تقارير وملفات

تفنيد أباطيل القصاص”العقاد في الميزان ما له وما عليه””الجزء الثانى”

تحليل بقلم الناقد التاريخى والسياسى لتصحيح التاريخ

شوقي محمود
فيينا – النمسا
الجمعة 6 سبتمبر 2019

في المقال السابق “مناقب العقاد” الجزء الأول من سلسلة “العقاد في الميزان ما له وما عليه”. تناولت ماجاء في مقال “عبقريات عباس العقاد: إنكار للوحي” لمحمد جلال القصاص، وفندت مافيه من افتراءات وأباطيل!!….
وفي هذا المقال سأتناول الرد علي مقال القصاص “من هو عباس العقاد؟ ترجمة أخري”!!

التدليس علي الشاطبي!!

في مقدمة مقاله يتحدث القصاص عن بعض رؤوس فرق الضلال في التاريخ الإسلامي، من أمثال الجهم بن صفوان وواصل بن عطاء، وفي بيان صفات أهل الحق وأهل الباطل، نسب إلي الإمام الشاطبي مايلي:
“وما أجمل ما قال الشاطبي ــ رحمه الله ـــ وهو يفرق بين صاحب الحق وصاحب الهوى، يقول: “إن صاحب الحق يذهب إلى النصوص الشرعية ينظر ماذا تقول ثم يمتثل، أما صحاب الهوى يذهب إلى النصوص الشرعية ليأتي بها على هواه”!!
النص السابق جاء أيضاً في مقال للقصاص بعنوان: “ولتستبين سبيل المجرمين”!!
وهذ الكلام المنسوب للشاطبي تدليس ولا أصل له، لأن الأئمة والعلماء لا يتحدثون بهذه اللغة المتدنية، فهذا أسلوب العوام وليس العلماء!!

والصواب جاء بعنوان “في ذم البدع وسوء منقلب أصحابها”، حيث قال الشاطبي: “والخامس: أنه اتباع للهوى. لأن العقل إذا لم يكن متبعا للشرع، لم يبق له إلا الهوى والشهوة، وأنت تعلم ما في اتباع الهوى وأنه ضلال مبين، ألا ترى قول الله تعالى: (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ)، فحصر الحكم في أمرين لا ثالث لهما عنده، وهو الحق والهوى، وعزل العقل مجردا إذ لا يمكن في العادة إلا ذلك. (الاعتصام ج1، ص39)

وفي موضع آخر تحدث الشاطبي عن “السبب الذي لأجله افترقت فرق المبتدعة عن جماعة المسلمين”، وفيه السبب الثاني تحت عنوان: “من أسباب الخلاف اتباع الهوى” فقال: “ولذلك سمي أهل البدع أهل الأهواء لأنهم اتبعوا أهواءهم فلم يأخذوا الأدلة الشرعية مأخذ الافتقار إليها، والتعويل عليها، حتى يصدروا عنها، بل قدموا أهواءهم، واعتمدوا على آرائهم، ثم جعلوا الأدلة الشرعية منظوراً فيها من وراء ذلك، وأكثر هؤلاء هم أهل التحسين والتقبيح، ومن مال إلى الفلاسفة وغيرهم، ويدخل في غمارهم من كان منهم يخشى السلاطين لنيل ما عندهم، أو طلباً للرياسة، فلا بد أن يميل مع الناس بهواهم، ويتأول عليهم فيما أرادوا، حسبما ذكره العلماء ونقله من مصاحبي السلاطين”.
(كتاب الاعتصام: ج 2 ص 398-399)

وفي كتاب “الموافقات” قال الشاطبي أيضاً: “المقصد الشرعي من وضع الشريعة هو إخراج المكلف عن داعية هواه حتى يكون عبداً لله اختياراً، كما هو عبد الله اضطراراً” (ج2 ص469)
___________________________

بالتدليس والكذب بدأ القصاص مقاله، وأما حديثه عن منهج أهل الحق فهل إلتزم بصفاتهم؟! أم أنه من أهل الأهواء الذين استبرؤا علي الكذب، وتجرأوا علي حدود الله؟!
لنري….!!

عَلامات مَولد النبي صلي الله عليه وسلم

يقول القصاص عن العقاد: “وفي ذات الوقت ينكر ما نقله أهل السير من شواهد كونية على ميلاد خير البشرية محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم”.
الرد من مقدمة كتاب “عبقرية محمد”، حيث يسرد العقاد حال العالم قبل بعثة محمد صلي الله عليه وسلم، ويضرب أمثلة علي إفلاس الحضارات القائمة أنذاك وهي بيزنطة وفارس والحبشة.. وكذلك الخطر المحدق بأمة العرب وقبيلة قريش مما حولها ومما هو في دخائلها وأحشائها!

بعد ذلك يقول العقاد: “والمؤرخون يُجهدون أقلامهم غاية الجهد في استقصاء بشائر الرسالة المحمدية … يسردون ما أكده الرواة منها وما لم يؤكدوه، وما قَبِلَه الثقات منها وما لم يَقْبلوه، وما أيدته الحوادث أو ناقضته، وما وافقته العلوم الحديثة أو عارضته، ويتفقون في الرأي والهوى بين تفسير الإيمان وتفسير العيان، وتفسير المعرفة وتفسير الجهالة، فهل يستطيعون أن يختلفوا لحظة واحدة في آثار تلك البشائر التي سبقت الميلاد، أو صاحبت الميلاد حين ظهرت الدعوة واستفاض أمر الإسلام”.

ثم يضيف: “لا موضع هنا لاختلاف … فما من بشارة من تلك البشائر كان لها أثر في إقناع أحد بالرسالة يوم صدع النبي بالرسالة، أو كان ثبوت الإسلام متوقفًا عليها. لأن الذين شهدوا العلامات المزعومة يوم الميلاد، لم يعرفوا يومئذ مغزاها ومؤداها، ولا عرفوا أنها علامة على شيء، أو على رسالة ستأتي بعد أربعين سنة”…
ويضيف العقاد: “قالت حوادث الكون: لقد كانت الدنيا في حاجة إلى رسالة … وقالت حقائق التاريخ: لقد كان محمد هو صاحب تلك الرسالة… ولا كلمة لقائل بعد علامة الكون وعلامة التاريخ، ولأن الذين سمعوا بالدعوة وأصاخوا إلى الرسالة بعد البشائر بأربعين سنة، لم يشهدوا بشارة واحدة منها، ولم يحتاجوا إلى شهودها ليؤمنوا بصدق ما سمعوه واحتاجوا إليه”.

اتهام بإنكار الإعجاز البياني للقرآن الكريم!!

يقول القصاص: “ان العقَّاد مضطرباً، كثير التنقل بين التوجهات الفكرية والسياسية، ففي البداية كان ينكر الإعجاز البياني للقرآن الكريم”!!
دليل القصاص علي “إنكار العقاد لإعجاز القرآن الكريم ” ما ذكره في الهامش بقوله: “روى فتحي رضوان في كتابه (عصر ورجال) ص 229: أنه تلى على العقاد سورة الناس فقال: لو نسبوا إلي هذه السورة لتبرأت منها”!!
الرد: لم يذكر رضوان أو القصاص السياق الذي قيل فيه هذا الكلام المبتور؟! ومع ذلك: أين إنكار العقاد للإعجاز البياني للقرآن الكريم فيما نُقل عنه؟!
كما أن الإيمان بأن القرآن الكريم كلام الله من صميم عقيدة المسلم، وهذا يلزم البراءة من أن تُنسب آية أو سورة من كتاب الله إلي مخلوق من الإنس أو الجن!

القصاص يطعن في مصداقية أنيس منصور ثم يستشهد به!!

أنيس منصور صحفي كان دوماً بوقاً للسلطة، ولهذا تتسم كتاباته بعدم المصداقية.. وأشار بذلك القصاص في مقاله حيث قال:
“فهناك إصرار من العلمانيين على إخراج دعاة الحق من التاريخ، فمثلاً ـ فيما يخصنا في الحديث عن العقَّاد ـ نجد أنيس منصور يكتب عن العقاد سبعمائة صفحة ولا يأت على سيد قطب مع أن سيد قطب صاحبَ عباس العقاد حيناً من الدهر، وتجده يعرض نقاشات فكرية طويلة دارت بين العقاد وجلسائه ولا يتعرض لم دار بين العقاد والرافعي ـ رحمه الله ـ بل ولا يتعرض للرافعي إلا غمزاً ولمزاً”!!

ولكن القصاص يناقض نفسه، بعد أن جعل أنيس منصورمحل ثقته، مستشهداً بما جاء في كتابه “في صالون العقاد”، مع أن منصور لم يأتي بدليل علي أي من أكاذيبه وافتراءاته كقوله:
– “ولم يكن العقاد ـ ولا أياً من ( الرواد )ـ يمارس الإسلام في حياته العامة، فعلى سبيل المثال كان صالون العقاد الأدبي يعقد صباح الجمعة وينتهي بعد الصلاة بساعة .. أي في الثانية ظهر”. (المصدر السابق ص 9 و31 و301)
– “ولم يكن الصالون يناقش قضايا مهمة أو محددة، وإنما كان مجلساً للغيبة والنميمة”. (ص 31 وما بعدها و520 وما بعدها)
– “يحضره (أي صالون العقاد) اليهود والنصارى والملحدون والبهائيون، وكانت النساء يجلسن بجوار العقَّاد وربما يداعبنه ويلمسن يديه أو يمسكن بمنكبيه ، أو يغزلن بأيديهن ويهدينه ما يغزلنه ، وقد تجلس إحداهن بجوار سريرة عارية الذراعين ببنطال ( محزق ) كأن ثوبها بشرة أخرى على بشرتها وتدخن السجائر، ويدقق النظر في يديها وخصرها، وتقول ويسمع لقولها… هذا بخلاف ما كان بينه وبين مي زيادة”. (المصدر السابق ص9 وما بعدها وص287)
– “وكان العقاد يتعالى على المرأة ويحتقرها ، وكانت له واحدة منهن ، أنجب منها طفلة ( دُرِّية) ظهرت هي وطفلتها يوم وفاته”
(المصدر السابق- فصل: وماتت ابنةُ العقاد)
ويصر القصاص علي فرية أن (دُرِّية) إبنة العقاد سفاحاً فيقول: “وتفسيري أن العقاد كمفكر اتخذ موقفاً من المرأة وعاند واستكبر ولم يتراجع عن موقفه كما هي عادته، وكواحد من بني آدام كانت نفسه تختانه .. تهوي به إلى جسدِ أنثى يسكن إليه، فعمد إلى إمرأة لا تعرف شيئاً عن الأدب والفكر ولا يعرفها أهل الأدب والفكر كان يسكن إليها بجسده، يقضي منها حاجته”!!

شهادة الجبلاوي!!

ما يؤكد كذب ادعاءات القصاص شهادة محمد طاهر الجبلاوي في كتابه “من ذكرياتي في صحبة العقاد”، التي أثبت فيها أن (بدرية) هي إبنه محمد رشاد المراسي صديق العقاد!

حكم من يرمي مسلم بالزنا!!

غلظ الإسلام في العقوبة لكل من خاض في أعراض الناس بلا بينة، ووضع شروطاً تكاد تكون تعجيزية، لمن اتهم رجلاً أو امرأة بالزنا، كما قال الله تعالي: (لَّوْلَا جَآءُو عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ ۚ فَإِذْ لَمْ يَأْتُواْ بِٱلشُّهَدَآءِ فَأُوْلَٰٓئِكَ عِندَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلْكَٰذِبُونَ)، فالشهود يجب أن يكونوا أربعة من الثقات، وأن يصفوا حالة الزنا، كما وصفها النبي صلي الله عليه وسلم بقوله: “ما يغيبُ المرودُ في المكحلة والرّشاءُ في البئر”!
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ” فلو قالوا: رأيناه عليها متجردين، فإن ذلك لا يقبل، حتى لو قالوا نشهد بأنه قد كان منها كما يكون الرجل من امرأته ، فإنها لا تكفي الشهادة، بل لا بد أن يقولوا: نشهد أن ذكره في فرجها” (الشرح الممتع ج14 ص257)

فهل أتي محمد جلال القصاص بـ 4 شهود رأوا العقاد في هذه الحالة؟!
أم إنه من الكاذبين؟!!
‏انتهي
——————————————————
قريباً -إن شاء الله- المقالات التالية:
* موقف العقاد من صلب المسيح
* القصاص الوجه الآخر
* سقطات العقاد
* الإسلاموفوبيا: من يقف ورائها؟! ومن يمولها؟!
* ثورة 25 يناير من أجهضها؟!
* كيف ننشأ وطناً؟!
(نظام سياسي يمنع الانقلابات، ميزانية بدون قروض، مجتمع بلا فتنة طائفية)
* النساء بين الحق المشروع والمعول المسموم!!

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى