تقارير وملفات إضافية

“خسارته سيناريو كارثي”.. لماذا باتت دول عربية تهتم بالانتخابات الإسرائيلية وتأمل فوز نتنياهو فيها؟

جرت العادة على ألا يُبدي الكثير من المحللين المطلعين أو المواطنين العاديين في الدول العربية اهتماماً بنتائج الانتخابات الإسرائيلية التي تكررت كثيراً. ولكن في ظل الحدود الجديدة التي تفرضها خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب “صفقة القرن” في الشرق الأوسط، والمكانة المتنامية للقائمة المشتركة للأحزاب السياسية ذات الغالبية العربية في إسرائيل، تخضع نتائج الانتخابات التي جرت يوم الإثنين لمراقبة دقيقة في عمّان والقاهرة.

ويُشار إلى أن “القائمة المشتركة” العربية وضعت معارضة خطة ترامب على رأس أجندة حملتها. يقول سعيد عكاشة، محلل الشؤون الإسرائيلية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، شبه الحكومي، لموقع Voice Of America الأمريكي: “المصريون العاديون لا يهتمون بالانتخابات في العالم عموماً، وإسرائيل خصوصاً”.

يقول عكاشة: “لكن في حين أن الطبقة السياسية هنا قد تتمنى خسارة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لأنه يمثل التطرف والعدوان على العرب والفلسطينيين، كانت التجربة الرسمية المصرية مع حزب الليكود بزعامة نتنياهو إيجابية، من توقيع معاهدة السلام لعام 1977 حتى يومنا هذا”، حسب تعبيره.

وأي احتمال لنجاح سكان إسرائيل العرب في حشد النفوذ الكافي لمنع نتنياهو من تشكيل حكومة هو سيناريو سياسي وأمني “كارثي” للمسؤولين في القاهرة، كما يقول الموقع الأمريكي.

تقول سارة شريف، محررة الشؤون الإسرائيلية في صحيفة الدستور اليومية المصرية: “أعتقد أن النواب العرب في الكنيست لا يُسهمون في تعزيز العلاقات العربية الإسرائيلية، بل على العكس، يهاجمونها. وأرى أن العلاقات تحسّنت بفضل نتنياهو”، حسب وصفها.

وأشارت سارة إلى أنه بعد إطاحة الرئيس محمد مرسي عام 2013 على يد القوات المسلحة المصرية، طلبت حكومة نتنياهو من واشنطن عدم قطع المساعدات عن مصر.

تدين القاهرة بالفضل لرئيس الوزراء الإسرائيلي اليميني لإقناعه إدارة أوباما عام 2015 برفع الحظر عن  تزويدها بـ12 طائرة مقاتلة من طراز F-16، التي تصنعها شركة لوكهيد مارتن، و20 صاروخاً من طراز بوينغ هاربون، وما يصل إلى 125 مجموعة من المعدات التي تخص الدبابات من طراز M1A1 أبرامز.

تقول سارة: “تربط بين حكومة نتنياهو والنظام المصري علاقة جيدة. وهما يتعاونان في العديد من الملفات الحيوية مثل الإرهاب في سيناء وتطوير الغاز شرق البحر المتوسط، وأعتقد أن استمرار نتنياهو في الحكم سيزيد من استقرار العلاقات بين بلدينا”، على حد تعبيرها.

يُشار إلى أن مصر بدأت في استيراد الغاز من حقل الغاز الإسرائيلي “ليفياثان”، الشهر الماضي، وهي خطوة تأمل القاهرة أن تساعدها في أن تصبح مركزاً إقليمياً للطاقة.

وتمتلك شركة تديرها المخابرات العامة المصرية حصة كبيرة في الشركة المشغلة لخطوط الأنابيب، أما حصة النصف المتبقية من ملكية الشركة فهي مقسمة بين شركة Noble Energy ومقرها تكساس وشركة Delek Drilling الإسرائيلية.

يقول محمد سليمان، الباحث غير المقيم في معهد الشرق الأوسط في واشنطن: “القاهرة تحب الوضع القائم، وفكرة مجيء قيادة جديدة ستصبح مصدراً للانزعاج في الطريقة التي تُعالَج بها بعض القضايا مثل الوضع في غزة وعملية السلام بشكل عام”.

في الأسابيع الأخيرة، بدأت مصر العمل في تشييد جدار خرساني جديد على طول حدودها، البالغ طولها 12 كيلومتراً مع غزة.

وهيكل هذا الجدار يشبه كثيراً هياكل الجدُر التي تبنيها إسرائيل، ويهدف إلى وقف تهريب الأسلحة ومحاولات التسلل التي تنفذها الجماعات الإسلامية المناهضة للسيسي في شبه جزيرة سيناء، كما تقول القاهرة.

يقول مخيمر أبوسعدة، الخبير السياسي بجامعة الأزهر في غزة: “بطريقة ما، فتح نتنياهو الباب بين النظام المصري والإدارة الأمريكية الحالية. والمصريون يعتقدون أنهم سيستفيدون، على الأقل اقتصادياً، من صفقة القرن التي اقترحها ترامب”.

يقول أبوسعدة: “القاهرة تشعر براحة أكبر في التعامل مع نتنياهو الذي عرفوه لسنوات، على عكس بيني غانتس، الذي لا يتمتع بخبرة سياسية ولا يعرف ما الذي ينبغي فعله مع غزة والفلسطينيين والعالم العربي ككل”.

الجدير بالذكر أن خطة ترامب للسلام تدعو إلى نزع سلاح حركة حماس، كما تُخصص أراضيَ صحراوية في سيناء، لتعويض الفلسطينيين عن فقدان حوالي ثُلث الأراضي في الضفة الغربية، ومعظمها على طول الحدود الأردنية. إلا أن الوعود بضم وشيك لغور الأردن بعد الانتخابات تثير قلق المسؤولين في عمان.

إذ قال رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز في مقابلة مع بيكي أندرسون على شبكة CNN، عشية الانتخابات: “إنها تدفع الأمور في الاتجاه الخاطئ، ولا يمكننا اتخاذ أي موقف سوى المعارضة بقوة. واليوم، علاقتنا بإسرائيل في أدنى مستوياتها منذ توقيع معاهدة السلام”.

يقول مدير مركز الدراسات الإسرائيلية في عمان، الدكتور عبدالله صوالحة، إنه يأمل أن ينتهي خطاب الضم فور أن تؤسس القدس ائتلافاً حكومياً، وهي عملية قد تستغرق شهوراً.

يضيف صوالحة: “لدى نتنياهو أشياء أخرى ليقلق منها، مثل قضيته القادمة في المحكمة والعجز في ميزانيته”. “أعتقد أيضاً أنه قد يعيد النظر في خططه الخاصة بغور الأردن، لأنها ستؤدي إلى تعقيد أح المساعي التي لم تحقق سوى نجاحاً جزئياً لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والعالم العربي، خاصة مع دول الخليج”.

يشار أنه وبحسب النتائج الأولية للانتخابات الإسرائيلية الثالثة خلال أقل من عام، حصل حزب الليكود على 36 مقعداً (تجمّع اليمين 58 مقعداً)، فيما حصل حزب “أزرق أبيض” على 32 (تجمّع اليسار والوسط 55 مقعداً). فيما حصلت القائمة المشتركة على أعلى مقاعد للعرب في تاريخ الانتخابات الإسرائيلية، بنحو 16 مقعداً. وتشي هذه النتائج شبه النهائية بتعقيد جديد للأزمة، فحتى مع تعزيز بنيامين نتنياهو فرصه لتشكيل حكومة يمين ضيقة، قد لا تكون قابلة للحياة طويلاً قبل الاصطدام بخيار إجراء انتخابات رابعة، لأنه يحتاج إلى أغلبية 61 مقعداً لتشكيل الحكومة، إلا لو استطاع نتنياهو الحث على بعض الانشقاقات في صفوف خصومه من ائتلاف أزرق أبيض، أو دفع ليبرمان للعودة إلى الكتلة اليمينية المتحالفة معه.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى