تقارير وملفات إضافية

لماذا سارع الغرب بإدانة الانقلاب العسكري في مالي؟ السبب ليس حرصه على الديمقراطية

أثار الانقلاب العسكري في مالي الذي وقع خلال اليومين الماضيين إدانةً دولية وتحذيرات من فوضى جديدة قد تشتعل في الدولة الواقعة في قلب المعركة الجارية ضد تهديد المتطرفين المتصاعد في منطقة الساحل الإفريقي.

وانضمّت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى الدعوات الإقليمية للإفراج الدولي عن الرئيس كيتا (75 عاماً)، الذي اعتُقل تحت تهديد السلاح، وأُجبر على الاستقالة في وقت متأخر يوم الثلاثاء 18 أغسطس/آب. ليظهر الجنود الذين أطاحوه من السلطة، صباح أمس 19 أغسطس/آب، على شاشة التلفزيون، ويعدون الجماهير بإجراء انتخابات في “وقت معقول”، وإعادة البلاد إلى أيام “مجدها السابق”.

وفي الوقت الذي ظهر قادة الانقلاب بزيهم العسكري، ليقولوا إنهم يخططون لتشكيل حكومة انتقالية قبل الاقتراع، فإن نذر الاضطرابات تهدد استقرار حليف رئيسي للغرب في قلب المنطقة التي تمثل أحد معاقل المتطرفين، وتشغل مساحة تفوق مساحة أوروبا الغربية، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Times البريطانية.

ويخشى العديد من المراقبين من أن يستغل المتطرفون حالةَ الفوضى ويوسعون نفوذهم إلى مناطق أكثر. إلى جانب أنه من المعروف أنهم يستخدمون قواعد في شمال مالي كمواقع تدريب ينطلقون منها لشنّ هجمات في أماكن أخرى.

في إثر ذلك، تخطط المملكة المتحدة لإرسال 250 جندياً هذا العام، للانضمام إلى ما وصف بأنه أخطر مهمة حفظ سلام في العالم.

فيما طالب مدبرو الانقلاب، في بيان لهم، القوات الدولية التي تحاول منذ سنوات جلب الاستقرار إلى الدولة التي كانت مستعمرة فرنسية في السابق، بمواصلة دعم البلاد.

 من جانبه، ندّد الاتحاد الإفريقي بالانقلاب على السلطة الشرعية في البلاد، وكذلك أعلنت فرنسا والأمم المتحدة، التي عَقد مجلس الأمن التابع لها جلسة مشاورات مغلقة لمناقشة الأزمة في اجتماع طارئ أجراه يوم أمس 19 أغسطس/آب. كما أغلقت “المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا” (إيكواس) Ecowas جميع الحدود، وحظرت السفر الجوي وقطعت جميع التدفقات المالية إلى الدولة التي لا تطل على أي سواحل.

وعلى الجانب الآخر، خرج العقيد آسيمي غويتا، الليلة الماضية، ليقدم نفسه على أنه زعيم “اللجنة الوطنية لإنقاذ الشعب”، قائلاً إن “البلاد تعاني أزمة اجتماعية وسياسية شديدة الوطأة، ولم يعد هناك مجال لارتكاب مزيد من الأخطاء”.

كما صرَّح إسماعيل واج، نائب رئيس أركان القوات الجوية، الذي كان جالساً بين زملائه المشاركين في الانقلاب بزيهم العسكري، لمحطة الإذاعة الرسمية للدولة، بأن اعتقال الرئيس كيتا ورئيس الوزراء، بوبو سيسي، يبرّره سنوات حكمهم السيئ “الذي انتهى به الأمر يقضي على أي فرصة للتنمية والتقدم فيما تبقى من فرص قليلة في هذا البلد الجميل”.

وكان المحتجون خرجوا إلى الشوارع منذ أسابيع، للمطالبة بإسقاط كيتا، المعروف على نطاق واسع باسم آي بي كيه، والذي اتسمت سنواته السبع في السلطة بتفشي الفساد والإهمال والفشل في كبح هجمات المتطرفين والميليشيات العرقية.

الاحتجاجات التي اشتعلت برز في قيادتها التحالف المعروف باسم تحالف “إم 5-آر إف بي”، بزعامة محمود ديكو، وهو رجل دين إسلامي شعبي وشخصية محافظة. بعد لقائه قادة الانقلاب، أعلن ديكو اللية الماضية عبر المتحدث باسمه أنه يعتزم اعتزال السياسة.

كما قال تحالف المعارضة إنه سيعمل مع المجلس العسكري على “صياغة خارطة طريق”، ووعد بعقد تجمع حاشد في باماكو غداً “للاحتفال بانتصار الشعب المالي”.

تأتي كل تلك التطورات في وقت تعاني فيه مالي حالةً من عدم الاستقرار منذ الانقلاب الذي أطاح الرئيس أمادو توري في عام 2012. ويرى عديد من الخبراء أن فراغ السلطة الناتج عن هذا الانقلاب كان له دور كبير في تسريع عملية استيلاء المتطرفين على شمال مالي في ذلك العام، وهو ما أعقبه تدخل عسكري فرنسي في مستعمرتها السابقة. غير أنه، وبعد ثماني سنوات، أصبحت مالي جزءاً مما يسميه البعض “حرباً أبدية” لفرنسا في منطقة الساحل الإفريقي.

يُذكر أن الرئيس المنقلب عليه، كيتا، ورئيس الوزراء بوبو سيسي، ومسؤولين مدنيين وعسكريين كباراً آخرين محتجزون في قاعدة عسكرية تقع على بعد 16 كيلومتراً خارج العاصمة باماكو.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى