في مسلسل Space Force الكوميدي الجديد من نتفلكس، يعود ستيف كاريل إلى بيئة العمل من خلال دور مارك نايرد، الجنرال الذي يُحاول تحقيق أفضل أداء في مهمته بتحويل فرع الجيش الأمريكي الجديد المُقترح إلى واقع.
ومسلسل Space Force سلسلة كوميدية في مكان العمل شبيهة إلى حد ما بمسلسل The Office، ولكن تركز هذه المرة على مجموعة من الأشخاص المكلفين بإنشاء الفرع السادس للقوات المسلحة للولايات المتحدة، باسم “قوة الفضاء الأمريكية”.
ولم يرغب أحدٌ من رجال كاريل في التواجد هناك، ويرجع ذلك جزئياً إلى الإشارة لهم جميعاً برجال الفضاء، وهي فكرةٌ مستوحاة من طياري سلاح الجو، ولا يبدو أنّ أحداً في تسلسُل القيادة كان يُدرك ما يفعله.
والمسلسل هو على الورق أشبه بمسلسل The Office ولكن في الفضاء، أيّ أنّ المهمة يجب أن تكون يسيرةً عليهم بعد قضاء كل تلك السنوات معاً، لكن الأحداث تُثبت عكس ذلك.
وبحسب ما نشرت مجلة Rolling Stone في تقييمها عن المسلسل، يبدو أن الكاتب غريغ دانيلز وكاريل اضطرا لتعلُّم درس “مايكل” الأصلي مرةً أخرى، ولكن على نطاقٍ أوسع هذه المرة بدرجةٍ تجعل مشاهدة Space Force تجربةً غير مريحة في أفضل الأحوال.
إذ لا يُمثّل مارك نايرد نسخةً مُعاصرة من مايكل سكوت، لديه هذه المرة زوجته ماغي (ليزا كودرو) وابنته المراهقة إيرين (ديانا سيلفرز)، فضلاً عن أنّه أكثر عدوانية وثقة من مايكل بفارقٍ كبير.
إلى جانب أنّه رجلٌ عسكري تقليدي بامتياز، لدرجة أنه حين تشكو ماغي من جمود تفكيره يقول لها بإصرار: “أستطيع أن أكون أكثر مرونة في حال أُمِرت بذلك”.
لكن الطريقة التي يظهر بها نايرد في غالبية الحلقات، بصورة الحقير الجاهل تماماً والمُتعصّب أحياناً، تُذكّرنا مع كل الأسف بالموسم الأول من The Office حين كانت شخصية مايكل لا تُطاق.
والأسوأ من ذلك أنّ سلطة مايكل كانت محدودةً تماماً، في حين أنّ نايرد مسؤولٌ عن فرعٍ كامل من الجيش مع مليارات الدولارات تحت تصرف أهوائه الفاسدة.
ولن يمضي الكثير من الوقت في المشاهدة قبل أن تصل إلى مستوى اليأس الساخط الذي يعيشه كبير العلماء في المسلسل أدريان مالوري (جون مالكوفيتش)، الذي تتحطّم كافة أفكاره الجيدة على يد هذا المخبول الذي لا يستمع إلى المنطق ولا يُؤمن بالفكرة.
ويجعل سلوك نايرد المُتعنّت والمُدمّر من Space Force مسلسلاً تصعُب مشاهدته، حتى وإن كانت كافة العناصر الأخرى متوازنةً بمثالية.
لكن الكثير من تلك الأشياء يستمر في إيجاد طريقة لإهدار كميات هائلة من المال والموهبة المعروضين هنا.
ويشمل فريق العمل المُنتظم والمُتكرر:
بن شوارتز (خبير الشبكات الاجتماعية المُحنّك)
جيمي يانغ (العالم من أصل آسيوي الذي يمنح مختلف الشخصيات رخصةً لقول أشياء عنصرية)
تاوني نيوسوم (طيّارة نايرد الشخصية)
دون ليك (مساعد نايرد غير الفعّال)
جيسيكا سانت كلير (المقاولة المدنية التي ترأس إنشاء القاعدة السرية لـSpace Force)
الراحل فريد ويلارد (في دور والد نايرد الخَرِف)
إلى جانب قادة هيئة الأركان الآخرين مثل نواه إيميريش وديدريخ بادر وجين لينش وباتريك واربورتون. وهي مجموعة نجوم مُثيرة للإعجاب، لكنّهم يُستخدمون إلى حدٍّ كبير بأكثر الوسائل سطحيةً وبذاءة.
ويبدو مسلسل The Office أشبه بمقطع فيديو على تيك توك عند مقارنته.
صحيحٌ أنَّ هناك الكثير من المؤثرات الخاصة، إذ تنطوي غالبية مشاهد الحلقة الثانية على رائد فضاء قرد يُحاول إصلاح قمر صناعي تالف، في حين ينتهي المطاف ببعض الشخصيات في النهاية فوق سطح القمر.
ولكن كما كشف مسلسل Avenue 5 الفضائي الكوميدي من HBO، نجد أنّ مشاهدة هذا الكم من أموال الإنتاج على الشاشة لا يُثير الضحك عادةً.
علاوةً على أنّ كافة النكات حول الإدارة الأمريكية الحالية ليست مُضحكة، إذ لا يُذكر رئيس الولايات المتحدة باسمه مطلقاً، بل يُعرَض في صورة المندفع غير الناضج الذي يسهل على الروس التلاعب به، ويرجع ذلك جزئياً إلى أنّ زاوية تناولهم للموضوع لا تكون عادةً أكثر تعقيداً من مجرد التساؤل: “ألا يبدو ذلك سخيفاً؟”.
ونصل إلى ذروة غالبية الحلقات لنجد نايرد وهو يُظهِر درجةً من التبصُّر الذي يتعارض تماماً مع سلوكه خلال الـ25 دقيقة السابقة.
وفي النصف الثاني من الموسم الأول، بدأ الفريق الإبداعي في تخفيف سلوك مارك كثيراً ليعود إلى المستويات الإنسانية المتعاطفة الطبيعية، مع التركيز في الوقت ذاته على الشخصيات الثانوية أكثر.
وهناك الكثير من الصدمات بخلاف تحوّل مارك من شرير مُعوّق إلى مُتخبّطٍ حسن النية، مثل محاولة المسلسل تمثيل محاكاة ساخرة في أحد المشاهد قبل التحوّل إلى روح التباهي الأمريكية بالمركبة أبولو 13 في المشهد التالي.
ولا تزداد فكاهة Space Force كثيراً في الحلقات الأخيرة من هذا الموسم، ولكنّ مشاهدته تصير أكثر مرحاً وتقترح احتمالية تحقيق نجاح كبير في الموسم الثاني، بالمقارنة مع ما حدث لمسلسل The Office في حلقة The Dundies الأولى.
ولكن كيف حدث ذلك؟ وكيف جرى هدر هذا الكمّ الهائل من المواهب والأموال؟ إذ أوضح كاريل في الملاحظات الصحفية للمسلسل أنّ الفكرة الأصلية للمسلسل ليست فكرته أو فكرة دانيلز، بل هي فكرة مجموعة من المديرين التنفيذيين في نتفلكس: “لم يكُن هناك مسلسل لم تكُن هناك فكرة باستثناء عنوان المسلسل، إذ سألتنا شركة نتفلكس: هل ترغبون في صناعة مسلسل بعنوان Space Force؟ فأجبت على الفور: حسناً، نعم بالتأكيد، يبدو الأمر رائعاً”.
وليس من المستحيل أن يخرج مسلسل ناجح من جلسة عصف ذهني بسيط لمجموعةٍ من المديرين التنفيذيين، إذ أُنتِج مسلسل Lost مثلاً لأنّ مدير شبكة ABC الأمريكية لويد براون أراد نصاً يجمع بين Survivor وبين Cast Away، لكن يبدو في حالتنا هذه أنّ الجميع لم يأخذوا الفكرة إلى أبعاد أعمق من اسم المسلسل.
