آخر الأخبار

نفتخر بـ«وعد بلفور» ومساعدة إسرائيل في الوجود.. مندوبة بريطانيا بالأمم المتحدة متحدثة عن القرار الذي اقتلع الفلسطينيين

قالت مندوبة بريطانيا الدائمة لدى الأمم المتحدة
إن بلادها راضية على وعد بلفور الذي أبدت فيه حكومة لندن عام 1917 سعيها لقيام
دولة قومية يهودية في الأراضي الفلسطينية.

وفي ردها
على سؤال عما إذا كان يجب على الحكومة البريطانية الاعتذار أمام الفلسطينيين عن
وعد بلفور الذي مهد الطريق لاحتلال أراضيهم قالت كارين بيرس ـ أثناء مؤتمر صحفي
عقدته بمقر الأمم المتحدة، بمناسبة تولي بريطانيا رئاسة مجلس الأمن الدولي للشهر
المقبل ـ أن بلادها تفتخر بذلك وقد أكدت بوضوح في الذكرى الـ100 لتصريح بلفور أننا
نفتخر بالدور الذي لعبناه لمساعدة إسرائيل في الوجود.

لكنها أقرت
بأن الوعد لم يطبق كاملاً وقالت إن لندن تدعم حل الدولتين والتعايش السلمي بين
الإسرائيليين والفلسطينيين بسلام وأمن وازدهار ومساواة.

ويصادف، السبت 2
نوفمبر/تشرين الثاني 2019، الذكرى 102 على صدور «وعد بلفور»، الذي غيّر
مجرى تاريخ الشرق الأوسط، وفق تقرير وكالة الأناضول.

ففي 2 نوفمبر/تشرين الثاني 1917، بعث وزير خارجية بريطانيا في
تلك الفترة، جيمس بلفور، برسالة إلى اللورد ليونيل والتر روتشيلد أحد زعماء الحركة
الصهيونية آنذاك، لتُعرف فيما بعد باسم «وعد بلفور».

وجاء في نص الرسالة إن «حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين
العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل عظيم جهدها لتسهيل
تحقيق هذه الغاية».

وتابعت: «على أن يُفهم جليا أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن
يُنتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة
الآن في فلسطين ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في البلدان
الأخرى».

وبعد مرور عام على هذا الوعد، أعلنت كل من إيطاليا وفرنسا
موافقتها عليه، لتتبعها موافقة أمريكية رسمية عام 1919، ثم لحقت اليابان بالركب في
ذات العام.

وعلى المستوى العربي، اختلفت ردود الفعل تجاه هذا الوعد بين
«الدهشة، والاستنكار، والغضب»، وفق ما جاء في وكالة الأنباء الفلسطينية
(وفا).

وأطلق الفلسطينيون على وعد بلفور وصف «وعد من لا يملك (في
إشارة لبريطانيا) لمن لا يستحق (اليهود)».

مراقبون سياسيون اعتبروا ذلك اليوم «يوماً أسود في تاريخ
الشعب الفلسطيني، والبشرية بأكملها، وضربة للعدالة الدولية».

وقالوا في لقاءات منفصلة، مع «الأناضول»، إن تداعيات
هذا الوعد كارثية على الشعب الفلسطيني.

وتابعوا: «الوعد كان بداية اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم،
وتحويلهم إلى ضحايا اللجوء والتشرد والقتل».

وفي قراءة لوعد بلفور، قال محسن صالح، مدير عام «مركز
الزيتونة للدراسات والاستشارات»، إن بريطانيا أثناء احتلالها لفلسطين
(1920-1948) قامت بتطبيق الشق الأول من وعد بلفور بإنشاء «وطن قومي لليهود في
فلسطين».

لكنها لم تلتزم بشقه الثاني الذي يتضمن عدم الإضرار بحقوق
الفلسطينيين الذين كانوا يشكلون في ذلك الوقت نحو 92% من السكان وفق التقديرات
البريطانية نفسها، وفق صالح.

وعلى مدار العقود الماضية، طالبت المستويات الفلسطينية الرسمية
والشعبية الحكومة البريطانية بتقديم اعتذار رسمي عن الكارثة التي لحقت بهم جرّاء
«وعد بلفور»، إلا أن الأخيرة ترفض ذلك.

وعام 2017، عبّرت بريطانيا عن فخرها بالدور الذي مارسته في
إيجاد دولة إسرائيل، رافضة تقديم أي اعتذار عنه.

وسبق أن شاركت بريطانيا إسرائيل في احتفالات ذكرى تأسيسها على
أنقاض «معاناة ودماء الفلسطينيين».

مدينة شيفيلد شمالي بريطانيا تعترف بفلسطين

لكن في يوليو/تموز 2019، أعلن مجلس بلدية مدينة شيفيلد شمالي
بريطانيا، الاعتراف بدولة فلسطين، ورفع العلم الفلسطيني عالياً على سارية أمام مقر
البلدية.

أرادت الحكومة البريطانية من إصدار «وعد بلفور» تلبية عدة أهداف، تحقق مطامعها الاستعمارية في منطقة الشرق الأوسط، على حد قول المراقبين السياسيين للأناضول.

الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني مصطفى إبراهيم اعتبر، في حديث
مع «الأناضول»، أن بريطانيا أرادت من خلال إعطاء اليهود وطن قومي لهم،
إضعاف الشعب العربي، وتقسيم الشرق الأوسط.

وتابع: «بريطانيا إحدى دول الاستعمار القديم التي سيطرت
على العديد من دول العالم؛ لذا دافعها الأول هو الحفاظ على مصالحها وحمايتها».

وأوضح أن بريطانيا جعلت من إسرائيل «شرطي في منطقة الشرق
الأوسط» للدول الغربية والأوروبية.

الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني حسام الدجني قال إن بريطانيا
تتحمل المسؤولية الأخلاقية والقانونية حول وعد بلفور، والضرر الكارثي الذي ألحقه
بالفلسطينيين.

وتابع في حديث مع «الأناضول»: «إسرائيل وجدت
كدولة تخريبية للفصل بين آسيا وإفريقيا»، مشيراً إلى أن بريطانيا اعتبرت
إسرائيل لواءً متقدماً للمصالح الغربية.

وقال إن هذا الكيان جاء «خنجراً في خاصرة أي مشروع نهضوي
عربي»، لافتاً إلى أن بريطانيا الاستعمارية أرادت خليفة لها في المنطقة.

واستكمل قائلاً: «الشرق الأوسط في قلب العالم، من يسيطر
عليه يسيطر على العالم».

بعد أعوام قليلة من وعد بلفور في عام 1920، احتل الجيش
البريطاني فلسطين بشكل كامل، وتم انتداب بريطانيا عليها من قبل عصبة الأمم (الأمم
المتحدة حاليا)؛ حيث تمت إدارة الانتداب بفلسطين من خلال المندوب السامي البريطاني
الذي مارس بالكامل جميع السلطات الإدارية والتشريعية فيها.

وفي عام 1948، خرجت بريطانيا من فلسطين، ووفق التاريخ
الفلسطيني، فإن بريطانيا سلّمت الأراضي الفلسطينية لـ»منظمات صهيونية
مسلّحة».

تلك المنظّمات الصهيونية ارتكبت مجازر بحق الفلسطينيين وهجّرتهم
من أراضيهم لتأسيس دولتهم عليها، فيما عُرفت هذه الحادثة فلسطينياً
بـ»النكبة».

ثلاثة أرباع فلسطين وقعت آنذاك تحت السيطرة الإسرائيلية، في حين
حكمت الأردن الضفة الغربية وخضع قطاع غزة للإدارة المصرية.

وبعد 19 عاماً، وبالتحديد سنة 1967، احتلت إسرائيل الضفة
الغربية (بما فيها القدس الشرقية) وقطاع غزة مع شبه جزيرة سيناء، ومرتفعات الجولان
السورية.

وبعد توقيع اتفاقية أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية
عام 1993، خضعت الضفة الغربية (بدون القدس) وقطاع غزة، للحكم الذاتي الفلسطيني.

الباحث الفلسطيني في القانوني في المرصد الأورومتوسطي لحقوق
الإنسان، محمد صيام، قال لـ»الأناضول»، إن وعد بلفور، وكل ما ترتب عليه
من تداعيات كارثية، يناقض الأعراف والقوانين الدولية.

وتابع: «هذا الوعد يناقض حق تقرير المصير المقر من قبل
الأمم المتحدة، كون بريطانيا سلّمت -لاحقاً- إدارة شؤون الأراضي الفلسطينية
للإسرائيليين (باعتبار أن فلسطين خضعت للانتداب البريطاني منذ 1920، وحتى عام
النكبة الفلسطينية 1948)».

وأوضح أن استلام إسرائيل لهذه الإدارة أدى إلى تقسيم الأراضي
الفلسطينية؛ الأمر الذي يعدّ قانونياً اعتداءً على تلك الأراضي.

ومن أخطر تداعيات ذلك الوعد، يتمثل بارتكاب إسرائيل
لـ»مئات المجازر، في لحظتها إلى تاريخ هذا اليوم؛ ما نتج عنه أعداد كبيرة من
القتلى والجرحى وتهجير لملايين الفلسطينيين».

واستكمل قائلاً: «كل الجرائم الإسرائيلية والانتهاكات
والتغيير الديموغرافي، وكل ما تعرض له الفلسطينيون، هي من مخرجات وعد بلفور».

وبيّن أن المسيرات التي تنطلق على حدود قطاع غزة الشرقية، بشكل
أسبوعي، منذ مارس/آذار 2018، تحت اسم «مسيرات العودة وكسر الحصار»،
تطالب بعودة الفلسطينيين الذين هُجروا من أراضيهم عام 1948.

وقال إن الفلسطينيين ما زالوا، رغم مرور 102 عاماً على صدور وعد
بلفور، يبحثون عن حلول سلمية لاسترداد الأراضي التي سرقت منهم.

وبيّن أن هذا الحراك الشعبي يقابل بالكثير من القمع من الجانب
الإسرائيلي؛ ما أدى إلى مقتل مئات الفلسطينيين وجرح الآلاف منهم.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى