تقارير وملفات إضافية

«ستكون المعركة الأكثر دموية».. رويترز: روسيا عازمة السيطرة على إدلب تدريجياً لكنها قد تغرق في مستنقع عسكري

يقول محللون ودبلوماسيون إنه من المرجح أن تنتهج روسيا أسلوباً تدريجياً لمساعدة النظام السوري على استعادة آخر معقل يسيطر عليه مقاتلو المعارضة في إدلب مع إدراكها أن أي مواجهة مع تركيا يمكن أن تُغرق موسكو في «مستنقع عسكري».

واستعادت قوات النظام السوري بمساعدة هجمات جوية روسية مكثفة السيطرة على عشرات البلدات في محافظة إدلب خلال الأسبوعين المنصرمين في أكبر تقدم لها منذ سنوات، ما أجبر عشرات الآلاف على الفرار إلى الحدود التركية. 

من غير المرجح أن تتدخل روسيا بقوتها العسكرية لتحقيق تقدم كامل في مدينة إدلب ذات الكثافة السكانية الكبيرة. لكن مثل هذا التقدم سيساعد بشار الأسد على أن يستعيد بشكل كامل سيطرته على سوريا التي يحكمها هو ووالده من قبله منذ نحو 50 عاماً، لكن ذلك سيتضمن أيضاً مجازفة بحدوث مواجهة كبيرة مع تركيا التي تدعم قوات المعارضة في الحرب.

مصدر رفيع في المخابرات الغربية قال لرويترز إنه بدلاً من ذلك يبدو أن روسيا تعتزم «استقطاع» أجزاء من الأراضي التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة بشكل تدريجي.

في حين، هددت تركيا بالقيام بعمل عسكري إذا لم تتراجع قوات الجيش السوري بحلول نهاية الشهر وعززت المواقع التركية في المنطقة وأنشأت مواقع جديدة لإبطاء هذا التقدم. وتستضيف تركيا بالفعل 3.6 مليون لاجئ سوري.

مسؤول تركي قال لرويترز إن «النظام اقترب جداً من مدينة إدلب»، مضيفاً: «قواعد الاشتباك في سوريا تغيرت، بدأت مرحلة جديدة الآن».

يمكن الآن لأكثر من مليون شخص يعيشون في المدينة، معظمهم سوريون نزحوا بسبب الهجمات الحكومية على أراضيهم، سماع أصوات إطلاق النار. يقول إبراهيم سمعان الحاج الذي يعمل في المدينة: «الناس في كل مكان، رعب وتشريد والخلق في الطرقات نايمة وحتى في السيارات ما في مكان تجلس فيه».

من المقرر أن يناقش مسؤولون من تركيا وروسيا الهجوم اليوم السبت مع تصاعد التوتر بعد مقتل ثمانية جنود أتراك في قصف سوري لأحد المواقع، ما دفع القوات التركية للرد.

ويبدو أنه ليس من أولويات موسكو الدخول في معركة مكلفة من أجل مدينة إدلب. يقول المنشق العسكري السوري العميد ركن أحمد رحال: «اليوم ما يهم روسيا هو فتح الطرق الدولية لأن هذه الطرق لها أهمية سيادية، الغوص في مستنقع إدلب المدينة مكلف ومكلف جداً عسكرياً وإنسانياً وهناك مليون مواطن بداخلها».

يقول قادة عسكريون معارضون ومصادر مخابرات غربية إن موسكو هي من سيقرر ما إذا كان سيتم دخول مدينة إدلب في مرحلة ما وموعد ذلك. وهي خطوة تتضمن مجازفة بحدوث حمام دم وتفاقم الأزمة الإنسانية. 

وتقف الآن القوات البرية السورية التي تساعدها فصائل مسلحة مدعومة من إيران قادمة من حلب على مشارف مدينة إدلب بعد السيطرة على مدينتي معرة النعمان وسراقب قرب طريق إم4-إم5 الاستراتيجي حلب المؤدي إلى حماة واللاذقية على البحر المتوسط.

والمعركة من أجل إدلب مرحلة حاسمة في حرب أدت إلى سقوط مئات الآلاف من القتلى من المقاتلين والمدنيين، وشرّدت ملايين داخل بلادهم أو خارجها وقسمت الشرق الأوسط بشكل أوسع منذ اندلاعها في 2011.

كان مصير المنطقة نقطة تركيز اتفاقيات روسيا وتركيا التي ضمت إيران منذ 2017 والتي استهدفت تجنيب سكانها البالغ عددهم ثلاثة ملايين نسمة ويلات الحرب.

يقول مسؤولون أتراك إن التقدم الجديد يعرض للخطر التفاهمات التي تم التوصل إليها بموجب اتفاق أبرم 2018 وجعل تركيا، التي وسعت نفوذها في سوريا، تضمن السيطرة على الطرق الرئيسية التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة وتناول المسألة الشائكة المتعلقة بمصير «المتشددين». 

وقال مصدر لرويترز، حضر اجتماع عُقد في الآونة الأخيرة مع 40 من قادة مقاتلي المعارضة الذين تدعمهم تركيا إن المخابرات التركية أبلغت مقاتلي المعارضة خلال الاجتماع أن المحادثات مع موسكو أخفقت وعليهم التأهب للأسوأ، مضيفاً أن مدينة إدلب «خطر أحمر».

ولم تتعرض المدينة إلى حد كبير لقصف جوي خلال أحدث حملة عمرها شهران والتي أدت إلى نزوح نحو 600 ألف شخص من مناطق تقع إلى الجنوب والشرق. لكنّ خبراء عسكريين غربيين قالوا إن موسكو استخدمت أسلوب «الأرض المحروقة» خلال القصف الجوي الذي طال مستشفيات ومدارس وبنية أساسية أخرى في مناطق ريفية في الغالب بالمحافظة. ولكن مثل هذه الأساليب قد تثبت أنها أكثر صعوبة في المدينة.

يقول أبوبراء الشامي، وهو اسم مستعار لقائد ميداني في هيئة تحرير الشام، لرويترز في رسالة نصية عبر الإنترنت: «إذا صارت معركة في داخل إدلب رح يصير في مذبحة والجهاديون سيقاتلون بكل قوتهم وراح نشوف عمليات انتحارية أكثر ونحولها مقبرة للغزاة الروس»، حسب تعبيره.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى