لايف ستايل

الهروب من كافة أشكال التعامل مع الآخرين.. تعرّف على اضطراب الشخصية التجنبية

لا أحد يتمتع بالنقد أو الرفض أو الإحراج، لكن في بعض الأحيان يقضي الناس حياتهم كلها في تجنب هذه المشاعر بشكل مُبالغ فيه، وهو ما قد يتحول إلى اضطراب بالشخصية، يسمى اضطراب الشخصية التجنبية، فقد يُعاني المُصاب اجتماعياً بفرط الحساسية للرفض والشعور المستمر بعدم الملاءمة والانسجام مع الآخرين، من مرض عقلي يُعرف باسم اضطراب الشخصية التجنبية (AVPD).

خلال هذا الاضطراب يُعاني الأشخاص المُصابون به من الإحراج الاجتماعي، ويقضون الكثير من الوقت في التركيز على أوجه القصور لديهم، كذلك فهم مترددون جداً في تكوين علاقات بسبب خوفهم المُبالغ فيه من الرفض، غالباً ما يؤدي هذا إلى الشعور بالوحدة وتجنب العلاقات في العمل وأماكن أخرى، من خلال السطور التالية يُمكننا التعرّف معاً على اضطراب الشخصية التجنبية، وكيف يمكن التعامل معه.

خلال اضطراب الشخصية التجنبية (APD) يكون التجنب والتثبيط الاجتماعي نمطين دائمين من السلوك، قد يكون مُصاحباً لهذا النمط شعور بالنقص، والحساسية المُبالغ فيها تجاه الرفض، كما سبق الذكر، يُظهر المصابون بهذا الاضطراب نمطاً دائماً من التجنب بسبب الخوف من الرفض، لأنهم يشعرون بالألم الشديد إذا تعرضوا للرفض، يؤثر الاضطراب على الرجال والنساء بأعداد مُتساوية تقريباً.

يتميز اضطراب الشخصية التجنبية بثلاثة مكونات رئيسية، هي: التثبيط الاجتماعي، مشاعر النقص، حساسية تجاه النقد أو الرفض.

لكي يتمكن المُختص من تشخيص هذا الاضطراب يجب أن يكون الشخص قد اختبر هذه الأعراض في الوقت الذي يصل فيه إلى سن البلوغ، فيجب أن يكون قد مرّ بأربعة على الأقل من الأعراض التالية:

1- تجنب الأنشطة التي تنطوي على الاتصال بين الأشخاص بسبب الخوف من النقد أو الرفض.

2- اليقظة التامة تجاه علامات الرفض وعدم القبول، بالإضافة إلى إساءة تفسير المواقف المُحايدة واعتبارها سلبية.

3- عدم الرغبة في التفاعل مع الآخرين ما لم يكن متأكداً من أنه سيحصل منهم على رد إيجابي تجاهه.

4- التردد في العلاقات الحميمة بسبب الخجل والخوف من الرفض، بالإضافة إلى الشعور بعدم الثقة في الآخرين.

5- الانشغال بالنقد الذي قد يتعرضون له في المواقف الاجتماعية.

6- الشعور بالنقص والعرقلة خلال المواقف الاجتماعية الجديدة.

7- القلق من قول أو فعل شيء خاطئ، وتجنب الصراع مع الآخرين، حتى وإن كان صاحب حق، فحاجته إلى أن يكون مُبهجاً ومحبوباً أهم لديه من ألا يهدر حقه، وهو ما يجعله في كثير من الأحيان شخصاً غير حازم.

8- تصور الذات على أنها غير كفؤة وغير جذابة والشعور بالدونية.

9- عدم الرغبة في المخاطرة أو المشاركة في الأنشطة التي قد تؤدي إلى الإحراج.

يتطلب التشخيص إجراء تقييم نفسي من قبل أخصائي الصحة العقلية، سيستبعد هذا التقييم أيضاً التشخيصات المُحتملة الأخرى أو تحديد ما إذا كان الشخص لديه أكثر من تشخيص واحد.

لا يفهم الباحثون تماماً أسباب اضطراب الشخصية التجنبية، لكن يُعتقد أن أسباب هذا الاضطراب تنطوي على عوامل وراثية وبيئية واجتماعية ونفسية، قد تؤدي الإساءة العاطفية أو النقد أو السخرية أو عدم المودة أو الرعاية من قبل أحد الوالدين إلى تطور هذا الاضطراب في الشخصية.

 تُشير الأبحاث إلى أن الأطفال الذين يرون أن مقدمي الرعاية لديهم يفتقرون إلى المودة والتشجيع و / أو يختبرون تجربة الرفض منهم قد يكونون في خطر متزايد للإصابة بهذا الاضطراب، وكذلك الأطفال الذين يعانون من الإساءة والإهمال ومستوى رعاية أقل بشكل عام، وكرد فعل واستجابة لهذه التجارب، قد يتجنب الأطفال الاختلاط بالآخرين كاستراتيجية للتكيف.

غالباً ما يكون الخجل لدى الأفراد المصابين بهذا الاضطراب بدأ منذ مرحلة الطفولة، ولكنهم لم يستطيعوا التغلب عليه أو تجاوزه مع تقدمهم في العمر، لكن عادةً ما يتم تشخيص اضطراب الشخصية التجنبية لدى البالغين، حيث لا تزال شخصيات الأطفال تتطور، ويمكن أن تكون السلوكيات مثل الخجل تجارب طبيعية في مرحلة الطفولة يمكن تخطيها بعد ذلك.

معظم الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية التجنبية لا يلتمسون العلاج، لكن عندما يفعلون ذلك، يكون ذلك غالباً بسبب مشكلة حياتية محددة يعانون منها أو أنواع أخرى من الأعراض مثل الاكتئاب والقلق، وعادة ما يتوقفون عن العلاج إذا تم حل هذه المشكلة.

قد يكون من الصعب علاج اضطراب الشخصية التجنبية مثل اضطرابات الشخصية الأخرى، لأنه نمط دائم من السلوك وقد يكون من الصعب على المُصاب أن يدرك أن المساعدة العلاجية النفسية ضرورية ويمكن أن تكون مفيدة.

في حين أنه لا توجد حالياً أي أدوية مُعتمدة خصيصاً لاضطراب الشخصية التجنبية، لكن إذا كان الشخص يُعاني من اضطرابات أخرى ذات صلة مثل الاكتئاب أو القلق، فقد يتم وصف الدواء للمساعدة في هذه الأعراض وتقليل أعراض القلق، وهو ما قد يقلل أيضاً من حساسية الرفض.

يتضمن علاج اضطراب الشخصية التجنبية العلاج المعرفي السلوكي (CBT) والعلاج النفسي الديناميكي والعلاج المخطط، وقد يكون العلاج الجماعي والتدريب على المهارات الاجتماعية مفيداً أيضاً.

خلال العلاج السلوكي المعرفي يتم تعلم كيفية تغيير أنماط التفكير غير المفيدة، أما العلاج النفسي الديناميكي فيهدف إلى إدراك كيف يمكن أن تُسهم التجارب والألم والصراعات السابقة في الأعراض الحالية.

وعن العلاج المخطط فهو نهج تكميلي يعتمد على العلاج السلوكي المعرفي، بالإضافة إلى العديد من التقنيات العلاجية الأخرى، يُركز على العلاقة العلاجية بين المعالج والعميل، ويهدف إلى تحسين الأداء اليومي والحصول على نظرة ثاقبة للتغيير على أساس فهم وإعادة تجربة تجارب الحياة المبكرة.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى