تقارير وملفات إضافية

الطائرة الأوكرانية نقطة فارقة بتاريخ إيران.. خطة لاستبعاد الإصلاحيين عبر الانتخابات تعكس قلقاً غير مسبوق للنظام

انهيار ثقة الشعب الإيراني في النظام وصل لنقطة اللاعودة بعد حادثة إسقاط الطائرة الأوكرانية، وخسر النظام فرصته في إعادة بناء شرعيته التي أتيحت له بمقتل قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري.

وفي مواجهة انهيار ثقة الشعب الإيراني في النظام، بدأت قيادة البلاد تعد العدة لتعزيز سلطتها عبر الانتخابات البرلمانية الإيرانية المقرر إجراؤها في فبراير/شباط 2019.

منذ اغتيال قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري، الجنرال العسكري الأشهر في إيران قاسم سليماني، على يد الولايات المتحدة، في غارة جوية بطائرة بدون طيار بالقرب من مطار بغداد، والأمور تميل نحو عدم الاستقرار في طهران.

عندما قررت طهران الرد على مقتل سليماني بالهجوم الصاروخي على قاعدة عين الأسد العسكرية بالعراق، التي تستضيف قوات أمريكية، أسقط الحرس الثوري في نفس الليلة طائرة ركاب أوكرانية عن طريق الخطأ، وأنكر في البداية مسؤوليته، ثم اعترف بعدة عدة أيام، فخرجت المظاهرات المنددة بتعامل النظام مع كارثة الطائرة، وقاد المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي صلاة الجمعة بطهران لأول مرة منذ ثماني سنوات، ويبدو أن الأمر يزداد توتراً مع قرب موعد الانتخابات، فما الذي يحدث في الداخل الإيراني مؤخراً؟

بعد مقتل قاسم سليماني، وإقامة جنازة كبيرة له في ثلاث مدن إيرانية، احتشد الملايين بحسب وسائل الإعلام المحلية لتشييع جثمان القائد العسكري، كانت تلك الحشود بمثابة هدية للنظام الإيراني، الذي كان يتعرّض لضغوط عديدة، بعد احتجاجات منتصف نوفمبر/تشرين الثاني 2019، في أعقاب إعلان الحكومة قرار رفع أسعار البنزين ثلاثة أضعاف.

تلت موجة الاحتجاجات حملة أمنية عنيفة لقمعها، ما أسفر عن مئات القتلى والآلاف من المعتقلين، رفض النظام الإيراني حتى الآن الإفصاح عن الأرقام الرسمية للضحايا والمعتقلين.

ثم جاءت وحدة الإيرانيين، ممن يحب الحرس الثوري ومن لا يحبه، الموالي للنظام والمعارض، في جنازة سليماني، تبشر ببداية هدنة بين النظام والشعب، واستغلال المؤسسة السياسية الإيرانية المشاعر القومية والوحدة لصالحها.

غير أنه في ظل تلك المشاعر العاطفية والمنادية بالثأر لسليماني، بدأت تظهر بعض ملامح القمع لأي صوت معتدل، فعلى سبيل المثال تم اعتقال رئيس تحرير موقع «خبر آنلاين»، الإخباري لاستخدامه كلمة مقتل بدلاً من «استشهاد» قاسم سليماني.

وتناولت بعض التقارير أخباراً تفيد بأن هناك بعض الأشخاص الذين تم اعتقالهم لانتقادهم دور قاسم سليماني في سوريا على مواقع التواصل الاجتماعي، فأصبح كل من يتحدث بنبرة معتدلة إلى حد ما أمام تهمة جديدة، ألا وهي «إهانة الشهيد قاسم سليماني»، على حد وصف المدعي العام الإيراني.

كل تلك الأمور دفعت البعض إلى الخوف من استخدام النظام الإيراني تلك المشاعر القومية، ومعاداة أمريكا، إلى المزيد من قمع الحركات الاجتماعية والسياسية، والمطالب الاقتصادية، ودعوات الإصلاح في الداخل الإيراني.

يقول الناشط السياسي المحسوب على التيار الإصلاحي، والمقيم في طهران علي مراد لـ «عربي بوست»: «هناك مخاوف عميقة بين الإيرانيين من أن حرباً وشيكة على الأبواب بين طهران وواشنطن سوف تجر البلاد إلى الجحيم، بجانب ذلك ينتاب البعض القلق من اهتمام النظام بالتعزيزات الأمنية والعسكرية، مع إهمال المطالب الاقتصادية والاجتماعية للشعب».

منذ أن سقطت طائرة الركاب الأوكرانية وقتل جميع من كان على متنها، والبالغ عددهم 176 راكباً أغلبهم من الإيرانيين، لم يتوقف المسؤولون في الجمهورية الإسلامية عن التصريحات بأن سبب سقوط الطائرة خلل فني في المحرك.

لكن جاءت الطامة الكبرى، وبعد ثلاثة أيام من المراوغة والكذب بشأن تلك الكارثة، عندما أعلن أمير حاجي زاده، قائد القوة الجوية التابعة للحرس الثوري الإيراني، أن سبب تحطّم الطائرة الأوكرانية هو صاروخ أرض جو إيراني، معللاً الأمر بأنه خطأ بشري؛ لأن الدفاعات الجوية الإيرانية كانت في حالة تأهب لتوقع رد الولايات المتحدة على الهجوم الصاروخي الإيراني على قاعدة عين الأسد.

فور إعلان الحرس الثوري مسؤوليته عن الحادث، اندلعت الاحتجاجات وخرج طلاب الجامعات إلى الشوارع للتظاهر ضد ما سمّوه كذب النظام وعدم كفاءته.

وإذا كان اغتيال قاسم سليماني أطلق مشاهد الوحدة والتضامن بين فئات الشعب الإيراني، فقد تسبب إسقاط الطائرة الأوكرانية في الانقسام حتى بين مؤسسات الدولة.

الحرس الثوري الذي حصل على دعم شعبي، خاصة قوة القدس وقائدها المقتول كمحارب ضد تنظيم داعش وحمايته للأراضي الإيرانية من خطر الإرهاب، انقلبت صورته تماماً، وهتف المتظاهرون ضده بعد تسببه في إسقاط الطائرة، وذهب بعض المحتجين إلى تمزيق صورة قاسم سليماني في الشوارع.

يرى الناشط السياسي علي مراد أن الحادثة عمّقت الفجوة بين الشعب الإيراني والحرس الثوري، فيقول لـ «عربي بوست»: «هناك العديد من الإيرانيين لديهم الكثير من التحفظات على دور الحرس الثوري في السياسة الداخلية، لكنهم جميعهم نسوا تلك الأمور بعد اغتيال أمريكا لسليماني، لكن الأمر لم يستمر طويلاً، فسرعان ما تسبب حادث الطائرة في انتقادات واسعة النطاق للحرس من قبل الإيرانيين».

على الرغم من أن بعض المحللين الإيرانيين يرون أن بدء تآكل الثقة بين الشعب والمؤسسة السياسية في إيران حدث منذ عام 2009، في أعقاب الانتخابات الرئاسية المختلَف على نتيجتها، والاتهامات التي وجهت من قبل الإصلاحيين بتزوير الانتخابات التي أسفرت عن إعادة انتخاب الرئيس المحافظ محمود أحمدي نجاد، إلا أن انعدام الثقة وصل إلى ذروته بعد حادثة الطائرة الأوكرانية.

لم يكن النظام الإيراني قادراً على الاعتراف بالخطأ من الوهلة الأولى، ولجأ إلى المراوغة والكذب، بجانب إشراك جميع وسائل الإعلام المحلية في هذا الأمر، لتأكيد ادعاءاته.

لكن وسط الضغط الشعبي والدولي لمعرفة السبب الحقيقي لتحطم الطائرة الأوكرانية، اعترف الجانب الإيراني أخيراً بمسؤوليته عن الحادث، لكن بعد فوات الأوان، فقد رأى أغلب الإيرانيين أن المؤسسة السياسية تعمّدت خداع الشعب، وبدأ جدار الثقة بين الأمة والنظام المتصدع أصلاً في الانهيار.

نيما (اسم مستعار)، صحفي مستقل مقيم في طهران، يقول لـ «عربي بوست»: «وقع النظام في أزمة كبيرة عندما قرر الكذب في بداية الأمر، وخسر ثقة الناس، لدرجة أن هناك مَن يقول إنه حتى لا يصدق الرواية الأخيرة للحرس الثوري عن سبب سقوط الطائرة، حتى بعد الاعتراف بالخطأ».

وأضاف: «يجب أن ينظر قادة إيران إلى أمر انهيار الثقة بمنتهى الجدية، لأنه في يوم من الأيام سيكون انعدام الثقة سبباً في انهيار الأمور تماماً في إيران»، حسب قوله.

بجانب اعتراض الناس في إيران على تعامل المؤسسة السياسية مع حادثة سقوط الطائرة الأوكرانية، جادل البعض بعدم كفاءة المؤسسات الحكومية في الجمهورية الإيرانية.

انتقد البعض عدم التنسيق بين الحرس الثوري ومنظمة الطيران المدنية، لمنع إقلاع أي رحلة جوية في الوقت الذي حدده الحرس الثوري للهجوم الصاروخي على قاعدة عين الأسد.

زهراء (اسم مستعار)، طالبة بجامعة أمير كبير، وإحدى المشاركات في الاحتجاجات الأخيرة بطهران، تقول لـ «عربي بوست»: «قتلت أخت زميلتي في هذه الحادثة، ولا أعلم كيف تتعامل الحكومة بكل هذا الاستهتار بأرواح الإيرانيين، كيف لم يتم إغلاق المجال الجوي أمام جميع الرحلات الجوية، في وقت بدء الحرس لهجوم صاروخي، وتوقعه لرد فعل أمريكي؟».

إنكار الوقائع والأسباب الحقيقية وراء الكوارث البشرية أو حتى الطبيعية، أمر ليس بالجديد على الحكومات الإيرانية، لكن يكمن غضب الإيرانيين هذه المرة في إحساسهم بأن الضغط الدولي والمعلومات الاستخباراتية الأمريكية هي التي تسببت في إعلان الحرس الثوري مسؤوليته عن الحادث.

يرى الإيرانيون أن تعمّد التستر على السبب الحقيقي وراء سقوط الطائرة، والكذب بشأن الحقائق يشير لانهيار الحكومة، وفشلها في إدارة الأمور الحياتية للشعب الإيراني.

يقول البعض إنه في تلك المرة اعترفت الحكومة بفشلها وتسببها في تلك الكارثة، لكن في المرات المقبلة مَن يضمن عدم تكرار حوادث مشابهة، وإذا تكررت مثل تلك الحادثة أو غيرها داخل إيران، وكان الأمر شأناً داخلياً فقط، فهل ستعلن الحكومة عن الأسباب الحقيقية، وتتحمل المسؤولية، أم ستواصل كذبها على الشعب؟

منذ أن أعلن التلفزيون الحكومي الإيراني أن المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي سيُلقي خطبة الجمعة الماضية في طهران، لأول مرة منذ ثماني سنوات، انتظر الجميع بفارغ الصبر خطبة خامنئي، وارتفع سقف التوقعات.

قبل الخطبة بيومين توقع أغلب الإيرانيين أن آية الله خامنئي اختار الإدلاء بخطبة الجمعة بعد كل تلك المدة من الانقطاع، ليعتذر للشعب الإيراني عن حادثة الطائرة الأوكرانية، وليعلن محاسبة قادة الحرس الثوري المتورطين في تلك الحادثة، ويقدم عدداً من الإصلاحات، بعد أن هتف المتظاهرون في الشوارع مطالبين باستقالته.

لكن جاءت خطبة المرشد الأعلى مخيبة لآمال الجميع، حتى المؤيدين له، الذين لم يجدوا في خطبة قائدهم شيئاً جديداً.

اكتفى خامنئي فقط بتعزية أهالي ضحايا الطائرة الأوكرانية، وأكد ضرورة عدم تكرار مثل تلك الحوادث في المستقبل القريب، لكنه لم يعلن عن محاسبة أي مسؤول في الحرس الثوري، بل على العكس، شكر جميع قادة الحرس الثوري على دورهم في حماية البلاد.

وانتقد المظاهرات التي خرجت للاحتجاج على كارثة الطائرة الأوكرانية، قائلاً إن الحكومات الغربية والعدو ينتهزان فرصة تلك الاحتجاجات لتشويه سُمعة الحرس الثوري والجمهورية الإسلامية.

يقول المحلل السياسي المستقل شهير أصفهاني: «توقع البعض أن القائد الأعلى أدرك فداحة الأمر تلك المرة، وأدرك انهيار الثقة بين الشعب والحكومة، وأنه سيقدم الاعتذار، ويحيل بعض المسؤولين إلى المحاسبة، لكن لم يحدث شيء من هذا للأسف».

يرى أصفهاني أن خطبة المرشد الأعلى كانت سبباً إضافياً لزيادة الغضب الجماهيري في إيران، فيقول: «بالرغم من انتهاء الاحتجاجات فإن ما حدث من وقت حادثة الطائرة إلى خطبة آية الله لن يمر بسلام في إيران، ولا بد من التحرك الفوري لاحتواء بركان الغضب الذي سينفجر في أي وقت».

قبل الأحداث الأخيرة في إيران، كان التيار الإصلاحي يعاني من تمزق وارتباك داخل صفوفه، خاصة بعد فقدانه قاعدته الشعبية التي بدأت آثارها في الوضوح في مظاهرات نهاية عام 2017 وبداية 2018، عندما هتف المحتجون «أيها الإصلاحي، انتهت اللعبة».

فقد تملّك اليأس من الإيرانيين المؤيدين للإصلاحيين، بعد أن سيطر النواب الإصلاحيون على برلمان 2016، لكنهم إلى الآن لم يستطيعوا الوفاء بوعودهم الانتخابية للشعب الإيراني.

في الوقت نفسه كان التيار المحافظ يعمل بشكل مستمر على تنظيم نفسه لخوض الانتخابات البرلمانية، في فبراير/شباط 2020، لكن بعد التطورات الجديدة في إيران يبدو أنه أصبح واثقاً من الفوز.

أسس التيار المحافظ تحالفاً جديداً لخوض الانتخابات، تحت اسم تحالف التيار الثوري، يلعب محمد باقر قاليباف، القائد السابق في القوات الجوية التابعة للحرس الثوري، رئيس بلدية طهران السابق، دوراً محورياً في هذا التحالف، ويبدو أنه عاقد النية على الاستحواذ على منصب رئيس البرلمان، بدلاً من المعتدل علي لاريجاني.

في المقابل يخشى التيار الإصلاحي من عدم إقبال الناخبين على التصويت، ما يعني استحواذ التيار المحافظ على أغلب مقاعد البرلمان لقدرتهم على حشد عدد كبير من المؤيدين له والموالين للنظام، الذين يرون أن التصويت واجب ديني ووطني وفقاً لإرشادات المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية.

بعد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران، وابتداءً من انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الصفقة النووية مع إيران عام 2018، وانتهاءً باغتيال الولايات المتحدة قاسم سليماني، تميل المؤسسة السياسية في إيران، خاصة المحافظين منها ورجال الدين، إلى دعم التيار المحافظ للسيطرة على البرلمان، لدعم خطة المرشد الأعلى.

وبعد أن صرّح آية الله علي خامنئي بأن هدف قوة القدس التابعة للحرس الثوري سيكون إخراج القوات الأمريكية من المنطقة، فلا بد من وجود داعم تشريعي للطموحات العسكرية الجديدة للحرس الثوري.

منذ أيام قليلة أُعلن مجلس صيانة الدستور (الجهة المختصة بالفصل في أوراق اعتماد الأهلية للمرشحين لمجلس الشورى- البرلمان).

ويتكون مجلس صيانة الدستور من 12 عضواً، يعين المرشد الأعلى نصفهم، والنصف الآخر يختاره البرلمان، الذي يسيطر عليه التيار المحافظ.

اللافت أن مجلس صيانة الدستور استبعد 90 نائباً برلمانياً حالياً، من الترشح مرة ثانية في الانتخابات المقبلة، المقررة في فبراير/شباط 2020.

وفسَّر المتحدث باسم مجلس الدستور علي كداخديي استبعاد النواب الحاليين بأنهم متورطون في قضايا فساد مالي واستغلال نفوذ.

الجدير بالذكر أن جميع النواب المستبعد ترشحهم من الإصلاحيين والمعتدلين.

كما استبعد مجلس صيانة الدستور العشرات من المرشحين المحسوبين على التيار الإصلاحي، من بينهم صهر الرئيس الإيراني حسن روحاني.

هذا الأمر من شأنه إضعاف موقف المعسكر الإصلاحي، الذي بالكاد يحاول أن يوحّد صفوفه لخوض الانتخابات المقبلة.

يقول المحلل السياسي شهير أصفهاني لـ «عربي بوست»: «أمام الإصلاحيين العديد من العقبات، لكن تعامل مجلس صيانة الدستور مع المرشحين الإصلاحيين ينتابه التعنت الشديد، الذي يعكس اتجاه المؤسسة السياسية إلى دعم سيطرة التيار المحافظ على البرلمان القادم».

يرى أصفهاني أن الأحداث الأخيرة، واحتمالية تزايُد التوتر بين واشنطن وطهران، سبب قوي في رغبة النظام الإيراني في سيطرة التيار المحافظ على البرلمان، والمؤسسات الحكومية المهمة.

في الحقيقة، ليس اغتيال قاسم سليماني فقط السبب في تلك النزعة، ولكن هذا التوجه بدأ منذ إعلان إدارة ترامب عن خطة أقصى ضغط، التي تتعامل بها مع الجمهورية الإسلامية، وإعادة فرض العقوبات الاقتصادية التي شلت الاقتصاد الإيراني، ومن قبل الانسحاب من الاتفاق النووي.

فالأصوات الإصلاحية التي كانت تدعو إلى التفاوض مع الغرب، وإنهاء العزلة السياسية والاقتصادية المفروضة على طهران، بدأت في الانزواء، وتعرضت لهجوم من السياسيين المحافظين، الذين يحاولون تصدير أن أفكار التيار الإصلاحي لم تأتِ بأي فائدة على الشعب الإيراني، وقد حان الوقت لتولي المحافظين القيادة باستحواذ أكبر.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى