تقارير وملفات إضافية

ترفض الشفافية.. كيف توجه جوجل نتائج بحثك لما يتوافق مع مصالحها حتى لو أضرك؟

نحو 3.8 مليون طلب بحث يكتب على جوجل كل دقيقة لعرض نتائج لتقييمات النتائج أو علاجات سرطان الثدي، أو أحدث الأخبار عن ترامب، ولكن كيف تنظم الشركة هذا العمل الضخم والأهم، كيف توجه جوجل نتائج البحث على الإنترنت وماذا تفعل مع ضغوط المعلنين والحكومات؟

خوارزميات جوجل التي تقوم بعمليات البحث هي بلا شك أقوى سطور رموز برمجية حاسوبية في الاقتصاد العالمي، إذ تتحكم في مقدار ما يصل إليه العالم من معلومات على الإنترنت.

وتعتبر هذه الخوارزميات نقطة انطلاق لمليارات الدولارات في قطاع التجارة والأعمال، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Wall Street Journal الأمريكية.

منذ عشرين عاماً بدأ مؤسسو جوجل هذه الشركة العملاقة على افتراض أن خوارزمية البحث لديهم قادرة على تمشيط الإنترنت بشكل أفضل مما يفعل البشر للحصول على معلومات مفيدة. وقال المسؤولون التنفيذيون لجوجل مراراً، في اجتماعات خاصة مع مجموعات خارجة، وعند تقديم إفاداتهم أمام الكونغرس، إن الخوارزميات موضوعية ومستقلة بذاتها، ولا تتأثر بالتحيزات البشرية أو الاعتبارات التجارية.

ولكن، وفقاً لتحقيق أجرته صحيفة Wall Street Journal، هذا الكلام يتعارض في أغلب الأحيان مع ما يحدث وراء الكواليس.

بمرور الوقت، أعادت جوجل تصميم هندستها، وتداخلت مع نتائج البحث بدرجة أكبر بكثير مما أقرّت الشركة ومسؤولوها التنفيذيون.

وغالباً ما تأتي هذه التغييرات والتدخلات استجابةّ لضغوط من شركات، أو جماعات المصالح الخارجية أو الحكومات من مختلف دول العالم.

ووجدت صحيفة Wall Street Journal أنَّ هذه التدخلات زادت وتيرتها بشكل كبير منذ انتخابات 2016، وانتشار المعلومات المضللة على الإنترنت.

ووفقاً لجوجل ومصدر مطلّع، أجرت جوجل أكثر من 3,200 تغيير على خوارزمياتها في 2018، أي أكثر مما أجرته عام 2017، (حوالي 2,400) تغيير، بينما لم تجرِ سوى حوالي 500 تعديل فقط عام 2010.

وقالت جوجل إن 15% من طلبات البحث التي تُرسل اليوم تكون لكلمات أو لمجموعة من الكلمات لم ترها الشركة من قبل، مما يزيد من حجم العمل على المهندسين من أجل ضمان وصول الخوارزميات إلى نتائج مفيدة.

وعارضت المتحدثة باسم شركة جوجل ما توصلت إليه صحيفة Wall Street Journal، وقالت: «ما نفعله اليوم لا يختلف عمَّا كنا نفعله سابقاً، نقدم نتائج ذات صلة من أكثر المصادر الموثوقة المتاحة».

وقالت لارا ليفين، المتحدثة باسم شركة جوجل، إن الشركة تتسم بالشفافية في إرشاداتها للقائمين على تقييم النتائج، وفيما تُصمم الخوارزميات من أجل فعله.

واختبرت صحيفة Wall Street Journal، ضمن تحقيقها، نتائج بحث جوجل على مدار عدة أسابيع هذا الصيف.

وأظهر الاختبار تباينات شاسعة في كيفية تعامل جوجل مع طلبات الاستكمال التلقائي، وبعض ما تطلق عليه جوجل «نتائج البحث المجانية»، وهي قائمة المواقع التي تقول جوجل إنها مصنفة وفق الخوارزمية حسب ملاءمتها لاستفسار المستخدم.

ورفضت ليفين، المتحدثة باسم شركة جوجل، التعليق على نتائج معينة في اختبارات Wall Street Journal. وقالت: «بشكل عام، تهدف أنظمتنا إلى تقديم نتائج ذات صلة من المصادر الموثوقة»، مضيفةً أن نتائج البحث المجانية وحدها «لا تمثّل المعلومات التي يمكن الوصول إليها عبر البحث».

واختبرت الصحيفة خاصية الاستكمال التلقائي، التي تقول جوجل إنها مستمدة من قاعدة البيانات الهائلة لمعلومات البحث من أجل التنبؤ بما قد ينوي المستخدم كتابته، فضلاً عن بيانات أخرى مثل موقع المستخدم وسجل البحث. وأظهر الاختبار أن جوجل لا تقدم اقتراحات معينة مقارنة بمحركات بحث أخرى.

عند كتابة «جو بايدن» أو «دونالد ترامب»، تعمل خاصية الإكمال التلقائي في جوجل على اقتراح لهجة أكثر براءة وأقل هجاءً من محركات البحث الأخرى.

وظهرت نفس الاختلافات عند اختبار الخاصية مع العديد من الأسماء البارزة الأخرى.

تعتبر الخوارزميات وصفات فعّالة على هيئة رموز برمجية، تقدم تعليمات خطوة بخطوة حول كيفية حل أجهزة الكمبيوتر لمسائل معينة.

ولا تعمل الخوارزميات على توجيه الإنترنت فحسب، بل التطبيقات التي تشغل الهواتف والأجهزة اللوحية أيضاً.

تُحدد الخوارزميات من الأصدقاء الذين تظهر منشوراتهم على صفحتك الرئيسية في فيسبوك، وما هي منشورات تويتر التي قد تحظى بشعبية وتفاعل كبير، ومقدار ما قد تكلفه رحلة «أوبر» خلال ساعات الذروة مقارنة بمنتصف الليل. وتستخدمها البنوك للتحقق من طلبات القروض، وتستخدمها الشركات للبحث عن أفضل المتقدمين لوظيفة معينة، وتستخدمها شركات التأمين لتحديد العمر المتوقع للشخص.

في البداية، نادراً ما كان يتساءل أحد عن قوة تلك الخوارزميات. في جوجل تحديداً، صنّفت خوارزمياتها المبتكرة محتوى الإنترنت بطريقة مبتكرة ومربحة إلى حدّ كبير.

وهدفت الشركة إلى جعل الإنترنت مفيداً، ولكنها اعتمدت على فرضية أن الرموز البرمجية وحدها قادرة على تولّي العمل الشاق فيما يتعلق باكتشاف كيفية ترتيب وتصنيف المعلومات.

ولكن مع تزايُد محاولات بعض الجهات التلاعب بنتائج البحث، حيث حاولت الشركات التلاعب بالنظام وانتشرت المعلومات المغلوطة بشكل كبير عبر المنصات التقنية. وجدت جوجل نفسَها تواجه بعضَ الضغوط التي واجهتها فيسبوك، التي ظلّت تروّج لوقت كبير أنها تهدف إلى ربط الأشخاص معاً، إلى أن أُجبرت على فرض رقابة أكثر صرامة على المحتوى المنشور على منصتها.

ومنذ بدأت جوجل تواجه مشكلات مثل المعلومات المضللة، بدأت تتلقى قدراً أكبر من الشكاوى، إلى درجة أن التدخل البشري، وفقاً لمصادر مطلّعة، أصبح معتاداً إلى حد كبير ليكون في موقع التحكيم في بعض القضايا الاجتماعية المعقدة.

بعض التغييرات على نتائج البحث قد تبدو منطقية، مثل تعزيز ترتيب المواقع الموثوقة مثل شبكة شريان الحياة الوطنية الأمريكية لمنع الانتحار، ولكن في المقابل لا تكشف جوجل إلا أقل القليل عن موعد إجراء تلك التغييرات أو سببها.

في وقت سابق من هذا العام، فتحت وزارة العدل الأمريكية تحقيقاً لمكافحة الاحتكار، ومن المتوقع أن تكون سياسات وممارسات بحث جوجل هي موضع تركيز هذا التحقيق. 

واستُدعي مسؤولون تنفيذيون في جوجل مرتين، لتقديم إفادة أمام الكونغرس خلال العام الماضي بسبب مخاوف من التحيز السياسي.

وفي الاتحاد الأوروبي، فُرض على جوجل غرامات بأكثر من 9 مليارات دولار خلال السنوات الثلاث الأخيرة، بسبب الممارسات المانعة للمنافسة، بما في ذلك مزاعم استخدام محرك البحث لمصلحة منتجاتها.

ورداً على ذلك، قالت جوجل إنها واجهت منافسة قوية في قطاع التقنية، وإن سلوكها يهدف إلى إتاحة خيارات أخرى أمام المستهلكين، وليس إيذاء المنافسين. وتستأنف الشركة حالياً ضد قرارات الاتحاد الأوروبي، وأنكرت مزاعم التحيّز السياسي.

نادراً ما تُصدر جوجل أي معلومات تفصيلية بشأن أي تغييرات في الخوارزمية، مما يشوّش ويربك الشركات وجماعات المصالح، الذين يشعرون أنهم يعملون وفق أهواء العملاق التقني.

في أحد التغييرات التي شهدت شداً وجذباً كبيراً داخل جوجل، قرر المهندسون إمالة النتائج لصالح الشركات البارزة والأكبر على حساب الشركات الأصغر، وكانت حجتهم أن العملاء يرغبون على الأرجح في الحصول على ما يريدون من المنافذ الكبرى. 

ومن نتائج هذا التغيير تعزيز ترويج منتجات أمازون، حتى إذا لم يعد المنتج متوفراً، وفقاً لمصادر مطلّعة على هذا الشأن.

وتكرَّرت المشكلة على مرِّ السنوات خلال الاجتماعات التي ناقش فيها مسؤولو جوجل التنفيذيون تغييرات الخوارزمية. وفي كل مرة، وفقاً لمصدر مطلّع، يختارون عدم التراجع عن التغيير.

تزامنت العديد من التغييرات داخل جوجل مع تحولها التدريجي من شركة ذات طبيعة أقرب للأكاديمية وتركز على الهندسة التقنية إلى شركة عملاقة في الدعاية والإعلان وواحدة من أكثر الشركات ربحية في العالم.

إذ بلغت أرباح الإعلانات العام الماضي 2018، والتي تتضمن الإعلانات على محرك البحث، فضلاً عن المنتجات الأخرى مثل الخرائط ويوتيوب، حوالي 116.3 مليار دولار.

وبذلت جوجل جهوداً إضافية خلال الشهور الماضية لتوضيح كيفية عمل خدماتها من خلال تحديث المعلومات العامة على موقعها.

وفي نهاية أكتوبر/تشرين الأول، نشرت مقطع فيديو جديداً بعنوان «كيف يعمل بحث جوجل؟».

وقال جوناثان زيتراين، أستاذ القانون بجامعة هارفارد ومدير مركز بيركمان للإنترنت والمجتمع، إن تحديد جوجل لمرات أو أسباب تدخلها في نتائج البحث ضعيف جداً.

وقال زيتراين إن حجة الشركة بعدم قدرتها على الكشف عن تلك التفاصيل بسبب مكافحة إساءة الاستخدام «تبدو غير منطقية».

وقالت ليفين، المتحدثة باسم شركة جوجل: «أثبتت الشفافية القصوى على مر التاريخ أنها تمد الجهات السيئة بالوسائل الممكنة لإيذاء المستخدمين وأصحاب المواقع الذين يلعبون وفقاً للقواعد«.

ووفقاً لمصادر مطلعة، من الممكن أن تتسبب التصنيفات التي يقدمها المتعاقدون الخارجيون، الذين يعملون وفقاً لقواعد جوجل على مئات المواقع، في رفع أو خفض ترتيب موقع معين في نتائج البحث. ثم يقيس مسؤولو جوجل الاستجابة الجماعية ويستخدمون النتائج في التأثير على خوارزميات البحث.

في خريف 2018، نشر الموقع الإخباري المحافظ Breitbart News Network مقطع فيديو مُسرّباً لمسؤولي جوجل، سيرجي برين والمدير التنفيذي ساندر بيتشاي، وهم مستاؤون ويتحدثون إلى موظفيهم عقب فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية.

ولاحظ مجموعة من موظفي جوجل أن الفيديو يظهر في الصفحة الثانية عشرة من نتائج البحث عند البحث عن «فيديو جوجل المسرب ترامب»، ويبدو من ذلك أن جوجل تدفن مقطع الفيديو في غياهب الإنترنت.

ووفقاً لمصادر مطلّعة، قدّم الموظفون شكوى داخلية في الشركة. وبعد وقت قصير، بدأ مقطع الفيديو في الظهور بترتيب أعلى في صفحات البحث.

وقالت ليفين: «عندما نتلقى تقارير عن أن منتجنا لا يتصرف على النحو المتوقع، نحقق في الأمر لنرى إن كانت هناك أي أفكار مفيدة لإدخال تحديثات مستقبلية لعدم تكرار الأمر».

منذ تأسيس جوجل، قدم المؤسسان، بايج وبرين، خوارزمية PageRank، النظام المؤسس الذي أطلق محرك البحث.

وقالا إن خوارزمية PageRank قادرة على قياس مستوى الاهتمام البشري، ولكنها ستفعل ذلك «بموضوعية وآلية». وأكدا أن النظام سوف يقيس، حسابياً، أهمية الموقع بناء على عدد المرات التي تحيل المواقع الأخرى ذات الصلة روابطها إليه على الإنترنت.

واليوم، جرى تحديث PageRank واندرجت تحت أكثر من 200 خوارزمية مختلفة، متناغمة مع مئات الإشارات، التي تستخدمها جوجل حالياً. (بدّلت الشركة خوارزمية PageRank عام 2005، بإصدار أحدث يمكنه مواكبة الزيادة الهائلة في معدل الزيارات التي تجتذبها المواقع الإلكترونية.

وداخلياً، أُطلق على الإصدار الحديث «PageRankNG»، في إشارة إلى «الجيل الجديد».

ولكن رسمياً، ظلت الشركة تشير إلى الخوارزمية باسم PageRank، وتشير الروابط على الموقع الإلكتروني إلى الخوارزمية الأصلية التي نشرها بايج وبرين من أجل توضيح كيفية عمل محرك البحث. وقالت ليفين: «الرؤية والمفهوم الأصلي لاستخدام أنماط الترابط لا نزال نستخدمها في أنظمتنا حالياً».

وفي بدايات الألفية الجديدة، تمكّن البعض من إرباك وغمر خوارزميات جوجل بتكتيكات تجعل مواقعهم تظهر أكثر شعبية مما هي عليه، والتحايل على نتائج البحث.

واختلف بايج مع برين على كيفية مواجهة تلك المشكلة.

ووفقاً لمصادر مطلّعة، كان برين ضد التدخل البشري، مؤكداً على ضرورة تقديم جوجل النتائج الأكثر دقة كما تتوصل إليها الخوارزميات، ولا يجوز تعديل الخوارزميات إلا في أضيق الحدود.

بينما رأى بايج أن تجربة المستخدم سوف تتأثر سلباً عندما يحصل على نتائج دخيلة بدلاً من النتائج المفيدة.

وبعد ذلك، راجعت الشركة خوارزمياتها لمكافحة التلاعب، وحرّرت القيود المفروضة على التدخل البشري.

لدى جوجل لوائح وقواعد لتغيير خوارزميات تصنيف وترتيب المواقع، وهي عملية مرهقة يُطلق عليها «لجنة الإطلاق». وأشار المسؤولون التنفيذيون في جوجل إلى هذه العملية بشكل عام خلال الإفادات التي قدموها في الكونغرس، عند سؤالهم عن تغيير الخوارزميات.

وقالت ليفين إنهم لا يناقشون كل تغيير على الخوارزمية في اجتماع، ولكن «هناك بعض العمليات الأخرى لمراجعة أكثر مباشرة على مستويات مختلفة من المؤسسة»، مثل المراجعة عبر البريد الإلكتروني. وقالت إن هذه المراجعات لا تزال تتضمن عدداً من أعضاء لجنة الإطلاق.

وكشفت جوجل هذه الأيام عن بعض العوامل التي تقيسها الخوارزميات، ومن بينها «الحداثة«، التي تعطي الأولوية للمحتوى الأحدث عند البحث عن أشياء مثل الأخبار أو الفعاليات الرياضية. والعامل الآخر هو موقع المستخدم، إذا بحث المستخدم على سبيل المثال عن «حديقة الحيوان»، يعمل مهندسو جوجل على ضبط الخوارزميات لكي تقدم للمستخدم معلومات عن أفضل حدائق الحيوان في المناطق القريبة من المستخدم.

ومن العوامل أيضاً «اللغة»، كيف يتغير معنى الكلمة عند استخدامها إلى جانب كلمة أخرى، مثل «أبريل» و «كذبة أبريل»، إذ تساعد بذلك على تحديد ما يسأل عنه المستخدم على نحو دقيق.

وتضمنت العوامل الأخرى المهمة مقدار الزمن الذي يقضيه المستخدمون على الصفحات التي ينقرون عليها قبل النقر على زر العودة إلى جوجل.

وفقاً لموظف سابق في جوجل، بقاء المستخدمين في الصفحة لفترة طويلة يعزز من ترتيب الموقع، بينما الارتداد السريع إلى نتائج البحث يشير إلى أن المحتوى ليس ذا صلة، وينخفض ترتيب الموقع في النتائج.

على مرّ السنوات، أصبحت قاعدة البيانات لدى جوجل التي تسجل هذه الأنشطة للمستخدم ميزة تنافسية كبيرة، وساعدت الشركة على احتلال مكانتها الحالية في سوق محركات البحث. محركات البحث الأخرى لا تمتلك هذا الكم الهائل والمتنوع من البيانات المتوفرة لدى جوجل.

في مارس/آذار 2017، حدّثت جوجل إرشاداتها التي تقدمها للمتعاقدين الخارجيين الذين يقيّمون النتائج، ووجهتهم للمرة الأولى إلى منح تصنيف منخفض الجودة للمواقع «التي أنشئت لغرض وحيد، هو تشجيع الكراهية والعنف ضد مجموعة من الأشخاص»، وذلك للمساعدة في ضبط خوارزميات جوجل من أجل خفض ترتيب تلك المواقع في نتائج البحث.

وفي العام التالي، وسَّعت الشركة نطاق تطبيق هذه اللوائح على أي مواقع تشجع على الكراهية أو العنف، حتى إذا لم يكن ذلك هو الغرض الوحيد للموقع، وحتى إذا «عبَّرت تلك المواقع عن آرائها بطريقة مهذبة أو بلُغة أكاديمية».

وعلى صعيد آخر، كانت خوارزميات بحث جوجل محط تركيز كبير في هوليوود في إطار جهودها لمكافحة الأفلام والمسلسلات التلفزيونية المقرصنة.

قال دان غليكمان، رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي لجمعية الفيلم الأمريكي في الفترة من 2044 إلى 2010، إن شركات الإنتاج ترى هذه القرصنة بمثابة جرس إنذار لموت أعمالهم والصناعة بأكملها.

وكانت الجمعية تنتقد شركة جوجل علانية، وقالت: «قد نخسر مئة مليون دولار في محاولة الترويج لفيلم كبير، لمجرد تمكّن شخص ما من بثّه بشكل غير قانوني على الإنترنت».

ووفقاً لتقرير الشفافية الذي نشرته الشركة، تلقّت جوجل 1.6 مليون طلب لإزالة مواقع إلكترونية، بسبب مشكلات تتعلق بحقوق النشر خلال العام الماضي.

تتعلق هذه الطلبات بأكثر من 740 مليون صفحة على الإنترنت، أي أكثر من عدد الصفحات التي طُلب حذفها عام 2012 بمقدار 12 ضعفاً.

وقبل عقد من الزمان، ومن أجل صالح صناعة السينما، حذفت جوجل كلمة «تنزيل» من اقتراحات الاستكمال التلقائي بعد اسم فيلم أو مسلسل تلفزيوني، لكيلا تُشجّع المستخدمين على الأقل عند البحث على محتوى مقرصن.

وفي عام 2012، استخدم مرشحات لنتائج البحث تعمل على خفض ترتيب المواقع التي يصل بسببها عدد كبير من شكاوى القرصنة.

وأبعد ذلك بشكل كبير العديد من المواقع التي تبث محتوى مقرصناً عن الصفحة الأولى لنتائج البحث عند البحث عن أفلام أو محتوى موسيقي، ولكنها لا تزال تظهر عندما يكتب المستخدم في البحث أسماء تلك المواقع تحديداً.

وعلى جانب آخر، ازدادت حدة الانتقادات التي تزعم التحيّز السياسي لنتائج بحث جوجل منذ انتخابات الرئاسة الأمريكية 2016.

تسببت ممارسات إنشاء قوائم سوداء لأنواع معينة من المواقع أو عمليات البحث في استهجان واتهام بعض مهندسي جوجل ومنصات الإعلام اليمينية لشركة جوجل بالتحيز السياسي، بعد إدراج عدد من تلك المنصات في القوائم السوداء. ووفقاً للوثائق التي توصلت إليها صحيفة Wall Street Journal، كان هناك بعض المواقع والمدونات المحافظة التي استهدفتها جوجل لمنع ظهورها في خدمة أخبار جوجل.

وفي إطار عرض الصحيفة لجزء من القائمة السوداء، ظهرت بعض المواقع الإلكترونية المحافظة واليمينية، مثل The Gateway Pundit وThe United West، وسط قائمة من مئات المواقع التي لن تظهر في الأخبار أو المنتجات المميزة، ولكنها قد تظهر في نتائج البحث المجانية.

وقالت جوجل مراراً إنها لا تتخذ قراراتها بناء على أمور سياسية، وقال موظفون حاليون وسابقون لصحيفة Wall Street Journal إنهم لم يروا أي أدلّة تشير إلى التحيّز السياسي. ولكنهم قالوا إن سياسات جوجل المتغيرة بشأن التدخل البشري، ونقص الشفافية فيما يتعلق بذلك، تجبر الموظفين على أن يصبحوا في مكانة تحدد ما هو مقبول أو غير مقبول، وهذه المعضلة تفتح الباب أمام اتهامات بالتحيز أو المحسوبية.

كما تزايدت مطالب الحكومات بالتغيير بشكل متزايد وسريع منذ 2016.

من 2010 إلى 2018، تلقَّت جوجل طلبات من دول، من بينها الولايات المتحدة، من أجل حذف 685,000 رابط، مما تطلق عليه جوجل بحث الإنترنت. وجاءت تلك الطلبات من محاكم وهيئات رسمية أخرى، تقول إن تلك الروابط تنتهك القوانين المحلية أو ينبغي حذفها لأسباب أخرى.

وفقاً للتقارير التي تنشرها جوجل على موقعها الإلكتروني، كانت حوالي 78% من تلك الطلبات منذ بداية 2016. ولم تكشف جوجل عن قراراتها وإجراءاتها النهائية التي اتخذتها بشأن تلك الطلبات.

وقال مصدر مطلّع إن تلك الطلبات تضمنت مناشدات بحذف روابط لمعلومات تصفها الحكومات بـ «المتطرفة»، يمكن استخدامها لاستهداف خصوم سياسيين.

وقال المصدر إن جوجل التي يراجع طاقمها تلك الطلبات، ترفض في بعض الأحيان الطلبات التي يبدو أنها تركز على المعارضة السياسية.

وقالت ليفين: «تعظيم القدرة على الوصول للمعلومات هو المبدأ الأساسي دائماً لعملية البحث، ولن يتغير ذلك».

وقال عاملون حاليون وسابقون في جوجل إن ثقافة الشركة المتمثلة في المقاومة العلنية لمطالب تغيير النتائج تراجعت. 

منذ عدة سنوات، ووفقاً لمصدر مطلّع على الأحداث، حلّت الشركة فريقاً عالمياً يركز على قضايا حرية التعبير، من بين أمور أخرى، أعلن الفريق عن المعارك القانونية التي تخوضها الشركة من أجل مكافحة تغيير نتائج البحث، ويرجع ذلك، جزئياً، لخسارة جوجل العديد من تلك المعارك في المحاكم.

وقال المصدر: «لم تعد حرية التعبير فرس الرهان الفائز».

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى