ثقافة وادب

من التجارة والابتعاد عن السياسة إلى جائزة نوبل.. تعرف على طائفتَي البهرة والأحمدية

ربما تكون قد صادفتك أسماء هذه الطوائف التي يشير إليها أتباعها كطوائف إسلامية، ولكن ربما تكون المعلومات عنها غير وفيرة، وقد لا يعرف الكثير حتى تاريخها أو شعائرها الدينية.

من بين هذه الطوائف طائفة البهرة المتمركزة بالأساس في جنوب الهند، والطائفة الأحمدية التي يطلق عليها أيضاً الأحمدية القاديانية، وفي تقريرنا التالي سوف نتعرف على مزيد من التفاصيل حول البهرة والأحمدية، ونبذة عن تاريخ كل منهما.

بحسب ما تصف الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة: البهرة طائفة  تنتسب إلى الإسلام، وانحدرت من الطائفة الإسماعيلية التي تدعو إلى إسماعيل ابن الإمام جعفر الصادق.

ويعود تاريخ بدايات السلالة لعهد الدولة الفاطمية التي كانت تحكم مصر، وهم مسلمون شيعة، وبعد سقوط الدولة الفاطمية هاجر الكثير منهم إلى أنحاء متفرقة، منها اليمن والعراق وشبه الجزيرة العربية، وزاد انتشارها بمصر في ثمانينات القرن الماضي.

يتميز البهرة في مجال التجارة بدرجة كبيرة، واسم البهرة مشتق من كلمة (vehru)، التي تعني التجارة في اللغة الجوجارتية المنتشرة في الهند.

وبحسب الموسوعة فإن دعوتهم قد وصلت إلى بلاد الهند عن طريق تجارتهم الناجحة، وخط السير الذي كان يصل بين اليمن وتجار الهند، إلى أن أصبحت طائفة البهرة واحدة من أكبر الطوائف الإسلامية في بلاد الهند وباكستان.

تتمسك طائفة البهرة بالعادات والتقاليد التي تعود إلى العهد الفاطمي الشيعي في مصر، ويحاولون إحياءها في احتفالات تشمل أعياد مولد الأئمة الفاطميين وعيد تنصيبهم سلاطين على مصر، منها ما يحتفلون به في شهر مارس/آذار من كل عام، في مسجد الحاكم بأمر الله في القاهرة.

أما زيارة قبور الأسلاف ومشاهدة آثارهم فتُعتبر من أهم الطقوس لدى البهرة، فهم يأتون إلى مصر لزيارة المساجد الفاطمية القديمة مثل: مسجد الأقمر ومسجد الحاكم بأمر الله ومسجد الجيوشي، والعديد من الآثار الفاطمية.

ويقول المفكر الإسلامي د. مصطفى الشكعة، في تشابه العقيدة مع الفرق الأخرى:

“إن البهرة يعتقدون أن للإسلام سبع دعائم، لا يكون الإنسان مسلماً إلا بها، وهي الولاية والطهارة والصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد، ولهم أيضاً مفاهيم تتعلق بالمبدأ والمعاد وعذاب القبر ونعيمه والجنة والنار وغيرها من الأمور الغيبية”.

أما في وصف عقيدتهم، فيصف موقع موسوعة الفرق البهرة بما يلي:

“ورغم اتفاق البهرة ظاهرياً مع غيرهم من المسلمين في العبادات والشعائر، فإنهم يعتقدون عقائد باطنية بعيدة كل البعد عند معتقد أهل السنة والجماعة، فهم مثلاً يؤدون الصلاة كما يؤديها المسلمون، ويحافظون على حدودها وأركانها كالمسلمين تماماً، ولكنهم يقولون إن صلاتهم هذه للإمام المستور من نسل الطيب بن الآمر، ويؤدون شعائر الحج كما يؤديها المسلمون، ولكنهم يقولون إن الكعبة التي يطوفون حولها هي رمز للإمام، وهكذا يذهبون في عقائدهم مذهباً باطنياً يلتقي مع التيار الباطني العام”.

كما أن هناك العديد من الآراء التي تصف عقيدة البهرة بأنها ليست من الإسلام، ففي  تغريدة لموقع “الإسلام سؤال وجواب” الرسمي، الخاص بالفتاوى، تقول إحدى الفتاوى إن البهرة “فرقة باطنية تخالف أصول الإسلام وتهدمها”.

وللبهرة انتشار في كل من اليمن وباكستان وكينيا وتنزانيا والكويت والإمارات ومنطقة نجران بالسعودية، ويصل عدد أتباع الطائفة إلى حوالي مليونين.

ويتزعمهم السلطان الذي يتولى حكم الطائفة ويسمى بـ(الداعي) أو (برهان) ويُعد ممثلاً دنيوياً ودينياً للإمام الغائب، ويحوز مكانة مرموقة لدى الأتباع.

من هم ” البهرة ” ؟ وما هي عقائدهم ؟ وما حكم تزويجهم والتزوج منهم ؟ http://t.co/HcT3VUqe

بحسب أرشيف موقع العربية، فإن بداية ظهور البهرة الرسمي في مصر كان في أواخر عهد الرئيس المصري الراحل أنور السادات، في سياق حالة الانفتاح مع التيارات الدينية لمواجهة مجموعات الشيوعيين واليساريين. وفي هذا الإطار أُعيد ترميم وافتتاح مسجد الحاكم بأمر الله المقدس بالنسبة للطائفة.

رغم إصرار البهرة على مواقفهم الدائمة بالابتعاد عن السياسة في أي تمركز لهم في الدول العربية أو الهند وباكستان، فإنه في العام 2015 تبرعت الطائفة ذات التجارة المزدهرة في مصر بمبلغ 10 ملايين جنيه كدعم مادي، بخلاف لقاء الرئيس المصري مع زعيم الطائفة عام 2018 في الهند، كنوع من التأكيد على الترحيب المصري بوجود الطائفة الداعمة له بشكل علني.

وقد نشرت جريدة اليوم السابع المصرية عقب هذا اللقاء:

“أن سلطان البهرة أشاد بما حققته مصر من نجاح وتقدم على صعيد تحقيق الأمن والاستقرار خلال الفترة الماضية بقيادة الرئيس، مثنياً على ما تتمتع به مصر من حرية تتيح ممارسة الشعائر الدينية وتكفل للجميع مناخا مستقراً”.

منوهاً إلى الجهود التى تبذلها الطائفة بمجال ترميم المساجد الأثرية، والاهتمام الذي توليه لصيانة مساجد آل البيت في مصر، مشيراً إلى ما تقوم به حالياً لترميم ضريح السيدة نفيسة وتجديد مقصورة المقام بالكامل.

كما أكد السلطان مفضل سيف الدين اهتمام طائفة البهرة بالعمل والاستثمار في مصر، معرباً عن تمنّيه لمصر كل التوفيق في المضي قدماً لتنفيذ المشروعات الاقتصادية الوطنية الكبرى، ومشيداً بما حققته مؤخراً من إنجازات في مختلف المجالات”.

تشكلت الجماعة الأحمدية عام 1889 في قاديان، إحدى قرى مقاطعة البنجاب الهندية، التي كانت ترزح تحت نير الاستعمار الإنجليزي في الهند.

ويؤمن المسلمون المنتمون لهذه الطائفة أن مؤسسها: «ميرزا غلام أحمد القادياني» هو النبي عيسى المسيح، أو (المهدي المنتظر) -الذي يأتي في آخر الزمان بحسب اعتقاد عموم المسلمين- لكن طوائف المسلمين الأخرى لا يتفقون معهم في الاعتقاد نفسه، وإنما يعتقدون أنهم ما زالوا بانتظار عودة النبي عيسى الحقيقي في نهاية الزمان.

يعتقد القاديانيون أن مدينة قاديان الباكستانية هي “مهبط الوحي” على ميرزا غلام أحمد، ويقدسونها كما يقدس المسلمون مكة والمدينة، فيشدون إليها الرحال من جميع أرجاء العالم، إذ يؤمنون بأن المسيح عيسى عليه السلام هاجر إليها وعاش في ربوعها حتى جاوز الثمانين، ثم ذهب إلى كشمير ليعلِّم الإنجيل، وبقي هناك حتى “توفي” فدُفن في عاصمتها سرينغار.

وتحرِّم تعاليم القاديانية على أتباعها الصلاة في مساجد المسلمين، وتمنع دفن المسلمين في مقابر القاديانيين، وتحظر زواج القاديانيات من رجالهم، وذلك بدعوى كفر من لم يؤمن بـ”نبوة” زعيمهم ميرزا غلام أحمد القادياني.

وبحسب كتاب «هذه هي الأحمدية القاديانية فاحذروها» الذي كتبه سيف النصر علي عيسى الطرفاوي فقد نشأت حركة القاديانية أو المعروفة بالأحمدية في الأساس سنة 1876، حين ادّعى ميرزا غلام أحمد القادياني بنزول الوحي عليه.

وكانت تلك الحركة بتخطيط من الاستعمار الإنجليزي في القارة الهندية، بهدف إبعاد المسلمين عن دينهم وعن فريضة الجهاد بشكل خاص، حتى لا يواجهوا المستعمر باسم الإسلام، وكان لسان حال هذه الحركة هو مجلة الأديان التي تصدر باللغة الإنجليزية.

ويقول الكتاب:

“كان ميرزا غلام أحمد القادياني أداة التنفيذ الأساسية لإيجاد القاديانية، وخاصة وهو ينتمي إلى أسرة اشتهرت بخيانة الدين والوطن، وهكذا نشأ غلام أحمد وفياً للاستعمار مطيعاً له في كل حال، فاختير لدور المتنبئ حتى يلتف حوله المسلمون وينشغلون به عن جهادهم للاستعمار الإنجليزي.

وكان للحكومة البريطانية إحسانات كثيرة عليهم، فأظهروا الولاء لها، وكان غلام أحمد معروفاً عند أتباعه باختلال المزاج وكثرة الأمراض وإدمان المخدرات”.

وكان للطائفة الأحمدية العديد من الحوادث الطائفية في الماضي، وفي عام 1953، بدأت المشاكل الحقيقية تواجه جماعة الأحمدية بسلسلة من أعمال الشغب العنيفة في لاهور ضد الحركة. وتوصل تحقيق أجرته حكومة البنجاب إلى أن عدد القتلى الرسمي الناتج عن أعمال الشغب هذه هو 20 شخصاً، لكن تقديرات أخرى أشارت إلى أعداد أعلى بكثير، وصل بعضها إلى الآلاف. 

وعام 1974 صدر قانون يُعلن أن الأحمديين ليسوا مسلمين. وفي عام 2010، تعرض مسجدان تابعان للطائفة الأحمدية في باكستان لهجوم، قُتل فيه 94 شخصاً وجُرح أكثر من 120 شخصا.

أما الآن فالطائفة الأحمدية القاديانية تصر على موقفها  بابتعادها عن أي صراع سياسي رغم أن لها وجوداً دعوياً كبيراً في الغرب، بحسب ما نشر موقع الجزيرة:

“ورغم الإمكانيات المادية الضخمة التي سخرتها القاديانية لنشر مذهبها فإن وجودها يبقى محدوداً في العالمين العربي والإسلامي، ولذا اتجهت خلال العقود الأخيرة إلى تركيز دعوتها في دول الغرب عبر ما تبثه قناتها من برامج، ومن خلال المراكز والمعابد التي تمولها في مختلف العواصم الغربية، وامتداد نفوذها إلى دوائر صنع القرار الكبرى في الدول الغربية”.

في عام 1979، فاز العالم الباكستاني الأحمديّ الطائفة محمد عبدالسلام Mohammad Abdus Salam بجائزة نوبل للفيزياء، عن نظرية له في فيزياء الجسيمات.

ولكنه بحسب وثائقي أنتجته شبكة نتفلكس عنه، لم يلق التقدير المنتظر من بلاده، كونه ينتمي للطائفة الأحمدية، لأن باكستان رسمياً لا تعترف بالطائفة الأحمدية بأنها (طائفة إسلامية)، فنزعت عن عبدالسلام وصفه بـ(المسلم)، وهو ما جعل المنصة الرقمية المهتمة بالحريات تسلط الضوء على قضيته باعتبارها “اضطهاداً للأقليات المسلمة”.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى