تقارير وملفات إضافية

ملياردير مقابل ملياردير.. هل تنجح خطة بلومبيرغ لهزيمة ترامب بالانتخابات؟

مئات الملايين من الدولارات تنفقها حملة المرشح الديمقراطي المحتمل مايكل بلومبيرغ، لهزيمة ترامب في الانتخابات الرئاسية، بشكل غير مسبوق في التاريخ الأمريكي.

حاولت هيلاري كلينتون مهاجمة ترامب وتشويه صورته، وكذلك فعل 16 من الجمهوريين المنافسين. لكن بعد إنفاق مئات الملايين من الدولارات على الإعلانات التي تهاجم دونالد ترامب في عام 2016، كانت النتائج هي نفسها: لم يُلحقوا أضراراً كبيرة بترامب.

والآن يحاول مايكل بلومبيرغ بطريقته الخاصة، أن ينفق الملايين كل أسبوع في هجوم إعلاني عبر الإنترنت، مسترشداً باستطلاعات الرأي والبيانات التي يعتقد هو ومستشاروه أنها توفر نظرة فريدة حول نقاط ضعف الرئيس ترامب، حسبما ورد في تقرير لصحيفة Independent البريطانية.

ولا يمثل هذا الجهد، الذي يستهدف الولايات السبع المتأرجحة التي تشير استطلاعات الرأي إلى أن ترامب من المحتمل أن يكون منافساً فيها بالانتخابات الرئاسية في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، سوى جزء من حملة إعلانية غير مسبوقة من حيث النطاق والحجم.

فعبر فيسبوك وجوجل وحدهما حيث يركز بلومبيرغ على مهاجمة الرئيس ترامب، أنفق بلومبيرغ 18 مليون دولار على الإعلانات في الشهر الماضي، وفقاً لشركة Acronym، وهي شركة مراسلة رقمية تعمل مع الديمقراطيين.

هذا علاوة على مبلغ 128 مليون دولار أنفقتها حملة بلومبيرغ على الإعلانات التلفزيونية، وفقاً لشركة Advertising Analytics، وهي شركة مستقلة، تتوقع أن ينفق بلومبيرغ ما بين 300 مليون دولار و400 مليون دولار على الإعلانات بجميع وسائل الإعلام قبل أيام الثلاثاء الحاسمة بالانتخابات الرئاسية التمهيدية في أوائل مارس/آذار 2020.

هذه المبالغ تقزم الميزانيات الإعلانية لمنافسيه، وهو ينفق بمعدل أسرع من الحملات الرئاسية السابقة كذلك. وينفق بلومبيرغ بالفعل أكثر من حملة ترامب كل أسبوع، للوصول إلى الناخبين على الإنترنت. وإذا كانت تقديرات المبالغ تشير إلى 400 مليون دولار، فسيكون هذا هو نفس ما أنفقته حملة الرئيس باراك أوباما على الإعلانات على مدار الانتخابات العامة بأكملها في عام 2012.

تمثل تلك الإعلانات رهاناً كبيراً من قِبل حملة بلومبيرغ بأن هناك عدداً كافياً من الأمريكيين الذين يتأرجحون في آرائهم حول ترامب ويمكن أن يتأثروا بالتحريض الإعلامي ضد سلوك ترامب وشخصيته.

لكن هذه الافتراضات ليست مضمونة في ظل بيئة سياسية منقسمة بشكل متزايد، على أسس حزبية وحيث تكون المعلومات الواردة من «الجانب الآخر» مشكوكاً في صحتها بالنسبة لعديد من الناخبين.

لكن مساعدي بلومبيرغ يعتقدون أنه من الضروري إغراق الناخبين بالهجمات على الرئيس قبل فوات الأوان، وهو درس تعلمه الجمهوريون في عام 2016 عندما أنفقوا بالبداية معظم ميزانياتهم الإعلانية خلال الانتخابات التمهيدية، في تمزيق بعضهم بعضاً مع تجاهل ترامب.

في أحد إعلانات حملة بلومبيرغ الجديدة، يشير رجل من ميشيغان إلى الإنفاق في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، ويقول: «كل هذا الجهد وكل هذه الأموال ولا يذهب أي منها للمساعدة في الانتخابات التي تهمنا حقاً؟»، وتخطط الحملة لبث الإعلانات على الإنترنت في أيام الثلاثاء الحاسمة للانتخابات الرئاسية التمهيدية.

ظهر رجل آخر في الإعلان وهو يشجب حقيقة أن حملة ترامب تركز بشدة على ولاية بنسلفانيا، في حين لا يركز الديمقراطيون على تلك الولاية. وقال الرجل: «على ما يبدو، يحاول ترامب الفوز ببنسلفانيا مرة أخرى، إنه هنا طوال الوقت».

في الولايات المتأرجحة مثل ولايتي ويسكونسن وبنسلفانيا، التي من المحتمل أن تقرر ما إذا كان ترامب سيُعاد انتخابه، كانت إعلانات حملة الرئيس والمجموعات الخارجية المؤيدة للرئيس، في معظمها، هي الرسائل الوحيدة المدفوعة التي شاهدها الناخبون عنه. في هذا الصدد، تركز حملة بلومبيرغ جهودها هناك، على أمل تقويض مكانة ترامب.

وقال كيفن شيكي، مدير حملة بلومبيرغ: «أُخبر أي شخص يستمع إليَّ بأن ترامب سيفوز»، مشيراً إلى أن عدم وجود دعاية مناهضة لترامب يعني في الأساس أنه «سيخوض الانتخابات من دون أي معارضة بالولايات المتأرجحة».

في المقابلات، وصف كبار الخبراء الاستراتيجيين في حملة بلومبيرغ كيف يعتقدون أنه بإمكانهم تقويض مكانة ترامب لدى الناخبين المنفتحين على إعادة النظر في دعمهم له.

ووفقاً لبيانات الحملة، يتراوح هذا العدد بين 10% و15% من الأشخاص الذين صوتوا له في عام 2016.

ويقول مساعدو بلومبيرغ إن بياناتهم تُظهر عموماً أن هؤلاء الأشخاص يميلون إلى التعبير عن خيبة أملهم من الوعود التي فشل ترامب في الوفاء بها فيما يتعلق بقضايا مثل إعادة بناء البنية التحتية للبلاد، وهو مصدر قلق قوي بشكل خاص في أماكن مثل ميشيغان.

وتُظهر بيانات بلومبيرغ أنه في معظم الولايات، يشعر هؤلاء الناخبون بالضيق من محاولة الرئيس إلغاء قانون الرعاية الصحية بأسعار معقولة دون تقديم بديل جمهوري، حيث يرى الناخبون أن ذلك يعرض تغطيتهم الصحية للخطر. إنهم ينظرون إلى استجابته لعديد من عمليات إطلاق النار الجماعية خلال فترة ولايته، على أنها تفتقر إلى العجلة والجدية، لا سيما في الضواحي المحيطة بديترويت وفيلادلفيا.

ويعبر كثير من الناخبين عن مشاعر السخط والإرهاق بعد ثلاث سنوات مما يبدو كأنه قصص يومية تدور حول ترامب، واندفاعه، واختلاله داخل إدارته، والتشاجر الحزبي في واشنطن والذي أفسد في بعض الحالات حياتهم بالمنزل والعمل.

وقال جاري بريجز، الذي كان يشغل منصب كبير مسؤولي التسويق في فيسبوك وغادر منصبه العام الماضي وانضم إلى حملة بلومبيرغ، وهو الآن يوجه نصائحه إلى حملته الرئاسية: «مع وجود هذه النسبة المئوية من الناخبين المنفتحين لإعادة النظر في انتخاب ترامب، هناك ضريبة عليهم يريدون إزالتها، وهذه الضريبة هي ما يكترثون بشأنه».

الرسائل التي تستخدمها حملة بلومبيرغ في الإعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع الإنترنت الأخرى، مصممة لهذا الشعور بالإرهاق. ويقول أحد الأشخاص الذين ظهروا على فيسبوك في ولاية كارولينا الشمالية: «قل: لا للفوضى».

كما قال رجل آخر وهو يصور صورة لرجل يغطى وجهه في يأس واضح وهو يقف فيما يبدو أنه حقل فول الصويا (كان مزارعو فول الصويا من بين أكثر المتضررين من تعريفة ترامب على البضائع الصينية): «تغريدة أخرى تمثل كذبة أخرى. لقد غرد ترامب بآلاف من التصريحات الكاذبة التي تسببت في فوضى وإحراج بلدنا».

البعض الآخر أكثر تحديداً في قضية معينة ويلعبون على فكرة يقول الخبراء الاستراتيجيون لبلومبيرغ، إنها قد اختُبرت بشكل جيد في أبحاثهم: الرئيس يبحث عن مصالح الشركات الكبرى والأثرياء، على الرغم من الوعود بتحسين حياة الأمريكيين من الطبقة العاملة.

الولايات السبع التي اختارتها حملة بلومبيرغ هي بعض أكثر الولايات تنافسية، مثل ويسكونسن وفلوريدا، وغيرها من الولايات التي يعتقد الديمقراطيون أنهم يستطيعون التخلص فيها من هيمنة الجمهوريين، مثل تكساس وأريزونا. وعلى رأس تلك الولايات ميشيغان وبنسلفانيا ونورث كارولينا.

لقد استجابت حملة ترامب بقوة لدخول بلومبيرغ في السباق، إلى حد منع صحفيي Bloomberg News من تغطية فعالياتهم، لأن الموقع قال إنه لن يقوم بإجراء تقارير استقصائية حول منافسي بلومبيرغ للفوز ببطاقة ترشيح الحزب الديمقراطي.

قام ترامب بالتقليل من شأن العمدة السابق ورفضه باعتباره تهديداً، قائلاً: «سيفشل مايكل الصغير».

من الصعب للغاية العثور على أكثر الطرق إثارة للهجوم على الرئيس الحالي، لأسباب متنوعة. لا يتمتع الرئيس بالسلطة وقوة المنصب فحسب، لكن الأمريكيين عموماً شكَّلوا وجهات نظرهم حول فترة الولاية الأولى.

قال لاري مكارثي، وهو صانع إعلانات جمهوري كتب عديداً من إعلانات لجنة العمل السياسي الفائقة التي حاولت تقليص شعبية الرئيس باراك أوباما مع الناخبين المتأرجحين في عام 2012، إنه يعتقد أن إعلاناته لم تكن فعالة، «لأن عديداً من الناخبين حسموا بالفعل رأيهم بشأن أوباما. لم يحب عدد كبير من الناخبين، حسب بياناتنا، سياسات أوباما، لكنهم لم يظنوا أنه رجل سيئ».

مع ترامب، فإن العكس هو الصحيح. تشير استطلاعات الرأي إلى أن معظم الأمريكيين يوافقون على طريقة تعامله مع الاقتصاد، لكنهم يعطونه باستمرار تصنيفاً منخفضاً للأداء الوظيفي، قائلين إنهم لا يعتقدون أنه صادق.

وتشير استطلاعات الرأي العام إلى أنه يتمتع بفرصة متساوية للفوز بعديد من الولايات المتأرجحة ضد مجموعة متنوعة من المرشحين الديمقراطيين، والتي قالت حملة بلومبيرغ إنها تتعقبها مع بياناتها الداخلية.

إلى جانب الإعلانات، تسير حملة بلومبيرغ على خط رفيع بين محاولة تقويض ترامب واستمالة الناخبين الذين قد لا يحبون الرئيس ولكنهم لا يريدون التفكير كثيراً فيه.

قال هوارد وولفسون، أحد كبار مستشاري بلومبيرغ منذ فترة طويلة، عن ترامب: «هناك نوع من القلق الذي يخلقه». وأضاف: «هذا حقيقي بالنسبة للناس»، معترفاً بالعوامل المتناقضة. وقال هوارد: «هناك بعض الناس الذين يودون القول لترامب: اتركنا وشأننا».

وقالت حملة بلومبيرغ إنها أنتجت 160 نسخة من إعلاناتها على وسائل التواصل الاجتماعي وحدها، حيث وصلت إلى 15.5 مليون شخص في أول أسبوعين من شهر ديسمبر/كانون الأول.

وقالت شركة Acronym في تحليل حديث للسباق الرئاسي: «إن حملة مايكل بلومبيرغ الوليدة أنفقت الآن على جوجل ويوتيوب في الشهر الماضي، أكثر مما أنفقته حملة ترامب طوال العام».

إن القدرة على ضخ هذا القدر الكبير من الأموال في الإعلانات لا تمكّن حملة بلومبيرغ من ضخ ملايين الرسائل أسبوعياً فحسب، بل تتيح أيضاً استهدافاً أكثر دقة للمجموعات الفردية من الناخبين غير الملتزمين، سواء أكان هؤلاء من النساء في الضواحي المعنية بشأن العنف المسلح أم الأفراد الأكثر محافظةً من الناحية المالية والذين يشعرون بالقلق من العجز السريع للأمة.

قال كين غولدشتاين، أستاذ السياسة بجامعة سان فرانسيسكو وخبير الإعلان السياسي، إن أحد أهم التأثيرات المحتملة لاستراتيجية بلومبيرغ يمكن أن يكون: كيف يملأ الفراغ في الأماكن التي تسود فيها الإعلانات المؤيدة لترامب.

في دراسة جديدة أجراها غولدشتاين مع مجموعة من الأكاديميين الآخرين المتخصصين بالمراسلة السياسية، قال إنهم وجدوا أنه في عام 2016، يبدو أنَّ نقص الإعلانات في حملة هيلاري كلينتون قد أسهم في انخفاض نسبة الإقبال بين الناخبين المؤيدين لها. ووجدت الدراسة أن الديمقراطيين الذين لديهم نزعة أقل للتصويت في ميشيغان ويسكونسن، كانوا أقل احتمالاً للمشاركة في المناطق التي كان ترامب يستثمر فيها بكثافة عبر الإنترنت، ولكن في الأماكن التي لم تقم فيها حملة هاري كلينتون بإعلانات.

وقال غولدشتاين: «التأثير الكلي كان متواضعاً، بالتأكيد. لكن هامش فوز ترامب في ميشيغان ويسكونسن كان أيضاً متواضعاً للغاية.؛».

بالإضافة إلى الانتقادات شديدة اللهجة ضد ترامب وقيادته، جرى تصميم إعلانات بلومبيرغ لإرسال رسالة إيجابية حول العمدة السابق، تصل إلى الديمقراطيين في الانتخابات التمهيدية. بلا شك، هؤلاء هم الناخبون الذين يحتاج بلومبيرغ إقناعهم أولاً، حتى يستفيد سياسياً من استثماره الضخم في الإعلانات المناهضة لترامب.

وقال تود هاريس، وهو خبير استراتيجي في المراسلة ينتمي إلى الحزب الجمهوري وعمل بعدة حملات رئاسية، وكان آخرها للسيناتور ماركو روبيو من فلوريدا: «في بعض الأحيان يكون من الأسهل تعريف نفسك بما ليس فيك». وقال إن هذه الإعلانات تصف «كل شيء عن تقديم مايكل بلومبيرغ نفسَه للناخبين الأساسيين كشخص يكره ترامب بقدر ما يكرهونه».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى