كتاب وادباء

ويل للظالم من المظالم

 

ويل للظالم من المظالم 

بقلم الأديب والمحلل السياسى 

السعيد الخميسى

السعيد الخميسى  

قال الله تعالى “ ألا لعنة الله على الظالمين ” وقال أيضا : “وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ” ما انتشر الظلم فى أى وطن فى أي زمان وعم وساد إلا وحل بالبلاد الخراب والفساد . فالظلم ظلمات يوم القيامة . ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية ” إن الله ينصر الدولة الكافرة العادلة ولا ينصر الدولة الظالمة ولو كانت مسلمة . فبالعدل وقيم الحق والمساواة بين الناس تبنى الأمم ملكها وتحقق الشعوب أهدافها . ولقد سقطت أنظمة كثيرة أذلت شعوبها وأفقرت مواطنيها ونهبت خيراتها وثرواتها . وصفحات التاريخ ممتلئة بقصص الطغاة الظالمين فى شتى بقاع الأرض. ولن يقوم لأي وطن قائمة مالم ترد المظالم إلى أهلها . لقد قالها صلى الله عليه وسلم ” أيها الناس إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد . وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها .” 

 * لقد قيل : من طال عدوانه زال سلطانه . وقال أحدهم من دعا لظالم بالبقاء فقد أحب أن يعصى الله فى أرضه . وقال أحدهم : أذكر عند الظلم عدل الله فيك , لايعجبك رحب الذراعين سفاك الدماء فإن له قاتلا لايموت . وقال أحد الحكماء : من فعل ماشاء لقي ماساء  . وقيل : كم من طغاة على مدار التاريخ ظنوا فى أنفسهم مقدرة على مجاراة الكون فى سننه أو مصارعته فى ثوابته فصنعوا بذلك أفخاخهم بأفعالهم وكانت نهايتهم الفعلية هى الدليل الكافي على بلاهتهم وسوء أفعالهم . وقال أحد العلماء : عندما أرى الظلم فى هذا الكون فإني أسلى نفسي بأن هناك جهنم تنتظر هولاء الظالمين . قال أحد الدعاة : إن مقاومة الظلم لايحددها الانتماء لدين أو عرق أو مذهب بل تحددها طبيعة النفس البشرية التي تأبى الاستعباد وتسعى للحرية .
* قال أحد المصلحين : لاتخف أبدا من أن ترفع صوتك ضد الظلم والكذب والطغيان فلو فعل كل الناس ذلك لتغير العالم . قال أحد الساسة الراحلين : الذي باع بلاده وخان وطنه مثل الذى يسرق من بيت أبيه ليطعم اللصوص فلا أبوه يسامحه ولا اللص يكافئه . إن دماء الشهداء والمظلومين هي التي تحدد حدود الوطن الذي لاظلم فيه بعد اليوم . إن الظلم لاياتى من نفس قوية سوية لأن الظالم بطبعه ضعيف يخشى مواجهة الحق . والظالمون سيدفعون حتما ثمن ظلمهم للناس مهما طال الزمان لأن عين الله لاتنام . فالظالم مهما كان جبارا عتيا وحتى لو مشى الملايين فى ركابه وقبلوا أعتابه فهو الخاسر والمنكسر دائما لأن قدر الله له بالمرصاد ولن يفلت من ضرباته المذلة . ورحمة الله بالمظلوم تجعل الظالم أشد تألما وتوجعا من المظلوم نفسه لأن أقوى أنواع العذاب هو الشعور بتأنيب الضمير وألم النفس .
* من أشد أنواع الظلم أن يعلم الظالم أن المظلوم لانصير له إلا الله , ومن هذا المنطلق يتمادى الظالمون فى ظلمهم ضد الضعفاء الذين لاحيلة لهم فى دفع الظلم عن أنفسهم سواء بالقانون والطرق المشروعة . إن الاستهانة بقدرة الله والتغافل عنها من قبل الظالمين تجعلهم يشعرون بان يد العدالة لن تطولهم وأن الله قد أمهلهم بعض الوقت لأنه راض عنهم , ولايعلم الظالمون أن الله يمهل ولايهمل وأن عذاب ربك لواقع ماله من دافع . فأين المعتبرون والمتعظون والمرتعشون والخائفون من مفاجآت القدر وغضب الله وانتقامه فى وقت لايملك فيه الظالمون لادرهما ولا دينارا . لايبنى  حكم على ظلم وبغى وعدوان مهما طالت بهم الأيام وامتد بهم الزمان .
* لقد مر رجل برجل قد صلبه الحجاج فقال : يارب إن حلمك بالظالمين قد أضر بالمظلومين . فنام الرجل فى تلك الليلة , فرأى فى منامه أن القيامة قد قامت وكأنه قد دخل الجنة , فرأى ذلك المصلوب فى أعلى عليين . وإذ مناد ينادى : حلمي على الظالمين أحل المظلومين فى أعلي عليين . وقال الإمام على كرم الله وجه ” إن يوم المظلوم على الظالم أشد من يوم الظالم على المظلوم . ويقول الشاعر : فلم أر مثل العدل للمرء رافعا …… ولم ار مثل الجور للمرء واضعا . وبكى على بن الفضل يوما فقيل له مايبكيك..؟ قال : أبكى على من ظلمنى إذا وقف بين يدي الله غدا ولم تكن له حجة . وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال يقول الله تعالى. اشتد غضب الله على من ظلم من لم يجد له نصيرا غيري .”
* نادى رجل على سليمان بن عبد الملك وهو على المنبر وقال ياسليمان : أذكر يوم الآذان . فنزل سليمان من على المنبر ودعا الرجل فقال له : مايوم الآذان…؟ فقال :  قال الله تعالى  ” فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين .” ويروى أن رجلا ظلم رجلا فدعا عليه فشعر الظالم بألم فى يده فشكا للطبيب ألمه فقل له الطبيب : إن دواءها أن تقطع أصبعك لئلا يسرى الألم فى بقية الكف , فقطع الرجل أصبعه لكن الألم انتقل إلى الكف . فقال له الطبيب يجب أن تقطع الكف حتى لا لايسرى الألم فى بقية الساعد . فمازال هكذا كلما قطع عضوا انتقل الألم إلى العضو الآخر الذي يليه . فخرج  الرجل هائما على وجهه يستغيث بالله ليكشف عنه مانزل به فرأى شجرة فقصدها فنام تحتها قليلا , فرأى فى منامه مناد ينادى : يامسكين إلى كم تقطع أعضاءك عليك أن تمضى إلى خصمك الذي ظلمته فارضه فلما فعل ذلك , إذا به يشعر أن الألم قد سكن وأن الله قد شفاه مما لحق به . فحقوق العباد لاتضيع ولاتسقط بالأقدمية .

* إن بيت الظالمين كبيت العنكبوت هش ضعيف . فالظلم عاقبته وخيمة ونهايته أليمة فى الدنيا قبل الآخرة . وعلى العاقل الحكيم أن يتحلل من مظالم الناس قبل أن ياتى يوم لابيع فيه ولاخلة ولا شفاعة . تذكروا قدرة الله عليكم أيها الظالمون إذا دعتكم قدرتكم على ظلم الناس .. تذكروا أن عين الله لاتنام فأنتم تظلمون الناس  وتذهبون لبيوتكم آمنين مطمئنين ولكن الظالمين يدعون عليكم وعين الله لاتنام . فاستيقظوا أيها النائمون , وانتبهوا أيها الغافلون , وارتدعوا أيها الظالمون من أحداث التاريخ ومصرع الظالمين وتذكروا قول ربكم ” ويوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتنى اتخذت مع الرسول سبيلا . ياويلتى ليتنى لم أتخذ فلانا خليلا ” اللهم بلغت .. اللهم فاشهد .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى