ثقافة وادب

في يوم اللغة العربية.. قصائد غريبة وطريفة وأخرى خلدتها الموسيقى

أنا لغة الأعراب من كل أمةٍ.. أنا لغة الآداب من سابق الدهر

أنا لغة قد شرف الله قدرها.. بها أنزل القرآن في ليلة القدر

في كل لغات العالم لم نجد شعراء يتغزلون بجمال لغتهم مثلما فعل الشعراء العرب الذين نظموا قصائد عبقرية في تمجيد لغتهم وبيان بلاغتها، فهي ركنٌ من أركان التنوع الثقافي للبشرية ومن أكثر اللغات استخداماً في العالم إذ يتكلمها يومياً ما يزيد على 290 مليون نسمة.

بعض أبيات الشعر العربي كانت غريبة وبعضها الآخر معبرة لدرجة تظن أنها امتزجت مع روحك، فهي لغة خاطبت المشاعر قبل العقل فدعونا نذهب في رحلة قصيرة نستمتع فيها بأشهر الأبيات الشعرية من حيث الغرابة والطرافة والجمال.

أَلَمٌ أَلَمَّ أَلَمْ أُلِمَّ بِدَائِهِ.. إِنْ آنَ آنٌ آنَ آنُ أَوَانِهِ.

جميعنا نعرف المتنبي وأبيات شعره الرائعة، والذي كان أبلغها ذلك البيت ومعناه:  

لقد أحاط بي ألم لم أعرفه من قبل وإن جاء وقت شفائه من الله فقد حان وقت ذلك له.

دعونا أيضاً نتأمل جمال البيت التالي الذي قاله الشاعر العباسي الحسين بن منصور الحلاج:

يا مُسكّني وسَكَني وسَكِينتي وساكنتي وسكوني وسكوتي

وسِكّتي وسَكْرتي وسُكّرتي وسرّي وسريرتي وسريري وسروري

إن لم تكن هي الأصعب فحتماً هي واحدة من أصعب القصائد في اللغة العربية، وهي قصيدة صوت صفير البلبل للشاعر الأصمعي والتي تحدى بها الخليفة العباسي أبا جعفر المنصور

من أشهر القصائد الصعبة، قصيدة صوت صفير البلبل التي نظمها الأصمعي. وتقول بعض أبياتها:

صـوت صفير الـبلبـلِ.. هيج قلبي الثملِ

وأنت يا سيد لي.. وسيدي ومولى لي

فقال لا لا لا لا لا.. وقد غدا مهرولِ

والخوذ مالت طرباً.. من فعل هذا الرجلِ

فولولت وولولت.. ولي ولي يا ويل لي

فقلت لا تولولي.. وبيني اللؤلؤ لي

والعود دندن دنا لي.. والطبل طبطب طب لـي

طب طبطب طب طبطب..  طب طبطب طبطب لي

والسقف سق سق سق لي.. والرقص قد طاب إلي

شـوى شـوى وشاهش.. على ورق سفرجلِ

ولو تراني راكباً.. على حمار أهزلِ

يمشي على ثلاثة.. كمشية العرنجلِ

والكل كعكع كعِكَع.. خلفي ومـــن حويللي

تعدُّ قصيدة الغيلطوز للشاعر الليث بن فأر الغضنفري واحدة من أصعب القصائد في تاريخ الزمن الجاهلي:

ومدركل بالشنصلين تجوقلـت… عفص له بالفيلطوز العقصـل

ومدحشر بالحشرمين تحشرجت… شرنا فتـاه فخـر كالخربعطـل

والكيكذوب الهيكذوب تهيعهت… من روكة للقعلبـوط القعطـل

تدفق في البطحاء بعد تبهطـل… وقعقع في البيداء غير مزركلِ‎

وسار بأركان العقيش مقرنصاً… وهام بكل القارطـات بشنكـلِ‎

فيا أيها البغقوش لست بقاعـد… ولا أنت في كل البحيص بطنبل

حلموا فما ساءَت لهم شيم… سمحوا فما شحّت لهم مننُ

سلموا فلا زلّت لهم قــــدمُ… رشدوا فلا ضلّت لهم سننُ

الأبيات السابقة جزء من القصيدة الرجبيّة لإسماعيل بن أبي بكر المقري، ولها ميزة عجيبة ألا وهي أنها تبدو مادحة في من كتبت له، لكن بمجرد قراءتها بالمقلوب، يتحوّل المدح إلى ذم، وتصير القصيدة كالتالي:

مننٌ لهم شحّت فما سمحوا.. شيمٌ لهم ساءَت فما حلموا

سننٌ لهم ضلّت فلا رشدوا.. قدمٌ لهم زلّت فلا سلمــــوا

طالما تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي هذه القصيدة الشعرية التي لا يعرف من قائلها، بينما يقول البعض إنها لعلي بن أبي طالب.

ألوم صديقي وهذا محال

صديقي أحبه كلام يقال

وهذا كلام بليغ الجمال

محال يقال الجمال خيال

وما يجعلها فريدة من نوعها هو كون قارئها قادر على قراءتها من اليمين إلى الشمال ومن الأعلى إلى الأسفل دون تغير المعنى.

ربما تعد الأبيات القادمة التي ستقرأها أقرب للدعابة منها إلى الشعر، إضافة إلى أنه لا أحد يعرف من هو الكاتب الأصلي لها ولا أظن أنّ أحداً قادر على شرح أبياتها:

سار بأركان العقيش مقرنصاً… وهام بكل القارطات بشنكل

ويسعى دوماً بين هك وهنكل… يقول ما بال البحاط مقرطل

لإن قـرط المحشوط ناء بكلكل… فإذا أقبـل البعراط طـاح بصندل

يكاد على فرط الحطيف يبقبق… يضرب ما بين الهماط وكندل

فيا أيّها البغقوش لست بقاعدٍ… ولا أنت في كل البحيص بطنبل

اهتم الفنانون بانتقاء كلمات أغانيهم وانتقاء الأشعار التي يغنونها، وكان للقصائد العربيّة الأولوية، ما دفع كثيراً من المغنين والملحنين إلى الغوص في بحور الشعر ليحولوها إلى أغانٍ خالدة، مثلما فعل كثيرون منهم عبدالوهاب وغالية بن علي وكاظم الساهر وفيروز.

تنوعت قصائد أمير الشعراء أحمد شوقي بين القصائد السياسية والمدائح والرثاء وقصائد الحب والغزل، إلا أنّ أجمل قصائده كانت تلك التي حولها عبدالوهاب إلى أغنية أحببناها جميعاً.

مضناك جفاه مرقده.. وبكاه ورحم عوّده

حيران القلب معذبه.. مقروح الجفن مسهده

يستهوي الورق تأوهه.. ويذيب الصخر تنهده

ويناجي النجم ويتعبه.. ويقيم الليل ويقعده

الحسن حلفت بيوسفه.. والسورة أنك مفرده

مولاي وروحي في يده.. قد ضيعها، سلمت يده

إن لم تستمعوا من قبل للمغنية الرائعة غالية بن علي فهذه فرصتكم للاستماع إلى صوتها الملائكي في أغنية «القباب الصفر» المأخوذة من قصيدة الشاعر السوري هاني نديم، إليكم بعض أبياتها:

قبل الكلام وقبلي حين أقترفُ.. بأي فاصلة في الروح أعترف

هل يمنح الوجه إن طفنا مناسكه.. بعض الحمام وإني فيه أحترفُ

ويحي تعاظم في روحي فمزقها.. قصيدة في تكايا الشعر ترتجفُ

عند الهديل المُدلى في ضفائرها.. عند السلام ليس يكتشفُ

وجهي أنا خطها الكوفي مسجدهُ.. إني الحمام وإني القدس والنجفُ.

وأيضاً في أغنية تعلّق قلبي طفلة عربية للشاعر امرؤ القيس.

إنها واحدة من الأغاني المحفورة في ذاكرتنا وقد غناها كثيرون أبرزهم صباح فخري وهي للشاعر الأموري ربيعة بن عامر.

قُلْ للمَليحَةِ في الخِمارِ الأسود.. ماذا فَعَلتِ بِزاهِدٍ مُتَعبِّدِ

قَد كان شَمَّرَ للصـــلاةِ إزارَهُ.. حَتى قَعَدتِ لَه بِبابِ المَسجدِ

رُدِّي عَلَيهِ صَلاتَهُ وصـــيامَهُ.. لا تَقتُليهِ بِحَـــقِّ دِيــنِ مُحَــمَّدِ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى