آخر الأخبار

نصف العاملين بالقطاع الخاص فقدوا وظائفهم.. كيف يصارع الأردنيون للعيش في الأزمة الاقتصادية؟

ألقت جائحة كورونا بظلالها على الواقع الاقتصادي في الداخل الأردني،  إذ أعلنت عشرات الشركات الأردنية إفلاسها وسرّحت موظفيها في خطوة منها لتقليل الخسائر التي مُنيت بها.

عبدالرحمن قدورة شاب أردني لم يتجاوز عمره 23 عاماً تمّ فصله من العمل هو و 135 آخرين  من رفاقه في العمل، كانوا يعملون في شركة إعلامية تعمل على توزيع الصحف والنشرات الدعائية.

وبعد تأخير دام أكثر من 3 شهور قامت الشركة التي يعمل بها قدورة بصرف مستحقاتهم الشهرية المتأخرة التي تترواح بين 350 دينار و1000 دينار للموظفين الإداريين العاملين في الميدان.

يشعر عبدالرحمن بمرارة بعدما حاول الحديث مع الشركة هو وزملاؤه لعدم فصلهم من أعمالهم التي تعيلهم، خصوصاً أن قدورة عمل في العديد من الأعمال والوظائف غير الثابتة وكان آخرها وظيفة في خدمة التوصيل مع أحد فروع مطاعم “ماكدونالدز” بعمان، التي فقدها هي الأخرى بسبب فرض السلطات الأردنية حالة إغلاق المطاعم، إذ كان يتقاضى منها دخله الشهري بنحو 250-300 دينار أردني.

وكشفت نتائج استطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية عن أرقام أثارت تحذيرات المنظمات والكُتاب حول فقدان الوظائف وتدهور الأعمال.

الاستطلاع الذي جرى منتصف الشهر الجاري شمل نحو ألفي شخص توزعوا على عينتين: الأولى وطنية “1204 شخصاً” تمّ اختيارهم بشكل عشوائي من 200 موقع تغطي مناطق الأردن، والثانية عينة قادة الرأي بحسب تصنيف المركز بلغ حجمها 700 شخص.

الرقم الأكثر خطراً في الاستطلاع هو أنّ 60% من مستجيبي العينة الوطنية كان لديهم وظيفة أو عمل قبل أزمة جائحة كورونا، وقد خسر نصف الذين يعلمون في القطاعات غير الحكومية (52%) عملهم بسبب الجائحة.

علاء حسن يعمل مدرساً للفيزياء في إحدى المدارس الخاصة  بمدينة سحاب، ويدير عملاً تجارياً خاصاً به في مجال الأدوات الصناعية، في المنطقة الصناعية بنفس المدينة، كان يتراوح دخله الشهري بين 700 و1000 دينار شهرياً، بالإضافة إلى عمله كمدرس في القطاع الخاص الذي يصل مرتبه فيه إلى 350 ديناراً، لكنه وبعد أزمة كورونا أصبح دخله محله الخاص لا يتجاوز 150 ديناراً فقط شهرياً، وذلك خلال الشهرين الذي فرضت فيهما الحكومة حظراً كاملاً للتجوال مع السماح بأوقات محددة للتسوق والشراء.

ويتابع علاء قائلاً: “بعد أزمة كورونا وقرار الإغلاق التام من الحكومة خسرت وظيفتي مدرساً في إحدى المدارس، والآن اعتمادي الحالي على المحل الذي يعتمد على الدخل اليومي، تراكمت عليّ التزامات إيجار المحل والمنزل وأجور العاملين، بالإضافة إلى فواتير الماء والكهرباء الخاصة بالمحل والمنزل، علاوةً على الشيكات المرتجعة التي تحصلت عليها من المشترين والتي تفاجأ فيما بعد بأنها دون رصيد حين جاء موعد صرفها، لأن الحالة الاقتصادية متعثرة، ومن يملك في حسابه أرصدة قام بسحبها حتى تبقى معه سيولة كافية.

خصمت المدرسة التي كان يعمل بها علاء 30% من راتبه لشهر 5، وهو آخر شهر عمل فيه قبل أن يفقد وظيفته.

أما غازي حجازين الذي يعمل مضيف أرض في مطار الملكة علياء بالعاصمة الأردنية عمان، فهو الآخر كان يتقاضى 450 ديناراً وبالكاد كانت تكفيه، إلا أنه وبعد دخول كورونا البلاد واضطرار السلطات الأردنية لإغلاق مجالات الحركة الجوية والمطارات، فأصبح يتقاضى نصف الراتب وهو 225 ديناراً فقط.

مشدداً على أنه لا يزال يعاني منذ أكثر من 3 أشهر، فهو المعيل الوحيد لأسرته البالغة 4 أشخاص (طفلين وزوجته).

حجازين تعود أصوله إلى قرية من قرى مدينة الكرك، يقطن بالعاصمة الأردنية عمان مع أسرته، ويدفع إيجار شقة قدره 200 دينار، إذ انتقل للعيش بالعاصمة بسبب عدم قدرته على البقاء في قريته، خاصة أن عمله بشكل يومي ولا يحتمل التأخير.

ويتساءل حجازين: “كيف لي أن أعيل أسرتي بهذا الراتب وهو بالكاد يكفي فقط إيجار الشقة، فهناك مصاريف أخرى متعلقة بفواتير الكهرباء والماء والتي اضطررت إلى تأجيل دفعها.

اضطر الرجل إلى الاستدانة من أقاربه وأصدقائه، وأصبح مضطراً أن يبقى بالعاصمة ولا يعود لقريته حتى في ظل الأزمة، لأن عودته للعمل متعلقة بفتح المطارات التي باتت قريبة، بحسب تأكيد السلطات الرسمية.

يقول الخبير الاقتصادي الأردني عامر الشوبكي، في تصريحات خاصة لـ”عربي بوست”، إن أزمة كورونا وتداعياتها لا تزال مبهمة في العالم، في وقت يحاول فيه أصحاب الأعمال تدارك تبعات الأزمة عليهم في ظل الإغلاق الحاصل.

أما في الأردن فيشير الشوبكي إلى أن الحكومة تداركت الأمر ولو كان متأخراً وتحديداً في بداية الصيف، فكان هناك إعادة للحركة الاقتصادية، إذ إن العديد من القطاعات استعادت جزءاً من خسائرها، لكنها لم تستعد خسائرها بالكامل، منوهاً إلى أن الحركة الاقتصادية ستمتد إلى نهاية شهر أكتوبر، حيث ستعود الحركة الاقتصادية للتراجع مرة أخرى، مضيفاً أن التجار والقطاع الخاص (مؤسسات وشركات القطاع الخاص) بالأردن يسعون إلى سدّ الكلف التشغيلية الخاصة بهم والخسائر التي تراكمت عليهم في فترة الإغلاقات والحظر.

ويرى مراقبون أن الحركة الاقتصادية  في بداية شهر نوفمبر ستدخل في مرحلة ركود اقتصادي من جديد، وتحديداً عند دخول فصل الشتاء الذي كان من المفترض أن يتم تغطيته عبر إيجاد السيولة الكافية لتغطية التكاليف التشغيلية في هذا الفصل.

لكن هذا الأمر لن يتم، فهو سيولد -بحسب رؤية الشوبكي- موجة ثانية من الإغلاق لبعض الشركات والمؤسسات الفردية والمحلات التجارية، وسيولد أيضاً المزيد من العاطلين عن العمل عدا عن البطالة التي زادت بنسب كبيرة جداً والتي باتت ملاحظتها في السوق الأردنية بشكل واضح، حتى وإن لم تكن هناك إحصائيات واضحة حول نسب البطالة التي تولّدت بسبب جائحة كورونا التي أدت إلى إغلاقات واضحة لكثير من المؤسسات والشركات والمحلات التجارية، وجعلت جزءاً كبيراً من الموظفين خارج سوق العمل وتحديد في أشهر (مارس/آذار، أبريل/نيسان، مايو/أيار).

الصورة لا تزال غير واضحة، هذا ما يؤكده الخبير الاقتصادي عامر الشوبكي من أن حكومة الرزاز الحالية كانت قد تلقت إنذاراً من العاهل الأردني الملك عبدالله وكان أمامها فرصة ومحاولة أخيرة في نهاية العام الماضي ، ومنحها شهراً واحداً فقط حتى يرى نتيجة عملها، حيث لم تكن هناك نتائج عملية على أرض الواقع وقد كانت الأعباء تزيد على الأردن بدءاً من الديون وازدياد نسب الفقر والبطالة، ولا توجد خطوات مؤثرة من حكومة الرزاز لمسها المواطن الأردني.

إلا أن جاءت جائحة كورونا ومددت عمر الحكومة وساعدت وجوهاً بارزة في الحكومة مثل وزير الصحة سعد الجابر ووزير الإعلام بأمجد العضايلة بحسب تعبير الشوبكي، إضافة إلى تدخل الجيش في أزمة كورونا، وتدخل العاهل الأردني في القرارات على مستوى أزمة كورونا، علاوةً على تعاون المواطن الأردني في الأزمة.

على الرغم من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة  للتصدي لجائحة كورونا فإنه في المقابل كانت هناك إخفاقات كثيرة، آخرها القرض الذي أعلن عنه من قبل وزير المالية بـ1.7 مليار دولار بفائدة مقدارها 5.8%، وهذه تعد فائدة عالية جداً بحسب ما يراه الشوبكي، في ظل تراجع نسب الفوائد العالمية التي تصل عالمياً في كثير من الدول إلى أقل من 1%.

عدا عن أن الحكومة الأردنية سددت قرضاً فائدته 2.5%، وهذا يعني أن استمرار حالة الإقراض من قبل الأردن ستؤدي إلى تأثيرات سلبية على الاقتصاد، بحسب ما يراه الشوبكي.

ويرى الشوبكي أيضاً أن الأمر يحتاج إلى سياسات جديدة، والواقع الاقتصادي الأردني الداخلي يحتاج إلى زيادة السيولة في أيدي الشركات والمواطنين وضخ السيولة في تحريك عجلة الاقتصاد.

ويوضح أن الحكومة الأردنية لا تستطيع دعم اقتصاد الأفراد بمبالغ مالية كما حصل في أمريكا، لعدم الوصول إلى مرحلة الركود المتواتر، إذ إن الركود الاقتصادي في الأردن بحسب تقديرات صندوق النقد الدولي 3.8%، ويضيف: “أتوقع أن يصل إلى أكثر من ذلك، يمكن أن يصل إلى 10%، وهذا يعني أيضاً انخفاضاً في الناتج المحلي، مع ارتفاع نسبة الدين من الناتج المحلي إلى أكثر من 110% مع أن الإحصائيات تتحدث عن 101%، لكن هي حقيقة تصل أكثر من ذلك، لأن الحكومة حتى الآن لم تعلن ولم تعطِ تقديرات واضحة حول حجم الناتج المحلي إلى أين وصل بعد أزمة كورونا.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى