تقارير وملفات إضافية

الأعين على الملك.. لماذا لن تفلح المحاولات النيابية الأردنية في إلغاء اتفاقية الغاز مع إسرائيل دون إرادة سياسية؟

عادت اتفاقية الغاز الموقّعة بين الأردن وإسرائيل في العام 2016، والمرفوضة شعبياً وبرلمانياً، إلى تصدُّر المشهد العام في المملكة، خاصة بعد دخول الضخ التجريبي حيز التنفيذ مطلع العام الجاري. ورغم مساعي مجلس النواب الأردني لتسجيل موقف إيجابي أمام قواعده الشعبية، من خلال رفضه للاتفاقية، ومحاولته إلغاءها، فإن مواقفه مازالت موضع شكّ شعبي، خاصة أن دورته القانونية تنتهي في أبريل/نيسان المقبل، ويقترب موعد إجراء انتخابات برلمانية ستحُول دون اتخاذ قرار ملموس بشأن الاتفاقية.

يرى مراقبون سياسيون أن قرار إلغاء اتفاقية الغاز بحاجة لإرادة سياسية، وأن إلغاءها سيخضع في النهاية إلى مستوى العلاقات بين المملكة الأردنية وإسرائيل.

وبدأ مطلع 2020، الضخ التجريبي للغاز؛ إذ تنص الاتفاقية على تزويد الأردن بنحو 45 مليار متر مكعب من الغاز، على مدار 15 عاماً، اعتباراً من يناير/كانون الثاني 2020. وبحسب ما أعلنته شركة الكهرباء الوطنية الأردنية، فإنها ستوفر نحو 300 مليون دولار من خلال شرائها الغاز الإسرائيلي، قياساً بشرائه من الأسواق العالمية.

ويملك الأردن بدائل عن إسرائيل لاستيراد الغاز، ممثلة في الغاز المصري، الذي بدأ ضخُّه التجريبي منذ الربع الأخير من عام 2018 للمملكة، إضافة إلى الغاز العراقي والجزائري.

والأحد، صوَّت مجلس النواب، بالإجماع، على تحويل مقترح قانون يمنع استيراد الغاز من إسرائيل، إلى الحكومة، بناءً على مذكرة وقَّعها 58 نائباً (من أصل 130) في ديسمبر/كانون الأول الماضي، لتقوم بدورها بعرضه على المجلس للتصويت عليه.

وانطلاقاً من ذلك، فقد اعتبر النائب صالح العرموطي، عضو كتلة الإصلاح الإسلامية، أنَّ ما قام به مجلس النواب «خطوة تاريخية إيجابية». وتابع العرموطي، وهو خبير قانوني ونقيب المحامين الأردنيين الأسبق، أن «الأصل أن تحترم الحكومة الأردنية قرار المجلس، وأن تقوم بعرض مشروع القانون عليه بصفة مستعجلة».

وقال: «طلبت أن يُعرض مشروع القانون على المجلس خلال 14 يوماً، وإرجاؤه يخرج على خلاف رغبة المجلس». وعن إمكانية ألّا يشمل مشروع القانون المرتقب اتفاقية الغاز مع إسرائيل، أوضح العرموطي، أنه «يجب أن يضاف الأثر الرجعي إلى القانون».

واستدرك في السياق ذاته: «القاعدة العامة تقول إنه لا يوجد أثر رجعي، ولكن هناك اسثناء؛ لأن هناك ضرورة ومصلحة عامة». وتوقَّع العرموطي أن تنتهي دورة المجلس الحالية (نهاية أبريل/نيسان القادم) دون عرض مشروع القانون عليه.

وحول تحمُّل الأردن لأي نفقات جزائية جراء إلغاء الاتفاقية، أشار العرموطي إلى أن «هناك 12 بنداً بالاتفاقية تُجيز إلغاءها دون أن تتحمل خزينة الدولة أي مبلغ من المبالغ».

العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، قال في مقابلة تلفزيونية، مؤخراً، إن علاقات بلاده مع إسرائيل في حالة «توقف مؤقت»؛ نتيجة استمرار أجواء الانتخابات في إسرائيل، وتركيزها على قضاياها الداخلية.

وقال الملك الأردني: «نريد للشعب الإسرائيلي الاتفاق على حكومة في القريب العاجل، لكي نتمكن جميعاً من النظر إلى كيفية المضي قدماً، الطريق الوحيد الذي بإمكاننا المضي من خلاله قدماً هو الاستقرار في الشرق الأوسط، ولتحقيق ذلك علينا أولاً تحقيق الاستقرار بين الفلسطينيين والإسرائيليين».

وأضاف: «من وجهة النظر الأردنية، فإن هذه العلاقة مهمة، ومن الضروري إعادة إطلاق الحوار بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والحوار بين الأردن وإسرائيل كذلك، الذي توقف منذ عامين تقريباً، ولذلك علينا أن ننتظر قرار الشعب الإسرائيلي».

تصريحات الملك عبدالله تشير إلى أن تعامل بلاده يتّسم بالحذر مع إسرائيل، وهو أمر يحتاج إلى رويّة قبل اتخاذ أي قرار، بما في ذلك إلغاء اتفاقية الغاز الموقَّعة بين البلدين.

ومن هنا، يرى المحلل السياسي أحمد سعيد نوفل، أن «القرار الأردني تجاه اتفاقية الغاز يجب أن يكون سياسياً، دون تقديم أي تنازلات للعدو».

ومضى نوفل، وهو أستاذ جامعي في العلوم السياسية، في حديثه بالقول: «نحتاج إلى إرادة سياسية لإلغاء الاتفاقية، وإذا كان الهدف هو عدم المواجهة السياسية مع إسرائيل، أو مبعثه اتفاقية السلام الموقعة عام 1994، فهي من خرقتها في كثير من المواقف».

وقال إن «مواقف النواب تجاه الاتفاقية تتماشى مع الموقف الشعبي كمبدأ، وليس الهدف منها استمالة رأي الشارع الأردني مع قرب الانتخابات، كما أن الموقف الشعبي بشأن الاتفاقية متماسك بشكل غير مسبوق».

بعيداً عن الجوانب السياسية والقانونية للقضية، يبقى الحديث عن اتفاقية الغاز بين الأردن وإسرائيل مجرد تحليلات حول ما ستؤول إليه الأمور، لكنها في النهاية ستخضع إلى مستوى العلاقات بين البلدين.

حمادة فراعنة، الكاتب المتخصص في الشأن الإسرائيلي، وصف العلاقات بين عمان وتل أبيب بأنها «في قاع الانحدار السياسي، وهناك اشتباك سياسي حاد بين الطرفين».

وأرجع فراعنة، في حديثه، سبب ذلك إلى الإجراءات الإسرائيلية المتعلقة بالقدس والاستيطان بالضفة والقدس وحالة العداء للدولة الأردنية والعائلة الهاشمية، التي ظهرت خلال تصريحات حزبيين وبرلمانيين إسرائيليين.

واعتبر أن اتفاقية الغاز هي ليست بين الأردن وإسرائيل، كي يطلب البرلمان من الحكومة إلغاءها، وإنما بين شركتين خاصتين إسرائيلية وأردنية، واصفاً الإجراءات بشأن إلغائها بأنها «معقدة» قانوناً.

ونوّه فراعنة أن «مجلس النواب اتخذ قراراً إيجابياً وواضحاً بشأن الاتفاقية»، إلا أنه استدرك قائلاً: «لا يجرؤ المجلس على اتخاذ قرار الإلغاء دون أن تتوافر الإرادة السياسية، وقراره الأخير بمثابة رسالة للعدو الإسرائيلي».

وفي مارس/آذار 2019، اتَّخذ مجلس النواب قراراً بالإجماع برفض اتفاقية الغاز، إلا أن المحكمة الدستورية أصدرت قراراً حينها، بأن الاتفاقية «لا تتطلب موافقة مجلس الأمة (البرلمان بشقيه)؛ لأنها موقَّعة بين شركتين وليس حكومتين».

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى