منوعات

بكلمات ذات أصل فرعوني، و125 جنيهاً خصصتها الإذاعة لإطلاق 3 أغانٍ.. إليك قصة “وحوي يا وحوي”

نردد كل رمضان كلمات أغانيه الشهيرة، فتجدنا ندندن مع الأطفال “وحوي يا وحوي.. إياحة”، أو نسمعها بصوت المغني والملحن المصري أحمد عبدالقادر في أغنيته الشهيرة، وأصبحت مرتبطة برمضان رغم أنها كلمات قد تكون غير مفهومة ولا يعرف أغلبنا معناها، لكنها مستوحاة من الفلكلور الشعبي رغم الاختلاف على أصله.

هيا بنا نتعرف على أصل هذه الكلمات، وقصة عبدالقادر مع الأغنية الرمضانية الشهيرة:

لهذه الكلمات أصل فرعوني، وفقاً للباحث في تاريخ مصر القديمة وسيم السيسي، الذي تحدث عن وجود الصوم في الحضارة الفرعونية كأغلب الحضارات والمعتقدات الدينية، وعرف في الحضارة الفرعونية باسم “صاو” الذي يقصد بها “يمتنع”، فيما كان العيد الأعظم بالنسبة لقدماء المصريين هو عيد “شيش لام ربه” الذي يعقب فترة الصيام أي “عيد السلام الكبير” (شيش: عيد، لام: سلام، ربه: الكبير)

فيما تحدث عن ترديد الفراعنة “وحوي يا وحوي إيوحا”، أثناء انتظارهم للقمر يهل ليبدأوا الصيام. إذ شرح في لقاء تلفزيوني سابق أن “وح” يعني لاح أو ظهر، أما “وي” هي أداة نداء، أما “يوحا” فهو ملاك القمر، وتعني الكلمة كاملةً: “اظهر أيها القمر”.

بينما تحدثت صحف ومواقع مصرية مثل “اليوم السابع” و”مصراوي” عن رواية أخرى حول أصل هذه الكلمات تعود للعصر الفرعوني أيضاً، وتقول الرواية إن إياحة هو لقب الملكة الفرعونية “إياح حتب” زوجة أمير طيبة أواخر القرن الثامن عشر قبل الميلاد، في هذه الحقبة ضعفت قوى الدولة الفرعونية وطمع فيها الهكسوس.

الملكة الفرعونية شجعت زوجها على مواجهة الهكسوس فقُتل، ثم شجعت ابنها الأكبر “كامس” على محاربتهم، فقُتل هو أيضاً، بعدها دفعت بابنها الثاني “أحمس” لمحاربتهم وانتصر عليهم، وعند عودته استقبله المصريون مع أمه التي شجعته بهذه الكلمات التي تعني مرحبا وأهلاً يا قمر، إذ تعني “إياح” القمر، فيما تعني “حتب” الزمان، أي قمر الزمان. وأصبحت الكلمات مرتبطة بعد ذلك بإشعال الفوانيس والفرح ابتهاجاً بقدوم القمر.

هناك آخرون يربطون أصل الكلمات التراثية بالعصر الفاطمي،  نظراً لتشابه كلماتها مع أغنية تراثية يقول مطلعها: “أحوي أحوي إياها، بنت السلطان إياها، لابسة القفطان إياها” وفقاً لما قاله إبراهيم أحمد إبراهيم، صاحب موسوعة «أغنيات وحكايات»، خصوصاً أننا ورثنا الكثير من مظاهر استقبال رمضان من الدولة الفاطمية بينها فوانيس رمضان، وطقوس إنارة الشوارع.

فيما ذهب المؤلف والناقد الفني المصري عمار الشريعي لتفسير الكلمة لأصل عربي وهو “احتوى” أو “امتلك”. 

لكن طاقم عمل الأغنية كان أميل لصلة الكلمات بالتراث الفرعوني، إذ قال مغني الأغنية أحمد عبدالقادر في حوار مع مجلة “الكواكب” نشر عام 1982 ونقله موقع “في الفن” إن كلمة “وحوي” كلمة فرعونية تعني “يا فرحتي”، أما كلمة “إياحة” فهي أيضاً فرعونية وتعني “القمر” لكن أصلها “أيوح” وحرفت إلى “إياحة” لكي تناسب لحن الأغنية.

في الحوار نفسه تحدث عن سر نجاح الأغنية أنها طربية، وطالب وقتها بحماية لقب “مطرب”، وقال إنه فكر مع فؤاد الأطرش شقيق فريد الأطرش في تكوين جمعية لحماية اللقب مع بدايات ظهور النمط الغنائي السريع.

أما إطلاق الأغنية فله قصة أيضاً، ففي بداية إطلاق الإذاعة المصرية عهدت فقرة ربع ساعة لأحد المطربين بتقديم ثلاث أغنيات، له الحق فى اختيار كلماتها وألحانها، وقد اختير وقتها عبدالقادر، الذي كان من كبار الملحنين الذين تعتمد عليهم الإذاعة، ويمتلك قدرات فنية عظيمة رغم عدم شهرته في المسرح والسينما كأغلب فناني عصره، ولأن رمضان كان على الأبواب وقع الاختيار على الأغنية لتقدم مع بدايات انطلاق الإذاعة.

أما بالنسبة للميزانية المرصودة لهذه الدقائق الـ15 فقد بلغت 125 جنيهاً، إذ أشار الإذاعى وجدى الحكيم إلى أن “المطرب الذى تعهد إليه الإذاعة بربع ساعة يقدم خلالها ثلاث أغنيات يحصل على 125 جنيهاً تشمل أجر التأليف والتلحين والمطربين الذين يستعين بهم والفرقة الموسيقية والكورال ويوفر أجره مما يتبقى من هذا المبلغ الذي كان يعتبر مبلغاً كبيراً في هذا الوقت”.

الكلمات الفلكلورية اقتبسها الشاعر حسين حلمي المانسترلي، الذي كان يعمل بوزارة المعارف، وألف الأغنية الخالدة التي غنت مع انطلاق الإذاعة المصرية. وبمناسبة الشاعر، فهو مالك قصر المانسترلي الكائن بمنطقة منيل الروضة بالقاهرة، وكان يستخدم قصره البالغة مساحته ألف متر لإقامة الحفلات للفنانين، لذلك، بعد وفاته حول القصر لمتحف ضم المقتنيات الفنية لكاتب وملحن أغاني عدد من المشاهير الكبار في عصره، بينهم ليلى مراد، ومحمد عبدالمطلب، وأحمد عبدالقادر، ومحمد قنديل.

فيما لحن الأغنية الرمضانية الموسيقار أحمد الشريف، الذي عمل في كازينو فني ولحن الأغاني به قبل انضمامه للإذاعة المصرية، فقد بدأ الشريف حياته الفنية صغيراً بصحبته لوالده الذي كان يعزف في حلقات الذكر.

أما عن المغني أحمد عبدالقادر، فكانت حياته مليئة بالفن والموسيقى طوال عمره، إذ بدأ الغناء وهو في عمر الثامنة، وحصل على دبلوم معهد الموسيقى العربية، وعندما افتتحت الإذاعة عام 1934 كان من أوائل المطربين الذين شاركوا بالغناء في برامجها منذ الأسبوع الأول، كما غنى باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية بمجموعة أغان من ألحان رياض السنباطي ومحمد القصبجي وزكريا أحمد، كما أنه كان أول من لحن وغنى أشعار نزار قباني، لكنه هجر الفن في سن المعاش، واتجه لحالة من التصوف في آخر سنواته قبل رحيله عام 1984 (رحل عن عمر 74 عاماً)، حيث اعتمد مبتهلاً في الإذاعة المصرية عام 1976، ومقرئاً للقرآن فى مسجد الحسين، وبعد 4 سنوات حصل على جائزة الجدارة.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى