تكنولوجيا

ليس كما كنا نتوقع.. الزجاجات البلاستيكية ليست شراً مطلقاً على البيئة وعبوات الألومنيوم ليست الحل السحري، إليك القصة الكاملة

تعمل شركات تعبئة
المياه العالمية على زيادة تجاربها لاستخدام عبوات الألومنيوم التي يسهل تدويرها،
لتحل محل الزجاجات البلاستيكية التي تلوث مياه البحار.

تبدو هذه الخطة كأنها
ضربة موفقة في مصلحة البيئة، لكن ليس هذا هو الحال تماماً.

فعلب الألومنيوم قد
تكون بالفعل أقل تلويثاً للمحيطات، لكن لها ثمنها البيئي، إذ إن إنتاج كل علبة
يطلق في الغلاف الجوي كمية من الكربون تعادل نحو مثلَي ما ينبعث منه لإنتاج زجاجة
واحدة.

وأصبحت مجموعة دانون
الفرنسية أحدث شركة تسير في هذا الاتجاه، إذ قالت لـ «رويترز» إنها بدأت
التخلص من بعض الزجاجات البلاستيكية واستبدلت بها عبوات من الألومنيوم لتعبئة
المياه في بريطانيا وبولندا والدنمارك.

ويأتي هذا التحول الذي
لم يسبق الإعلان عنه، في وقت بدأت فيه شركات عالمية منافِسة، مثل كوكاكولا وبيبسي
كو ونستله، طرح بعض منتجات المياه المعلَّبة.

وهرعت صناعة المشروبات
إلى تهدئة الاستياء الشعبي من مشاهد تراكم أكوام ضخمة من مخلفات البلاستيك
الملوِّثة للمحيطات، وتعهدت بزيادة مساعيها لتدوير المخلفات.

لكن الأمور ليست واضحة
وضوح الأبيض والأسود على الصعيد البيئي. فربما تعجز الشركات بزيادة جهود تدوير
العلب، عن تحقيق أهدافها في المساعي الرامية إلى تقليل بصمتها الكربونية، وهو
الأمر الذي يُبرز ما تواجهه من صعوبات في استرضاء المستثمرين والنشطاء والمستهلكين
المدركين لأهمية الجانب البيئي.

وقال روبن جريفيون مدير
الاستدامة لمواد التعبئة في شركة هاينكن: «تلك هي المعضلة التي ستضطر إلى
الوقوف عندها للاختيار»، مضيفاً أن الشركة تحاول تقليل مخلفات البلاستيك
والانبعاثات في آن واحد.

وبأشد معدلات
الألومنيوم تلويثاً، يؤدي إنتاج علبة سعة 330 مللتراً إلى إطلاق 1300 غرام من ثاني
أكسيد الكربون في الجو، وفقاً لتحليل جمعت رويترز بياناته، أي ما يعادل تقريباً
انبعاثات قيادة سيارة لمسافة سبعة أو ثمانية كيلومترات.

أما إنتاج الزجاجة
البلاستيكية من الحجم نفسه باستخدام مادة بولي إثيلين تريفثالات المستخدمة عادة في
الصناعة، فينتج ما يصل إلى 330 غراماً من ثاني أكسيد الكربون.

ولذا فإن للألومنيوم
بصمة كربونية أكبر في الإنتاج، بسبب كمية الطاقة الهائلة الضرورية لعملية الصهر.
إلا أن تعقيدات الأثر البيئي تتبدى في مثال آخر، إذ تصبح المعادلة الكربونية
الكليَّة أصعب عندما تؤخذ في الاعتبار مسائل أخرى مثل اللوجيستيات.

وقال سايمون لودن
المدير التنفيذي الذي يقود حملة المواد البلاستيكية في بيبسي: «من المؤكد أن
الصورة معقدة. عليك أن تأخذ النقل والتغليف الثانوي وفترة التخزين في الاعتبار،
وكلها اعتبارات مؤثرة».

ولأن الألومنيوم خفيف
الوزن وتُحقق العلب كفاءة في استخدام المساحات، فإنها تحتاج مساحة نقل أقل في
العادة من البلاستيك والزجاج، كما أن تبريد العلب يحتاج طاقة كهربائية أقل، خاصة
في المناطق المدارية.

وقال لودن: «وهذا
معناه أن الألومنيوم لن ينتج في بعض الأسواق فعلياً القدر نفسه من غازات الاحتباس
الحراري».

ويقول خبراء الصناعة إن
بإمكان العلب الألومنيوم أن تقتطع جزءاً من صناعة تعبئة المياه التي تبلغ قيمتها
19 مليار دولار سنوياً، لكن من المستبعد أن تكتسح السوق قريباً.

وتعد العوامل
الاقتصادية البسيطة عنصراً رئيسياً، فالألومنيوم أغلى من البلاستيك، ويقول أوداي
باتل المحلل لدى شركة وود ماكينزي الاستشارية، إن تكلفة المواد الخام اللازمة
لإنتاج علبة واحدة تزيد نحو 25-30 في المئة على تكلفة الزجاجة البلاستيكية
المماثلة في الحجم.

وثمة عامل رئيسي آخر
يتمثل في مدى ملاءمة المنتَج للمستهلك.

فكم مرة يشرب الناس
الزجاجة دفعة واحدة؟ ورغم ما يتحقق من تقدُّم في تكنولوجيا عبوات الألومنيوم، فإن
أغلب العلب تظل مفتوحة بعد فتحها، في حين أن بالإمكان إعادة الغطاء لغلق الزجاجة.

كذلك يمكن بيع زجاجات
المياه البلاستيكية بأحجام مختلفة، في حين أن أحجام العبوات الألومنيوم محدودة.

ونتيجة لهذه العوامل
تتوخى الشركات الكبرى الحذر.

وفي مثال على هذا النهج
الحذر، تعتزم شركة كوكاكولا طرحاً محدوداً في وقت لاحق من العام الجاري، لمياه
داساني -أبرز علاماتها التجارية للمياه في الولايات المتحدة- في علب ألومنيوم
وزجاجات ألومنيوم يمكن إعادة غلقها.

وفي حين أن الشركات
بدأت بيع المياه في علب من الألومينوم لتهدئة المخاوف من التلوث، فقد شرعت أيضاً
في تغيير صورة البلاستيك وأثره على البيئة. وتشمل الجهود العلمية التوصل إلى
مركبات جديدة قابلة للتحلل حيوياً أو أسهل في تدويرها.

وقالت دانون لـ
«رويترز»، إنها تعمل على إحلال عبوات ألومنيوم محل زجاجات البلاستيك
لمنتجاتها «فلايت» في بريطانيا، و «سباركلز» ببولندا،
و»أكوا دور» في الدنمارك.

لكن الشركة تستخدم 400
ألف طن من زجاجات البلاستيك كل عام، وتركز أيضاً على زيادة تدوير البلاستيك، وتخطط
لاستخدام مواد مُعاد تدويرها بنسبة 50 في المئة في زجاجات المياه بحلول عام 2025،
وبنسبة 100 في المئة للزجاجات التي تحمل الاسم التجاري «إيفيان».

وفي حين أن بيبسي تختبر
الألومنيوم لمنتَجها «أكوافينا» في منافذ بيع الأطعمة، ستطرح أيضاً
زجاجة بلاستيكية من مواد مُعاد تدويرها بالكامل لمنتَج آخر باسم
«لايفووتر».

ومن العوائق الأخرى
أمام تحوُّل واسع النطاق عن زجاجات البلاستيك، أنه قد لا يوجد ما يكفي من علب
الألومنيوم، في وقت تتحول فيه صناعة البيرة والنبيذ من الزجاج إلى العلب.

وتعمل شركة بول، أكبر
شركة في العالم لصناعة علب الألومنيوم والتي تورّد منتجاتها لشركات مثل كوكاكولا
وبيبسي، على زيادة طاقتها الإنتاجية لتلبية الطلب.

وقالت «بول»
للمستثمرين إنها تعتزم إضافة طاقة إنتاجية لصنع ما بين أربعة وخمسة مليارات علبة
إضافية بحلول منتصف 2021، إلى إنتاجها الحالي البالغ 105 مليارات علبة. لكنها لم
تحسب حساب التوسع المحتمل في قطاع تعبئة المياه.

وقالت الشركة إن
تحوُّلاً بنسبة واحد في المئة فقط بالمشروبات الخفيفة والبيرة والمياه المعبّأة من
البلاستيك والزجاج إلى علب الألومنيوم، سيعني إضافة 24 مليار علبة.

ويقول المحلل باتل لدى «وود ماكينزي»،
إن هذا التغير معناه زيادة الطلب على الألومنيوم بنحو 310 آلاف طن.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى