لايف ستايل

المطارات.. هنا أرض المشاعر المزدحمة

المشاعر هذه الكيمياء التي
تحدث داخلنا تجاه المواقف والأشخاص ولا نعرف ماهيتها، إنها فعلاً هبة من الخالق
ميّز بها الإنسان دون سائر المخلوقات، شيء جميل وغريب يعتمل داخل نفوسنا فتظهر
خارجنا مظاهر نطلق عليها الفرح.. الحزن.. الألم.. الراحة.. الغضب.. الرضا.. الحب..
الكره.. الاطمئنان.. الارتياح.. الاضطراب.. إلخ. كثيرة هي المشاعر المخبوءة
بداخلنا ولكن ما نعرفه عنها قليل جداً.

المطارات من الأماكن التي
تنطلق فيها المشاعر بشكل جنوني، تختلج في نفوسنا وتختلط فيما بين كل الجنسيات
بدرجات متفاوتة، ولكن تبقى المطارات تزدحم بزخم لا ينتهي من المشاعر طول الوقت
وعلى مدار الساعة.

مشاعر الشوق ولهفة اللقاء
أراها في لمعة وبريق العيون والابتسامات التي تعلو الشفاه والدماء التي تتدفق
للوجوه، العقول تخطط للأيام القادمة والقلوب تهفو بالذكريات والحنين سواء كان
العائد عائدا لوطنه أو أهله أو حبيبه.

وعلى النقيض ترى القادم
للمجهول يعتصره ألم فراق الأحبة، فتجده واجماً سارحاً ما بين الماضي والآتي هل كان
قراري صحيحاً؟ هل يستحق الفراق والغربة؟ هل سأعود مرة أخرى أم أموت وحيداً هنا في
البلاد الغريبة؟ هل وهل وهل.. عشرات علامات الاستفهام التي لا تنتظر جواباً بالطبع
فقد تم اتخاذ قرار الرحيل بإرادته ولكنها تعبر وبصدق عن مشاعر التوهة والغربة.

بنظرة عابرة على الوجوه حولي
أميّز مشاعر ولهفة اللقاء وألم ووجع الفراق فهنا العيون تلمع وهناك تدمع.. هنا
الضحكة تنير الوجه وهناك الشفاه تلهج بالدعاء وتستودع الحبيب في معية الله.

ولكن ما لا أجد له تفسيراً
غير أنه معجزة إلهية تحدث داخلنا وهي كيف يكون نفس المكان بكل تفاصيله ونفس الأشخاص
ونفس الطائرة ونفس الحقائب ونفس الإجراءات وبينهما أيام قلائل وتختلف المشاعر
تماماً بين المرتين. 

ها هي فرحة الوصول.. أنتظر
بشغف إنهاء الإجراءات والتي تمت فعلياً في بضع دقائق مرّت ثقيلة كي ألتقي الأحبة،
شعرت بسعادة غامرة في اللقاء -من المرات القليلة جداً في حياتي أن تغمرني السعادة–
أتفحص الوجوه لحظة مررت من بوابة الخروج كي أعثر عليهم.

فيطالعني وجهاهما فتقفز نحوي
نفس اللهفة التي تتلقفني وتلقيني في أحضانهما.. كم أنا سعيدة ومحظوظة بأن منَّ
الله عليَّ بهذه الرحلة القصيرة وسأترك نفسي للأيام القادمة للمزيد من السعادة دون
أي تفكير أو تكدير من أي نوع.

وكالعادة السعادة عمرها قصير
تمر الأيام سريعاً ويتكرر نفس المشهد ولكن شتان.

اليوم أفارق وأودع في نفس
المكان ونفس الظروف ونفس الأشخاص، ولكن هيهات أحبس الدموع وأتركها تتحجر في عيوني
عند فراق الأحبة، أتركهم خلفي وبين عدة خطوات قليلة تفصلني عنهم فتبعدني البوابات
أستدير وأنظر للخلف أبحث عنهما وألوح لهما بيدي أن مع السلامة، ويتكرر نفس الشيء
من بوابة إلى أخرى، ومن حاجز زجاجي إلى آخر، ومع كل انتقال تبعد الوجوه وتطول
المسافة إلى أن أصبح بين السماء والأرض.

الفراق الذي لا بد منه والمشاعر
المتأرجحة بين الأمل والشجن، ولكنهم تركوا لي أجمل ذكريات وأحلى ضحكات من القلب
وأسعد الأوقات التي اختزلت في لقطات كثيرة على موبايلي، كلما أعياني الشوق أتصفحها
وأبتسم وأدعو الله أن يجمعني بهم على خير.

اللهم أدم علينا أحبتنا ولا
تحرمنا منهم وارزقهم الخير أينما كانوا، ولا تطل غيبتهم وردهم إلينا رداً جميلاً،
وارزقنا لين القلب وصدق المشاعر.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى