آخر الأخبارتقارير وملفات

الفساد يدخل ليبيا الى العصر الحجري

 

 

الدكتور /فرج كندي

    كاتب وباحث ليبي 

 

( سنعيد العراق الى العصر الججري) هكذا صرح وزير الدفاع الامريكي الاسبق في عهد الرئيس جورج بوش الابن اثناء الغزو الامريكي للعراق سنة 2003 ميلادي.

وبما ما تحمله  هذه الجملة  المفزعة من حقد ورعب؛ الا انه يبدو انها راقت لبعض الساسة الليبيين المتصدرين للمشهد السياسي هذه الفترة ، وايضا لبعض المتحكمين بخيوط الواقع التنفيدي بكافة اشكاله ومسمياته، و تموضوعاته واتجاه بوصلاته المتعددة والمتنوعة التجاذبات، والتي ليس لها قبلة واحدة تولي وجوهها شطرها.

ان ما يقوم به المتصدرين في الواقع الليبي المرير الملتهب  من اعمال يستحي منها التاريخ ويخجل، لدرجة الحيرة في انتقاء حروفها وصناعة الفاضها والعجز الكامل عن صياغة جملها.

ولعلهم بافعالهم المشينة يتعمدون ان يتركوا لاخفادهم وكافة الاجيال القادمة مادة واسعة ومفتوحة للعنهم والسخط عليهم، وعلى افعالهم تتناقلها الاجيال خلفا عن سلف .

لم يعرف تاريخ ليبيا الضاربة جذوره في عمق الزمن السحيق. خاصة مرحلة ليبيا بصورتها المعروفة حاليا والتي كان بدايتها مع اطلالة العقد الثاني من القرن الثامن عشر؛  عصر حكم الاسرة القرمانلية مرورا بالعصر العثماني الثاني الى الغزو الايطالي، ومرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، والعهد الملكي ثم عصر انقلاب سبتمر .

في كل مراحل هذه الاحقاب  والمراحل التاريخية المتعاقة والمختلفة  مرت على البلاد فترات عصيبة طالت او قصرت. الا انهالم تمر بما  تمر به ليبيا في هذه الفترة العصيبة –   فترة ما يطلق عليها بمرحلة الثورة المضادة – التي يقودها محور التطبيع مع العدو الصهيوني المحتل للأراضي العربية. لم يكن لها مثيل ولاشبيه يقاس عليه أو يقارب منه في استثناء. سببه هذه الثلة التي ركبت موجة الثورة لتعتلي قمة هرم السلطة والنفوذ والجاه الطارء عليها ولم يكن لها في خاطر او  يكون لها في حسبان.

ان هذه الثلة الطارئة التي تحكمت في البلاد وهيمنت على حقوق ومقدرات العباد آلات على نفسها ان تقهر المواطن و تركعه لها ،وان تمرغ انفه في التراب بعد استحواذها على السلطة والثروة والقوة. بعد ان كانت الثروة والسلطة والسلاح بيد شخص واحد .

ان مشروع هذه الثلة هو السيطرة والسطو والنهب السريع واللامحدود وقهر الشعب وتجويعه و اخضاعه بكافة الطرق والسبل المشروعة البعض والآ مشروعة في اغلب الاحيان .

تمثلت هذه الطرق والسبل في عدة صو منها  اغلاق مواني النفط ومنع التصدير،   ومنها ارتفاع سعر الدولار وسحب السيولة النقدية ونقصها في المصارف وعدم الحصول على المرتبات.

ومنها اشعال الحروب الداخلية تحت شعرات فضفاضة وكاذبة  مكافة الارهاب ، تفكيك المليشيات ، فرض سيطرة الدولة …. –  اتت على الاخضر واليابس. منها نقص الوقود والغاز. واخطرها التلاعب بالاموال المخصصة لمكافة الامراض وتهربي الوقود وهبوط قيمة الدينار و….. .

 

ان هذا المشروع الكبير والخطير الذي يستهدف ليبيا وطن وشعب تشرف علية قوى دولية واقليمية ومحلية لاهدف لها الا اسقاط ليبيا وقهر الليبيين واعادتهم الى مربع الفقر والجهل والدكتاتورية ونظام حكم الفرد.

وافضع صورة نحج فيها مخطط المشروع هو استخدام القوي الجديدة اللاعبة في المشهد الليبي واستطاعت ان تحسن استخدامه بصور مباشرة او غير مباشرة من خلال دعم عسكرة الدولة او ادخالها في حرب ضروس طويلة المدى تنهك كل الاطراف ،وتستنزف طاقات الشباب وتبدد الثروات،او من خلال تاجيج الصراع والتنافس بين الفرقاء السياسيين على مراكز القوة والنفوذ على خلفيات جهوية ومناطقية وايدولوجية نفعية من خلال تخندق كل مسؤول في مكان وظيفته وواقعة يقول ” انا الدولة ” وكانه دولة مستقلة لا يخضع الى قانون ولا يلتفت الى مصلحة شعب ولا مصير وطن .

في اطار ان كل مؤسسة او وزارة ملك للوزير او المدير يفعل ما يشاء ويوافق على ما يشاء ويرفض ما يشاء . دون اعتبار للنظم والقوانين التي تنظم علاقة الوزارة بمؤسسات الدولة ، ولا اعتبار للقوانين التي تنظم صلاحيات الوزير او االمدير . ” انا الدولة انا الثورة انا السلطة انا الشعب ”

كل هذه التصرفات ادخلت ليبيا الى هذا النفق المظلم الذي تعاني منه بسبب صراع هولاء واهدافهم واطماعهم التي نقلت ليبيا من جحيم عصر الجماهير الى اثقال العصر الحجري الذي مزق البلاد وانهك العباد.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى