تقارير وملفات إضافية

كيف سينعكس مقتل سليماني على صراع النفوذ في سوريا بين طهران وموسكو؟

لم يُلقِ
قتل القائد العسكري قاسم سليماني، بناءً على أوامر من الرئيس ترامب الأسبوع
الماضي، بظلاله الغامضة على مستقبل القيادة العراقية فحسب، بل أثار أيضاً
انقسامات في القيادة السورية، حسبما أفادت مصادر متعددة لشبكة Fox News، الأمريكية.

يقول رحيم
حميد، المحلل العربي الإيراني المقيم في ولاية فرجينيا: «يتمنى الكثير من
السوريين لو أن الولايات المتحدة قتلت سليماني قبل سنوات. ربما لم يكن هذا ليؤدي
إلى تحولات كبيرة على الأرض، لكن من المؤكد أن عدد القتلى أو الجرحى أو النازحين
كان ليكون أقل من ذلك. وشعر الكثير من السوريين أنهم أخذوا بثأرهم».

في المشهد
المعقد للصراعات التي يشهدها الشرق الأوسط، كانت البراعة العسكرية لموسكو وطهران
هي ما تحرك السياسة السورية في معظم الأحيان خلال حربها الأهلية الطويلة. وكان
سليماني يعتبر مهندساً رئيسياً في التحالف مع نظام الديكتاتور السوري بشار الأسد
وكان يحرك القوة العسكرية الإيرانية تحت ستار مكافحة الإرهاب. وفي ظل حكم القائد
المقتول، تلقت سوريا كمية وفيرة من الأسلحة والتدريب والدعم الميداني من صفوة
الجيش الإيراني.

يقول بسام
بربندي، وهو دبلوماسي سوري سابق ومؤسس منظمة People Demand Change المعنية بشؤون الشرق الأوسط: «كان
مشروع سليماني في سوريا هو طرد القوات الأمريكية. ولم يكن في عجلة من أمره لأنه
كان مشغولاً ببناء أُسس تعزيز نفوذ إيران السياسي والعسكري والأمني والاقتصادي
ونفوذ الميليشيات في سوريا وحقق الكثير في هذا الشأن.  وقُرب بشار الأسد إلى
النفوذ الإيراني والمحور الإيراني أكبر من قربه إلى الروس داخل النظام السوري. لكن
نظام الأسد منقسم، بدرجة لم تحدث من قبل، إلى جناحين شديدي الاختلاف بين المؤيدين
لإيران والمؤيدين لروسيا».

وأكد بربندي
أن الأسد هو من يقود الجناح الإيراني، وكان يتلقى المشورة والتعليمات مباشرة من
سليماني. وفضلاً عن ذلك، كان لإيران مجال نفوذها وأتباعها داخل جيش النظام السوري.

ويُذكر أنه
مطلع هذا الأسبوع، تم توثيق إطلاق قوات النظام السوري وشركائه الإيرانيين عدة
قذائف على حقل غاز كونيكو في منطقة دير الزور بشرق سوريا، الذي كُلفت القوات
الأمريكية التي ما تزال في البلد المحاصر بحمايته. وبغض النظر عن هذا التصرف
الانتقامي الواضح، قالت مصادر إن الهجوم المفاجئ على سليماني الأسبوع الماضي أدى
إلى انقسامات أعمق داخل الحكومة السورية نفسها.

وفيما يتكهن
بعض المحللين بأن موت سليماني سيؤدي إلى تمكين روسيا في المنطقة، أشار معظمهم إلى
أن الأسد يميل إلى طهران أكثر من موسكو.

ويعتقد أحد
المصادر المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالسياسة الأمريكية السورية أن الأسد -الذي كان
عادةً أقل تحدثاً من غيره في المنطقة عن صراعاته مع إسرائيل- استغل الحادث لزيادة
حدة المشاعر المعادية لإسرائيل، فضلاً عن إرساله مبعوث إلى طهران لتقديم تعازيه.

وقال المصدر
الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته: «من المعروف أن روسيا تريد إنهاء الحرب،
لكنها تعلم أنه لا يمكن إحياء صورة الأسد. لذلك هو يراهن على الاقتراب من إيران
أكثر من روسيا».

يظل من
الضروري معرفة النهج الذي سيتبعه خليفة سليماني، إسماعيل قآني، في المنطقة.
تاريخياً، اعتبره المحللون أنه يركز على النفوذ الإيراني في الشرق -أفغانستان
وباكستان- فيما حدد سليماني أهدافه في المنطقة الغربية في العراق وسوريا.

وقال حميد:
«ترامب يقول إنه قتل سليماني لمنع الحرب وليس لإشعالها. وكان السوريون يقولون
بأعلى صوتهم لسنوات عديدة إن ردع إيران هو ما يجلب السلام إلى المنطقة، وليس
استرضاءها أو التأقلم مع أجندتها».

وتوعدت
إيران بالانتقام من الولايات المتحدة لمقتل سليماني، ما أدى إلى سلسلة من تعليقات
ترامب على تويتر وأثار مجموعة من الأسئلة حول ما سيحدث بعد ذلك. وجاء مقتل قائد
فيلق القدس في وقت كان فيه النظام وحلفاؤه يقتربون من آخر معقل لقوات المعارضة
السورية في إدلب. يُشار إلى أن حوالي 300 ألف شخص، وفقاً للأمم المتحدة، فرّوا من
المدينة في أقل من شهر وسط هجمات مؤيدة للحكومة، وأماكن قليلة يمكن الفرار إليها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى