لايف ستايل

تسريع تصريح الأدوية يثير تساؤلات حول المصالح بين الحكومات وهوامير صناعة الأدوية

في عام 2011، حصل عقارٌ اسمه ماكينا على تصديق من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية المسؤولة عن تصريح الأدوية بناءً على تجارب صغيرة توضح أنه منع الولادة المبكرة. 

وبعد ذلك، وجدت دراسات أكبر أنه لم يفعل ذلك، حتى إن أحد المستشفيات قدم تقارير تفيد بزيادة معدلات سكري الحمل لدى النساء اللاتي يتناولن هذا الدواء

ثم في شهر أكتوبر/تشرين الأول
2019، وجدت دراسة تجريبية كبرى أن ماكينا لم يكن سوى دواء وهمي، وأوصت لجنةٌ من
إدارة الغذاء والدواء بسحبه من السوق، إلى أن يتم اتخاذ قرار نهائي من قِبل إدارة
الغذاء والدواء. 

لم يكن ماكينا الدواء الوحيد،
فهناك عديد من الأدوية التي تُطرح على عجلة للسوق
بتصديق وكالات الدواء حول العالم بعد اختبارات محدودة. 

تُعتمد الأدوية بناءً على
نتائج أولية، أو من أجل استخدام محدد، وبعد ذلك توصف لشيء آخر على نطاق
واسع. 

وهناك سؤال مقلق يحوم حول
المسألة وهو: هل هذه الوكالات تعمل على حماية العامة، أم لزيادة أرباح شركات
الدواء؟

نميل جميعاً إلى اعتقاد أن أي علاج يقدمه لنا الأطباء هو أفضل خيار متاح بالنسبة لنا، بناءً على أدلة قوية. لكن المسألة ليست أن بعض الأدوية المُصدَّق عليها لا تعمل وحسب، بل ربما يكون تأثيرها أسوأ من عدم فعل شيء، بحسب ما أوضحته مجلة New Scientist.

أكثر من 91% من قرارات إدارة
الغذاء والدواء الأمريكية أو وكالة الأدوية الأوروبية، التي توافق على التصديق،
تكون لها تداعيات على المستوى الدولي. 

وأعلنت إدارة الغذاء والدواء
مؤخراً عن مبادرة بالاشتراك مع كندا وأستراليا، من أجل اعتمادات متزامنة
أسرع لأدوية معينة للسرطان على سبيل المثال. 

حتى عندما لا يكون التعاون
غير مباشر، فقرارات إدارة الغذاء والدواء يكون لها صدى، أي إن العملية الأمريكية
يُنظر إليها باعتبارها المعايير القياسية على مستوى العالم، والأدوية
التي تحصل على تصديقات سريعة من إدارة الغذاء والدواء أو وكالة الأدوية الأوروبية
يمكنها الدخول إلى مسارات سريعة في أي جهة مسؤولة بأي مكان آخر.

لم تكن السرعة عاملاً له
أولوية دائماً. في نهاية السبعينيات، كانت عملية التصديق بطيئةً بمعنى الكلمة:
كانت تستغرق متوسط 35 شهراً حتى تنهي مراجعة دواء معين. اليوم، يستغرق
الأمر أقل من عام

وبدايةً من تسعينيات القرن
الماضي، طرأت كثير من الإجراءات التي تهدف إلى تسريع عمليات التصديق، وكان الدافع
في هذا على نحو كبير، يعود لطلبٍ من العامة الذين يواجهون أمراضاً تهدد حياتهم أو
تقوضها. 

وتأسست مساراتٌ جديدة لتمنح
مدخلاً أسرع للأدوية التي تهتم بمشكلة طبية مهمة لم تُحل بعد، أو الأدوية التي
تمثل طفرة في طريقة فهمنا وعلاجنا لأحد الأمراض.

لكن على الرغم من هذه الأهداف الأولية النبيلة، أصبح اليوم هناك عديد من الأدوية التي تستعجل، على الرغم من أنها لا تندرج تحت أي بند من البنود السالف ذكرها. 

في عام 2008، منحت إدارة
الغذاء والدواء تصريحاً لدواء اسمه بيماتروبست، يُستخدَم لتحفيز نمو رموش العين.

يقول كاليب أليكساندر، من جامعة جونز هوبكينز
بولاية ميريلاند الأمريكية: «أصبح الأمر متزايداً، حتى أصبحت هذه المسارات هي
الطبيعي بعد أن كانت الاستثناء». 

اليوم، أكثر من نصف إجمالي الأدوية التي تصرح بها إدارة
الغذاء والدواء
، حصلت على تصريح عاجل من نوع ما.

قالت إدارة الغذاء والدواء إن
الأدوية المصرح بها بهذه الطريقة «مطابقة لمعايير التصريح نفسها مثل تصريحات
إدارة الغذاء والدواء الأخرى». 

لكن بعض العلماء لهم رأي
مخالف. 

يقول جوناثان دارو، من كلية
الطب بجامعة هارفارد: «تعتمد هذه التصاريح على تجارب أقل». 

وتتفق معه باربرا مينتزيس، من
جامعة سيدني، وتقول: «هذه التجارب عادةً لا تكون عشوائية مثلما كانت منذ 20
عاماً، ولا مجهولة، ولا محكومة بمجموعة تتناول الدواء الوهمي، وأصبحت
أصغر». 

وأضافت: «في ظل
التصديقات العاجلة، أصبح هناك اتجاه نحو تقليل الأدلة المطلوبة».

أصبحت الاعتمادات السريعة
أوسع انتشاراً في أوروبا أيضاً. منذ عام 2006، أصبحت وكالة الدواء الأوروبية قادرة
على منح «إذن تسويق مشروط» للأدوية الجديدة التي
تعالج الأمراض الخطيرة أو النادرة، استجابة لحالات الطوارئ في الصحة العامة، لكن
عديداً منها لا يلاقي المستوى القياسي للأدلة على أنها تعمل.

تشمل هذه المعايير الأقل
الموافقة على العلامات البديلة. على سبيل المثال، تحتاج
الشركة فقط إثبات أن الدواء يقلل ضغط الدم، بدلاً من أن تكتشف إذا كان يمنع
النوبات القلبية أم لا. 

يقول جويل ليكستشن، من جامعة تورونتو في كندا: «هذه الأشياء لا
تخبرنا بالضرورة بأن الناس سيعيشون فترة أطول أو حياة أفضل». 

يقول آدم سيفو، من كلية الطب بجامعة شيكاغو، إنه عادةً ما تحصل
الأدوية الجديدة المشابهة لأدوية موجودة بالفعل، لعلاج الحالات نفسها بناءً على
العلامات البديلة. 

وهذا يشمل بعض أكثر الأدوية
التي نستعملها، مثل الستاتينات وهي عقاقير تخفض من الكوليسترول. 

يقول سيفو: «إذا قارنت
بين الأتروستاتين، والبرافاستاتين، والسيمفاستاتين، فستجد أنها جميعاً أدوية
مختلفة». 

وأضاف: «لأنه ليست لدينا تجارب تقارن بينها، أو حتى تجارب فردية لكل دواء مع وجود مجموعة محكومة بالدواء الوهمي، تمكننا من مقارنة تلك التجارب، فإننا لا نكون قادرين عادة على أن نقرر بوضوحٍ ما هو الأفضل بين هذه العقاقير».

هذه هي حالة عديد من علاجات
السرطان، التي تشكل الغالبية العظمى من الأدوية المصدَّق عليها من خلال هذه
المسارات المسرعة. 

عادة ما تكون لعلاجات السرطان
أعراض جانبية منهكة، لذلك معرفة ما إذا كان هذا الدواء يزيد من العمر أم لا، قد
تكون مسألة أساسية في أن يقرر المريض تناولها من الأساس أم لا.

في الفترة من 2009 حتى 2013،
صدَّقت وكالة الدواء الأوروبية، في المسار العاجل والطبيعي، على 46 علاجاً
للسرطان، من أجل 68 استخداماً مختلفاً. 

في وقت التصريح، أظهرت
الأدوية تحسُّن فرص النجاة في ثلث هذه الاستخدامات فقط، وأظهرت في 10% فقط تحسين
لجودة الحياة. 

حتى بعد طرح هذه العقاقير في
السوق بفترة تتراوح بين 3 و8 أعوام، ما زالت لم تُظهِر تحسُّناً في فرص النجاة أو
جودة الحياة لنصف الاستخدامات المصرحة.

عديد من عقاقير السرطان
المصرح بها من إدارة الغذاء والدواء لها فوائد غير واضحة بالمثل

تقول باربرا إنه في الفترة من
1992 حتى 2017، «أظهر 19 علاجاً جديداً من أصل 93 آثاراً إيجابية في زيادة
العمر».

لنلقِ نظرة على دواء أفينيتور، الذي يُستخدَم في علاج سرطان الثدي المتنقِّل.
أجازت إدارة الغذاء والدواء هذا العقار في عام 2012 بناء على دلالات بديلة، أنه
يحد من نمو الأورام، لكنه لم يُظهر منذ ذلك الحين زيادة في العمر

يقول فيناي براساد، عالِم الأورام في جامعة أوريغون للصحة والعلوم:
«إنه مكلف للغاية، وله آثار جانبية حقيقية، ولا يمنحك عمراً أطول».
وأضاف: «ومع ذلك، ما زال في السوق بالولايات المتحدة والاتحاد
الأوروبي».

عندما يصرح بالأدوية بناءً
على أدلةٍ ضئيلة، يكون هناك تفاهم أحياناً على أن التجارب ستُجرى بعد الحصول على
الضوء الأخضر للبدء، مثلما حدث مع ماكينا. لكن هذه التجارب قد تستغرق سنوات
لتكتمل، وعادةً ما تكون رديئة. وفي بعض الحالات لا تحدث هذه التجارب على الإطلاق
ببساطة. نصف الدراسات التي طلبتها إدارة الغذاء والدواء بعد الطرح في
الأسواق لم تكتمل بعد 5 سنوات
.

عندما يجد الدواء طريقه إلى
السوق، يصعب سحبه مرة أخرى. عندما صدرت البيانات الأخيرة عن ماكينا، قالت الكلية الأمريكية
لأطباء النساء والولادة، التي تضم أكثر من 58 عضواً، إنها ستظل توصي بوصف هذا العلاج.

قد يكون المنطق، جزئياً، أن
تقدم شيئاً أفضل من ألا تقدم شيئاً على الإطلاق. 

في لجنة إدارة الغذاء والدواء
الاستشارية المكونة من 16 عضواً، والتي أوصت بسحب ماكينا من الأسواق، صوَّت 7
أفراد ضد هذا الإجراء. 

كان من بينهم جوناثان ديفيس،
طبيب الأطفال بمركز تافتس الطبي في ماساتشوستس. أراد أن تبقى ماكينا في السوق حتى
تُجرى تجارب أخرى، بسبب مخاوفه من أن يسعى الأطباء لبدائل أخطر إذا لم يعد هذا
الخيار متاحاً أمامهم. 

الحقيقة أنه في بعض الأحيان
تكون الأدوية التي يصفها الطبيب، ليست سوى أفضل تخمين لديه. 

فمبجرد اعتماد الدواء لغرض
ما، يمكن أن يصفه الطبيب لاستخدامات أخرى. فعلى سبيل المثال، الهدف الرسمي من
ماكينا هو النساء الحوامل اللاتي مررن بولادة مبكرة مفاجئة قبل ذلك. 

تقول آمي رومانو، قابلة
وباحثة في رعاية الأم من مدينة ميلفورد بولاية كونكتيكت: «لكن الأطباء يصفونه
لكل أنواع عوامل الخطر الأخرى». 

وأضافت: «حتى لو أثبتت التجارب أنه لا يفعل شيئاً، فالأطباء يستمرون في وصفه لمرضاهم، لأنهم يريدون فعل شيء، بدلاً من اللاشيء».

The relationship between #pharma and #Psychiatry is one of those areas of life that is so clearly criminal, so obviously fraudulent, so brazenly injurious to the welfare of humanity, that it has to be ignored. Because to admit to it being true would shatter so much of how we live https://t.co/NIqiq4kuxP

قد يكون وصف الأدوية لغير
غرضها أيضاً مفيداً لشركات الدواء التي تصنع أدوية تُعرف باسم «الأدوية
اليتيمة». 

وهي أدويةٌ تهدف إلى علاج
أمراض نادرة، أو حسب تعريف إدارة الغذاء والدواء، هي الأدوية التي تؤثر في أقل من 200 ألف شخص

في أمريكا وبأماكن مثل أوروبا
وأستراليا، تضمن الأدوية اليتيمة تصريحات عاجلة، ومصاريف أقل، أو إعفاءات
ضريبية. 

في عام 2018، 34 من أصل 59 دواء جديداً صرحت بها إدارة الغذاء
والدواء، كانت أدوية يتيمة. 

بعد التصريح، يحصل
المُصنِّعون عادة على حقوق حصرية لتسويق الدواء الجديد لسنوات عديدة. قد تمتد هذه
المدة مع الأدوية اليتيمة، وهو ما يتيح للشركات وضع أسعار مرتفعة لوقت أطول. 

كان ماكينا مصرحاً باعتباره
«دواء يتيماً». وطُرِحَ في الأسواق في البداية مقابل 1500 دولار للحقنة
الواحدة، أو 30 ألف دولار طوال الحمل.

من غير القانوني لشركات
الدواء أن تسوق عن عمد لدوائها من أجل أمراض لم يُصرح من أجلها. 

لكن هل يمكن لإدارة الغذاء
والدواء أن تتدخل إذا فعل مسؤولو المبيعات هذا، أصبح الآن أمراً «ضبابياً بعض
الشيء»، بسبب قضية تعود لعام 2012.

تبدأ القصة بألفريد كارونيا،
مندوب مبيعات من الشركة التي صنعت زيرم، وهو دواء مصرح رسمياً لعلاج مرض
الخدر. 

وفي عام 2005، سُجل لكارونيا
وهو يقول للطبيب إن هذا الدواء قد ينفع من يعانون الأرق والآلام الليفية العضلية،
التي تظهر في مرض الشلل الرعاش، والتصلب المتعدد، واستخدامه آمن لدى الأطفال.

قالت الحكومة الأمريكية إن
كارونيا كان «يسوق لدواء خطير لاستخدام لم تصرح به إدارة الغذاء
والدواء». 

وفي عام 2009، أُدين بالتسويق
المضلل، وتلقى حكماً بعام مع إيقاف التنفيذ، و100 ساعة من الخدمة العامة. 

لكن كارونيا طعن في الحكم،
استناداً إلى أنه كان يمارس حقه في حرية التعبير. وفي عام 2012، ألغت إحدى محاكم
الطعن إدانته.

يعتقد الخبراء أن إدارة
الغذاء والدواء لا ترغب في ملاحقة مثل هذه القضايا، فإذا وصلت إحدى هذه القضايا
إلى المحكمة الأمريكية العليا، وخسرت الإدارة، فستفقد قدرتها على تنظيم الأدوية
والأجهزة الطبية على نحو فعال. 

منذ قضية كارونيا، يبدو أن عدد خطابات التحذيرات التي ترسلها إدارة الغذاء
والدواء إلى شركات الدواء تناقَصَ كثير
اً. 

لكن تبقى المسألة أن
استخدامات الدواء لأغراض غير المصرح بها قد تكون خطيرة. فعلى سبيل المثال، قد تكون لها نتائج عكسية أو تحفز ظهور الحساسية.

بالنسبة لكثيرين، عندما تنظر
غلى كل هذه المسائل معاً تجد مصدراً كبيراً للقلق، هل إدارة الغذاء والدواء تقدم
مصالح شركات الدواء على مصالح العامة؟

من المؤكد أن هناك كمية
متزايدة من تمويلات وكالة الغذاء والدواء تأتي من قطاع صناعة الأدوية. 

بموجب قانون رسوم استخدام
الأدوية المقدم في عام 1992، وافقت شركات الدواء على دفع مصاريف، للمساعدة في
تمويل مزيد من مرتبات إدارة الغذاء والدواء، وفي المقابل، وافقت الإدارة على
الإسراع في إصدار الموافقات. 

وقتها كانت تتلقى الإدارة نحو
36 مليون دولار في العام من تمويل الشركات، بناءً على ما يقوله دارو.

منذ ذلك الحين، تجددت وازدادت هذه الرسوم مراراً. ويقول: «وصل المبلغ
حالياً إلى 1.5 مليار دولار، تأتي من رسوم المستخدمين». 

وفي وكالة الدواء الأوروبية، 89% من الميزانية السنوية التي تبلغ 330 مليون
يورو، تأتي من رسوم مشابهة

بالنسبة لإدارة الغذاء
والدواء، تشكل الرسوم نسبة 45%. يقول دارو: «هناك ما يدعو إلى القلق بشأن
جودة الأدلة ورغبة إدارة الغذاء والدواء في التفكير في هذه الصناعة باعتبارها
العميل الأول لديها، بدلاً من العامة».

تواصلت مجلة New Scientist مع كلتا الوكالتين،
لتسألهما عن مشاكل تعارض الاستقلال المادي مع مهامهما في خدمة العامة. لم تستجب
وكالة الدواء الأوروبية. 

وردَّ ممثل عن إدارة الغذاء
والدواء الأمريكية بتصريح مكتوب، قال فيه إن رسوم المستخدمين مخصصة «لتوظيف
مزيد من العاملين وتحسين نظام تكنولوجيا المعلومات»، وإن قانون رسوم المستخدم
«ألزم الوكالة بالإسراع في عملية مراجعة الطلبات المقدمة للأدوية الجديدة دون
المساس بالمعايير العالية لسلامة الدواء الجديد وكفاءته وجودته».

الرسوم المباشرة ليست الطريقة
الوحيدة التي يمكن ان تؤثر الصناعة بها على إدارة الغذاء والدواء. قد تعرض شركات
الدواء مبلغاً من المال مقابل العمل في المجالس الاستشارية أو لتغطية مصاريف
الإقامة والسفر لأعضاء مجلس إدارة الغذاء والدواء بعد الموافقة على أحد الأدوية، لتجنُّب الحاجة للإبلاغ عن تضارب المصالح قبل
الحصول على التصريح
.

بعد الحصول على التصريح، من
الممكن أن تتأثَّر الطريقة التي تُسوَّق وتُوصَف بها هذه الأدوية بتمويلات شركات
الأدوية، حتى ولو على نطاقٍ صغير للغاية. 

وجدت دراسة في عام 2018 أن
الأطباء الذين يتلقون أرباحاً من الشركات التي تصنع الأدوية المخدرة، تزداد احتمالية وصفهم لها، حتى عندما تكون هذه الأرباح
ضئيلة بحجم وجبةٍ ثمنها 13 دولاراً.

التحسُّن

الخطوة الأولى في اتجاه حل
هذه المشاكل هو إلقاء الضوء عليها، وهناك عدد متزايد من الجماعات النشطة من
الأطباء، والباحثين، والمحامين، والمشرعين يحاولون فعل هذا. 

فعلى سبيل المثال يكتب براساد
كتاباً يفضح فيه الأخطاء في طريقة التصديق على أدوية السرطان ووصفها. 

وينشر دارو دراسة بعد دراسة، يتفحص فيها الفروقات
الدقيقة في كيفية وصول العقاقير للسوق بالولايات المتحدة وخارجها. 

شهد آرون كيسلهايم من كلية الطب بجامعة هارفارد، والمؤلف المساعد
لدارو في عديد من الأوراق البحثية، أمام الكونغرس الأمريكي، عدة مرات، ليلفت الانتباه
إلى مشاكل تطوير الدواء، وتصريحاته وأسعاره.

لكن التغيير يحدث ببطء.
الأكثر من ذلك أن معظم الأطباء والعلماء الذين تواصلت معهم مجلة New
Scientist
الأمريكية لم يلقوا باللوم بالضرورة على الهيئات التنظيمية في مسألة قلة الأدلة
التي تدعم عديداً من الأدوية الجديدة. 

وأشاروا إلى أن هذه المنظمات،
مثل إدارة الغذاء والدواء، توازن بين الحاجة لأدلة علمية والضغط الواقع عليها من
الأطباء وجماعات دعم المرضى، حتى لو كانت بعض هذه الجماعات تمولها شركات أدوية.

يقول حسين ناسي، من كلية لندن
للاقتصاد: «يجب أن تُقيّم العقاقير بناءً على مدى تأثيرها على زيادة العمر
بشكل عام في معظم الأحيان».

يقول دارو إنه عندما تُعتمَد
الأدوية دون دليل واضح على أنها تعمل، يجب توضيح ذلك على الغلاف. وقال:
«يبالغ المرضى في تقدير قيمة الأدوية الجديدة، أكثر عشر مرات في بعض
الحالات». وأضاف: «ما نحتاجه حقاً هو مربع حقائق عن الدواء، مثلما لدينا
مربع حقائق غذائية، نستخدم فيه مصطلحات يفهمها المريض».

إحدى الأفكار التي تجذب
مزيداً من الانتباه من أجل الأدوية التي تُعتمد تلقائياً، أن تُسحب من السوق إذا
لم تحقق تحسناً في زيادة العمر بعد عدد معين من السنين. 

بينما يواصل دعاة الإصلاح
الطريق الشاق في اتجاه تغيير حقيقي، هناك أشياء يمكن أن نفعلها جميعاً، لنتأكد
أننا نحصل على أفضل أدوية ممكنة. 

يبدأ هذا بأداء دور نشط في
الرعاية الصحية، وموازنة مخاطر ومنافع أي علاج جديد.

يقول براساد: «ولَّت
الأيام التي يقول لك فيها الطبيب إنك تحتاج العقار أ. في هذه الأيام يجب أن يقول
لك الطبيب: «دعنا نجلس ونتحدث عن العقار أ، ونتحدث عن العقار ب، ونتحدث عما
سيحدث لو لم نفعل شيئاً».

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى