تقارير وملفات إضافية

قصة غضبة ملك المغرب الذي أمر بهدم مشروع سياحي بقيمة 43 مليون دولار.. القرار مسّ حتى صديقه المقرب أخنوش

غضبة ملكية جديدة في المغرب، هذه المرة بسبب مخالفات في مشروع سياحي
ضخم في مدينة أغادير السياحية، تقدر قيمته بملايين الدولارات. فكان القرار بهدم 24
فيلاً فاخرة، في قرار حظي بمتابعة واهتمام كبيرين من قبل المغاربة، خاصة أن أحد
ضحايا غضبة الملك محمد السادس هو صديقه المقرب الملياردير عزيز أخنوش.

بدأت القصة حين قامت وزارة الداخلية بتوجيه خطاب رسمي، تأمر فيه بهدم
24 فيلا فاخرة في المنتجع السياحي الضخم “تاغازوت باي” بمدينة أغادير،
بالإضافة إلى جزء من فندق حياة ريجينسي.

إلى هنا يعتبر القرار من بين خطوات روتينية تقوم بها السلطات المختصة
تجاه مشاريع خالفت قانون التعمير والتصميم.

لكن ما أثار اهتمام المغاربة هو أن قرار الهدم كان موجهاً لشركة
“sud partners” التي تعد
“أكوا هولدينغ”، المملوكة لعزيز أخنوش، صديق الملك، على رأس المستثمرين
فيها.

الوثائق الرسمية أكدت تسجيل مخالفات لضوابط التعمير، شملت فللاً
فاخرة موجودة بالبقعة 4.1 بالمحطة السياحية تغازوت، نواحي أغادير (جنوب المملكة)،
حيث تحوّل المشروع السياحي إلى مشروع عقاري بشكل غير قانوني.

السلطات المحلية أمهلت القائمين على المشروع 48 ساعة فقط لتنفيذ
الهدم، وهو الأمر الذي امتثل له أصحاب المشروع دون مماطلة، حيث توجهت الجرافات
لمكان المشروع وشرعت في هدم الأبنية والأشغال المخالفة للقانون.

ويضم “تغازوت باي”، الذي يعد أحد أضخم المشاريع السياحية
بالجنوب المغربي، ستة فنادق فاخرة، تطل على البحر، من بينها أرجان، وحياة ريجنسي،
وهيلتون، وماريوت، بالإضافة إلى عدد من المرافق السياحية والترفيهية ونواد شاطئية،
تضم ملاعب تنس وغولف.

تم رصد حوالي 400 مليون درهم (حوالي 42 مليون دولار) لمشروع
“تغازوت باي”، وبقدرة استيعابية تفوق 12 ألف سرير، كجزء من مشروع المخطط
الأزرق الذي يعمل عليه المغرب، إذ يمتد على مساحة 615 هكتاراً ممتدة على 4.5
كيلومتر من شواطئ المملكة.

ويتوزع رأسمال شركة “المحطة السياحية تغازوت” بين أربعة
مساهمين مغاربة أساسيين، على رأسهم صندوق الإيداع والتدبير (مؤسسة عمومية)، بنسبة
45%، تليه كل من مجموعة  (Sud Partners) المملوكة لأخنوش (قطاع خاص) بنسبة 25%، وهي النسبة نفسها التي
يمتلكها الصندوق المغربي للتنمية السياحية (مؤسسة عمومية)، في حين لا تتجاوز حصة
الشركة المغربية للهندسة السياحية (وكالة عمومية) نسبة 5%.

التطورات السريعة في المشروع جاءت عقب زيارة الملك محمد السادس إلى
أغادير، بداية فبراير/شباط الجاري، عاين خلالها تأخر المشروع وعدم استيفائه
للمعايير المحددة.

مصادر إعلامية متطابقة، أكدت
أن الملك محمد السادس غاضب من مشروع “تغازوت باي”.

الملك حسب ذات المصادر، كان مستاءً من طريقة تهيئة المنتجع السياحي،
وعدم احترامها لبعض تصاميم المنشآت الفنية المشتركة كالطرقات وغيرها.

محمد السادس أمر بتشكيل لجنة رفيعة المستوى، تعكف على دراسة جميع
التراخيص والتصاميم والوثائق المرتبطة بهذا المشروع، في انتظار رفع تقريرها إلى
الملك في أقرب الآجال، بالإضافة إلى الاستماع إلى عدد من العائلات التي لم تستفد
من التعويض عن الأراضي التي تم إنشاء المشروع عليها.

رئاسة النيابة العامة، قامت من جانبها بفتح بحث قضائي مع عدد من
الشركات المتورطة في خروقات بالعشرات والاستحواذ على الأراضي المخصصة للإنعاش
السياحي وتحويلها لمشاريع عقارية.

ومن المنتظر أن يتم استدعاء ممثلي الشركات المستثمرة في المشروع، على
رأسها مجموعة الملياردير عزيز أخنوش، ما يضعه في موقف محرج، بالإضافة إلى ممثلي
صندوق الإيداع والتدبير للتنمية، والصندوق المغربي للتنمية السياحية، والشركة
المغربية للهندسة السياحية (مؤسسات عمومية).

محمد زيان، نقيب المحامين ووزير حقوق الإنسان سابقاً، قال إن قرار
الملك هدم أجزاء من المشروع “لن يكون إلا لسبب وجيه حتماً”.

وأضاف في حديثه مع “عربي بوست” أنه لا يظن أن الملك سيقوم
بردّ الفعل هذا تجاه مشروع يساهم فيه وزير الفلاحة عزيز أخنوش “دون وجود
أسباب قوية وجدية”، على حد تعبيره.

من جانبه، قال محمد رضا الطاوجني، وهو فاعل جمعوي بمدينة أغادير،
وسبق له أن انتقد المسؤولين عن المشروع منذ شهور، بسبب ما رصده من ضيق الطرقات
وغياب الصيانة والإنارة واستغلال الأراضي الشاطئية في التشييد والبناء، إن
“هناك عشوائية واضحة تسود المكان”.

وتساءل الطاوجني قائلاً: “كيف للمشروع الذي رصدت له المليارات،
والمفترض أن يكون سياحياً وبيئياً وطنياً من الطراز الرفيع، أن يصير بقدرة قادر
مشروعاً عقارياً لا يحترم قانون البناء والتعمير، وبجودة ضعيفة وبنية تحتية دون
المستوى، وصارت فيلات فخمة معروضة للبيع ابتداء من مليار سنتيم ويزيد الثمن كلما
كانت الفيلا قريبة من الشاطئ”.

الطاوجني، أكد أن الملك وجه رسالة قوية عبر قراره هذا، تفيد بأنه لا
أحد فوق القانون، رغم أن مشروع الفيلات يعود لصديقه ولثاني أغنى رجل في المغرب،
الملياردير عزيز أخنوش، موضحاً أن محمد السادس لم يكن راضياً عمّا وقع لمشروع هو
للمغرب والمغاربة.

المشروع السياحي الكبير شارف على الانتهاء، حيث تم إنجاز ما بين 80
إلى 90% من الأشغال، قبل أن تأتي الغضبة الملكية وتأمر بهدم غير المطابق للتصاميم
والبناء.

محمد مسكاوي، رئيس الشبكة المغربية لحماية المال العام، اعتبر أن ما
وقع هدر لمليارات الدراهم والوقت، وهو الأمر الذي يتحمل تبعاته وتداعياته دافعو
الضرائب، مفضلاً لو مرّ الملف عبر القضاء ليقول كلمته الفاصلة في الهدم، وترتيب
الجزاءات، استناداً إلى قانون زجر المخالفات في مجال التعمير والبناء.

 مسكاوي حمّل مسؤولية ما حدث للسلطات المحلية المختصة، التي كان
عليها مراقبة التصاميم ومدى إنجازها قبل الشروع في البناء وأثناءه وبعده.

ودعا  المسكاوي إلى ربط المسؤولين بالمحاسبة، وعدم الاكتفاء
بإعفاء المسؤولين عما وقع، بل ومحاسبتهم حتى يكونوا عبرة لآخرين، ومن أجل مشاريع
كبرى دون مخالفات أو اختلالات.

فضيحة “تغازوت باي” أعادت إلى الأذهان تقريراً للمجلس
الأعلى للحسابات (مؤسسة رقابية)، أثبت اختلالات واسعة بمشاريع “الحسيمة منارة
المتوسط”، التنموية والاقتصادية، حيث قام الملك بإعفاء مجموعة من الوزراء
بالحكومة، التي كان يرأسها عبد الإله بنكيران آنذاك، عقب تسلمه التقرير.

وأعفى محمد السادس كلاً من وزير الداخلية محمد حصاد، ووزير الصحة
الحسين الوردي، ووزير الإسكان نبيل بن عبدالله، والعربي بن الشيخ، كاتب دولة مكلف
بالتكوين المهني، بالإضافة إلى مسؤولين رفيعي المستوى.

حينها، دعا الملك محمد السادس، عبر بلاغ للديوان الملكي، إلى أخذ
العبرة من المشاكل التي عرفها البرنامج التنموي “الحسيمة منارة
المتوسط”، لتفادي الاختلالات والعوائق التي قد تعرقل إنجاز المشاريع
التنموية، إلا أن وصايا الملك لم تؤخذ بعين الاعتبار.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى