لايف ستايل

لا يجب أن تشرب 8 أكواب يومياً، ولهذا السبب ليس عليك أن تشرب الكثير من المياه

تعدُّ المياه مشروباً مملاً جداً مقارنة بالمشروبات الأخرى، فهي لا تُحدث صوتاً مثيراً أثناء شربها، ولا تعدُّ وفق وصفة خاصة، حتى إنها ليس لها طعمٌ من الأساس، لكن يبدو أن الناس لا يكتفون منها.

بهذه المقدمة بدأت الكاتبة Catherine LeClair مقالها المنشور في صحيفة The New York Times الأمريكية.

لماذا نحنُ مولعون بشرب المياه دائماً؟ تقول لاورين أنتونوتشي، وهي أخصائية تغذية في مدينة نيويورك: أستقبل أشخاصاً في مكتبي كل يوم، وكل أسبوع، يقولون شيئاً مثل: أنا قلق ألا أكون قد حصلت على الترطيب الكافي من الماء.

ربما يستند قلقهم إلى حكمةٍ تقليدية، إذ تنصح إحدى التوصيات القديمة المعروفة بأن نشرب 8 أكواب من الماء كل يوم، وهناك نصيحةٌ أخرى تحذّرك من أنك إذا شعرت بالعطش فهذا يعني أن جسمك مصاب بالجفاف.

لكنّ القلق بشأن استهلاك المياه قد ينبع أيضاً من مصدر مختلف، وهو أن «رطوبة الجسم» يُسوق لها الآن على أنها علاج لكل مشاكل الحياة تقريباً.

وفق الكاتبة، فقد اكتسبت المياه في السنوات الأخيرة قوى الإكسير الغامض. فإذا كنت تريد أن تعرف آخر أسرار العناية بالبشرة لأحد المشاهير، ستتفاجأ بأنه الماء فقط. هل تشعر بالخمول؟ على الأغلب أنت بحاجة للمزيد من المياه. هل تفتقر للإلهام وتفتقد الأمل في حياتك المهنية والعاطفية؟ حسناً، إليك الحل: هل شربت المياه اليوم؟

فقد بدأ الناس شرب المياه وكأنّ سمعتهم تعتمد على هذا. فيحملون معهم زجاجات مياه أينما ذهبوا بدافعٍ من الواجب والإلزام، ويشربونها ويعيدون ملأها مرة أخرى بهمّةٍ شديدة. والبعض يبالغ في هذا ويتتبّع كمية المياه التي شربها عبر تطبيق على الهاتف. إنّ هذه المبالغة ليست مفيدة، لكنّ الترطيب بالمياه يعطي علامة على أنّ هذا الشخص منضبط وناجح.

ولكن هل زيادة الوعي حول ترطيب الجسم بالمياه ستجعلك حقاً أكثر إنتاجية بأي شكل؟

في حوارٍ عبر الهاتف مع أحد أخصائيي أمراض الكلى في جامعة فيرجينيا، الذي يدرس إفراط شرب المياه للترطيب لدى الرياضيين قال إنّه لا يوجد دليل على أن القليل من الجفاف يؤثر على أداء أيّ شخص.

بل قال إنّ معظم التوصيات بالحفاظ على ترطيب الجسم تأتي من الدراسات على الرياضيين، الذين يفقدون سوائل الجسم بسرعة أثناء التمرينات والمنافسات، ويتعرّضون لخطر الجفاف أكثر من أي شخصٍ آخر. أمّا بالنسبة لمن يقضون يومهم وهم جالسون أمام مكاتبهم، فمن الأفضل أن نشرب عندما نشعر بالعطش فقط.

أمّا عن فرط المياه في الجسم فقال إنّه لا يقدِّم أيّ نفعٍ لأيِّ أحد. ففي أحسن الحالات «ستتبول المياه الزائدة». وفي أسوأ الحالات، من الممكن أن تسبِّب انخفاض مستوى الصوديوم والإلكتروليتات في جسمك إلى مستوياتٍ خطيرة.

كما توجد حالة طبية اسمها نقص الصوديوم في الدم، يمكنها أن تسفر عن احتجازك في المستشفى ووفاتك. هذا لا يحدث عادة، لكن من الجيد أن تعرف احتمالية حدوثه.

وإذا كان هدفك هو زيادة الرطوبة في جسمك، فلا بد أن تعرف أن المياه ليست أكثر المشروبات قدرةً على الترطيب. فقد وجدت دراسة أُجريت في عام 2015 على 72 رجلاً، أنّ الحليب كامل الدسم والحليب الخالي من الدسم، وعصير البرتقال تزيد من ترطيب الجسم أكثر من المياه.

على سبيل المثال، تفوّقت مبيعات زجاجات المياه عام 2017 على المشروبات الغازية لتكون أكثر المشروبات مبيعاً في أمريكا من ناحية الحجم، إذ زادت المبيعات بنسبة 7% أكثر من العام الماضي، ومنذ ذلك الحين، استمرت المبيعات في الزيادة.

في السبعينيات، قدمت شركتا المياه Evian وPerrier في حملاتهما الإعلانية مفهوم زجاجات المياه بوصفها مشروباً منعشاً راقياً. ساعدت هذه الحملات الجديدة في تمكين زجاجات المياه من المنافسة مع المشروبات الأخرى مثل: العصير، والقهوة، والمياه الغازية.

مع حلول الألفية الجديدة، لم يعد الناس يشربون زجاجات المياه وهم جالسون لتناول الطعام وحسب، بل صاروا يشربونها طوال اليوم.

وبينما بدأ المستهلكون في التقليل من كميّة ما يتناولونه من مشروباتٍ محلاة، لم يكن لديهم سببٌ للتقليل من المياه التي لا تحتوي على أي سُعر حراري وتروي العطش. وكانوا يحملونها معهم دائماً.

لقد تغيّرت الطريقة التي تُستهلك بها المشروبات، فإذا كان الناس يشربون الماء في كل مكان، فيمكن إذاً بيعها في كل مكان. وقد توسّع استهلاك زجاجات المياه، بوصفها منتجاً ليس له تاريخ صلاحية محدد، ومتاحاً باستمرار.

وبدأت تجارة المياه تنتعش، فعندما انتشرت زجاجات المياه البلاستيكية التي تستخدم لمرة واحدة، ظهرت ردّة فعل بيئيّة ممثلة في الزجاجات التي يمكن استخدامها أكثر من مرة. وأصبحت منتجات الزجاجات البلاستيكية أساسية لطلاب الجامعات في بداية الألفية الجديدة.

يمكنهم أن يختاروا الزجاجة ذات اللون الذي يعكس شخصياتهم، ويلصقون عليها بعد ذلك ملصقاتٍ لأيِّ شيءٍ يهتمون به، ومن هنا تطورت أكثر صناعة زجاجات المياه ذات الألوان والأشكال الجميلة، وذات الخصائص المحافظة على البيئة أيضاً. بدأ هذا في أمريكا بالطبع، ومنها انتشر إلى بقية دول العالم.

المياه علاج مناسب لمجموعة متنوعة من الأمراض مثل الإرهاق، والصداع، والمشاكل الهضمية، والالتهابات، والبشرة الجافة وحبوب الشباب. ووفقاً لجوشوا زيغلر، وهو طبيب أمراض جلدية بنيويورك، فتوجد فكرة منتشرة بين المرضى وفي الإعلام أنّك كي تنال بشرة صحية ما عليك سوى شرب المياه.

لكنّ الأمر لا يسير هكذا بالضبط. فما هي إلا خرافة تامة بأنّ البشرة تحتاج لثمانية أكواب من المياه للحفاظ على رطوبتها. ومع ذلك، ما زال الكثير من المستهلكين يتعاملون مع المياه على أنها مشروبٌ سحريّ يمنع التقدُّم في العمر.

إننا نفكر في المياه على أنها شيءٌ رائع للغاية لدرجة أنّ شركات المياه المعبّأة ليست بحاجة لإنفاق الكثير من المال لإقناعنا بشرائها، مقارنة بميزانيات التسويق لشركات المشروبات الأخرى.

فقد بلغت تكاليف الإعلانات في عام 2018 بالنسبة لشركات زجاجات المياه حوالي 109 ملايين دولار، بينما تقترب شركات المشروبات الغازية من مليار دولار للإعلانات.

ويبدو أن المياه لديها حصانة من الادعاءات التي تقول إن فوائدها مبالغ فيها، فبعد كل شيء: إنّها أمر طبيعي ونحتاجها للحياة.

تُنهي الكاتبة مقالها بنصيحة: إذا لم تصل إلى الكمية المخصصة لك من المياه اليوم، فلا تقلق فيومك لم يفسد بعد. والمشروبات اللذيذة التي كنت تظن أنها تسبب الجفاف مثل القهوة، والشاي، هي في الواقع مرطبة أيضاً.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى