تقارير وملفات إضافية

الإمارات تريد الإف 35 مقابل التطبيع، أما البحرين فعينها على سلاح إسرائيلي نوعي لردع إيران.. ولكن أداءه ضد حماس مخيّب

تريد الإمارات الحصول على طائرات أف 35 ولها مآرب أخرى من التطبيع مع إسرائيل تتعلق بتعزيز نفوذها الإقليمي، وضمان الرضا الأمريكي، وتقوية موقف حليفها دونالد ترامب في الانتخابات، ولكن ماذا تريد البحرين من التطبيع؟

وانضم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس الثلاثاء 15 سبتمبر/أيلول 2020، إلى وزراء خارجية الإمارات والبحرين في البيت الأبيض لتوقيع اتفاقيات التطبيع التاريخية بين إسرائيل والدولتين العربيتين.

أشاد ترامب بهذه المناسبة وقال إن توقيع “اتفاقيات أبراهام” سوف “يغير مجرى التاريخ”، ويسطّر “بداية شرق أوسط جديد”.

ووصف نتنياهو اليوم بأنه “محوري في مجريات التاريخ، ويمثّل فجراً جديداً للسلام”.

بالنسبة لترامب تأتي تلك الاتفاقيات في توقيت بالغ الأهمية، قبل أقل من شهرين على الانتخابات ومع تأخره في استطلاعات الرأي. وتأتي اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل والإمارات والبحرين من أهم إنجازات السياسة الخارجية في الآونة الأخيرة، حتى إذا كانت المنطقة تتجه تدريجياً نحو تطبيع العلاقات بغض النظر عمّن يشغل منصب الرئاسة في البيت الأبيض، حسبما ورد في تقرير هذا الموضوع مترجم عن شبكة CNN الأمريكية.

لسنوات أقامت إسرائيل علاقات سرية مع العديد من دول الخليج، بدافع وجود عدو مشترك خلال السنوات الأخيرة متمثل في إيران. حتى أن بعض تلك العلاقات يرجع إلى أكثر من عقد كامل على الاتفاق النووي الإيراني، عندما كانت دول الخليج تتطلع إلى الاستفادة من التقدم التقني الإسرائيلي وتتطلع إسرائيل إلى تأمين مكانها في الشرق الأوسط المضطرب.

وكانت الإمارات هي من تتصدر المشهد في تلك العلاقات التي تدار من وراء الكواليس، مع تزايد الأمثلة على نمو العلاقات بين البلدين حتى أصبحت مألوفة وشائعة. في أواخر 2015، أرسلت إسرائيل بعثة دبلوماسية إلى الوكالة الدولية للطاقة المتجددة في أبوظبي. وفي 2018، قامت وزيرة الثقافة الإسرائيلية في ذلك الوقت، ميري ريغيف، بزيارة رسمية إلى المسجد الكبير في أعقاب فوز إسرائيل بميدالية ذهبية في بطولة الجودو بالإمارات. كما وجهت الإمارات دعوتها لإسرائيل من أجل حضور معرض إكسبو 2020 في دبي، المعرض العالمي الذي تأجل بسبب جائحة فيروس كورونا.

وعلى غرار الإمارات، امتدت العلاقات السرية بين البحرين وإسرائيل لسنوات. بالإضافة لذلك، توجد في البحرين جالية يهودية صغيرة شغل أحد أعضائها منصب السفير البحريني في الولايات المتحدة في الفترة بين عامي 2008 و2013. كما استضافت المملكة الخليجية الصغيرة مؤتمر الكشف عن الجانب الاقتصادي لخطة البيت الأبيض للسلام في الشرق الأوسط، ما أشار إلى استعدادها لمشاركة الولايات المتحدة، وإسرائيل بالتبعية، في تلك القضية.

أوضحت الإمارات أن إحدى المزايا التي تراها من التوقيع على اتفاقية التطبيع مع إسرائيل أن ذلك سيسهل حصولها على مقاتلات F-35 من الولايات المتحدة، أحدث مقاتلات جوية في العسكرية الأمريكية، ما يمنحها أفضلية واضحة على أي قوة عسكرية أخرى في المنطقة، باستثناء إسرائيل.

كما تقول الإمارات إن  إسرائيل ستعلق عزمها على ضم أجزاء من الضفة الغربية، وأوضحت أنه أحد شروطها للتوقيع على اتفاقيات التطبيع. وبرغم عدم وضوح مدى استمرارية هذا التعليق، فإنه يبقي على حل قيام الدولتين محتملاً، والذي تعتبره الإمارات الحل الوحيد لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

ولكن تظل الأهداف التي ترمي إليها البحرين من اتفاقيات التطبيع أقل وضوحاً. بالنسبة للإمارات والبحرين، فإن اتفاقيات التطبيع تفتح أيضاً احتمالية شراء التقنيات الإسرائيلية المتقدمة، بما في ذلك التقنيات العسكرية مثل نظام “القبة الحديدة” المقاوم للصواريخ، فضلاً عن إمكانية التعاون في الجوانب الاقتصادية والصحية والسياحية وغيرها.

وفشلت منظومة القبة الحديدية الإسرائيلية للدفاع الجوي مراراً في اعتراض صواريخ أطلقت من قطاع غزة باتجاه تل أبيب وغيرها من المدن الإسرائيلية.

ونظر لتبعية اعتماد المنامة على الرياض اقتصادياً وأمنياً وسياسياً، فإنه ينظر للتطبيع البحريني على أنه خطوة للتمهيد، للتطبيع السعودي، الذي قد يتأخر قليلاً.

ومن الناحية السياسية، يعزز ذلك من موقف الإمارات والبحرين سواء فاز ترامب في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني بفترة ولاية ثانية أو حتى في حال فوز بايدن.

أما بالنسبة لإسرائيل فأصبح بإمكان نتنياهو الترويج لإنجاز ضخم في السياسة الخارجية، إنجاز لم يصل إليه سوى زعيمين إسرائيليين آخرين: مناحم بيجن عندما وقع معاهدة السلامة مع مصر عام 1979، وإسحاق رابين عندما وقع معاهدة السلام مع الأردن عام 1994. بل وسيصبح نتنياهو أول من يوقع على اتفاقيات تطبيع العلاقات مع دولتين عربيتين في يوم واحد.

رأت إدارة ترامب فرصة سانحة في تقلبات الشرق الأوسط واستفادت منها. مع عدم قدرة الإدارة الأمريكية على تحقيق أي تقدم في ملف الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، حول ترامب ومستشاريه انتباههم إلى بقية المنطقة، حيث أصبح أكبر صراع إقليمي الآن بين إيران من جهة ودول الخليج السنية من جهة أخرى. وهو الصراع الذي بدا لترامب بمثابة فرصة للتقارب بين إسرائيل والدول العربية.

على مر العقود، كانت واشنطن هي الوسيط الرئيسي في محادثات السلام في الشرق الأوسط، والوسيط الحاسم في المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية. ولكن الآن أصبح الفلسطينيون خارج نطاق رؤية البيت الأبيض للمنطقة. دعا ترامب الفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات، ولكن في ظل انحياز كامل للجانب الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، وإذا لم يوافق الفلسطينيون على المشاركة، فلا تمانع واشنطن إطلاقاً في تجاهلهم تماماً.

لنكن واضحين، كانت اتفاقيات التطبيع حتمية، سواء حدث الآن أو بعد سنوات، إلا أن ترامب ونتنياهو حرصا على أن يكون التوقيت مواتياً لمصالحهما. بسبب مشكلات نتنياهو الداخلية، ومع تأخر ترامب في استطلاعات الرأي قبل أقل من شهرين على الانتخابات، كانت هناك إرادة مشتركة لتحقيق شيء كبير.

ولكن لم تنتهِ تلك الجهود بعد. أشادت سلطنة عُمان بالاتفاق بين إسرائيل والبحرين، مشيرة إلى أنها قد تكون التالية في تطبيع العلاقات مع إسرائيل. وبالرغم من أن توقيع اتفاق مماثل بين إسرائيل والسعودية قد يمثل تحولاً هائلاً وتاريخياً في المنطقة، يبدو حدوث ذلك غير مرجح على المدى القصير.

دعت مبادرة السلام العربية التي قادتها السعودية عام 2002 إلى إنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني قبل تطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل، إلا أن الإمارات والبحرين اتجهتا إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل دون تحقيق أي تقدم في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. لذا اتهم الفلسطينيون كلاً من الإمارات والبحرين بخيانة القدس، والمسجد الأقصى، والقضية الفلسطينية.

وتتضاءل قائمة الخيارات المتاحة للفلسطينيين. يحظى الفلسطينيون بدعم إيران وتركيا وبعض الدول الأخرى، ولكنها خسرت شركاءها العرب بعد تقاربهم من إسرائيل، خاصة وقد فشلت الجامعة العربية في تمرير قرار يدعمه الفلسطينيون من شأنه التنديد بالاتفاق الإماراتي الإسرائيلي.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى