دنيا ودين
. . . . . . . العشر الأوائل بيان فضلها وخصائصها والأعمال الواردة فيها .
– 1 وفي العشر الأوائل من ذي الحجة زاد للمصلحين :
. . . . . . . العشر الأوائل بيان فضلها وخصائصها والأعمال الواردة فيها .
بقلم الكاتب
المحامى محمد ابو غدير
مقدمة :
أرسل الله تعالى الرسل وأنزل الكتب من أجل إخراج الناس من الظلمات إلى النور لتحقيق الكرامة الإنسانية ونشر العدل والمساواة وإقامة التنمية الاجتماعية الاقتصادية للناس جميعا ، وهذه المهام هي رســالة المصلحين .
ولا شك أن طريق الإصلاح طويل وشاق ، إذ يتربص الطغاة والمفسدون بالمصلحين ، ليثنونهم عن رسالتهم بالتضليل أو التشكيك في المنهج أو الإبعاد عن الطريق بالتخويف أو الإرهاب ثم بالحبس أو القتل .
لذلك كان المصلحون في حاجة ملحة لزاد من الإيمان وتقوى الله يفجر ينابيع الخير من داخل نفوسهم يولد الطاقات ويشحذ الهمم والعزائم ، ليتخطوا العقبات ويكون الصدق والإخلاص و العزم و الثبات ويتحقق ما يشبه المعجزات من الإنجازات على الطريق .
ولقد شرع الله تعالى في حياة المسلمين الصالحين مواسماً سنويةً يجب عليهم أن يحرصوا على اغتنامها والاستزادة فيها من الخير عن طريق أداء بعض العبادات المشروعة ، والمحافظة على الأعمال والأقوال الصالحة التي تُقربهم من الله تعالى ، وتُعينه على الصبر على أذى الظالمين والثبات على الحق بنفس طيبةٍ وعزيمةٍ صادقة ، ومن هذه المواسم الأيام العشرة الأولى من شهر ذي الحجة .
وفي هذه الدراسة نبين فضل وخصائص العشر الأوائل من ذي الحجة ، ثم بيان أنواع العبادات والطاعات المشروعة والدروس التربوية المستفادة منها والتي تعين المصلحين إلى تحقيق رسالة الإصلاح ، ونبين ذلك في حلقات .
أولا : فضل العشر الأوائل في الكتاب والسنة :
فضلها في القرآن الكريم :
إن فضل الأيام العشر من شهر ذي الحجة قد جاء صريحاً في القرآن الكريم الذي سماها بالأيام المعلومات لعظم فضلها وشرف منزلتها لما يأتي :
وردت الإشارة إلى فضل هذه الأيام العشرة في بعض آيات القرآن الكريم ، ومنها قوله تعالى : { وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ } ( سورة الفجر 1 – 2 ) .
وقد أورد الإمام الطبري في تفسيره لهذه الآية قوله : ” وقوله : ” وَلَيَالٍ عَشْرٍ ” ، هي ليالي عشر ذي الحجة ، لإجماع الحُجة من أهل التأويل عليه .
وأكد ذلك ابن كثير في تفسيره لهذه الآية بقوله : ” والليالي العشر المراد بها عشر ذي الحجة كما قاله ابن عباسٍ وابن الزبير ومُجاهد وغير واحدٍ من السلف والخلف .
ب – فضلها في السنة النبوية :
ورد ذكر الأيام العشر من ذي الحجة في بعض أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم التي منها.
: 1 عن ابن عباس – رضي الله عنهما – أنه قال : يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” ما من أيامٍ العمل الصالح فيها أحبُّ إلى الله من هذه الأيامِ ( يعني أيامَ العشر ) . قالوا : يا رسول الله ، ولا الجهادُ في سبيل الله ؟ قال : ولا الجهادُ في سبيل الله إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله فلم يرجعْ من ذلك بشيء ” رواه أبو داود .
. 2 جابرٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :” إن العشرَ عشرُ الأضحى ، والوترُ يوم عرفة ، والشفع يوم النحر ” رواه أحمد .
. 3 عن جابر رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” ما من أيامٍ أفضل عند الله من أيامَ عشر ذي الحجة “. قال : فقال رجلٌ : يا رسول الله هن أفضل أم عِدتهن جهاداً في سبيل الله ؟ قال : ” هن أفضل من عدتهن جهاداً في سبيل الله ” رواه ابن حبان .
. 4 عن ابن عباس – رضي الله عنهما – عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ” ما من عملٍ أزكى عند الله ولا أعظم أجراً من خيرٍ يعمله في عشر الأضحى . قيل : ولا الجهادُ في سبيل الله ؟ . قال : ” ولا الجهادُ في سبيل الله إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله فلم يرجعْ من ذلك بشيء . قال وكان سعيد بن جُبيرٍ إذا دخل أيام العشر اجتهد اجتهاداً شديداً حتى ما يكاد يُقدرُ عليه ” رواه الدارمي .
. 5 عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” أفضل أيام الدنيا أيام العشر يعني عشر ذي الحجة “. قيل : ولا مثلهن في سبيل الله ؟ . قال ” ولا مثلهن في سبيل الله إلا من عفّر وجهه في التُراب ” رواه الهيثمي .
ثانيا : خصائص الأيام العشر من ذي الحجة :
للأيام العشر الأول من شهر ذي الحجة خصائص كثيرة ، نذكرُ منها ما يلي :
. 1 أن الله سبحانه وتعالى أقسم بها في كتابه الكريم ، ولاشك أن قسمُ الله تعالى بها يُنبئُ عن شرفها وفضلها فقال عز وجل : { وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ } ( سورة الفجر : الآيتان 1 -2)
. 2 أن الله تعالى سماها في كتابه ” الأيام المعلومات ” ، وشَرَعَ فيها ذكرهُ على الخصوص فقال سبحانه : { وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ } ( سورة الحج : الآية 28 ) ،
. 3 أن الأعمال الصالحة في هذه الأيام أحب إلى الله تعالى منها في غيرها؛ فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” ما من أيام أعظم عند الله ، ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التكبير والتهليل والتحميد ” ( رواه أحمد ) .
. 4 أن فيها ( يوم التروية ) ، وهو اليوم الثامن من ذي الحجة الذي تبدأ فيه أعمال الحج .
. 5 أن فيها ( يوم عرفة ) ، وهو يومٌ عظيم يُعد من مفاخر الإسلام ، وله فضائل عظيمة ، لأنه يوم مغفرة الذنوب والتجاوز عنها ، ويوم العتق من النار ، ويوم المُباهاة ، فعن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-أنها قالت : عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” ما من يومٍ أكثر من أن يُعتق الله عز وجل فيع عبداً من النار ، من يوم عرفة ، وإنه ليدنو ثم يُباهي بهم الملائكة ، فيقول : ما أراد هؤلاء ؟ ” ( رواه مسلم ).
. 6 أن فيها ( ليلة جَمع ) ، وهي ليلة المُزدلفة التي يبيت فيها الحُجاج ليلة العاشر من شهر ذي الحجة بعد دفعهم من عرفة .
. 7 أن فيها فريضة الحج الذي هو الركن الخامس من أركان الإسلام .
. 8 أن فيها ( يوم النحر ) وهو يوم العاشر من ذي الحجة ، روي عن عبد الله بن قُرْط عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ” إن أعظم الأيام عند الله تبارك وتعالى يومُ النحر ، ثم يوم القَرِّ ” ( رواه أبو داود ،)
. 9 أن الله تعالى جعلها ميقاتاً للتقرُب إليه سبحانه بذبح القرابين كسوق الهدي الخاص بالحاج ، وكالأضاحي التي يشترك فيها الحاج مع غيره من المسلمين.
. 10 أنها أفضل من الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان ؛ لما لما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية .
. 11 أن هذه الأيام المباركات تُعد مناسبةً سنويةً مُتكررة تجتمع فيها أُمهات العبادات كما أشار إلى ذلك ابن حجر، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج ، ولا يتأتى ذلك في غيره ” ( فتح الباري )
-
12. أنها أيام يشترك في خيرها وفضلها الحُجاج إلى بيت الله الحرام ، والمُقيمون في أوطانهم لأن فضلها غير مرتبطٍ بمكانٍ مُعينٍ إلا للحاج .
ثالثا : بعض الأعمال الواردة في هذه الأيام :
1 . التوبة النصوح : والتوبة : هي الرجوع إلى الله تعالى بعد معصيته، وطلب رضاه وغفرانه ورحمته، وأمّا بالنسبة له تعالى، فهي إفاضة الرحمة والرضا على العبد العاصي.
وأن النّصْح في التوبة – كما ذكر ابن القيم – أن يتضمن ثلاثة أشياء: استغراق جميع الذنوب، و إجماع العزم والصدق، و تخليصها من الشوائب والعلل، وهي أكمل ما يكون من التوبة.
-
أداء الحج والعمرة : قوله r : ( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ) .