آخر الأخبار

رويترز: منشأة سرية إيرانية مخصصة لإنتاج مسحوق الألومنيوم لاستخدامه في البرنامج الصاروخي

كشف تقرير نشرته وكالة رويترز الأربعاء 24 يونيو/حزيران 2020، أن مجمع إنتاج الألمونيوم الموجود على أطراف الصحراء في إقليم خراسان الشمالي بشمال شرقي إيران وبالقرب من أكبر مجمع للبوكسايت تحت الأرض، يضم منشأة سرية لإنتاج مسحوق الألمونيوم لاستخدامه في برنامج إيران الصاروخي.

المنشأة السرية أقامها الحرس الثوري الإيراني، وذلك وفقاً لما قاله مسؤول سابق في الحكومة الإيرانية وأظهرته وثائق تتعلق بالمنشأة أطلع المسؤول “رويترز” عليها.

ويُستخلص مسحوق الألومنيوم من البوكسايت ويعد مكوناً رئيسياً في صناعة وسائل الدفع التي تعمل بالوقود الصلب لإطلاق الصواريخ.

بدأت إنتاج المسحوق: قال المسؤول السابق، إن إيران بدأت إنتاج المسحوق للاستخدام العسكري، قبل أكثر من خمس سنوات. وكان المسؤول السابق رئيساً للعلاقات العامة ومندوب الشؤون البرلمانية في مكتب نائب الرئيس للشؤون التنفيذية، وهو المكتب الذي كان يشرف في ذلك الوقت على بعض السياسات الاقتصادية.

كذلك قال المسؤول السابق واسمه أمير مقدم، إنه زار المنشأة غير المعروفة مرتين، وإن الإنتاج كان مستمراً عندما رحل عن إيران في العام 2018.

وقد بدأ إنتاج مسحوق الألومنيوم بإيران للاستخدام في الصواريخ، وهو الأمر الذي لم يسبق نشر شيء عنه من قبل، في ظل العقوبات الدولية التي تهدف إلى منع المساعي الإيرانية للحصول على تكنولوجيا متطورة لصناعة الأسلحة.

وتعتبر الولايات المتحدة وحلفاؤها قدرات إيران الصاروخية تهديداً للمنطقة وللعالم.

وثائق تخص مشروع الألومنيوم: فيما اطلعت رويترز على أكثر من عشر وثائق تتعلق بمشروع مسحوق الألومنيوم والمعنيين به بتواريخ مختلفة من 2011 إلى 2018. وإحدى هذه الوثائق رسالة موجهة إلى الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي، من أحد قادة الحرس الثوري، وصفت الدولة الإيرانية شقيقه بأنه أبو برنامج الصواريخ الإيراني.

في الرسالة وصف محمد طهراني مقدم، منشأة جاجرم بأنها “مشروع لإنتاج وقود الصواريخ من مسحوق معدني”، وقال إنها تلعب دوراً كبيراً في “تحسين قدرة البلاد على الاكتفاء الذاتي في إنتاج الوقود الصلب للصواريخ”.

ولا تحمل الرسالة تاريخاً لكن يبدو من الإشارات الواردة فيها لأحداث، أنها ترجع لعام 2017.

ردٌّ إيراني على المزاعم: وردّاً على استفسارات من رويترز، قال علي رضا مير يوسفي، المتحدث باسم البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة في نيويورك: “ليست لدينا معلومات عن هذه الادعاءات ولا عن صحة الوثائق”.

حيث قال مير يوسفي: “نؤكد مجدداً أن إيران ليست لديها أي نية لإنتاج رؤوس حربية أو صواريخ نووية”. وتصر إيران منذ فترة طويلة، على أن برنامجها الصاروخي مخصص للأغراض الدفاعية فقط.

إلى ذلك يشرف الحرس الثوري على برنامج الصواريخ الإيراني. ولم يردّ مكتب العلاقات العامة بالحرس الثوري على أسئلة عندما تم الاتصال به هاتفياً للتعليق على فحوى هذا التقرير. ولم يردَّ محمد طهراني مقدم، على طلبات للتعليق. ولا تربطه صلة قرابة بأمير مقدم، المسؤول السابق الذي ذكر تفاصيل البرنامج لـ”رويترز”.

ولم يردَّ مكتب الزعيم الأعلى خامنئي ومكتب الرئيس حسن روحاني على استفسارات رويترز.

زيادة الرقابة الأمريكية: ومن المحتمل أن يؤدي ما كشفه أمير مقدم عن برنامج مسحوق الألومنيوم إلى زيادة التدقيق من جانب واشنطن في الجهود الإيرانية لإنتاج الصواريخ.

كما يقول المسؤول الإيراني السابق الذي يعيش الآن بفرنسا، إنه غادر إيران في 2018 بعد أن وُجهت إليه اتهامات بإثارة القلاقل، في أعقاب تصريحات علنية أدلى بها عما يقول إنه فساد بعض المسؤولين الحكوميين.

وقال إنه يريد فضح البرنامج، لأنه يعتقد أن طموحات إيران الصاروحية ليست في مصلحة الشعب الإيراني.

وتفرض الولايات المتحدة عقوبات واسعة على إيران، منها عقوبات تستهدف قطاع المعادن في إيران وبرنامج الصواريخ الباليستية. ومن هذه العقوبات قيود على العمليات بقطاع الألومنيوم الإيراني والصفقات المرتبطة به.

كما تستهدف العقوبات الحرس الثوري والأطراف الثالثة التي تقدم دعماً مادياً أو تبرم صفقات معينة مع الحرس الثوري. ولوزارة الخزانة الأمريكية دور أساسي في إدارة هذه العقوبات.

موقف الإدارة الأمريكية: وسُئل متحدث باسم وزارة الخزانة الأمريكية عما إذا كان ما توصلت إليه رويترز عن إنتاج مسحوق الألومنيوم للأغراض العسكرية يمثل انتهاكاً للعقوبات، فقال: “وزارة الخزانة تأخذ أي تقارير عن أي تصرف يُحتمل أن يكون خاضعاً للعقوبات، على محمل الجد، وفي حين أننا لا نعلق على أي تحقيقات محتملة فنحن ملتزمون باستهداف الأشخاص الذين يدعمون النظام الإيراني وأنشطته الخبيثة في مختلف أنحاء العالم في إطار صلاحياتنا”.

إلى ذلك، فرضت الأمم المتحدة قيوداً على أنشطة إيران فيما يتعلق بالنشاط في مجال الصواريخ الباليستية القادرة على حمل أسلحة نووية. وقال متحدث إنه من غير الواضح ما إذا كانت الأنشطة الخاصة بمسحوق الألومنيوم التي كشفت عنها رويترز تعد انتهاكاً لهذه القيود.

من جانبه قال خوسيه لويس دياز، المتحدث باسم إدارة الأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام، إن “مجلس الأمن لم يوضح ما إذا كانت قدرة إيران على إنتاج مسحوق الألومنيوم للاستخدام في الدفع الصاروخي لا تتفق مع التدابير المقيدة”.

كما قال مايكل إيلمان مدير برنامج عدم الانتشار النووي والسياسة النووية في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بواشنطن، إن إنتاج مسحوق الألومنيوم للاستخدام في الدفع الصاروخي سيتيح لإيران قدرة أكبر على التحكم في سلسلة الإمدادات وجودتها.

تفاصيل الشركة المسؤولة: ووفقاً للوثائق المتعلقة ببرنامج مسحوق الألومنيوم والتي اطلعت عليها رويترز، تتولى شركة إيران ألومينا إدارة منشأة جاجرم. وهذه الشركة تابعة لمؤسسة المناجم وتنمية وتحديث الصناعات المنجمية الإيرانية وهي الشركة القابضة المملوكة للدولة في قطاع المناجم والتعدين. ولم تردّ الشركة ولا المؤسسة على طلبات للتعليق.

يقول موقع شركة إيران ألومينا الإلكتروني، إنها تدير منجماً للبوكسايت ومنشأة لإنتاج الألومنيوم في مجمع يقع على مسافة عشرة كيلومترات تقريباً إلى الشمال الشرقي من جاجرم.

كما يتم تحويل مادة البوكسايت إلى الألومينا التي تُستخدم في إنتاج معدن الألومنيوم. ويُصنع مسحوق الألومنيوم من المعدن، ويُستخدم المسحوق في منتجات شتى من الطلاء إلى الإلكترونيات إلى الألواح الشمسية والألعاب النارية.

بسبب خواصه التفجيرية يعد مسحوق الألومنيوم أيضاً عنصراً رئيسياً في وسائل الدفع بالوقود الصلب المستخدمة في إطلاق الصواريخ. وعند مزج المسحوق بمادة تحتوي على الأكسجين تنطلق كمية هائلة من الطاقة.

في 2010، أضافت الحكومة البريطانية شركة إيران ألومينا إلى قائمة الكيانات الإيرانية التي تعتقد أنها قد تستخدم بضائع مشتراة لأغراض عسكرية أو لأسلحة الدمار الشامل.

الغرض من هذه القائمة هو تنبيه التجار الذين يأملون بيع منتجات لهذه الكيانات، إلى أنهم قد يحتاجون التقدم بطلب للحصول على إذن بالتصدير. وتم سحب تلك القائمة في 2017، في أعقاب رفع عدد كبير من عقوبات الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي التي كانت سارية على إيران.

قلق بريطاني: وسألت رويترز الحكومة البريطانية عن إنتاج إيران مسحوق الألومنيوم للاستخدامات العسكرية، فقالت في بيان: “لدينا بواعث قلق كبيرة وقديمة عن برنامج الصواريخ الباليستية لدى إيران والذي يعمل على زعزعة استقرار المنطقة ويمثل تهديداً للأمن الإقليمي”.

أضاف البيان أن قيام إيران بتطوير صواريخ باليستية ذات قدرة نووية وما يتصل بها من تكنولوجيات، “لا يتفق مع” قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2231 الساري منذ 2015 والذي يدعو إيران إلى الإحجام عن الأنشطة المتعلقة بالصواريخ الباليستية المصممة للاستخدام في الأسلحة النووية.

مباحثات مع شركات صينية: توضح الرسائل التي اطلعت عليها رويترز، أن شركة إيران ألومينا أجرت مباحثات مع شركة صينية، تناولت الحصول على معدات. والشركة الصينية التي ورد اسمها في الوثائق هي شركة الإنشاءات والهندسة الخارجية الصينية للصناعات المعدنية غير الحديدية، المعروفة اختصاراً بالأحرف الإنجليزية “إن.إف.سي”.

ففي الرسالة المؤرخة في أكتوبر/تشرين الأول 2011، والموجهة إلى رئيس برنامج الصواريخ بالحرس الثوري، كتب قاسمي العضو المنتدب لشركة إيران ألومينا، يقول: “اتباعاً لتعليماتك توصلنا إلى اتفاق مع السيد لي شياو فنج… لتوريد جزء من الآلات والمعدات المطلوبة عن طريق شركة إن.إف.سي الصينية” من شركة ألمانية وشركة يابانية. وتضمن موضوع الرسالة عبارة “مسحوق الألومنيوم”.

طبقاً لما ورد في رسالة بعث بها لي شياو فنج بعد شهرين إلى قاسمي، فقد كان المسؤول الصيني يشغل منصب مساعد الرئيس ومدير الشؤون القانونية بشركة “إن.إف.سي”.

لم يتضح من الوثائق المصدر الذي اشترت منه شركة إيران ألومينا في النهاية المعدات التي استخدمتها. ولم تتمكن رويترز من التعرف على الشركتين الألمانية واليابانية المشار إليهما في الرسالة. ولم يتسنَّ الاتصال بمسؤول الشركة الصينية “لي”.

وزارة الشؤون الخارجية الصينية رداً على أسئلة عن شركتي “إن.إف.سي” و”إيران ألومينا”، قالت إنه لا علم لها بـ”الوضع الذي تصفونه”. وأضافت أن الصين تلتزم التزاماً حرفياً “بالالتزامات الدولية فيما يتعلق بعدم الانتشار النووي، وضمن ذلك القرارات التي يصدرها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة”.

في حين قالت “إن.إف.سي” لـ”رويترز”، إنها “لم تصدّر أو تساعد أي طرف في الحصول على أي تكنولوجيا أو معدات أو خدمات تتصل بإنتاج مسحوق الألومنيوم لأي غرض من الأغراض”.

كما قالت الشركة إن نشاطها يقتصر على “مجالات الاستخدام المدني”. وأضافت أنها تراعي القوانين واللوائح السارية في الصين والدول المضيفة، وتلتزم بالقرارات المعنية التي يصدرها مجلس الأمن.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى