آخر، وفي العام 317هـ، أفتى كثير من العلماء ببطلان الحج؛ حمايةً للأنفس
والأعراض.

ويومها تعلق الحجاج
بأستار الكعبة، إلا أن القرامطة قتلوهم، واختلطت دماؤهم بأستار الكعبة، حتى زاد
عدد من قتل في هذه المجزرة على 30 ألفاً، دفنوا في مواضعهم بلا غسل ولا كفن ولا
صلاة.

وفي العام نفسه، قتل القرامطة والي مكة وأعيانها، ثم دخلو المسجد
الحرام، وراحوا يقتلون الناس داخل الحرم، وفي طرقات وشوارع مكة المشرفة حتى امتلأ
البلد الحرام بالجثث، ومن ثم نزعوا عن الكعبة ستارها، وقلعوا بابها وأخذوه، كما
اقتلعوا الحجر الأسود وأخذوه معهم، ليبقى هناك لمدة قاربت الـ20 عامًا، قبل أن
يعود لمكة المكرمة.

في عام 357هـ  “انتشر داء الماشري، وهو داء قاتل، وبسببه
ماتت جمال الحجيج في الطريق من العطش، ولم يصل منهم إلى مكة المكرّمة إلا القليل؛
بل مات أكثر مَن وصل منهم بعد الحج”.

في العام 1629 نزلت على مكة سيول عظيمة، أدت إلى انهيار جدران
الكعبة، وتوقفت مناسك الحج والعمرة فترة إعادة تجديد الكعبة بأمر من السلطان مراد
الرابع، وأخذ بناؤها بضعة أشهر، ويقول المؤرخون إن هذا البناء هو البناء القائم
حالياً.

وصل في هذا العام وباء من الهند، قضى على ثلاثة أرباع الحجاج، وبعد
ذلك توالت الأوبئة كالكوليرا والطاعون وغيرهما، أدت إلى حدوث كوارث عديدة وتعطيل
مواسم الحج والعمرة.

اجتاحت الأمطار الغزيرة والسيول العنيفة مكة المكرمة في العام 1941م،
ليغرق الحرم وسط السيول، وكادت المياه تصل حتى باب الكعبة نفسه، ومُنع الناس من
الطواف فيها، إلا أن بعض الناس قاموا بالنزول والسباحة بهدف الطواف حول البيت
العتيق، وسُمي هذا العام بعام السيل.

في عام 1979م، اقتحم نحو 200 رجل تحت قيادة جهيمان العتيبي ومحمد
القحطاني المنتميين للجماعة السلفية المحتسبة، حرم مكة، وسيطروا عليه بقوة السلاح،
وأعلن العتيبي أن صهره القحطاني هو “المهدي المنتظر”.

أغلق العتيبي أبواب المسجد الحرام، فوجد المصلون أنفسهم محاصرين
ومحتجزين داخل المسجد الحرام، بمن فيهم النساء والأطفال الذين أخلوا سبيلهم بعد
ثلاثة أيام، وبقي عدد من المحتجزين داخل المسجد، واستمر الحصار لمدة أسبوعين، توقف
فيهما الطواف والصلاة في الحرم، حتى نجحت السلطات السعودية في السيطرة على الوضع
في الحرم.

توقف الطواف حول الكعبة في شهر رمضان عام 2017م، بسبب الزحام الشديد
بين الحجاج، حيث كان العدد كبيرا جداً، ولكن استمر لفترة قصيرة عدة ساعات، واستكمل
الطواف مرة أخرى حول الكعبة.

أفتى الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين علي القره داغي،
بجواز منع أداء مناسك العمرة والحج مؤقتاً، في حال انتشر وباء كورونا بشكل قاطع،
وغلب الظن أن الحجاج أو بعضهم قد يصيبهم الوباء بسبب الازدحام.

وجاء في الفتوى التي أعلنها: فيما يتعلق بمنع العمرة والحج
“الراجح أنه إذا انتشر الوباء قطعاً أو تحقق غلبة الظن -من خلال الخبراء
المختصين- أن الحجاج أو بعضهم قد يصيبهم هذا الوباء بسبب الازدحام، فيجوز منع
العمرة أو الحج مؤقتاً بمقدار ما تُدرأ به المفسدة”.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى