تقارير وملفات إضافية

«لا للأتراك».. إسرائيل «خائفة» مما تفعله تركيا بالقدس، فلجأت لخطة مضادة تشارك فيها دولة عربية

خطة إسرائيلية لوقف الدعم التركي للقدس، كشفتها الصحافة الإسرائيلية، ويتوقع أن تكتسب زخماً في ظل انشغال تركيا في شمال سوريا.

وحسب الصحافة الإسرائيلية فقد طلب وزير الخارجية الإسرائيلي إعداد خطة لإيقاف نشاط الحكومة التركية بالمدينة المقدسة، الذي يثير قلق إسرائيل في وقت تسعى لتهويد القدس.

وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس لم يتورع في الحديث عن اتخاذ جميع الخطوات لاستئصال الأنشطة التركية في القدس، زاعماً أن «أيام الإمبراطورية العثمانية ولَّت، وليس لدى تركيا ما تبحث عنه في القدس، وأن إعلان أردوغان أن القدس ملك لجميع المسلمين مبالغ فيه، ولا أساس له من الصحة».

وهناك مخاوف في الأوساط الفلسطينية بأن تستغل إسرائيل العملية العسكرية التركية في شمال سوريا لتمرير الخطة.

ولكن ما يثير الغضب في الدوائر الفلسطينية المعلومات بشأن أن الخطة تأتي بتأييد ودعم سعودي أردني، فما صحة الحديث عن أن الخطة الإسرائيلية تتم بالتنسيق مع الأردن والسعودية للحفاظ على تأثيرهما في القدس.

وهل تؤدي الخطة لتوتر جديد بين تركيا وإسرائيل، وما هو موقف السلطة الفلسطينية من هذه الخطة تزامناً مع تنامي العلاقات مع الأتراك؟

نظراً لأن الإسرائيليين يعلمون أن الخطة الإسرائيلية قد تؤدي لمواجهة مباشرة مع تركيا، لذلك يتوقع مناقشتها في المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينت)، ولأنها مسألة أمنية، وقد يتم إقرارها من الحكومة الانتقالية.

أحمد أبوحلبية، رئيس لجنة القدس في المجلس التشريعي الفلسطيني، قال لـ «عربي بوست» إن «القدس فيها آثار عثمانية وتركية تتركز في المسجد الأقصى ومحيطه وداخله، مثل الأسبلة والتكايا وبعض المباني، وهناك سور القدس والأقصى الذي بناه السلطان سليمان القانوني. تقوم المؤسسات التركية في القدس بأنشطة تؤدي لدعم صمود المقدسيين، وتنظيم الإفطارات الرمضانية، وفرش المسجد الأقصى، وتقديم المساعدات لمئات الأسر المقدسية، ودعم طلاب الجامعات بالرسوم الدراسية، وإقامة مشاريع خيرية، وتسيير قافلات حجاج وطلاب جامعات أتراك يأتون للأقصى، ويبيتون في فنادق مقدسية عربية، وليس إسرائيلية».

«القدس تحظى بتغطية واضحة وكبيرة في الإعلام التركي، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان لا يفوت فرصة إلا ويندد بأي اعتداء إسرائيلي على الأقصى، ثم يترجم ذلك لخطوات سياسية ودبلوماسية»، حسب أبوحليبة.

وأضاف: «ورغم أن المشاريع التركية في القدس ذات طابع خيري اقتصادي، لأن إسرائيل تمنع أي نشاط سياسي في المدينة، فإن هذه الجهود التركية أزعجت الإسرائيليين والدول العربية المتطلعة لترسيخ نفوذها في القدس، كالأردن والسعودية، على اعتبار أن أي تزايد في النفوذ التركي في القدس ينتقص من صلاحياتهما، ويسحب من وصايتهما الدينية على الأماكن المقدسة، مع أن القدس قضية إسلامية عامة، وليست عربية أو فلسطينية فقط».

تعود دوافع الخطة الإسرائيلية إلى أن التأثير التركي بين فلسطينيي القدس يثير قلق مسؤولي الأمن والسياسة في إسرائيل منذ سنوات، بحيث يمكن رؤية الأعلام التركية في العديد من المواقع المقدسية، والمطاعم التي تحمل أسماء إسطنبول، وفي السنوات الأخيرة باتت تركيا الوجهة المفضلة لعشرات آلاف الفلسطينيين من سكان القدس.

خالد أبوعرفة، وزير شؤون القدس الفلسطيني السابق، قال لموقع «عربي بوست» إن «النشاط التركي في المدينة المقدسة يتركز في النواحي التعليمية والثقافية والشبابية، وترميم البيوت القديمة وصيانة القبور، وقامت قوات الاحتلال بإغلاق عدد من المؤسسات التركية الناشطة بهذه المجالات بذرائع أمنية ودعاوى الإرهاب، فيما تهدد بإغلاق المزيد، مع العلم أن النشاط التركي في المدينة رغم تعدد مظاهره فإنه ما زال خجولاً، ولا يكاد يُذكر مقارنة بالسطوة الصهيونية الهائلة في المدينة».

وأضاف أن «المبالغة الإسرائيلية بحربها على هذا النشاط التركي «الخجول» في القدس سببه أن هذا النشاط يتصل بتعزيز هويتها الوطنية، وإعادة ثقافتها التاريخية الأصيلة، حيث لا تتوقف الزيارات الشعبية المتبادلة بين المقدسيين والأتراك، ما يشكل للاحتلال خطاً أحمر.

وقال: «أعتقد أن إسرائيل ستعجّل بتصفية أنشطة تركيا في القدس في المرحلة الراهنة، مستغلة انشغالها في العملية العسكرية شمال سوريا، لكن الصراع الإسرائيلي مع الأتراك حول القدس سيكون له تداعيات مستقبلية، فالمدينة مكتظة بالآثار العثمانية التي تستفز الأتراك، وتستغيث بهم لاستعادة العلاقة معها بشكل أو بآخر».

وتزعم الخطة الإسرائيلية أن العديد من المدارس المقدسية تعلم اللغة التركية، كما توجد مراكز تركية متخصصة، وتتضمن الخطة إلغاء وظائف المعلمين الأتراك الذين يقومون بالتدريس في القدس، ومعاقبة مؤسسات تعليمية مقدسية تتلقى الدعم من الحكومة التركية، لاسيما أن هذه المؤسسات تعاني ضغوطاً إسرائيلية مستمرة لأسرلة التعليم في المدينة، وهو ما يرفضه الفلسطينيون.

كما تتحدث الخطة الإسرائيلية عن العمل على الحد من أنشطة الوكالة التركية للتعاون والتنسيق (تيكا)، وهي مؤسسة حكومية تركية في القدس، وتقدم 12 مليون دولار سنوياً في المدينة، خاصة في مجال ترميم البلدة القديمة، وتقديم الطرود الغذائية للفقراء، ومساعدة التجار، وتقترح الخطة الإسرائيلية إلغاء المكانة الدبلوماسية لرئيس المؤسسة في القدس، بعدم تجديد التأشيرة السياحية التي يتمتع بها، وهي خطوة تجعل وجوده في إسرائيل غير قانوني.

خليل التفكجي، خبير الخرائط والاستيطان في القدس، قال لموقع «عربي بوست» إن «الحملة الإسرائيلية ضد النفوذ التركي في القدس ليست جديدة، بل تعود لعشر سنوات، لكنها ازدادت في الآونة الأخيرة مع تنامي حالة الاستقطاب الإقليمية في المنطقة، بين تركيا والسعودية والأردن وإسرائيل، ومن الواضح أن الأخيرة منحازة لكل هذه الأطراف إلا تركيا، وقد لا يكون سراً أن الحملة الإسرائيلية مرتبطة بضغوط سعودية أردنية لوضع حد للنفوذ التركي المتزايد في المدينة المقدسة».

وأضاف أن «المقدسيين لا ينسون كيف استقبلوا وزير الشؤون الدينية التركي محمد غورماز بالترحيب حين زار القدس في 2015، وفي الوقت ذاته كيف طردوا قاضي القضاة الأردني أحمد هليل في العام ذاته، اليوم يذهب التوجه الإسرائيلي نحو تعزيز النفوذ السعودي أولاً، ثم الأردني، وتخفيض التأثير التركي في القدس إلى حده الأدنى، في حين أن السلطة الفلسطينية وسط هذا الصراع الحاصل حول القدس تكتفي بدور المتفرج بحجة افتقارها للأموال اللازمة لتنفيذ المشاريع الخاصة بالقدس».

وتشير المعلومات حول الخطة الإسرائيلية ضد النشاط التركي في القدس إلى وجود توافق بين مختلف دوائر صنع القرار الإسرائيلي حولها، ما يجعل من هذا النشاط تهديداً للأمن القومي لإسرائيل، وهي بذلك قد تغامر في صبّ مزيد من الزيت على نار التوتر القائم أصلاً بين أنقرة وتل أبيب في عدة ملفات، ليس آخرها عملية نبع السلام التركية التي أعلنت إسرائيل رفضها لها.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى