منوعات

إذا كنت تظن أن عدد قارات العالم 6.. قد تكون مخطئاً، للجيولوجيين رأي آخر

كم عدد قارات العالم؟ 6 أو 7، أو ربما أكثر؟ هناك الكثير من الخلاف
حول عددها، فهي أعمق من مجرد قشرة خارجية للأرض وتاريخها أكثر تعقيداً. 

للوهلة الأولى، يبدو السؤال بسيطاً ولكن إجابته أعقد منه،
وللجيولوجيين رأي مغاير عما يدرسّه أساتذة الجغرافيا للطلاب.

بالنسبة للبعض الإجابة 5، والبعض الآخر 6، والبعض الآخر يعتقد أن
هناك 7 وهناك من يقول إن هناك أكثر من ذلك.

فما هو عدد قارات العالم الحقيقي؟

قبل الحديث عن الأرقام، من المهم تحديد مفاهيم معينة. هناك خطأ شائع
وهو الاعتقاد بأن القارة هي نفسها الصفيحة التكتونية.

تقول العالمة الجيولوجية غارسييلا أرجويو، الأستاذة السابقة في جامعة
قرطبة في الأرجنتين: «عندما نتحدث عن الصفائح، فإننا نتحدث عن مفهوم جيولوجي.
وعندما نتحدث عن القارات، فإننا نقصد بذلك مفهوماً يتعلق بالجغرافيا
السياسية».

في حديثها مع BBC Mundo، تضيف غارسييلا أن الصفائح مفصولة بشكل أعمق بكثير عن مستوى
القارة و»حدودها ملموسة ومثبتة علمياً».

توضح العالمة الجيولوجية أن الصفائح عبارة عن مجموعات كبيرة في الجزء
العلوي من الغلاف الصخري، وهو الغلاف الذي يشكل القشرة الخارجية الصلبة للكرة
الأرضية.

يمكن أن تكون الصفائح محيطية أو قارية أو جزءاً محيطياً وجزءاً
قارياً وعادة ما تصطدم ببعضها البعض.

وتابعت: «لذا، فإن كون الصفائح تحتوي قارات أم لا فهو مجرد
مصادفة».

فيما يتعلق بتوافق الآراء من الناحية الجيولوجية، هناك جدل جغرافي.

وهذا يعني أن انفصال القارات، في بعض الحالات، يخضع للنقاش.

يؤكد ألفارو سانشيز كريسبين، الباحث في قسم الجغرافيا الاقتصادية
بمعهد الجغرافيا بالجامعة الوطنية المستقلة في المكسيك (UNAM) أن: «القارة عبارة
عن كتلة كبيرة من اليابسة، تتميز على نطاق الكوكب. ولكن لا يوجد اتفاق على
التقسيمات والحدود».

في حالة إفريقيا، لا أحد يشك في أنها قارة.

في حديثه مع BBC Mundo، يقول سانشيز كريسبين:
«قارة إفريقيا في أحد الأوصاف قائمة على صفيحة تكتونية، مفصولة عن الصفائح
الأخرى أو القارات التي ربما كانت جاراتها».

ولكن مع أوروبا يتغير الوضع.

يضيف الباحث: «تتفق جميع الآراء تقليلدياً على أنها قارة. لكن
من الناحية الجيولوجية للصفائح التكتونية، أوروبا ليست قارة؛ بل هي شبه جزيرة
للقارة الآسيوية».

وتابع: «ولكن هذا ليس مفضلاً كثيراً؛ فالتفكير في الحط من
أوروبا أو تقليلها إلى فئة شبه الجزيرة -مع الكثير من التطور والتقدم وإسهامات
الحضارات القديمة وما إلى ذلك- سوف يجعلها تبدو أقل إلى حد ما».

وفي حالة أمريكا، هناك أيضاً تغييرات، على الرغم من أنها أحدث
ومُثبتة علمياً.

كان يقال إنها كانت قارة واحدة، لكن الدراسات على الأرض خلال الخمسين
عاماً الماضية أظهرت أن الأمر ليس كذلك.

يقول سانشيز: «عند رؤية الصفائح التكتونية، ومراقبة كيفية
تحركها وانقسامها، فإن أمريكا الشمالية هي صفيحة وأمريكا الجنوبية هي صفيحة
أخرى».

يتوقف الأمر على عدد من الأمور.

يشرح أستاذ الجيولوجيا في جامعة سالامانكا، غابرييل غوتيريز ألونسو:
«يفضل معظم الناس القول إن هناك 5 أو 6 قارات. الفرق هو إذا كانت أمريكا
تعتبر قارة واحدة أو قارتين، لأنها على صفيحتين تكتونيتين».

بينما بالنسبة لعالمة الجيولوجيا غارسييلا أرجويو، فإن:
«القارات على المستوى الجغرافي هي: القارة الأمريكية التي قد تُقسَّم إلى
ثلاثة أجزاء أو لا، والإفريقية، والأوراسية التي  قد تُقسَّم إلى  إلى جزأين أو لا، وأوقيانوسيا
وأنتاركتيكا»، وهكذا يصبح عددها 8 قارات.

وبالنسبة إلى البروفيسور سانشيز من معهد الجغرافيا بالجامعة الوطنية
المستقلة في المكسيك، لا يُعرف عدد القارات الموجودة، إذ أنه وفقاً له، يمكن أن
تكون القارة شيئاً مُتّفقاً عليه أكثر من كونها شيئاً دقيقاً مفصّلاً أو محدداً
بمعايير معيّنة مثل نوع الصخور مثلاً.

يقول: «عندما كنت أدرس في المدرسة، كانت هناك خمس قارات؛ أمريكا
وأوروبا وآسيا وإفريقيا وأوقيانوسيا».

في الوقت الحاضر، «من المتفق عليه أن هناك 7 قارات، لكن في تلك
القارات السبع، تكون أوروبا، وهي في الواقع شبه جزيرة، ضمن القارة الآسيوية الأكبر
في العالم».

وأضاف: «إذن، هناك آسيا، إفريقيا، أمريكا الشمالية، أمريكا
الجنوبية، أنتاركتيكا، أوروبا، أوقيانوسيا».

كما ترون، فإن التباينات في عدد القارات كثيرة، سواء اليوم أو في
الماضي. ومع تقدم العلوم والحالة الديناميكية للأرض، من المرجح أن يستمر هذا الرقم
في التغيّر، حتى أن بعض العلماء يقولون إن هناك قارة مغمورة بين أستراليا والقارة
القطبية الجنوبية تسمى زيلانديا.

يقول سانشيز: «لدينا سبع
قارات منذ عهد قريب، منذ حوالي 30 أو 40 عاماً، لأنه قبل ذلك لم تكن هناك طريقة
لرؤية العالم مقسّماً إلى صفائح تكتونية واعتبار أن هذ الصفائح يمكن أن تعيِّن
حدود القارات».

وبما أنه لا يوجد إجماع في تدريس
الجغرافيا في المدارس، فإن الاختلافات في عدد القارات ستعتمد على البلد الذي يدرّس
فيه، كما يقول الخبير.

الصورة الحالية لجغرافيا العالم حديثة جداً مقارنة
بعمر الكوكب.

يوضح ألونسو: «بدأ تاريخ الأرض منذ أكثر من
4.5 مليار سنة ولم تكن هناك قارات منذ حوالي 3.5 مليار سنة. تلك التي لدينا الآن
هي نتيجة لانفصال ما نسميه قارة بانجيا العملاقة».

 يضيف الأستاذ بجامعة سالامانكا: «منذ ما
يقرب من 175 مليون سنة، وتدريجياً وببطء، بدأت تلك القارة الضخمة تتكسّر إلى أجزاء
مختلفة وأدت إلى ظهور الكتل القارية».

وأضاف: «لكن الأرض ليست ثابتة، واستمرت
صفائحها في التحرك والنزوح بين حوالي مليمترين وما يصل إلى 30 ملم في السنة
تقريباً، رغم أنه قد يكون هناك نزوح أكبر».

يقول ألونسو: «النسبة المستخدمة عادة لهذا هي
أن الصفائح تتحرك بالسرعة التي تنمو بها أظافرنا كل عام».

بسبب تحرك الصفائح، تقول التنبؤات إن إفريقيا
ستنقسم أو أن كاليفورنيا ستنفصل عن أمريكا الشمالية.

قالت غارسييلا مازحة: «من المقدر أن يبدأ هذا
خلال حوالي 50 مليون عام، لذلك لا داعي للقلق كثيراً بشأن تجهيز الحقائب غداً أو
بعد غد».

أشارت العالمة الجيولوجية إلى تفاصيل أخرى مثيرة
للاهتمام؛ فحركات الصفائح ليست خطية، بل هناك حركات دورانية.

تقول: «على سبيل المثال، تدور أمريكا الجنوبية
في اتجاه شمالي غربي». 

ويتوقع العلماء أن حركة صفائح
الأرض في المستقبل ستشكل قارة عظمى جديدة: بانجيا الأخرى أو أماسيا.

لكن لا داعي للقلق؛ لأن هذا سيستغرق حوالي 250 مليون
عاماً.

بشكل عام، نشأت أسماء القارات كما نعرفها اليوم من
مسائل تاريخية أو ثقافية.

إفريقيا

يأتي اسمها من الرومان وبسبب قبيلة إفريقية.

بعد فتح مدينة قرطاج، في شمال إفريقيا، خلال الحرب
البونية الثالثة (المواجهة العسكرية بين الجمهورية الرومانية ومستعمرة قرطاج
الفينيقية القديمة) في عام 146 قبل الميلاد، أطلق الرومان على الإقليم اسم إفريقيا
على اسم قبيلة أفري البربرية، التي عاشت في تونس الحالية وشرق الجزائر.

مع استمرار الرومان في التوسع في المنطقة في جميع
الاتجاهات، بدأ اسم إفريقيا ليكون مرادفاً لهذه الأراضي التي أصبحت قارة، كما يشرح
القاموس المختصر لأسماء الأماكن العالمية من لأكسفورد.

ويوضح القاموس: «قد تكون أفري مستمدة من
الكلمة البربرية (أفار) التي تعني الغبار أو التربة».

أمريكا

يأتي اسم القارة من اسم المستكشف الإيطالي أمريكو
فسبوتشي الذي شارك في اثنتين على الأقل من الرحلات إلى ما يُعرف بـ (العالم
الجديد).

المرة الأولى التي استُخدم فيها هذا الاسم للإشارة
إلى القارة كانت على خريطة رُسمت عام 1507 لرسام الخرائط الألماني مارتن
فالدسميلر، وهي تُعدّ شهادة الميلاد لأمريكا.

وفي حديثه مع BBC Mundo في مقال نُشر عام 2018، قال جون هيسلر، أمين
مكتبة الكونغرس في الولايات المتحدة، حيث توجد النسخة الوحيدة من تلك الخريطة التي
نجت مع مرور الزمن: «من المتوقع أن يكون رسام الخرائط قد أخذ اسم أميريكو
وقام بتحويله إلى صيغة مؤنّثة؛ لأن الأسماء الأخرى للقارات في اللغة اللاتينية
كانت أنثوية».

أنتارتيكا

يأتي اسم القارة القطبية الجنوبية أو أنتارتيكا من
المقابل للقطب الشمالي.

أي أن القارة القطبية الجنوبية (أنتارتيكا) تعني
(عكس القطب الشمالي) وتستمد من (anti) التي
تعني (عكس) باليونانية، و(arktikos) أي
القطب الشمالي.

تجدر الإشارة إلى أن القطب الشمالي أو أركتيك ليس
قارة؛ بل بحر متجمد.

آسيا

معناها غير معروف، ولكن هناك العديد من النظريات،
يسرد بعضها القاموس الموجزة لأسماء الأماكن العالمية من أكسفورد.

قد تكون مُستمدَّة من كلمة (asa) التي تعني (الشرق) في اللغة الفينيقية أو
كلمة aṣû أي (الخروج) أو (الصعود)، في إشارة إلى
اتجاه الشمس عند شروقها في الشرق الأوسط  وذلك باللغة الأكادية المنقرضة في
بلاد ما بين النهرين القديمة.

الاحتمال الآخر هو أنها تأتي من (Assuva) أو (Asuwa) التي ذكرها ملك الحيثيين عندما أعلن
انتصاره في (أرض Assuva) في عام 1235 قبل الميلاد.

كذلك قد يكون مستمداً من اسمٍ نشأ في تركيا وانتشر
بسرعة في جميع أنحاء المنطقة نحو الشرق.

أوروبا

الخيار الأول أن اسم القارة متعلق بالأساطير
الإغريقية.

كانت أوروبا ابنة أجينور، ملك صور القديمة (لبنان
الحالية) الذي طرده زيوس كبير آلهة الإغريق من جزيرة كريت.

جغرافياً، ورد ذكرها لأول مرة في قصيدة يونانية في
القرن الثامن قبل الميلاد، لكن استخدامها لم يكن واسع الانتشار حتى القرن السابع
عشر، كما يقول القاموس المختصر لأسماء الأماكن العالمية من أكسفورد.

يرتبط اسم أوروبا أيضاً بالكلمة اليونانية (eurys)، والتي تعني منطقة واسعة.

كما قد تكون مستمدة من (ereb) الفينيقية، التي تعني (الغرب) أو (أرض غروب
الشمس).

أوقيانوسيا

اقترح كونراد مالت-برون، عالم الجغرافيا الدنماركي، اسم القارة في
عام 1812.

وربما اشتقت من أوقيانوس، التيتان وابن أورانوس
(إله السماء) وغايا (الأم الأرض)، الذين حكموا المحيط، وفقاً للميثولوجيا
الإغريقية.

الحقيقة هي أنه بالإضافة إلى الأسماء والخلافات حول
عدد القارات، من المهم أن نؤكِّد على أن الأرض نظام معقد وديناميكي وغير ثابت على
الإطلاق.

تقول غارسييلا أرجويو: «يعتقد
الكثيرون أن المعالم الطبيعية شيء ثابت لن يتغير، لكن كل الصفائح تتحرك، وفي مكان
ما في العالم هناك زلزال أو انهيار أرضي».

واختتمت: «طوال الوقت هناك تغيرات جيولوجية
على هذا الكوكب».

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى