ثقافة وادب

جده كان قاضياً أعدم الفلاحين، وشقيقه وزير حسني مبارك الهارب إلى أوروبا.. ما لا تعرفه عن الممثل “بطرس غالي” المتهم بتهريب الآثار المصرية

الممثل
“بطرس رؤوف غالي” شارك في أكثر من عمل درامي تلفزيوني أو سينمائي، قد لا
يكون معروفاً بالقدر الكافي؛ لكن ملامحه ليست غريبة عن أبصار الجمهور، تم الحكم
عليه بالسجن 30 سنة، بتهمة تهريب الآثار، في قضية الحقائب الدبلوماسية الشهيرة.
الممثل “بطرس غالي” شقيق وزير المالية الأسبق “يوسف غالي”،
أحد أهم أركان الفساد في نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، والهارب إلى أوروبا منذ
قيام ثورة يناير/كانون الثاني 2011.

وبالمناسبة، الشقيقان “غالي” هما حفيدا “يوسف باشا غالي”، قاضي محكمة دنشواي الشهيرة سنة 1906م الذي تجنى على الفلاحين المصريين بإطلاقه أحكام الإعدام بالجملة في حقهم؛ مراضاةً لـ “اللورد كرومر” المندوب السامي البريطاني وقتئذ. كان “يوسف باشا غالي” وزيراً للحقانية في هذا الوقت، ولهذا قدموا له رئاسة الوزراء كمكافأة على قتل الفلاحين ظلماً في دنشواي.

وللباشا الجد شطحات أخرى، كمعارضته إنشاء مجلس النواب المصري، وموافقته على اتفاقية الحكم الثنائي مع الإنجليز، والتي أدت إلى انفصال السودان عن مصر، وأيضاً موافقته على مد امتياز قناة السويس 40 سنة، حتى جاء يوم 20 فبراير/شباط سنة 1910، عندما قتله “إبراهيم ناصف الورداني”، قتله انتقاماً منه على جرائمه الشنيعة في حق المصريين، وقال في التحقيقات إنه غير نادم على ما فعله، ولو عاد به الزمن لقتله مراراً وتكراراً.

ترافع
ضد الورداني في المحاكمة النائب العام وقتها “عبدالخالق ثروت”، الذي تمت
تسمية شارع رئيس في وسط البلد باسمه حالياً! وتم تحويل أوراقه إلى فضيلة مفتي
الديار المصرية “الشيخ بكري الصفدي”، الذي فاجأ الجميع لأول مرة ورفض الحكم عليه بالإعدام، ورغم
ذلك تم الحكم عليه بالإعدام وخرجت جموع الشعب تودع “إبراهيم ناصف
الورداني”. وقد تغنت آﻻف الحناجر بأغنية كُتبت من أجله، “قولوا لعين
الشمس ما تحماش”، تلك الأغنية التي غنتها “شادية” بعد ذلك بعشرات
السنين، وهذه قصة عظيمةٌ من الممكن الحديث عنها في وقت ﻻحق..

المهم،
رحل “يوسف غالي” الجد، فهرب وزير المالية بسبب السرقة والفساد واﻻختلاس
وحكم عليه القضاء غيابياً، واﻵن شقيقه الممثل حُكم عليه حضورياً بالسجن 30 سنة وتغريمه 6 ملايين جنيه في قضيتي
“تهريب آثار” إلى إيطاليا، وعاقبت محكمة جنايات القاهرة اثنين من شركائه،
أحدهما يدعى “مدحت ميشيل” وهو مندوب شركة شحن، والآخر يدعى “أحمد
حسن النجدي” وهو عامل، بالسجن المشدد 15 سنة وتغريم كل منهما مليون جنيه،
ومصادرة المضبوطات؛ لتورطهما في القضية نفسها.

القنصل
الفخري لإيطاليا في مصر، “سكاكال أوتاكر لاديسلاف”، تورط في القضية وتم
الحكم عليه في يناير/كانون الثاني الماضي، بالسجن 15 سنة غيابياً، وصرحت وزارة
الخارجية المصرية بأن الجانب الإيطالي هو الذي كشف القصة، واتصالاتهم مع إدارة
الجمارك بميناء الإسكندرية أشارت إلى أن الآثار والشحنة تخص القنصل..

وأمر
النائب العام بمنع جميع المتهمين من التصرف في أموالهم، كما أصدر قراراً بإدراج
القنصل على قوائم ترقب الوصول، واستردَّت مصر القطع المهربة، وتتكون من 21 ألف
عملة معدنية، إضافة إلى 195 قطعة أثرية، منها 151 تمثالاً أوشابتي صغير الحجم من
الفاينس و11 آنية فخارية و5 أقنعة مومياوات، بعضها مطليٌّ بالذهب، وتابوت خشبي
ومركبان صغيران من الخشب، و2 رأس كانوبي و3 بلاطات خزفية ملونة تنتمي إلى العصر
الإسلامي.

هذه
القضية ليست جديدة، نعم، فهي مستمرة منذ سنة 2018، بعدما ضبطت السلطات الإيطالية
الشحنة الدبلوماسية الحاوية للآثار المهربة، وعُرفت في الإعلام باسم “قضية
الحقيبة الدبلوماسية”، تم القبض على “مدحت ميشيل” مسؤول شركة
الشحن، واعترف بدوره هو وزوجته بوضع الآثار في الحقائب والحاويات الدبلوماسية، لكي
تخرج بسهولة من الجمارك المصرية، ولكنهم وقعوا هذه المرة في إيطاليا.

وبحسب
التحقيقات، فإن الممثل “بطرس غالي” هو المدبِّر للموضوع؟ هل تتخيل!
“غالي” الكومبارس هو المورد لكل الآثار التي  تم تهريبها، كان
يستنزف الثروة التاريخية للبلد ويستحلُّها لنفسه، وكما هرَّب أخوه الوزير الفاسد
حقائب دبلوماسية كثيرة متروسة بسبائك ذهب خام، أيام الفوضى اتي تبعت ثورة يناير؛
وهذا ما أدى إلى انهيار الغطاء النقدي في مصر، وفقدت العملة المادية قيمتها
الشرائية وما ترتب على ذلك من ارتفاع مجنون في كل الأسعار، وطبعاً واضح ذلك جلياً
في التسعير المتهور للذهب والصاغة بشكل عام..

وهو
نفسه وزير المالية المبارك، الذي راهن بستة مليارات جنيه في نصف الألفية، وكانت من أموال وزارة
التأمينات وخسرها في بورصة لندن، وهكذا أسقط مديونية الحكومة لدى الوزارة والتي كان قد اقترضها منها، وبعدها ضم مبارك وزارة
التأمينات كهيئة تابعة لوزارة المالية، كي تبقى السرقة “دكاكيني” وفي
بيتها، بعدها مباشرة حصل الوزير على الجنسية الإنجليزية التي منعت اﻹنتربول من
ملاحقته بعد الثورة، وهذا كله بخلاف قانون الضرائب الجديد طبعاً، الذي خرب بيوت
المصريين وأفقرهم، كل هذه مقتطفات بسيطة من تاريخ مشوَّه عشناه، بسبب معاليه، الله
يحرقه مَطرح ما راح..

حتى
الممثل الغلبان الذي رأيناه مع “أحمد السقا” في فيلم “تيمور
وشفيقة”، وقع هو الآخر وانكشف وجهه القبيح، وكتب صفحته الخاصة في دفتر يوميات
العائلة.

أحمد الكراني حاصل على بكالوريوس تجارة عام 2009، ودبلوم إدارة الأعمال، صدرت له رواية “الإمام الهارب” عن دار “اكتب” عام 2018، وكانت في قائمة الأكثر مبيعاً في معرض الكتاب 2019، صدرت له رواية “فارس” عن دار “تشكيل” في معرض الكتاب 2020، وصلت روايته “أبناء الزيتون” -اسم مؤقت- لقائمة مسابقة الطيب صالح للإبداع الكتابي في دورتها العاشرة..

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى