ثقافة وادب

المعرض الحربي “الرومانسي”.. رسائل من الحرب العالمية الثانية تكشف وعوداً بالحب لم تنفَّذ

يعدُّ المتحف الوطني للحرب العالمية الثانية في ولاية نيو أورليانز الأمريكية واحداً من أكثر متاحف العالم رومانسية؛ نظراً إلى كمِّ رسائل الحب الهائلة التي يحتويها والتي يعود غالبيتها إلى جنود أمريكيين وعوائلهم خلال الحرب العالمية الثانية.  

ويسلط المتحف الضوء على آلاف رسائل الحب من الجنود والبحارة الأمريكيين إلى زوجاتهم وحبيباتهم، وفق صحيفة The New York Times الأمريكية.

فقد جمع المتحف الرسائل التي كانت ترسَل إلى الأحبَّة وأفراد الأسرة والأصدقاء من خلال أُسر المحاربين القدامى في الحرب العالمية الثانية، كما عُثر على رسائل الحب التي تعود للحرب العالمية الثانية في متاجر السلع المستعملة، وعن طريق شركات التنظيف المنزلية وعلى موقع eBay، حيث وصل سعرها أحياناً إلى 500 دولار.

وكانت الجهود المبذولة لجمع رسائل قدامى المحاربين قد بدأت منذ نحو 20 عاماً، ومنذ ذلك الحين، تلقَّى المتحف آلاف الرسائل البريدية التي تحوي في طيّاتها الحب الحقيقي وآلام الوحدة واليأس.

وتُظهر الرسائل أنّ عدم القدرة على التنبؤ بنتائج الحرب، والرعب الناتج عنها، دفعا الناس إلى إطلاق العنان لمشاعرهم، والتخلِّي عن مخاوف الرفض أو التعرض للإذلال على يد من يحبونهم.

كما أنها أيضاً رسائل تذكير مؤثرة تُظهر كيف كانت كتابة الرسائل شائعة مثل كتابة البريد الإلكتروني والرسائل النصية الإلكترونية في وقتنا الحالي؛ بل إنها كانت أكثر رومانسية.

في حين يعمل موظفو المتحف بالوقت الحالي على رقمنة الرسائل، أي تحويلها إلى ملفات رقمية، كي يتسنى للجمهور الوصول إليها بشكل أكبر، وقراءتها على الإنترنت في جميع أنحاء العالم.

إحدى تلك القصص المؤثرة كانت بين الإنجليزي ليزلي أبكرافت وصديقته باربرا روسو، كانا قد التقيا في بوسطن في موسم أعياد الميلاد في عام 1943، وغَنَّيَا ولعبا الغيتار في منزلها معاً.

ولكن بحلول عام 1944، كان الإنجليزي ليزلي أبكرافت على متن سفينة تابعة للبحرية الملكية البريطانية، في حين بقيت صديقته باربرا روسو، طالبة المرحلة الثانوية التي كانت تحلم بأن تصبح كابتن طيار، بمسقط رأسها في بوسطن الأمريكية.

ولمدة عام، واظب على كتابة الرسائل العاطفية التي حملت وعوداً بالزواج والحُب الذي لا ينضب أبداً.

وفي ديسمبر/كانون الأول لعام 1944، كتب لها: “أتمنى فقط أن نكون معاً في وقت قريب يا عزيزتي، سأبذل كل شيء لأعود إليك. أنا على يقين بأنني سأعود إليكِ بعد انتهاء الحرب الرهيبة”.

لكن للأسف، لم يسِر الأمر بهذه الطريقة أبداً.

فقد علِم أبكرافت لاحقاً من أصدقائه، أن صديقته الأمريكية خُطبت لشخصٍ آخر خلال الحرب، وفقاً للرسائل التي تلقَّتها باربرا من عائلته. وفي نهاية المطاف تزوج أبكرافت بامرأة أخرى أيضاً.

لكن حبَّهما العميق والمتبادل عبر الرسائل أصبح الآن وبشكل دائم معروضاً ضمن مجموعة واسعة من الرسائل المماثلة بالمتحف الوطني للحرب العالمية الثانية في نيو أورليانز.

إذ تبرعت عائلة باربرا روسو برسائل أبكرافت إلى المتحف منذ أكثر من 12 عاماً. ولم يتمكن مسؤولو المتحف من العثور على معلومات الاتصال الحالية الخاصة بهم.

إحدى الرسائل كانت مؤرخة بـ”الثلاثاء. مساءً” وحسب، وكانت من امرأة تُدعى بات إلى الملازم الثاني دال براون من سلاح الجو بالجيش الأمريكي، وتميزت بنبرةٍ يائسة.

إذ تبدأ الرسالة بقولها: “أستمع الآن إلى صوت الموسيقى القادم من الراديو، وأفكر، لو أن بإمكاني أن أكون معكَ ولو ساعة واحدة فقط هذه الليلة”. وتستطرد: “بصراحة، أنا لا أعرف ما الذي حدث لي. كل ما أعرفه هو أنني أريد أن أكون معك. حتى بعد ما قلته لي الليلة الماضية، أريد أن أراك”.

كانت تكتب له عشرات الرسائل المليئة بمشاعر مماثلة.

لكنها لم تكن الوحيدةَ التي تراسله، بحسب ما ذكرته توني كيسر، مساعدة مدير المتحف.

فبحسب توني، قدَّمت عائلة براون مجموعة من عشرات الرسائل التي تضمنت مراسلات مؤلمة من أربع نساء على الأقل، سألن فيها لماذا لم يكتب لهن، ولماذا لم يتصل بهن أو ُيخبرهن بأنه قد نُقل، أو لماذا لم يأتِ لرؤيتهن بينما كان في إجازة.

في النهاية توقفت رسائل الفتاة بات إلى دال براون، ولم يعرف ماذا حصل لهما فيما بعد.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى