الأرشيفتقارير وملفات
مقالات ذات صلة
شاهد أيضاً
إغلاق
-
خيانة العرب للقضية الفلسطينية هي صفعة القرنيناير 29, 2020
* رغم اتساع رقعة دولته والمخاطر التى كانت تحيط بها من كل جانب , إحاطة السوار بالمعصم , لم يكن الفاروق رضي الله يقيد حرية الرأى والتعبير والاجتهاد الشخصي مالم يكن هناك نصا يقينيا صريحا . لقد قابل الفاروق رجلا فقال له : ما صنعت؟ قال: قضى علي وزيد
بكذا، قال: لو كنت أنا لقضيت بكذا، قال: فما منعك والأمر إليك؟ قال: لو كنت أردك إلى كتاب الله أو إلى سنة نبيه صلى الله عليه وسلم لفعلت، ولكني أردك إلى رأي، والرأي مشترك ما قال علي وزيد، وهكذا ترك الفاروق الحرية للصحابة يبدون آراءهم في المسائل الاجتهادية، ولم يمنعهم من الاجتهاد، ولم يحملهم على رأي معين . كما انه لم يستغل سلطته السياسية بصفته ” أمير المؤمنين ” ليفرض آراءه ووجهة نظره على الصحابة أو حتى على عامة الشعب , إيمانا وتسليما منه بأن العمالقة يولدون فى مناخ الحرية , أما الأقزام والعبيد المناكيد فيولدون فى مناخ الكبت والقمع ووأد الحريات , ولايمكن أن تبنى دولة مدنية حديثة على أكتاف العبيد والأقزام . إنه الفاروق عمر .. ومن يحاول للفاروق تشبيها…؟* لقد كان الفاروق دائما منحازا إلى حرية التعبير والرأي والنقد المباشر له .
لقد جاء إليه رجل فقال له ـ في وسط المجلس بين الناس ـ: يا أمير المؤمنين اتق الله .فكبرت هذه الكلمة على كثير من الناس الذين سمعوها من ذلك الرجل وهو يجترئ على إلقائها على أمير المؤمنين ـ رضي الله عنه ـ وأمير المؤمنين في مقدمة الناس الذين يراعون مسالة التقوى حق رعايتها . فكيف يأمره بجانب ذلك بالتقوى، ولما وجد عمر ـ رضي الله عنه ـ أن أولئك الناس وجدوا في نفوسهم حرجا من هذه الكلمة التي قيلت له قال لهم : لا خير فيكم إن لم تقولها ولا خير فينا إن لم نقبلها . وهو بذلك يؤسس لمدرسة الرأى الحر دون قيد أو شرط طالما ذلك فى الصالح العام . لم يؤمر باعتقال أو سجن هذا الرجل , بل شجعه وحثه على المضى قدما فى طريقه . هل هى الثقة بالنفس..؟ هل هو الخوف من الله..؟ هل هى القوة الذاتية للشخصية العمرية..؟ هل هو الصدر الواسع الذى يقبل المعارضة..؟ هل هو كل ماسبق ذكره..؟ اترك لكم الإجابة على هذه الأسئلة .* ماسبق ذكره هو غيض من فيض , وقطرة من سيل , من تاريخ وسيرة عمر بن الخطاب . لقد كان قائدا سياسيا فذا فى كلامه ومواقفه وزهده وتقواه واحترامه لرعيته . رغم تلك القوة , وهذه الزعامة , وهذه الدولة المترامية الأطراف , ورغم أن ملوك الفرس والروم كانت تخشاه , رغم كلك ذلك إلا أنك لو أردت أن تبكيه وتجعله ينتفض كالعصفور الذى بلله المطر فقل له ” اتق الله يا عمر ..!” ساعتها لن تجد الفاروق أمير المؤمنين , ولكنك سوف تجد زاهدا باكيا فى محراب الخشية من الله يتململ من البكاء , ويتوارى من الحياء , كفى بالإسلام عظمة وشرفا أن أخرج للبشرية حاكما عظيما كبيرا مثل عمر بن الخطاب . صدق شاعر النيل حافظ إبراهيم حين امتدح الشورى فى عهده فى قصيدته ” العمرية “ قائلا :