تقارير وملفات إضافية

استثمارات بكين في تل أبيب مرفوضة.. ماذا وراء الضغوطات الأمريكية على إسرائيل لتجفيف علاقاتها مع الصين؟

على مدى الشهور الماضية، ضغطت الولايات المتحدة الأمريكية على إسرائيل لمنعها من إطلاق العنان للاستثمارات الصينية على أراضيها. حدة الضغوطات الأمريكية على إسرائيل، زادت مع بروز خلافات أمريكية – صينية بعد أزمة فيروس كورونا.

ولأول مرة، نالت هذه القضية جزءاً هاماً من محادثات عقدها وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، الأربعاء، مع مسؤولين إسرائيليين في مقدمتهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وزعيم حزب “أزرق أبيض” بيني غانتس.

فماذا وراء هذه الضغوطات الأمريكية، وما حجم الاستثمارات الصينية في إسرائيل، ولماذا تقلق واشنطن منها؟

يقول يوني بن مناحيم، المحلل السياسي الإسرائيلي، لـ”الأناضول” إن “ضغوط إدارة ترامب بشأن الاستثمارات الصينية في إسرائيل مستمرة منذ عدة أشهر”. وأضاف: “لكن مع بروز أزمة كورونا والخلافات الأمريكية الصينية، فإن الضغوط الأمريكية باتت أكبر وهو ما لاحظناه من خلال ما بات يرشح عن زيارة بومبيو إلى إسرائيل”. وأردف: لقد كان موضوع الصين عنصراً مهماً ورئيسياً في المحادثات التي عقدها بومبيو مع المسؤولين الإسرائيليين يوم الأربعاء”.

وقبل عدة أشهر فازت الصين بعطاء كبير في ميناء حيفا وهو ما أزعج المسؤولين الأمريكيين الذين احتجوا ونددوا. وأشار بن مناحيم إلى أن الأمريكيين الآن أكثر غضباً على الصين على خلفية اتهامها من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالكذب فيما يتعلق بفيروس كورونا، والذي قاد إلى التدهور في الاقتصاد الأمريكي”.

وأردف: “الرئيس الأمريكي يتوقع من إسرائيل أن تكون إلى جانبه في أزمته مع الصين، وذلك بأن لا تفسح المجال لاستثمارات صينية ضخمة في إسرائيل وخاصة في قطاع البنى التحتية”.

اعتبر بن مناحيم أن “رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيستجيب للطلب الأمريكي، عن طريق المماطلة في الموافقة على الاستثمارات الصينية في مجالات محددة”.

والثلاثاء، اتهم بومبيو الحزب الشيوعي الصيني الحاكم بإخفاء المعلومات عن فيروس كورونا، خلال مقابلة مع صحيفة “إسرائيل اليوم”. وقبيل مغادرته إسرائيل الأربعاء، صرح بومبيو لمحطة “كان” الإسرائيلية (رسمية) قائلاً: “لا نريد أن يكون للحزب الشيوعي الصيني أية صلة بالبنية التحتية في إسرائيل”.

وأضاف: “التعاون مع الصين يعرض للخطر قدرة الولايات المتحدة الأمريكية على العمل مع إسرائيل”.

حول ذلك، علق السفير الصيني “دو في” في تصريحات صباح الجمعة للقناة الإسرائيلية 12، بالقول بأن “التعاون بين الصين وإسرائيل هو مكسب للطرفين”، وأضاف: “يمكن للإسرائيليين الاستثمار في الصين ونحن نثق بهم لاتخاذ القرار الصحيح لهم”.

وهذه المرة الأولى التي يتحدث فيها مسؤول أمريكي رفيع المستوى علناً ضد الاستثمارات الصينية في إسرائيل، خلال زيارة بومبيو الأخيرة. وكانت صحيفة ” جيروزاليم بوست” الإسرائيلية قدرت في يوليو/تموز 2019 قيمة الاستثمارات الصينية في إسرائيل بنحو 15 مليار دولار أمريكي.

وبدا أن الولايات المتحدة تريد استخدام فيروس كورونا من أجل الحد من الاستثمارات الصينية في إسرائيل عبر الضغط على نتنياهو.

وقال مسؤول أمريكي رفيع المستوى إنه “ليس لدى وزير الخارجية مشكلة مع الأشخاص الذين لديهم علاقات أو تجارة مع الصين، لكنني أعتقد أن أزمة فيروس كورونا تسلط الضوء على مخاطر التعامل مع الدول غير الشفافة، والتي ليس لديها ممارسات تجارية عادلة”.

حديث المسؤول الأمريكي الذي لم يتم الكشف عن اسمه، جاء خلال لقائه بالصحفيين المرافقين للوزير الأمريكي في إيجاز حصلت الأناضول على نسخة منه. وأضاف: “على وجه الخصوص فإنه في قضية الاستثمار الاستراتيجي، لا يوجد شيء اسمه شركة مستقلة مملوكة للقطاع الخاص في الصين”.

وأردف: “إذا كنت تستخدم Huawei، أو أي نوع من الشركات التي لديها حق الوصول إلى معلوماتك، فإن هذه المعلومات تصبح ملكاً للحزب الشيوعي الصيني، وهذه مشكلة أمنية”.

وسادت تقديرات بأن زيارة الوزير الأمريكي هدفت للبحث مع المسؤولين الإسرائيليين في مخطط ضم أجزاء من الضفة الغربية في إطار صفقة القرن المزعومة. ولكن المسؤول الأمريكي نفى الأمر قائلاً: “أعتقد أننا يجب أن نبدد الفكرة القائلة بأننا طرنا من منتصف الطريق حول العالم للحديث عن ضم أجزاء من الضفة، هذا ما قيل وهو غير صحيح”.

في السياق، قال مسؤول إسرائيلي لقناة “13” الإسرائيلية لم تسمه، إن “نتنياهو أبلغ وزير الخارجية الأمريكي، الأربعاء، بأن إسرائيل ستراجع مشاركة شركة صينية باستثمار بقيمة 1.5 مليار دولار لبناء محطة تحلية في الجنوب الإسرائيلي”.

من جهته قال موقع “أكسيوس” الإخباري الأمريكي، الثلاثاء، إن “المسؤولين الإسرائيليين يخشون الدخول وسط الخلافات الأمريكية – الصينية”. ولفت الموقع نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين، إلى أن “السفير الأمريكي في إسرائيل ديفيد فريدمان طلب من نتنياهو مؤخراً أن تعيد إسرائيل دراسة مشاركة الشركة الصينية في هذا الاستثمار”.

وأضاف: “على أثر ذلك طلب نتنياهو من مجلس الأمن القومي ووزارة المالية تشكيل لجنة حكومية جديدة تراقب الاستثمارات الأجنبية في إسرائيل”. ومن المقرر أن تعلن وزارة المالية الإسرائيلية عن الشركة الفائزة بالاستثمار في 24 مايو/أيار الجاري.

وتحوّل موضوع الاستثمارات الصينية في قطاع البنى التحتية في إسرائيل خلال الأشهر الماضية إلى بند دائم على جدول أعمال المحادثات الإسرائيلية-الأمريكية.

انتعشت العلاقات الاقتصادية بين الصين وإسرائيل بشكل واضح خلال السنوات الأخيرة، وإضافة إلى الروابط التجارية، يعمل اللوبي الإسرائيلي أيضاً لزيادة التفاعل السياسي والثقافي بين البلدين، في حين تسعى إسرائيل لرفع استثماراتها في بكين أيضاً.

يقول سليم هان ينياكو، وهو باحث تركي بجامعة شنغهاي الصينية، إن التأثير الاجتماعي والثقافي المتزايد لإسرائيل في الصين بدأ مع تطور العلاقات التجارية، فمع دخول مؤسسات ذات أصول إسرائيلية الصين، قطعت تل أبيب الخطوة الأولى نحو علاقة سياسية أكثر حميمة مع بكين.

وباتت إسرائيل تمتلك قدرة على إظهار نفسها كعامل جذب للصين، وذلك بالاستفادة من الصفات التي تجعلها “أمة ناشئة” في العديد من المجالات؛ إذ تتمتع إسرائيل بمكانة عالية في السوق الصينية بفضل التكنولوجيا العالية والخدمات ذات القيمة المضافة.

وتعزز هذا التوجه الاقتصادي والتجاري عام 2013 وانعكس بقرارات حكومة بنيامين نتنياهو بتنسيق التعاون الاقتصادي مع الصين، في خطة تتضمن ثلاثة بنود رئيسية هي: مضاعفة حجم صادرات السلع والخدمات إلى الصين في غضون خمس سنوات، وزيادة عدد الزوار الصينيين الذين يأتون إلى إسرائيل، وتوسيع الاستثمارات المتبادلة، وساهمت هذه البنود في تشكيل سياسات الحكومة الإسرائيلية لاحقاً.

وكانت إسرائيل، قد منحت في السنوات الأخيرة امتيازين كبيرين لشركات صينيّة في أكبر موانئ شاطئ البحر الأبيض المتوسّط – حيفا وأسدود. وهو ما يعزز الوجود الصيني المتصاعد في شرقي البحر الأبيض التوسط -مصر، اليونان وتركيا- مما يُسهم بتقوية التجارة بين الصين وأوروبا.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى