آخر الأخبارتقارير وملفات

عبر الهواء والماء والطعام “احذر فـالنانو بلاستيك يغزو جسدك”

تقرير ترجمة وإعداد

الإعلامى هشام محمود

عضو مؤسس بمنظمة “إعلاميون حول العالم

حذرت إيريكا سيرينو، وهي كاتبة علمية، من أن “النانو بلاستيك” (nanoplastic)، وهو حطام صغير من جسيمات البلاستيك في حجم النانو، يغزو أجسادنا عبر الهواء والطعام والماء، بحسب مقال في مركز “أوراسيا ريفيو” للأبحاث (Eurasia review) .
وأردفت إيريكا أن “المطر يطرد الجسيمات البلاستيكية الدقيقة من السماء إلى الأرض، وتتراكم الثلوج المليئة بالبلاستيك في مناطق حضرية مثل مدينة بريمن في ألمانيا والمناطق النائية مثل القطب الشمالي وجبال الألب السويسرية”.
وأضافت أن “الرياح والعواصف تحمل الجزيئات المتساقطة من المواد البلاستيكية عبر الهواء لعشرات بل مئات الأميال قبل إعادة وضعها على الأرض، فباريس ولندن وغيرهما من المدن الكبرى في العالم يلفها هواء يحمل جزيئات بلاستيكية صغيرة بما يكفي لتستقر في رئة الإنسان”.
كما أن “المناطق الحضرية بشكل خاص تمتلئ بما يعتقد العلماء أنه أحد أصناف التلوث بالجسيمات الأكثر خطورة، وهو حطام الإطارات المطاطية، فنتيجة للاحتكاك الطبيعي الناجم عن وسادات الفرامل والطرق الإسفلتية، والعوامل الجوية والتآكل، تسقط من هذه الإطارات شظايا بلاستيكية ومعادن ومواد سامة أخرى”، بحسب إيريكا.
وأفادت بأنه “مثل البلاستيك المستخدم في تصنيع المواد الاستهلاكية والتعبئة والتغليف، تحتوي الإطارات على مزيج من السموم بهدف تحسين مظهر وأداء المنتج، وتتسرب جزيئات الإطارات من مليارات السيارات والشاحنات والدراجات والجرارات والمركبات الأخرى التي تتحرك في جميع أنحاء العالم إلى الهواء والتربة والأجسام المائية”.


موت سمك السلمون
“في 2020 بدأ العلماء في فهم الخطر الجسيم، إذ توصل باحثون في ولاية واشنطن إلى أن وجود مادة “بي بي دي 6- كوينون” (PPD6-quinone)، وهو منتج ثانوي من مادة “بي بي دي 6″ (6PPD ) الكيميائية المثبتة للمطاط، كان يلعب دورا رئيسيا في موت غامض لسمك السلمون كوهر في شمال غربي المحيط الهادئ بالولايات المتحدة”، كما اضافت إيريكا.
وأوضحت أنه “عندما بشَّر هطول الأمطار في واشنطن بعودة سمك السلمون، أدى هطول الأمطار أيضا إلى غسل شظايا إطارات السيارات والجزيئات البلاستيكية الأخرى في هذه النظم البيئية للمياه العذبة، ولذا مات 90% من جميع أسماك سلمون كوهو التي تعود لتفرخ في هذه المنطقة”.
و”في 2019، قدم الأستاذ الإيطالي المساعد في جامعة ألبورج (Aalborg) بالدنمارك ألفيس فيانيلو أدلة على أن البلاستيك يدخل أجسام البشر ويمكن أن يضرنا. ومع تصاعد البحوث الصحية الشاملة، بدأنا في فهم كيف أن وجود جزيئات بلاستيكية حولنا وداخلنا في جميع الأوقات قد يؤثر على صحة الإنسان”، بحسب إيريكا.
وقال جيس فولرتسن، أستاذ الدراسات البيئية في الجامعة وزميل فيانيلو: “لدينا ما يكفي من الأدلة على أننا يجب أن نبدأ في البحث عن البلاستيك الدقيق داخل المجاري الهوائية البشرية، وحتى ذلك الحين، ليس من الواضح ما إذا كان يجب أن نقلق أم لا لأننا نتنفس البلاستيك.”
فيما قالت الباحثة جوانا كوريا براتا، حاصلة على درجة الدكتوراه ودرست اللدائن الدقيقة في جامعة أفيرو بالبرتغال، إن “جزيئات وألياف (البلاستيك الدقيق)، اعتمادا على كثافتها وحجمها وشكلها، يمكن أن تصل إلى عمق الرئة مسببة التهابا مزمنا”.
أضرار الزراعة البلاستيكية
ومن 2010 إلى 2020، بحسب إيريكا، “اكتشف علماء جزيئات بلاستيكية دقيقة في أجسام الأسماك والمحار وفي اللحوم المعلبة والأطعمة المصنعة والبيرة وملح البحر والمشروبات الغازية وماء الصنبور والمياه المعبأة في زجاجات والفواكه والخضروات”.
وأضافت أنه “بحلول أواخر الخمسينيات من القرن الماضي، رحب المزارعون الذين يكافحون لمواكبة تغذية سكان العالم المتزايدين بأبحاث نشرها علماء الزراعة تشيد بفوائد استخدام البلاستيك، وتحديدا ألواح البولي إيثيلين ذات الألوان الداكنة لتعزيز نمو المحاصيل”.
وزادت بأن “العلماء وضعوا إرشادات حول كيفية وضع الألواح البلاستيكية فوق المحاصيل للاحتفاظ بالمياه وتقليل الحاجة إلى الري ومكافحة الأعشاب الضارة والحشرات، التي لا يمكنها اختراق التربة المغلفة بالبلاستيك بسهولة”.
إيريكا استدركت: “لكن على المدى الطويل، يمكن أن يؤدي استخدام البلاستيك في الزراعة إلى خلق تربة سامة تصد الماء بدلا من امتصاصه، وهي مشكلة كارثية محتملة، إذ يتسبب وجود جزيئات البلاستيك في التربة في زيادة التعرية والغبار، بالإضافة إلى انحلال العلاقات التكافلية القديمة بين ميكروبات التربة والحشرات والفطريات التي تساعد في الحفاظ على النباتات وكوكبنا على قيد الحياة”.
وأوضحت أنه “من التربة الملوثة التي أنشأناها، تسحب النباتات جزيئات البلاستيك الصغيرة بواسطة جذورها جنبا إلى جنب مع الماء الذي تحتاجه للبقاء على قيد الحياة، مع عواقب وخيمة، إذ يؤدي تراكم جزيئات البلاستيك في جذور النبات إلى تقليل قدرته على امتصاص الماء، مما يضعف النمو، بل إن البلاستيك قد يغير التركيب الجيني للنبات بطريقة تزيد من قابليته للإصابة بالأمراض”.
البلاستيك جزء من غذائنا
و”استنادا إلى مستويات المواد البلاستيكية الدقيقة التي تم اكتشافها في النظم الغذائية البشرية، تشير تقديرات إلى أن معظم الأشخاص يتناولون عن غير قصد في أي مكان ما بين 39 ألف و52 ألف بت من البلاستيك الدقيق في وجباتهم الغذائية سنويا”، بحسب إيريكا.
وأضافت أن “هذا العدد يزيد بمقدار 90 ألف جُسيم بلاستيكي لمَن يشربون المياه المعبأة بانتظام، و4 آلاف لمَن يشربون المياه من الصنابير”.
وأفادت بأنه “في 2018، اكتشف العلماء في النمسا جزيئات بلاستيكية دقيقة في عينات البراز البشري جمعت من 8 متطوعين من 8 دول مختلفة عبر أوروبا وآسيا، وبحلول 2023، اكتشف العلماء وجود جزيئات بلاستيكية في رئتي الأشخاص ومجرى الدم والأوردة والمشيمة والبراز والخصيتين والسائل المنوي وحليب الثدي”.
و”بينما لا تزال الآثار الصحية طويلة المدى للبلاستيك على جسم الإنسان غير معروفة، فمن المفهوم جيدا أن له تأثيرات سامة على حيوانات المختبر والحياة البحرية”، كما أضافت إيريكا.

كيس شاي واحد يطلق مليارات جزيئات البلاستيك في مشروبك

كشفت دراسة جديدة أن أكياس الشاي يمكنها إطلاق مليارات من جزيئات البلاستيك في كوب الشاي الخاص بك، ويأتي هذا بعد أن حلل الباحثون في جامعه مكغيل في كندا آثار وضع 4 أكياس الشاي تجارية مختلفة في الماء المغلي.

ووجد الفريق أن كيسًا واحدًا أطلق نحو 11.6 مليار جزئ من الميكرو بلاستيك، و3.1 مليار جزئ نانو بلاستيك أيضًا، أي أعلى بآلاف المرات من كميه من البلاستيك المرصودة سابقا في المواد الغذائية والمشروبات الأخرى.

وأزال الفريق الشاي من داخل الأكياس لمنعه من التدخل في النتائج، قبل غلي الأكياس في الماء لمحاكاة عمليه صنع الشاي. وتعد الآثار الصحية لشرب هذه الجزيئات غير معروفه، وفقا للباحثين، الذين دعوا إلى التعمق في دراسة الأمر.

ويستخدم العديد من منتجي الشاي البولي بروبيلين لختم أكياسهم. ويأكل البشر في المتوسط 5 غرامات من البلاستيك كل أسبوع، وفقا لدراسة منفصلة في وقت سابق من هذا العام، أي ما يعادل وزن بطاقة الائتمان من البلاستيك.

وفي أول استعراض للمخاطر الصحية للبلاستيك في الصنبور والمياه المعبأه في زجاجات، قالت منظمه الصحة العالمية في الشهر الماضي أن جزيئات الميكرو بلاستيك “لا يبدو أنها تشكل خطرًا علي الصحة في المستويات الحالية” ولكن النتيجة الرئيسية جاءت مع استدراك كبير بأن المعلومات المتاحة محدودة ويلزم اجراء مزيد من البحوث بشأن هذه الجزيئات وكيفيه تأثيرها علي صحة الإنسان.

وقالت مديرة قسم الصحة العامة والبيئة والمحددات الاجتماعية للصحة في منظمه الصحة العالمية “ماريا نيرا”: “نحن بحاجه ماسه إلى معرفه المزيد عن التأثير الصحي لجزيئات الميكرو بلاستيك لأنها في كل مكان، بما في ذلك في مياه الشرب لدينا.”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى