آخر الأخبار

من داخل ووهان بعد رفع الطوارئ فيها.. صينية تروي تفاصيل الساعات الأولى من عودة الحياة للمدينة

نقلت صحيفة The Guardian البريطانية قصة الشابة الصينية جيو غينغ، 29 سنة، وهي مدافعة عن حقوق المرأة ومؤلفة Wuhan Lockdown Diary، التي عاشت العزل الصحي الذي كانت تخضع له مدينة ووهان الصينية مركز تفشي كورونا٬ غينغ حكت تفاصيل ما كان يحدث داخل المدينة الموبوءة بعد إعلان إلغاء حالة الطوارئ في الإقليم وعودة الحياة إلى طبيعتها بعد أكثر من شهر على العزل الصحي.

البداية كانت بتاريخ 24 مارس/آذار 2020، حين أعلنت إدارة الوقاية من فيروس كورونا ومكافحته في مقاطعة هوبي الصينية أنه اعتباراً من منتصف ليل 8 أبريل/نيسان، سيُسمح للأفراد بمغادرة مدينة ووهان ومقاطعة هوبي التي تشملها، وستستعيد المدينة حركة المواصلات إلى الخارج، وسيتمكن الأشخاص الذين يحملون “رمز الصحة” الأخضر من الخروج.

قالت غينغ إنها عندما شاهدت هذه الأخبار، لم يغمرها الحماس المتوقع، فأولاً، كان المجمع السكني الذي تقطن فيه قيد الإغلاق. وثانياً، كانت الأوضاع السيئة المتعلقة بالوباء قد تحسنت، لكن آثار الكارثة التي سببها كانت لا تزال مستمرة.

أضافت: كيف نُحيي ذكرى الناس الذين ماتوا؟ كيف نساعد المتضررين من الوباء؟ كيف نحسن وضع سكان هوبي الذين يتعرضون للتمييز الآن؟ لقد أفلس عدد كبير من الشركات، وفقد الناس وظائفهم: كيف يمكننا أن نضمن لهم سبل عيشهم؟ كل هذه الأسئلة تقتضي من الحكومة والمجتمع مواجهة الحقيقة وتحمل المسؤولية. ومع ذلك، فإننا حتى الآن، لم نشهد إعلان سياسةٍ شاملة للتعامل مع كل تلك المسائل.

مساء 30 مارس/آذار، قال أحد المتطوعين في المجمع السكني الذين تقطن به غينغ إنهم تحدثوا مع حارس الأمن، وإنه قد تقرر أن السكان الذين لديهم رمز صحي أخضر يمكنهم الآن الخروج لشراء المؤن.

قالت غينغ: تحمست لذلك تحمساً كبيراً، حتى سالت الدموع من عيني من فرط تأثري. كما سارعت بالتسجيل للحصول على رمز الصحة على تطبيق Alipay، وتأهبت للخروج في اليوم التالي. فقد كانت آخر مرة غادرت فيها منزلي في 26 فبراير/شباط، وكان قد مرَّ على ذلك التاريخ بالفعل 43 يوماً.

في 31 مارس/آذار الساعة 11:35 صباحاً، خرجت غينغ من مجمعها السكني. (كان يمكن لكل أسرة أن يخرج شخص واحد فقط من أفرادها، ولمدة ساعتين كحد أقصى). وعندما خرجت لم يكن لديها أي خطط معينة، كانت تغمرها لهفة شديدة لرؤية المدينة مرة أخرى بأمّ عينيها.

غينغ تقول إنه حينها لم يكن كثير من المتاجر قد أعيد فتحه بعد، ومع ذلك فإن المفتوح كان أكثر من ذي قبل، وضم: محلات سوبرماركت ومتاجر ومطاعم معكرونة سريعة التحضير ومتاجر إلكترونيات ومراكز تسوق، وما إلى ذلك.

لم يكن مسموحاً لغينغ البقاء خارجاً إلا لساعتين، كانت مرتبكة بعض الشيء وواجهت صعوبة ما في إدراك الصور في ذهنها إدراكاً واضحاً. 

مررت غينغ بمتجر يبيع وجبات خفيفة تشتهر بها ووهان، واشترت 10 كرات لحم مقلية مقابل 21 يواناً (3 دولارات).

عملية الإغلاق شملت تسييجَ عدد كبير من الأماكن، ومن ضمنها المتاجر على طول الشارع ومداخل الأزقة والبوابات إلى ضفة النهر. ويعيش كثير من سكان المدينة في مساكن تشبه القرى الحضرية إلى حد كبير، فهي ليست مجمعات سكنية رسمية تتمتع بخدمات إدارية وأفنية، بل معظم منازلها صغيرة، وكان عليهم البقاء فيها لأكثر من 40 يوماً، بعضهم حتى لأكثر من 60 يوماً.

سأل أحدهم غينغ ذات مرة: “ما أول شيء ستفعلينه بعد الإغلاق؟” قالت: “سأمشي على طول النهر، وأصرخ”. لذا في هذا اليوم، توجهت إلى النهر.

ركبت غينغ دراجتها إلى المدخل، ثم مشيت على طول ضفة النهر. كان هناك عدد أكبر من الناس الآن. 

كان هناك آباء مع أطفالهم، وأزواج، وأناس يصطادون. جلست على مقعد وجدته، وخلعت قناع وجهها، وأكلت خمساً من كرات اللحم التي اشترتها. كانت طرية واحتفظت بعصارتها، لكنها لم تكن دهنية، كانت خلطتها مضبوطة تماماً.

بعد أن انتهت غينغ من تناول الطعام، مشيت على طول ضفة النهر. ترددت قليلاً، ثم توجهت إلى النهر، وصرخت بأعلى صوتها. انضم إليها صوتان آخران، حتى إن أحدهما صاح ثلاث مرات. 

لقد حُبسوا جميعاً لفترة طويلة جداً.. لقد اختنقوا.. صرخوا عدة مرات.

مرت الساعتان بسرعة، في الواحدة ظهراً، بدأت العودة من النهر، اشترت غينغ علبة زبادي من سوبر ماركت صغير بجوار مجمّعها السكني. وفي الساعة 1:32، بعد انتهاء الوقت المسموح به، عادت إلى المنزل.

لم يكن الخروج من المجمع السكني سوى خطوةٍ صغيرة، إذ تظل عودة الحياة إلى المدينة على النحو الذي كان غايةً بعيدة. لقد قصّرت العولمة المسافات بين الناس، وربطتهم ببعضهم، لكنها أدت أيضاً إلى انفجار هذا الوباء وانتشاره في جميع أنحاء العالم.

معظم حالات الإصابة الجديدة في الصين الآن أصيبت بعدوى مستجلبة من الخارج، وهو ما قد يفضي إلى تفشٍّ ثانٍ للفيروس. ولمواجهة الوباء، يجب على الناس اتباع التدابير الوقائية، وعلى الحكومة علاج هؤلاء الذين أصيبوا بالمرض. كل ما أريده هو ألا أخوض إغلاقاً عاماً مرة أخرى.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى