ثقافة وادب

أستاذ اقتصاد كرّس حياته للمقاومة.. مسيرة حافلة للراحل رمضان شلح قائد الجهاد الإسلامي

فارق الدكتور رمضان عبد الله شلح، الأمين العام السابق لحركة “الجهاد الإسلامي” الحياة، السبت 6 يونيو/ حزيران 2020، عن سن يناهز 62 سنة، بعد صراع طويل مع مرض عضال، تاركا خلفه تاريخا طويلا من المقاومة في وجه الاحتلال الإسرائيلي.

الدكتور الأكاديمي، المقاوم الفلسطيني، والقائد العسكري، حسب تصنيف الاحتلال الإسرائيلي، يعتبر من بين أبرز وجوه المقاومة الفلسطينية في السنوات الأخيرة، كما وصفته الحركة الإسلامية في رسالة النعي، بـ”القائد المقاوم الكبير” الذي كرس 20 عاما من عمره في خدمة القضية الفلسطينية.

النشأة والتكوين: أطلق رمضان عبد الله شلح، أولا صرخاته بقطاع غزة سنة 1958، وما هي إلا سنوات قليلة حتى انتقل إلى مصر من أجل إكمال دراسته الجامعية، هناك تخرج من جامعة الزقازيق عام 1981، قبل أن يعود مرة أخرى لغزة، و يشتغل أستاذا للاقتصاد بالجامعة الإسلامية بغزة.

تجربة التدريس في غزة، لم تعمر سوى 5 سنوات، عندما قرر شلح، التوجه سنة 1986 إلى بريطانيا، من أجل استكمال مساره العلمي والأكاديمي، فعاد منها وهو حاصل على شهادة الدكتوراه في الاقتصاد سنة 1950.

شلح، واصل مهامه كأستاذ جامعي متخصصا في دراسات الشرق الأوسط، والاقتصاد أيضا، فتنقل بين جامعات كويتية وأمريكية، فيما تبقى آخر تجاربه التدريسية تلك التي خاضها في جامعة جنوب فلوريدا، بين عامي 1993 و1995 حيث عمل هناك كأستاذ لدراسات الشرق الأوسط.

الالتحاق بالجماعة: التقى شلح فتحي الشقاقي، الأمين العام السابق للجماعة، خلال دراسته في جامعة الزقازيق في مصر، في تلك الفترة تشبع فكره بفكر “الإخوان المسلمين” وكتب سيد قطب وحركة “الجهاد الإسلامي”، وما هي إلا فترة وجيزة، حتى انخط رمضان عبد الله في الحركة، وأصبح واحدا من أبرز أعضائها.

بل ساهم أيضا في تحقيق واحدة من أهداف الحركة الرئيسية، وهي جعل القضية الجهادية الفلسطينية من أولويات “الإخوان المسلمين”، فقد ساهم في بناء القاعدة التنظيمية للحركة في فلسطين، سواء عن طريق التعبئة السياسية أو الجهاد المسلح ضد الاحتلال الإسرائيلي 

التقي شلح مع الشقاقي في دمشق وناقشا الخطط لتطوير العمل الجهادي، لكن اللقاءات توقفت في عام 1995 إثر اغتيال الشقاقي، وأمام الرحيل المفاجئ لمؤسسها قررت الحركة انتخابه أمينا عاما لها.

هذا واشتهر في تلك الحقبة بخطبة الجهادية، التي أثارت غضب الاحتلال الإسرائيلي، ودفعته لفرض الإقامة الجبرية عليه ومنعه من العمل بالجامعة.

منذ عام عام 1995، شغل منصب الأمين العام لحركة “الجهاد الإسلامي” خلفا للشهيد فتحي الشقاقي، الذي اغتاله “الموساد” الإسرائيلي في مالطا.

 اتهامات ومتابعات:  كغيره من القادة البارزين، لم تمر حياة الدكتور رمضان شلح، دون مضايقات ومتابعات وتهديدات، خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية، اتهم الاحتلال الإسرائيلي شلح بالمسؤولية المباشرة عن عدد كبير من عمليات “الجهاد” ضد أهداف إسرائيلية،وإعطائه أوامر مباشرة بتنفيذها، وهو الأمر الذي دفع بالاحتلال إلى التعامل معه كقائد عسكري، إلى جانب دوره السياسي.

في أمريكا، أدرج مكتب التحقيقات الفدرالي الأمريكي”FBI”، شلح على قائمة المطلوبين لديه، سنة 2017 إلى جانب 26 شخصية حول العالم، كما أدرجته في قائمة “مكافآت من أجل العدالة” وعرضت 5 ملايين دولار لمن يغتاله.

كما سبق أن أدرجت السلطات الأمريكية شلح على قائمة “الشخصيات الإرهابية” بموجب القانون الأمريكي، وصدرت بحقه لائحة تضم 53 تهمة من المحكمة الفيدرالية في المقاطعة الوسطى لولاية فلوريدا عام 2003.

تدهور حالته الصحية:  سنة 2018، أكدت مصادر إعلامية فلسطينية، دخول الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين رمضان شلح، في حالة غيبوبة، وهو الآن متواجد بالضاحية الجنوبية في العاصمة اللبنانية بيروت.

كما أصيب شلح بجلطات متتالية، أدت إلى نقله من العاصمة السورية دمشق، مقر إقامته الدائم، إلى بيروت لمعالجته، حيث أبدى “حزب الله” اللبناني اهتماماً كبيراً به، وفقاً لما نقلته الوكالة الفلسطينية عن مصدر لم تسمه.

الحركة تنعي قائدها السابق: السبت، أصدرت الحركة بيانا تنعي فيها أمينها السابق وقد وصفته بـ” القائد العظيم”.

جاء في البيان: ” وإننا إذ ننعي للشعب الفلسطيني وفاة هذا القائد الكبير الذي نذكر تاريخه وجهاده منذ تأسيس حركة الجهاد، ومواقفه الوطنية الشجاعة وقيادته لحركة الجهاد الإسلامي بكل فخر واعتزاز لأكثر من عشرين عاما”.

 كما يضيف أيضا: ” كان فيها فارس الكلمة وفارس الموقف ورجل المقاومة، إنه يوم حزين وثقيل على القلب إذ نودع رجلا كبيرا وقائدا مميزا حمل الأمانة على أفضل ما يكون وحافظ على راية الجهاد عالية، لم يتردد يوما وبقي على عهد الجهاد والمقاومة وعهد فلسطين والقدس وعهد الإسلام، وعهد العروبة”

قبل أن تختمه بـ “سلاما لروحك أبا عبد الله وإننا على العهد سنكمل المسيرة إن شاء الله حتى النصر وحتى فلسطين حرة”.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى